تجاوزات في آلية التسجيل والعملية
الإنتخابية
بقلم: د. عبد الناصر مكي *
بعد
مرحلة مخاض استمرت ثماني سنوات، اعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية عن
البدء في المرحلة الأولى من الإنتخابات التشريعية والرئاسية والمحلية،
وذلك من خلال البدء في عملية التسجيل في الرابع من ايلول وكذلك تقرر
البدء باجراء المرحلة الأولى من انتخابات مجالس الهيئات المحلية في 36
هيئة محلية في 23 كانون اول لعام 2004.
وتعتبر هذة الخطوة انطلاقة جيدة وجدية في مجال الديمقراطية وبناء
المجتمع المدني داخل المجتمع الفلسطيني الذي عانى وما زال يعاني من
مظاهر الفساد والإفساد على مختلف الأصعدة. وبالرغم من ذلك، إلا ان
هنالك العديد من الأمور التي تم تجاهلها من قبل اللجان المشرفة على
الإنتخابات، وهي لجنة الإنتخابات المركزية واللجنة العليا للإنتخابات.
هذة الأمور تتمثل بمواد القوانين والإجراءت المنظمة للعملية
الإنتخابية، لذا فان نجاح العملية الإنتخابية يعتمد بالدرجة الأولى على
اتباع الأجراءت والتعليمات طبقا للقوانين المنظمة للإنتخابات، وتجاهل
ذلك يعني ان هنالك خللاً معينا لدى القائمين على العملية الإنتخابية.
وتتمثل الإجراءت التي تم تجاهلها والتي تعتبر أساس العملية الإنتخابية
في التالي:
1-
الدعوة لإجراء الإنتخابات، طبقا للمادة رقم 4 من قانون الإنتخابات
الفلسطيني العام لعام 1995، حيث يصدر رئيس اللجنة التنفذية لمنظمة
التحرير الفلسطينية، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية مرسوما رئاسيا
يقرر فية دعوة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس
لإجراء انتخابات عامة، حرة ومباشرة لإنتخاب الرئيس واعضاء المجلس
الفلسطيني ويحدد موعد الإقتراع العام، كما يصدر رئيس اللجنة التنفذية
لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية مرسوما
رئاسيا يعلن فية:
أ-
اسماء رئيس واعضاء لجنة الإنتخابات المركزية
ب-
اسماء رئيس واعضاء محكمة استئناف قضايا الإنتخابات
لم
يحدد المرسوم الرئاسي الذي صدر من اجل التسجيل واجراء الإنتخابات
المحلية موعدا للإقتراع العام بالنسبة للإنتخابات التشريعية والرئاسية
كما لم تتم الإشارة فيه الى محكمة الأستئناف
2-
عدم نشر التعديلات على مواد القانونين المنظمين للعملية الإنتخابية.
فقد تم الحديث عن موافقة المجلس التشريعي على تعديل المادة المتعلقة
بتغيير انتخاب رئيس المجلس البلدي والمحلي مباشرة بحيث يصبح انتخابة من
قبل اعضاء المجلس، وهذا التعديل يتعلق بقانون انتخاب مجالس الهئيات
المحلية لعام 1996 وهو يلزم المشرع بان يقوم بتغيير كافة المواد
المرتبطة بتلك المادة. والتعديل الآخر يتعلق بتعريف المقيم حيث ان
المقيم حسب قانون انتخابات مجالس الهئيات المحلية لعام 1996 هو المواطن
الفلسطيني المقيم ضمن منطقة هيئة محلية ويكون لة سكن او عمل دائم فيها
(المادة رقم 1). بينما تعريف المقيم والإقامة حسب القانون الفلسطيني
العام لعام 1995 هو عنوان الفرد المحدد، ضمن منطقة مركز اقتراع ما، حيث
يقيم الفرد فعليا اثناء فترة تسجيل الناخبين (المادة رقم 16 البند 4).
والتعديل الثالث يتعلق بالكوتا النسوية بنسبة 20%، حيث وافق المجلس
التشريعي على اعطاء المراة الفلسطينية كوتا بنسبة 20% من عدد اعضاء
المجالس المحلية.
ان
عدم نشر التعديلات قبل بداية مرحلة التسجيل يخل بالعملية الإنتخابية
ويجعل عملية التسجيل غير صحيحة. ولو اخذنا موضوع الإقامة كمثال على
ذلك، فالملأحظ ان هنالك الكثير من الإجراءت التي تمت وتتم في الوقت
الحاضر تمس بالتسجيل، ولو افترضنا ان هذة التعديلات لن تطبق في هذة
المرحلة، فالسوال: على اي اساس يتم التسجيل وما هي الضمانات القانونية
للمحافظة على سلامة التسجيل وخصوصا ان قانون الانتخاب الفلسطيني لعام
1995 يعتبر مكان الإقامة الدائم هو (المكان الذي يقيم الفرد فعليا
اثناء فترة التسجيل).
ان
اجراءت التسجيل التي تمت في الانتخابات السابقة كانت تعتمد على تسجيل
المواطنين في بيوتهم واماكن سكنهم. وهذه الإجراءت ارتكزت على القانون
وكل الإجراءت اللاحقة اعتمدت على ذلك، ولذا فان التسجيل في الوقت
الحاضر والمعتمد على ذهاب المواطن الى اماكن خاصة للتسجيل سيخل بموضوع
الإقامة، فمراكز التسجيل تسجل المواطنين حسب الهويات الشخصية واثبات
ثلاثة اشخاص على صحة التسجيل في حال ان هوية الشخص تختلف عن مكان
التسجيل. وهذة العملية لن تكون ناجعة وذلك لأن الكثير من الأشخاص
يستطيعون التسجيل في اي منطقة من خلال شهادة الأشخاص الثلاثة او تغيير
ملاحق الهويات. والضمان الوحيد لمنع التسجيل الخاطئ، هو وجود لجنة
الدائرة الإنتخابية التي تم تجاهل دورها في مرحلة التسجيل.
3-
تنص المادة رقم 28 من قانون الإنتخابات العام لعام 1995 بان لجنة
الدائرة الإنتخابية هي المسوؤلة عن ادارة وتنظيم ومراقبة عمليات
الإنتخاب في الدائرة التابعة لها. ويدخل ضمن صلاحياتها الإشراف على
اعداد جدوال الناخبين الإبتدائية والنهائية. وبالتالي فان البدء في
التسجيل دون تعيين لجان الدوائر الإنتخابية يخالف مواد القانون
الإنتخابي الذي أوكل مسؤولية التسجيل وإعداد جدوال الناخبين للجان
الدوائر الإنتخابية. وتوصية لجنة الدائرة الإنتخابية مهمة في تعيين
لجان مراكز الإقتراع الذين سيقومون بالإشراف على التسجيل من الناحية
الفنية وتحت اشراف لجان الدوائر الإنتخابية (المادة رقم 29 البند
الثاني) ويبلغ عدد اعضاء لجان الدوائر الإنتخابية خمسة اعضاء في كل
دائرة، ويعينون من قبل لجنة الإنتخابات المركزية من بين المحامين
واساتذة الجامعات او الحاصلين على شهادة جامعية في العلوم السياسية او
علم الإجتماع (المادة رقم 27).
اما
على صعيد التسجيل حسب قانون انتخابات مجالس الهئيات المحلية، فان
المادة رقم 6 من القانون تنص على ان اللجنة العليا للإنتخابات تقوم
بتعيين لجنة انتخابية واحدة في كل دائرة انتخابية لتسجيل واعداد
وتنظيم سجلات الناخبين. وتم الحديث عن اختيار اعضاء اللجان ولم يتم
اشراكهم في الإشراف على التسجيل مع ان القانون قد أوكل إليهم مهمة
الإشراف على التسجيل. وعدد اعضاء اللجنة يترواح بين 5-9 اشخاص وهي
تختلف عن لجنة الدائرة الإنتخابية في الإنتخابات العامة ويجب ان تتمتع
بالنزاهة والحيادية.
4-
على ضوء هذة التجاوزات، فانة من المتوقع ان تنظر لجان التسجيل ولجان
الدوائر الإنتخابية الغير موجودة اصلاً في كم هائل من الإعتراضات بعد
انتهاء مرحلة التسجيل، وكان من الممكن تخفيف نسبة الإعتراضات بدرجة
كبيرة لو تمت الإجراءت بشكل صحيح.
ان
اجراءات التسجيل تتم الآن بناء على تعليمات من لجنة الإنتخابات
المركزية مستندة في جزء منها على قانون الإنتخاب العام لعام 1995 مع
تجاهل قانون انتخابات المجالس المحلية مع الأخذ بالإعتبار بان هذا
التسجيل سيستخدم في الإنتخابات المحلية. ومن هنا تبرز الإشكالات في
موضوع الإنتخابات المحلية وخصوصا مع عدم وجود لجان دوائر انتخابية تشرف
على التسجيل والإختلأف في تحديد مكان الإقامة.
هذه
الأمور بحاجة الى مراجعة وتقييم من قبل المعنيين بموضوع الإنتخابات
وخاصة من قبل لجان الإنتخابات بشقيها المركزي والمحلي ومؤسسات المجتمع
المدني والأحزاب السياسية، وستظهر اسئلة كثيرة بحاجة الى ردود ومن
ضمنها تجاهل دور دائرة الإحصاء المركزية في اعداد سجلات الناخبين
(المادة رقم 6 من قانون انتخابات مجالس الهئيات المحلية) وطلبة
الجامعات والتجمعات التي لن تشارك في الإنتخابات (اقل من 1000 نسمة)
وابناء المخيمات واصحاب ملاحق الهويات المتعددة.
*
المنسق العام السابق للإنتخابات المحلية الفلسطينية، معد رسالة
الدكتوراة حول الحكم المحلي والإنتخابات الفلسطينية.
|