الفلسطينيون
وحقيقة تفويت الفرص
2004/10/30-القدس
العربي
كثيرا ما كرر علي مسامعنا، الي حد التخمة، بعض من أطلقوا علي أنفسهم
اسم الواقعيين، سلسلة من التقريع والتشنيع والاتهامات بحق كل انتقاد او
اعتراض علي الصفقات المبرمة سرا وبعيدا عن الأعين (وعن الشعب الفلسطيني
أساسا) لـ حل المحنة الفلسطينية (او بالأحري تصفيتها بأبخس الأثمان )
ابتداء من اوسلوا الي خطة فك الارتباط، واعتبر هؤلاء أن عدم قبول تلك
الصفقات السخية مس من الشيطان وهلوسة غير واقعية فوتت علي الشعب
الفلسطيني الخير الكثير. وفي كل مرة اغتنم هؤلاء الفرصة ليوجهوا جام
غضبهم علي كل أصناف المقاومة من الانتفاضة بالحجارة الي انتفاضة الأقصي
الي راجمات القسام او كل عمل يمس الإسرائيليين الأبرياء سواء تواجدوا
علي أراضي 48 او في الضفة او القطاع.
بل نترك مدير ديوان شارون نفسه دوف فايسغلاس يكشف لنا عن بعض ذلك المن
والسلوي الذي فوته علي نفسه الشعب الفلسطيني وقادة فصائله:
قال فايسغلاس في مقابلة مع هآرتس: إن هدف خطة فك الارتباط هو تكريس
السيطرة الإسرائيلية علي أغلبية الضفة الغربية وصد الضغوط الداخلية او
الخارجية لفرض حل آخر. شارون يسعي بصورة ثابتة الي تحقيق رؤيته، أي
السيطرة الإسرائيلية علي المنحدرات الشرقية والغربية للضفة والاحتفاظ
بممر للحركة في طولها وعرضه .
إذن، حسب هذه الخطة، سيجد الفلسطينيون أنفسهم مع سبعة جيوب مدمرة
ومقطعة من خلال الشوارع الخصوصية. خطة فك الارتباط تكرس رؤية شارون
بثمن نادر بالنسبة له: بتنازل عن غزة التي يعيش فيها 37% من
الفلسطينيين، ولكن مساحتها تبلغ 1.25% فقط من أرض إسرائيل.
من
يتجول في الضفة سيكتشف الجزء الخفي من خطة فك الارتباط. البناء في
المستوطنات في ذروته بما فيها غير القانونية، منها 4 آلاف وحدة سكنية
موجودة الآن في طور البناء وعندما سيتم إسكانها سيزداد عدد المستوطنين
في الضفة بنسبة 10% تقريبا. يعيش أكثر من أربعة مئة ألف إسرائيلي بصفة
غير شرعية داخل ما يربو عن 150 مستوطنة، جلها تقع فوق مصادر المياه
الفلسطينية. وضمن هذه الإستراتيجية، يستعد شارون لإجلاء المستوطنين من
غزة مقابل توسيع الاستيطان داخل الضفة، كما أن إسرائيل تقوم ببناء
الجدار ليس علي أراضيها بل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يتسبب
في قضم أراض فلسطينية زراعية وسلب موارد مياه من جهة وتكديس عدد
المواطنين الفلسطينيين من جهة أخري، أي إسرائيل تأخذ الأراضي دون
سكانها. إسرائيل تريد التخلص من التهديد الديمغرافي بنقله الي الطرف
الفلسطيني. وتختم النيويورك تايمز مقالها فتكتب: بعد سنوات من التفاوض
بالتوازي مع بناء مستمر للمستوطنات (والآن بناء الجدار) فقد اقتنع
الفلسطينيون في آخر مطاف أن ما تقترحه إسرائيل هو استقلال علي أرض يقع
عليها حظر في استعمال مائها وزراعة أراضيها، دولة تعتمد اقتصاديا علي
إسرائيل وتفتقد حتي علي حق تقرير مصيرها. هذا سخاء إسرائيل وهذه هي
الصفقات التي ضيعها الفلسطينيون حسب واقعيي أوسلو وأخواتها، صفقات
تشمئز منها حتي النيويورك تايمز، فكيف بنا نحن الحالمون .
د. عكاشة ابو لقمان
المغرب
|