تساؤلات حول اسباب الانقلاب في موقف البرغوثي/وديع
عواودة
03/12/2004
أشعل النائب الاسير مروان البرغوثي السباق الى رئاسة السلطة
الفلسطينية بإعلانه مجددا عن خوضه الانتخابات بشكل مستقل لاغيا قراره
السابق
بالعدول عن المنافسة. وفيما تؤكد زوجة البرغوثي والمقربون منه ان
التغيير الطارئ في
موقفه جاء “لتعزيز الديمقراطية والمشروع الوطني ولمواصلة النضال على
طريق ياسر
عرفات واستجابة لآلاف المؤيدين الذين ألحّوا عليه بذلك”، يشاع ان
الترشيح نجم عن
اعتبارات ذاتية تتعلق بعدم حصوله على ضمانات لاشتراط استئناف المفاوضات
مع إسرائيل
بإطلاق سراحه او بتهرب القيادة الفلسطينية من اجراء الانتخابات داخل
“فتح”.
لكن
ما هو مؤكد ان اقدام البرغوثي على اعلانه خوض الانتخابات بعد اتخاذ
مؤسسات حركته
الأم قرارا بالالتفاف حول مرشحها محمود عباس (أبومازن) وفي ضوء اعلان
حماس عن
مقاطعتها سيثير المزيد من البلبلة في الساحة الفلسطينية ما يعني ايضا
اضعاف الرجلين
معا، البرغوثي وعباس المحاطين بعدد غير قليل من المتنافسين.
ورغم الملابسات
المريبة لتذبذب موقف البرغوثي حيال الانتخابات الرئاسية ومسارعة حركة
فتح وكتائب
شهداء الاقصى الى تأكيد دعمها لمرشحها محمود عباس إلا ان الفرصة أمام
البرغوثي ما
زالت سانحة للفوز شرط ان يتمكن من تقديم تفسيرات مقنعة ترتبط بالمصالح
الوطنية
العليا لجمهور الناخبين الفلسطينيين لما فعل. ولهذا الغرض لن تكفي
التصريحات
العمومية والفلسطينيون ينتظرون قيام البرغوثي بتوضيح ما لم يعرفوه حتى
الآن
واطلاعهم مثلا على اي انعكاسات مفترضة لانتخاب محمود عباس رئيسا على
الثوابت
الفلسطينية وميزان الربح والخسارة الخاص بمشروع التحرر الوطني. فهل
يخشى البرغوثي
على سبيل المثال من احداث انعطافة فلسطينية حادة وخطيرة تحت قيادة ابو
مازن ؟ وهل
دعوة الاخير الى وقف “التحريض” ضد اسرائيل او اعلانه عن نيته جمع
السلاح من الفصائل
او التصريح بأن حق العودة ينبغي ألا يؤثر في الميزان الديموغرافي داخل
الكيان؟ هل
كل هذه التساؤلات او غيرها من المعلومات شكلت لدى البرغوثي نذيرا
بالانعطافة
المذكورة؟
وستبقى الشكوك قائمة حول مسؤولية البرغوثي في شرذمة اكبر واقدم فصيل
فلسطيني في مرحلة حساسة لدوافع شخصية غيمة سوداء تحوم من فوقه رغم
الشعبية الكبيرة
التي ظل يتمتع بها طيلة السنتين الاخيرتين، ولا شك ان البرغوثي الذي
قاد الانتفاضة
ونطق بلسانها ودخل في الذاكرة الجمعية للفلسطينيين كأقوى المرشحين
لخلافة الرئيس
الراحل ياسر عرفات كان الرئيس المؤكد للسلطة الوطنية لو بقي على ترشيحه
الاول قبل
انسحابه وهذا ما تؤكده استطلاعات رأي فلسطينية جرت في العامين الاخيرين.
وهذه
الشعبية ايضا تفسر ردود الفعل السلبية في واشنطن والقاهرة مثلما تفسر
حالة القلق
التي تلازم القيادات التقليدية داخل حركة فتح والسلطة الوطنية فور
اعلان البرغوثي
ترشيحه الثاني ودفعتها الى شن هجوم قاس بلغ حد الانفلات عليه احيانا
بدلا من
الاكتفاء باتخاذ اجراءت تنظيمية بحقه او بفصله من حركة “فتح” ومواجهته
بموضوعية في
الرأي العام وفي صناديق الاقتراع.
وجاءت التغطية المتواضعة ل “قنبلة” البرغوثي
السياسية والإعلامية في الصحف الفلسطينية امس دليلا آخر على تخوف
القيادات حيال هذا
الترشيح، حيث اختارت بعض اليوميات تجاهل النبأ او تحجيمه.
ولكن وان ترشح
البرغوثي لهذا السبب او ذاك فإن طرح اسمه كمرشح من شأنه ان يصعب على
محمود عباس عقب
انتخابه رئيسا، حتى لو انتخب بنسبة كبيرة ، مهمته بالتفاوض ويضيق هامش
مناورته بل
يجعل مستقبل شرعية قيادته لدى الفلسطينيين اكثر هشاشة وهذا بالطبع
ينطبق ايضا على
مؤيديه وعلى حلفائه الجدد الذين قفزوا من مخاصمته ايام عرفات الى حضنه
بسرعة
البرق..
|