رائد عواشرة
من يأخذ المبادرة ؟؟؟
تفعيل
منظمة التحرير والخطوة الاساسية في اصلاحها
سنوات من الحديث عن اعادة بناء وتفعيل واصلاح
منظمة التحرير الفلسطينية... اكثر من عقد والحديث يدور عن اصلاح
المنظمة لدرجة ان الكثير من الفلسطينين تسائلو عن تمثيلها لهم.
فالمنظمة لم تعد اطارا يجمع الشعب الفلسطيني بحده الادنى ( الاغلبية)،
ولم تعد الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني... فالتعديلات التي جرت
على المنظمة وميثاقها واهدافها واسترتجياتها وتجميد مؤسساتها لم تعد
توفر مظلة الشرعية القانونية والاخلاقية لتمثيل الفلسطينين، تماما مثل
التطورات السياسية التي عصفت بالعالم بعد انهيار دول المنظومة
الاشتراكية واجبرت الكثيرين على التفكير و احداث التعديل.
ان تصريحات الساسة والتي نسمعها في وسائل
الاعلام، تلك المتعلقة باعادة اصلاح وبناء المنظمة قد لا تكون الا
وجبات سريعة للاستهلاك الدعائي، او محاولة للهروب والتنصل من
استحقاقات وطنية تتعلق بمستقبل وجود واستمراية بقاء الشعب وطموحاته
الوطنية. ان هذه الدعوات والتي لا يفهم منها الا الهروب من الواقع
والمواجهة ودعوات يائسة للم شمل الفلسطينين بعد التجزئة والفرقة
والتخبط والصدامات الداخلية وغياب لبرنامج سياسي واخر نضالي يتفق عليه
بين فصائل العمل الوطني والاسلامي. فيا ترى ما الجديد بعد حوارات
القاهرة ؟ ام ان ماكينة الاصلاح توقفت عند الانتخابات التشريعية.
يتفهم الكثيرون تشابكات و تعقيدات عملية اصلاح
المنظمة ومحاورها المتعددة وخاصة المحاور السياسية منها والتي لها
ارتباطات عربية ودولية، فان من الضرورة بمكان الاتفاق على نقاط اساسية
للاصلاح كقواعد عامة دون الخوض والنقاش قي تفاصيلها. ولكن، هل ستحول
هذه التعقيدات من المضي قدما نحو الوحدة والتوحد والاصلاح؟ او ان وقت
اصلاح منظمة التحرير لم يحن بعد؟ ام انه ما زال على جماهير الشعب
الفلسطيني معايشة تصاعد حراب الاقتتال الداخلي والعيش في ظروف حرب
اهلية بسبب صراع " السلطة" و " الحكم" و "سلطان" تمثيل الشعب بين حركتي
حماس وفتح، او ان محاولات سلخ مؤسسات الداخل عن الخارج وشطب احدهما
للاخر بدأت بالترسخ في كينونيتنا الفلسطينية.
ان من الاهمية بمكان حسم الجدل والصراع القائم
حول مشروعية تمثيل المنظمة وتفردها بتمثيل الوحيد للشعب الفلسطيني،
فنتائج انتخابات المجلس التشريعي طرحت بقوة هذا المشكل، اضافة الى
تخندق الكثير من القيادات و القوى السياسية في خندق مؤسسة المنظمة (
الغائب الموجود)، ناهيكم عن العلاقة الهلامية بين المنظمة والسلطة.
يجمع الساسة على ان كافة المشاكل نتجت عن تفرد
فصيل واحدا ليتحول التفرد فيما بعد وتركز ( بشخص) ومن ثم يتحول ويظهر
بصورة مجموعات متعددة تتفق تارة وتتناحر اخرى وفق بوصلة المصالح
المالية والمناصب القيادية. كما ويعترف قادة الفصائل ان اصلاح المنظمة
هو الحل لكافة المشاكل الاساسية والساخنة والساخنة جدا والتي تعيشها
الساحة الفلسطينية. ولكن،
يبقى السؤال عن حقيقة ما يريده الساسة وعن تتوفر نية وارادة الاصلاح
لديهم ؟؟
السياسية والاصلاح
عالم السياسية اكثرا تعقيدا من حقل الادارة، ففي
الادارة لا وجود لمحظورات او محرمات، فاحداث تغيرات جوهرية و تعديل
رؤية ورسالة المؤسسة وتعديل اهدافها واستراتجياتها يكون على ضوء عملية
التخطيط الاستراتيجي وبعد اجراء تحليل للبيئتان الداخلية والخارجية
للمؤسسة. اضافة، فلا يوجد مانع في حقل الادارة من حل ودمج المؤسسة
وانشاء جسم جديد ليتلائم مع المناخات الجديدة. اما عالم السياسية،
وبالرغم من الاقرار بديناميكية البيئتان الخارجية والداخلية في علاقتها
مع السياسية، الا ان احداث تغيير وتعديل سياسي ليس من السهولة بمكان
وذلك لتنوع العقائد الفكرية والدينية. فعلى سبيل المثال، فان فلسطين
التاريخية هي ارض وقف اسلامية لا يجوز التنازل عن اي جزء منها، وكذلك،
فان الرؤية الاشتراكية والقومية والتي ترى اسرائيل كيانا صهيونيا لا
يسمح للفلسطينين باقامة دولتهم المستقلة على الارض المحتلة عام 1967،
وتعتبرها راس حربة للدول الاستعمارية لغايات احكام السيطرة على الشرق
الاوسط والعالم. الفكر السياسي العقائدي ( الديني، القومي، الاشتراكي)
يتفق بان الصراع الفلسطيني - الاسرائليي هو وجود، ولا يمكن لهما
التعايش الا بتفي الاخر.
ان المشكل السياسي للاصلاح السياسي للمنظمة
سيصطدم مع عدد من قيادات اللايديوجيا او التي توصف بالليبرالية
الموجودة على راس حركة فتح والتيارت القريبية منها مثل حزب الشعب و فدا
واحتمالية عالية في الجلهو الديمقراطية، اضافة الى الكتل الممثلة في
المجلس التشريعي مثل فلسطين المستقلة والطرق الثالث والتي تتطلب معالجة
سياسية للاهداف والاستراتجيات واخرى تنظيمية تتعلق بنظام التمثيل في
مؤسسات المنظمة التشريعية والتنفيذية اضافة الى علاقة السلطة
الفلسطيينة بالمنظمة.
ويستدل من الحراك السياسي الفلسطيني بان الدعوات
لاصلاح واعادة بناء المنظمة لم تكن دعوات جدية ، بمعنى ان الدعوة لم
تنطلق من نية وارداة الداعيين لها... فالقوى الفلسطينية الوطنية
والاسلامية تنتظر دعوة محمود عباس لحضور اجتماع هنا وهناك، وعدا ذلك،
فان حركتها تتوقف، والمطالبة بالاصلاح تصمت الى حين مقابلة اعلامية مع
فضائية تثير الموضوع بين سنة واخرى، و شعارات يتراشقها المرشحون خلال
حملاتهم الانتخابية . باختصار مهمة اصلاح المنظمة او المبادرة فيها لا
تتوقف على فصيل دون اخر ودون اية اعتبارات لحجم الفصيل او تمثيله
الحالي في ما تبقى من المنظمة.
وقد يرى البعض بان الدعوات القانوينة –
الادارية يجب ان تصدر عن رئاسة مكتب المجلس الوطني او اللجنة التنفيذية
او حتى رئس اللجنة، الا انه وبصراحة، ان هذه الاطراف تبدو بانها غير
معنية او مهتمة جديا ببناء واصلاح المنظمة وارجو ان اكون مخطئا. وعليه،
فان قبول الدعوة من قبل عدد من الفصائل ومن ضمنها احدى الفصائل الكبرى
يعطي دفعة قوية للسير الفعلي في اصلاح المنظمة و " واحراج و اجبار
الاخرين" على اللحاق بركب الوحدة والاصلاح.
لتعقيدات الوضع والملفات السياسية ، اقترح
الولوج الى الاطار المؤسسي للمنظمة والوصول الى قواعد للعمل تكون اساسا
لاصلاحها واعادة بنائها وترتيبها. اي، الحديث عن الاطار التنظيمي
والاداري لجسم مؤسسة المنظمة والاتفاق على تمثيلها ومؤسساتها المختلفة
وتشكيلاتها المتنوعة وعلاقة السلطة بالمنظمة. ولعل اولى الخطوات هي
مسودة الوثيقة التنظيمية والادارية لممثلي الشعب الفلسطيي.
فمن سيمسك بزمام المبادرة
والبدء في عملية اعادة البناء والاصلاح؟؟
صحيح ان محمود عباس يتحمل الترهل الموجود في
الساحة الفلسطينية وتغييب منظمة التحرير، فهو امين سر سابق لهذه
المنظمة والرجل الثاني فيها، وهو رئيس السلطة واللجنة التنفيذية الحالي
و الذي تزينت حملته الانتخابية بشعارات الاصلاح و اصلاح المنظمة وهو
الذي تحدث مرارا وطالب بالعمل المؤسسي والمؤسسات. فأين الرئيس عباس من
شعارات حملته الانتخابية ؟ وأين دور القوى السياسية الوطنية
والديمقراطية والاسلامية. واين دور المؤسسات الاهلية والتي تمتلك
امكانيات لا بأس بها؟ فهل مثلا تستطيع مؤسسات العمل الاهلي المشاركة
في عملية اصلاح المنظمة وهل توفر ما يخضع لها من امكانيات بشرية ومالية
ولوجستية لهذه الغاية. فمن المهم ان تقوم جهة ما بالمبادرة، اطار
سياسي او مؤسسة اهلية مثل مراكز الديمقراطية والدراسات المنتشرة وبكثرة
لترتيب البيت الفلسطيني وتصويب العمل السياسي.
وعليه، فان التفاعل والرد مع دعوة الاصلاح لا
تكشف فقط النوايا بل تكشف اذ ما كانت الفصائل الفلسطينية مهتمة للعمل
الوحدوي وترتيب هذا البيت وتظهر مدى الحرص على الوطن المسلوب ومصيره.
فهل من مبادر يوفر مسودات اساسية لعملية ترتيب البيت الفلسطيني واصلاح
المنظمة ؟ وهل من مستمع لهذه الدعوة من الاطر السياسية والتنظيمية
ومؤسسات المجتمع المدني؟ فهل من مستمع ؟ وهل من مجيب؟
|