حقوقيون يشتكون: التعيينات في سلك النيابة العامة تتم بالواسطة

رامي خريس

لم يقتصر وجود الواسطة والمحسوبية على وزارة دون أخرى بل امتدت لتشمل أغلب وزارات ومؤسسات السلطة وإن كانت بدرجات متفاوتة وهو ما لا يستطيع أحد أن ينكر وجوده، ولكن استفحل الداء ليصل إلى من يفترض فيهم العدل فاستشرت الواسطة في المؤسسات القضائية لتتم تعيينات العاملين في سلك النيابة العامة عبر الواسطة والمحسوبية واستثناء المتفوقين من الحقوقيين لأنه ليس هناك من يدفع باتجاه تعيينهم.كانت تلك مضمون الشكوى التي وصلت " الرسالة" من بعض الحقوقيين الذين اعتبروا أنفسهم قد ظلموا بعد سنوات الدراسة المضنية والتفوق الذي أحرزوه.

** سابقة

أكرم الصوراني خريج 2003 من كلية الحقوق بجامعة الأزهر ومن أوائل الطلبة على الدفعة حيث حصل على الترتيب السادس على دفعته يقول:" عندما كنا نجلس على مقاعد الدراسة وكنا ندرس كان الذي بجانبي موظف، والأصل في الجامعات أن تكون هناك منافسة، وفي الوقت الذي جلسنا فيه على مقاعد الدراسة كان بجانبنا من يحمل رتبة عقيد، وأصبح الشخص يتوظف وبعد ذلك يدرس بدلاً من أن يدرس وبعدها يحصل على وظيفة.والآن انتهينا من الدراسة وبتفوق وهو ما استندنا عليه للمطالبة بإنصافنا وبالتالي توقعنا أننا عندما سنذهب إلى أي مكان سيتم إنصافنا ولم يتم ذلك كما توقعنا، فوزارة العدل التي أوجد فيها الوزير السابق ناهض الريس سابقة تعيين أوائل خريجي كلية الحقوق وتم تعيينهم في وزارة العدل.. شجعنا هذا الأمر وقمنا باستخراج كشف من الجامعة بأوائل الطلبة وتوجهنا لوزارة العدل وكان الوزير المستشار فريد الجلاد موجود، وللأسف كان هناك حفل تسلم وتسليم للوزارة من الوزير السابق ناهض الريس فقال لنا الجلاد سأقابلكم في وقت لاحق، والآن نقوم بمراجعة الوزارة ولا نستطيع مقابلته، وقالوا لنا حرروا كتاب وأرسلوه للوزير وبالفعل قمنا بإرسال كتاب عبر الفاكس، وعندما راجعنا في الوزارة قالوا لنا أعيدوا إرسال الكتاب لأنه قد فقد !!.

وقمنا بإرسال كتب أخرى لديوان مجلس الوزراء على أمل أن نحصل على رد ايجابي، ولكن لم نتلق أي رد حتى الآن.

وعبر الصوراني عن تشاؤمه لما يراه من فساد وصل إلى وزارة العدل وفي النيابة العامة، وأكبر دليل على وجوده في النيابة العامة أن هناك طلاباً يعملون في سلك النيابة وخريج متفوق لا يجد عملاً.

** لكل صاحب واسطة نصيب!

ويشير الصوراني إلى أنه عندما توجهوا للنائب العام المستشار حسين أبو عاصي ادعى أن النيابة توظف على أساس الإعلان في الصحف ولكن على أرض الواقع الوظائف تعطى لأناس تخرجوا بمقبول بدون أي إعلان في الصحف لأن واسطتهم كبيرة.وطالب الصوراني أن تنتهج وزارة العدل سياسة سليمة على أساس قوانين صحيحة، ومنه ان يحصل الشاب المتفوق على حقه في الوظيفة وليس أن يتم توظيف أصحاب الواسطة، وأضاف الصوراني أن: "القاعدة تقول لكل مجتهد نصيب وليس لكل صاحب واسطة نصيب. وفي نفس السياق يقول الحقوقي مضر الضاني خريج دفعة 2003 والحاصل على الترتيب السابع على الدفعة:" أن وزارة العدل والنيابة العامة هي المسؤولة عن استيعاب الحقوقيين

وأضاف:" نحن الحقوقيون نقاسي الأمرين في سبيل الحصول على حقوقنا فكيف بالمواطن العادي، لقد قاسينا لنستطيع مقابلة النائب العام ووصلنا إليه بعد أن مررنا على ثلاثة أجهزة أمنية وقلنا لهم نحن محامون، أما النائب العام الذي قابلنا بفتور فقال ليس لدينا وظائف وسنعلن في الصحف إذا أردنا تعيين أحد، وأثناء تواجدنا في مقر النائب العام شاهدنا العديد من الطلاب الذين مازالوا يدرسون في كلية الحقوق ولم يتخرجوا بعد وقد وجدوا لهم عملاً في النيابة.وأشار الضاني إلى أن هناك أحد وكلاء النيابة من تخرج من جامعة الأزهر بمعدل مقبول بعد سنوات طويلة من الدراسة وتم تعيينه بسرعة لأن أحد أقربائه ذو نفوذ في السلطة!.وهذا الوكيل ومن ثقته الزائدة بقوة واسطته وبأنه سيتم توظيفه كان يحدث زملاءه أن وظيفته في النيابة العامة جاهزة وتنتظره !.وقال الضاني أن لهم عدة أشهر على أبواب الوزارات ولا أحد يلقي لهم بالاً، مشيراً إلى الإحباط الذي أصاب بعض طلاب الحقوق لما يرونه من واسطة في تولى الوظائف الحقوقية جعلتهم يفكرون بالسفر إلى الخارج.

** ضوابط

في التقرير السنوي للهيئة الفلسطينية لحقوق المواطن جاء فيه أن النيابة العامة تتكون من النائب العام، ومن مساعدين اثنين: واحد لمحافظات الضفة الغربية والثاني لمحافظات غزة، ومن 100 رئيس ووكيل ومعاون نيابة: 64 منهم في قطاع غزة و36 في الضفة الغربية.وبصورة عامة فإن جهاز النيابة العامة لا يعاني من النقص في عدد أعضائه، ولكن هناك سوء في توزيعهم، خاصة بين الضفة وقطاع غزة، وبين مدينة وأخرى في الضفة الغربية.من جهته يقول ناهض الريس النائب في المجلس التشريعي ووزير العدل السابق:" أن الذين يتم تعيينهم في النيابة والذي يتم تعيينهم في مجلس القضاء الأعلى وفور النظر في كشف التعيينات يتم التعرف بسرعة أن هذا التعيين جرى من أجل فلان وان هذا التعيين من أجل فلان، وليس هناك أي ضابط أو أي معيار للتعيين مشيراً إلى أنه رفع صوته عالياً في هذا الموضوع وعملنا مجموعة أشياء منها تعيين 12 خريج جميعهم من الأوائل الخريجين.

** صلاحيات

ثارت خلال عام 2004 إشكاليات كثيرة حول طبيعة العلاقة بين جهاز النيابة العامة ووزير العدل، خاصة في مسائل صلاحية الأخير في تعيين أعضاء النيابة العامة، واجباتهم وتأديبهم، فبينما ينحصر دور وزير العدل بحضور مراسم حلف النائب العام لليمين أمام رئيس السلطة، أعطى القانون دوراً واضحاً لوزير العدل في تعيين وكلاء النيابة العامة، كما يؤدي أعضاء النيابة العامة اليمين عند مباشرتهم العمل لأول مرة أمام وزير العدل بحضور النائب العام لكن، لم يوضح قانون السلطة القضائية الجهات المختصة بتعيين أعضاء النيابة، أو الآلية التي تتم بها عملية التعيين، مما يتطلب النظر في النصوص القانونية ذات العلاقة وتعديلها لحل هذه المشكلة.وفي هذا السياق يقول الريس أن النائب العام الذي استطاع تثبيت نفسه بأساليب معينة هو الذي يعين في النيابة ومنفرد بذلك وليس له مرجعية علماً انه ليس له أن يفعل ذلك على الإطلاق وقانوناً هو تابع لوزارة العدل، ويفترض أن النائب العام والنيابة العامة لها تبعية إدارية لوزارة العدل.ويشير الريس أن ما نراه يحدث في بلدنا أن الناس أصبحت تعمل كل شيء إلا الصحيح ولذلك نحن ننزلق من تدهور إلى تدهور.من الجدير ذكره أن "الرسالة" حاولت الاتصال بالنائب العام حسين أبو عاصي فلم يتسن لها ذلك . 

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع