السلطة الخروف

بقلم: حمدي فراج*

عادت السلطة ولحست ما كانت قد اعلنته من انها ستطلق سراح تسعة جهاديين اسلاميين اعتقلتهم اثر عملية تل ابيب الاستشهادية الأخيرة في شباط الماضي وزجت بهم في سجنها بأريحا، وذلك لأسباب تتعلق بتهديدات اسرائيلية باعادة احتلال اريحا مرة، ووقف اللقاء المزمع بين شارون وعباس بعد اسبوع من اليوم، مرة أخرى.

وقبل ان نذهب ابعد من ذلك، فان الأسباب الحقيقية للحس، هو العجز، الذي لا تريد هذه السلطة الاعتراف به، بل انها تذهب احيانا لترويج كذبتها الكبرى انها سلطة ولها قوتها واستقلاليتها ولديها جيشها وشرطتها وأجهزتها الأمنية بميزانيات عالية تصل الى ما يناهز ثلاثماية مليون دولار سنويا، ما يشكل أكثر من ثلث الموازنة العامة، وطبعا لديها سجونها التي تزج فيها بالجهاديين التسعة، ولديها قضاءها بدءا من محاكم الصلح ومرورا بالبداية والنقض والاستئناف والعدل العليا، والأهم من كل ذلك محاكم أمن الدولة التي نتمنى ان تكون قد ماتت مع موت الرئيس الرمز ياسر عرفات. ولديها ايضا برلمان تم انتخابه على اساس الدوائر قبل عشر سنوات وما يزال، رغم ان الموت بدوره بدأ يحصد اعضاءه عضوا عضوا. ولديها تلفزيون ملون وفضائية واذاعة وصحف يومية واسبوعية وشهرية، ووكالة انباء اسمها "وفا"، ولديها رئيس ورئيس وزراء ووزراء تكنوقراط ومن فتح وحزب الشعب وجبهة النضال، ووكلاء ومدراء وكل ما يلزم من ادوات الدولة، وبالأمس استأنفت انزال عقوبة الاعدام على اربعة مجرمين، ونفذته شنقا بحق ثلاثة منهم، والرابع رميا بالرصاص. أليس ذلك دلالة على انها دولة ولربما يمكن خداع الجاهلين بأنها دولة عظمى وفق ما نسمع عن مقوماتها، خاصة قضية الاعدام الاخيرة، ثلاثة بالشنق والرابع بالرصاص.

انها، كما تعرفون، ليست المرة الاولى التي تطلق فيها هذه السلطة تصريحا بنيتها اطلاق سراح من لديها، فلا تطلق الا التصريح، كما حدث مع احمد سعدات بعد ان "حررت" اريحا قبل بضعة اشهر، المهم انها تكون صادقة في الكشف عن عجزها وجبنها ـ البعض منها يسميه حكمة ـ ازاء تهديدات اسرائيل، وهذا في حقيقة الأمر لا يضير كثيرا ، ولكن ألا  يضيرها ان تكون اسدا على شعبها وارنبا مع اسرائيل ؟ ثم لماذا تطلق التصريح بانها ستطلق السراح لطالما لا تملك ناصيته، خاصة انها جربت ذلك اكثر من مرة، سواء في العهد العباسي مع سعدات، او في العهد العرفاتي، الذي صرح على الملأ ان سعدات ضيفه.

اما السؤال الذي لا يقل اهمية عما سلف، فهو: لماذا تقوم بالاعتقال طالما في نيتها ان تطلق سراح من اعتقلت؟  واذا ما قال احدهم منها ان الاعتقال اجراء دبلوماسي تقتضيه الاتفقايات الموقعة بين الذئب والخروف، فلماذا تم تعذيب الجهاديين كل ذلك التعذيب في اريحا؟؟؟

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم. hamdifarraj@yahoo.com

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع