تراتيــل شقائق النعمان

 

لوحة الفنان التشكيلي يوسف كتلو

 

سوسن البرغوتي

 مد لي يديك نلامس السحاب، ننسج ظلال أسطورة في الغمام تألف المحال، لنستبيح قداسة تراتيل ناسكين على طلل السنين.

 شرود يقطع الأميال بدفء الرؤى، لتحضن أجنحته قطرات الندى في سكون الليل وخفقات الترحال. ذوت كلماتي من وقع احتراق الغربة في أضلع القوافي لتسكنها العبرات، تناجيك ولا صدى لرجع الذكريات.

 طفت بسمائك طيراً مهيض الجناح يترنح من شدة سكرات الذات، ويروي للسهول خفايا وأسرار، تكاد من صبرها تشق الصدور تلوعاً من صدع النازلات. وتنزف يا حلمي وتشقى بصمت، والأنام يغطون في سبات.

 أوقدت ذاكرتي، فاشتعلت حمماً على شفاه الجرح يصدع بكل الأرجاء.
أيها الحاضر الغائب في أنشودة شقائق النعمان، تنسج بيوت العناكب تطلقها صوب الريح، لتجعل من شتاتنا لوحة يرسمها القدر رفات على ثوبك الأخضر في ليلة تُزف إلى وحوش برية عروسا، نهشوا عذريتها واستباحوا ضفائرها.

 

هانت عليهم تأوهاتها المطعونة، وما استفاقت النخوة على أسوار حصونهم ليلة، ولا استنار القمر وخز الضمير على حطام النجمات. صلبوك وكللوا الحب أشواكا على جباه الطفولة، لتبكيهم وتفيض الدموع أنهاراً.


 عافتني المنافي وحملني الأثيرعاشقاً، يرتل الصلاة متعثراً بحمى الصمت، تجره ذيول الخيبة من تخاريف أربعين عاماً.

 تخنقني السنين الصارخة وما حملت من نحيب الثكالى وآلام الطفولة، لغدر الصبية في مرابعكَ يعبثون بخيوط الفجر، فأضحى الحلم ركاماً. قصائدنا ما عادت ترتوي بعدما جف هواك، وأقلامنا باتت أصنام للملذات.

ارتحلي يا أهزوجة العيد وابتعدي إلى ما بعد الوجود. فعشقك ما عاد اليوم ملاذك ومدنه أشباح سكنت وجعي، فدمرت كينونتي..انسانيتي! ماعدت أصدق كل الشعارات والخطابات، طالما يختبىء وراءها الجبان.تغريبتنا تلتف حول أعناقنا، فصحائفنا سود وسطورنا تبحر بغثيان الخطيئة.
ما عاد الحلم يداعب المِداد، وقراءة خارطة التيه تطل بخنجر مسموم يسخر من كل العطاءات.فنخب مأساتنا وطني نشربه بجماجم الضحايا الأبرياء، وننثر على القبور نزف الحيارى وما تبقى من ذاكرة الأوطان.

 خذني إلى عالم لا  تباع الفضيلة في محافل الشيطان ، ولا ضحكات الطفولة ُتغتال في وضح النهار، وأكاليل العوسج  تتكسر تحت نعش البسطاء.
 لتبقى شامخاً كالطود شرارة تطلقها من رحم التراب ثورة، تعيد مجدك وأهازيج الصبايا في عرس الشهداء.واحملني إليك فراشة تتعطش للنور واحتراقها يتخضب بالتراب، وأعدني أبحر بعينيك أغنية تحييني بعد الغرق.

24/11/2004

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع