تجريم مقاومة الشعب الفلسطيني أكبر خطراُ عليها من الاحتلال الاسرائيلي


أكملت الانتفاضة الفلسطينية أعوامها الأربعة ، ومازالت السلطة الفلسطينية وخدمها وولدانها يجادلون في قضية واحدة ألا وهي نقاوم أو لا نقاوم!!

فقد خرج علينا احمد قريع عشية 28/9/04 ليلقن الشعب الفلسطيني درساً في أساليب النضال من خلال تصريحاته بأن على الفلسطينيين أن يستقوا العبر من الأربع سنوات الماضية وان يبدلوا منهج المقاومة الذي اعتمدوه. وخرج حسن عصفور ليؤكد بأن الانتفاضة "المسلحة" لن توصل إلى شيء. وحنان عشرواي تعيب على المقاومة الفلسطينية إطلاق الصواريخ ووزير الشجب الفلسطيني عريقات يشجب "العنف" . المحصلة هي أن السلطة الفلسطينية تجرم الشعب الفلسطيني والمقاومة وتحملهما مسؤولية تدهور الأوضاع في فلسطين. و كأن الفلسطينيين هم المحتلون و الإسرائيليون هم الضحايا.

ولا تقف خطورة هذه التصريحات عند هذا الحد بل تتجاوزها في عملية التوصيف التي تلجأ إليها السلطة من خلال المصطلحات التي سوقها ممثلو السلطة للمجتمع الدولي لحساب إسرائيل. فمثلاً يتم وصف الانتفاضة بالعنف، ويطلب من الفلسطينيين وقف العنف ويتم التلميح علناً حينا وتوريةً حينا آخر بأن العمليات الاستشهادية هي عمليات إرهابية. أو تسويق نظرية المجتمع المدني الإسرائيلي في مقابل المجتمع العسكري الفلسطيني في سياق منع استهداف المدنيين من الجانبين، في حين الحقيقة هي أن المجتمع الإسرائيلي هو عبارة عن جيش يعمل مدنياُ بدوام جزئي. فجل الإسرائيليين يتدرب على استخدام السلاح من سن السادسة عشر وحتى الخامسة والأربعين. أو كما ابتدع أبو مازن مقولة "عسكرة الانتفاضة" ليصور للعالم بأن الانتفاضة الفلسطينية هي انتفاضة تعتمد على العسكر والسلاح متناسياً ومتجاهلاً الآلة العسكرية الإسرائيلية.

السلطة الفلسطينية تعمل على مساواة الجلاد بالضحية وعملت على اختزال قضية إسرائيل الاستيطانية التوسعية والفاشية والتي لا تعترف بلغة الحوار والتي لا ترغب برؤية أي فلسطيني على ارض فلسطين والتي تمارس عملية القتل بحق الفلسطينيين بداعٍ ومن غير داع، اختزلتها في قضية المقاومة الفلسطينية وبصواريخ بدائية أثرها النفسي يفوق أثرها المادي الذي لا يذكر. وتصور بشكل جدي بأن مشكلة الفلسطيني مع الاحتلال هي المقاومة، فإذا ما تخلص الفلسطيني من المقاومة انتهت المشكلة مع إسرائيل!!

ولعلنا نذكر الهدنة التي أعلنتها حماس العام المنصرم لمدة خمسين يوم وتم فيها تسجيل أكثر من 300 خرق إسرائيلي تراوح بين اعتقال إلى إطلاق نار على المدنيين وعمليات تحرش واستفزاز واجتياح وانتهت الهدنة بعد قيام إسرائيل باغتيال احد كوادر حماس. إسرائيل ليست بحاجة إلى مبرر لقتل الفلسطينيين، فعقيدة الدولة قائمة على استئصال الغير وهي عقيدة احلالية منذ مؤتمر بازل عام 1895.

وإذا كانت السلطة الفلسطينية تبحث عن سبيل آخر لمقاومة المحتل وهو البديل المعروف بالمقاومة السياسية السلمية. فقد تم تجربة هذا الخيار في السابق في انتفاضة 1987 في بيت ساحور. عندما أعلنت بيت ساحور حالة العصيان المدني عام 1988 ورفض أهلها دفع الضرائب للجيش الإسرائيلي. حينها حاولت بيت ساحور تعميم التجربة على كافة المدن إلا أن تدخل عرفات عن طريق افشل تعميم التجربة. فحينها خشي عرفات من بروز قيادات بديلة. وتعاون مع أبناء العائلات الكبيرة في الضفة وأصحاب المال الموالين له لمنع هذه التجربة. فما بالنا إذا أردنا إعادة التجربة ألان وقد نسج هؤلاء الأشخاص وغيرهم ممن ارتبطت مصالحهم بوجود السلطة شبكة عنكبوتية من المصالح المتبادلة مع إسرائيل وهذا هو بيت القصيد في النداءات المتكررة لوقف المقاومة. لذلك فأنا أقول لحنان عشرواي بأن من يقدم المصالح الفئوية والحزبية على المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ليس المقاومة وإنما هو الشخص الذي يقدم شعبه قرباناً على مذبح إسرائيل من خلال تجريم شعبه وتسفيه قضيته الوطنية ومقاومته وتصويرها على أنها مقاومة رعناء همجية ليفوز هو بالتالي بشقة سوبر ديلوكس في رام الله يصل ثمنها لنصف مليون دولار!

وإذا كانت المقاومة والتي هي حق مشروع للشعوب التي تتعرض للاحتلال كفلتها القوانين الدولية قد باتت عبئاً على الفلسطينيين فلماذالا لنراها تتوقف وتتضائل من تلقاء نفسها؟ لست هنا للتنظير على شعب يتعرض للقتل والتدمير في كل ساعة ولست اطلب من الفلسطينيين في الداخل قتل أنفسهم. إلا إنني أرى بأن السلطة الفلسطينية لم تتخذ موقفاً حاسماُ في بداية الانتفاضة في الدفاع عن شعبها بل على العكس مازالت السلطة حتى هذه اللحظة تعمل على اعتقال من تقع يدها عليه من المقاومين. لذلك كان على الشعب أن يجد البديل للدفاع عن نفسه وعن حقوقه.

وان كان لنا أن ننظر بعد أربع سنوات من الانتفاضة إلى شيء كان الأولى أن ننظر إلى ماذا قدمت السلطة الفلسطينية للشعب الفلسطيني خلال هذه الفترة العصيبة. وكان الأولى أن تعيد السلطة الفلسطينية حساباتها في تعاملها مع شعبها اولاُ على المستوى الداخلي وفي تعاملها مع العدو على مستوى اقليمي و في تعاملها الدولي بفضح جرائم اسرائيل.

فعلى المستوى الداخلي فشلت السلطة الفلسطينية فشلاُ ذريعاً في الارتقاء الى مستوى الحدث وفشلت في تقديم أي برنامج بديل تجمع فيه قوى المقاومة لأنها – السلطة- تملك أجندة تختلف عن أجندة المقاومة. لذلك لاحظنا تقهقر السلطة وانكفائها من خلال معاملتها مع الوضع في فلسطين ومن خلال استجابتها لضغوط خارجية تمس عصب الحياة الفلسطينية خصوصاُ في وقت الانتفاضة. فقد أغلقت على سبيل المثال الجمعيات الخيرية التي تقدم خدماتها لأسر الشهداء والمعتقلين والأرامل. وفي تعاملها مع إسرائيل اعتقدت بأن المزيد من التنازل سيحفظ الرؤوس من التطاير حتى كان آخر طلب قامت به السلطة وهو وقف بناء السور للعودة للتفاوض. أما على المستوى الدولي فقد أخفقت في إظهار معاناة الشعب الفلسطيني بل على العكس صورته من خلال تصريحات أزلامها سابقة الذكر على انه ند ومكافئ في القوة للإسرائيليين. وبأنه شعب يمارس عدواناُ على اسرئيل كما إسرائيل تمارس عدواناُ عليه فقط عندما يكون هو البادىء.

المقاومة هي التي تحمي الحلم الفلسطيني وهي التي جعلت شارون يصارع لتمرير مشروع الانسحاب من غزة. والخطر المحدق بالمقاومة الفلسطينية هو ليس الخطر الإسرائيلي والذي لم يستطع القضاء عليها طوال الأربعين سنة ماضية. إنما الخطر هو خطر السلطة والتي تروج بأن هذه المقاومة هي عمل غير مشروع طالما أنها لم تخرج من عباءتها ولم تحمل تصورها التنازلي حتى عن آخر شيء يحمي كرامة المقاتل وهو سلاحة

أيمن نزال

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع