المجلس التشريعي بين الواقع والمتوقع

الاربعاء 28 تموز 2004

بقلم يوسف الشرقاوي  

 

عندما قدم رئيس الوزراء أحمد قريع استقالة حكومته للرئيس ياسر عرفات في خطوة استباقية خوفا من حجب الثقة عن حكومتة . لفشلها وعجزها عن تصريف الأعمال اليومية وبعد حالة الفلتان المريعة في غزة وبعض مناطق الضفة . اعتقد الكثيرون أن هذا الزلزال قد أيقظ هذه المؤسسة التشريعية من حالة السبات العميق التي كانت تغط فيه جراء تبعيتها المطلقة للسلطة التنفيذية وأعاد إليها دورها المفترض كسلطة مستقلة هي سيدة نفسها إلا أن الاعتقاد اصطدم بالواقع الذي وصل إليه إليه المجلس التشريعي بالهروب من واجبه بحجب الثقة عن تلك الحكومة أو اعتبار الحكومة بحكم المستقيل بل ترك أمر استقالتها بيد الرئيس للهروب من حاله العجز الذي تعتريه حيث انصاع أعضاء التشريعي الذين يمثلون الحزب الحاكم حزب السلطة إلى قرارات رئاسية في السابق متمثلة باعطاء أو حجب الثقة عن الحكومات السابقة وانحصر عمل كتلة الحزب الحاكم باع! طاء أو حجب الثقة عن الحكومات السابقة بقرار رئاسي رغم وجود أعضاء في الوزارة متهمين بالفساد والافساد حتى طال هذا الاتهام رئيس الوزراء حسب لجنة الرقابة في المجلس التشريعي نفسه .

ولم يقنع هذا الهروب من قبل المجلس التشريعي بحجب الثقة عن الوزارة أو اعتبار الوزارة بحكم المستقيلة . بأنه لا يجوز حجب الثقة عن وزارة مستقيلة . أي متتبع أو مراقب لاداء المجلس التشريعي . لأن ما جري يعتبر استخفافا واضحا بالشعب الذي أوصل أمثال اؤلئك الأعضاء إلى قبه البرلمان الفلسطيني وضربا للمصالح العليا و الحقيقية للشعب الفلسطيني والذي يطمح بعد هذا النضال الطويل والدامي والمعقد لوجود مؤسسات فلسطينية تتناسب مع مستوى تضحياته وتعبر عن ارادته الحقيقية في التحررالوطني وبناء دولتة على أسس ديمقراطية والمشاركة في صنع القرار السياسي والانعتاق من أصفاد من نصبوا أنفسهم أوصياء على ارادته السياسة .

ان هذا المشهد اعادنا الى حالة العجز والشلل التي لا زمت عمل المجلس طيلة الاعوام السابقة . جراء التبعية المطلقة للسلطة التنفيذيه ولم يعفيها من مسؤولياتها جراء تلك الممارسة مشاركتها السلطة التنفيذية في ظل الواقع الصعب وتنامي الوعي الشعبي واستشراء ظاهرة المافيات وممارسات الزعرنه من قبل جهات واشخاص منضوين تحت لواء السلطة والاجهزة الامنية او محسوبين عليها . لان تلك الممارسات اصبحت تهدد فعلاً لا قولاً القيم والمفاهيم الثورية لدى الشعب الفلسطيني .

لذلك فان الضحك على الناس والتهرب من الواجب من خلال مسرحيات باهته لا قيمه لها عن التصحيح ومقاومة الفساد والتجديد واعتماد الديمقراطية . لم تعد تنطلي على احد .لان ما آلت اليه الأمور في المجلس التشريعي كان متوقعا.

ان تردد المجلس التشريعي عن التوصيف الدقيق والصحيح . للعضال الذي يعاني منه الوضع الفلسطيني . والمتمثل اعاده تاهيل السلطة امنياً لتكون طرفاً مقبولا وذا مصداقيه في عمليه التفاوض الابديه مع اسرائيل . وليس اصلاحها حقيقة ، لكي يكون بمقدورها خدمة الهدف الاساس الذي ارادته اسرائيل من خلال اتفاق اوسلوالا وهو اناطة دور امني وظيفي لها نيابه عن الاحتلال وفي خدمته .

كذلك تهربه من موضوع التتغير والذي هو بحاجة الى استبدال القيادات التي شاخت وهزلت وثبت بالملموس انها فاسدة ومفسدة وبقيت على راس عملها تحكم بالفساد والافساد وتعميم الفوضى كوسيلة لبقائها متسلطة على رقاب الناس ومتحكمة بمصير شعب عملاق كان تاريخياً اكبر من كل قياداته .ولم يقف صراحة ليقول بأعلى صوته كممثل للشعب بانه لم يعد مقبولاً ولا لائقاً بقاء قيادات فاسدة وفاشله ضالعة في صفقات سياسية واقتصادية مشبوهة مع العدو على راس السلطة . لان التجارب أثبتت عدم وجود نيه واراده لدى كتلة الحزب الحاكم في المجلس التشريعي لاجراء اصلاح حقيقي وجوهري كون عددا غير قليل من نواب كتله الحزب الحاكم داخل المجلس التشريعي مستوزرون يلتقطونه اللقمه الدسمه من فوق اي مائده واخرون من اعضاء الحزب الحاكم يمارسون فسادا لا يقل خطوره عن فساد من سربوا الاسمنت المصري للمقاولين الاسرائيلين لبناء جدار الفصل العنصري والمستعمرات وهو الفساد السياسي المتمثل باعضاء اللذين ساهموا بصياغة وثيقة جنيف سئيه الذكر مع الطرف الاسرائيلي وتخلوا صراحة وعلنا عن حق عوده ملايين الاجئين الفلسطينين الى قراهم ومدنهم والذين اجبرو على تركها عنوه وبقوة السلاح.

إن ما نخشاه عندما تتنازل مؤسسة الرئاسة عن بعض صلاحياتها الأمنية لصالح رئيس الوزراء احمد قريع و مراضاته لسحب استقالته(لان تلك المؤسسة تعودت على الترقيع). ان يبقى القديم على قدمه و يبقى على رأس موئسات السلطة قيادات فاسدة ومفسده.ليؤكد عدم وجود رغبه عند مؤسسه الرئاسه في اجراء اصلاح جوهري لمؤسسات السلطة استجابه لمطلب القاعدة العريضة من القوى الشعبية

فان لم يقدم المجلس التشريعي على حجب الثقه عن حكومة احمد قريع يثبت بالملموس تاكيد خضوعه كسلطة تشريعية للسلطة التنفيذيه من ناحيه وتاكيد خضوعه للامر الرئاسي الذي بات معرقلاً للاصلاح ولحياة ديمقراطيه حقيقة في المجتمع الفلسطيني , كذلك تهرب المجلس من واجبه في تشخيص الحاله والتي قد تقود المجتمع الى حرب اهليه لاتبقي ولا تذر حال وقوعها لا سمح الله .

والمتمثله في صراع بين جناحين متصارعين داخل السلطة احدهما فاسد ولكنه غير مقبول امريكياً واخر فاسد ولكنه مقبول امريكياً .فالمطلوب من المجلس التشريعي ان اراد العودة الى صوابه ليكون اهلا لتمثيل الشعب ان يقول لا كبيرة وعريضة لكل اولئك ورفع المطالبه بالاصلاح السياسي والاداري والمالي كمطلب يومي لكل المخلصين من ابناء الشعب الفلسطيني من دون الخشية ولو للحظة واحدة من التهمة الجاهزة التي ستوجه لهم بانهم يقفون في نفس الخندق مع أمريكا و إسرائيل اللتان تطالبان باصلاح السلطة وعزل هذا المسؤول او ذاك كشرط للتعامل معها . فالعدو يطالب بالاصلاح لتحويل السلطة الى سلطة اكثر اسرله وامركه نهجاً وممارسه . اما المخلصين فيطالبون بالاصلاح كضرورة وخلق حاله من التطابق بين مضمون الحركة الوطنيه الفلسطينية وشكلها والعودة الى صيغه حركة التحرير لتصويب الوضع .

واذا لم يقدم المجلس التشريعي بجراة وتصميم على اعادة الامور الى نصابها والخلاص من الفاسدين والمفسدين وتقديمهم للقضاء وتصويب المسار فالافضل له لحفظ ماء وجهه أن يقدم استقالته تمهيداً لاجراء انتخابات ديمقراطيه حقيقه بدون تدخلات خارجيه لكي يوصل الشعب الفلسطيني الى قبه البرلمان من هم جديرون فعلاً بتمثيله .

مع الاحترام والتقدير الشديدين لاصحاب الارادة الحرة في المجلس التشريعي الفلسطيني . والتحية الصادقه لعضوي المجلس التشريعي الاسيرين حسام خضر ومروان البرغوثي .

العميد:يوسف شرقاوي

Yosef_sharqawi@hotmail.com

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع