مفاوض فلسطيني سابق  السلطة تحولت إلى علب كرتونية اسمها وزارات معبأة بالموظفين

واقع مرتبط تماماً بشخص الرئيس  أدى إلى تيبس الوضع الحكومي.

مفاوض فلسطيني سابق : السلطة تحولت إلى علب كرتونية اسمها وزارات معبأة بالموظفين


غزة-دنيا الوطن 18/12/2004


قال المفاوض الفلسطيني السابق الدكتور يزيد الصايغ ان القيادة الفلسطينية تواجه في المرحلة المقبلة تحديات داخلية وخارجية تتعلق بالاصلاح الداخلي وتحسين أداء الحكم وارساء مبدأ المساءلة والمحاسبة وتحديد شكل المجابهة مع اسرائيل سواء بمواصلة الانتفاضة أو باتباع أساليب أخرى. أما التحدي الأهم فهو تحديد الاهداف الاستراتيجية للوصول إلى انشاء دولة فلسطينية مستقلة فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 تكون عاصمتها القدس وهو ما يتطلب بيان سياسي واضح من القيادة الفلسطينية يحدد هذه الأهداف.


وأشار د. الصايغ المستشار والمفاوض السابق إلى أن القيادة الجديدة سوف تتحمل مستحقات ترتبت نتيجة ما حدث في السنوات الأربع الماضية من تعقيدات واختيارات في المواجهة وهو ما جعل من فرص النجاح أمامها قليلة، وعليها أن تحاول أن تحصل على أي شيء دون الاضطرار إلى دفع ثمن باهظاً والقبول بحق عودة اللاجئين بشكل رمزي وجزئي في الوقت الذي يفرض فيه شارون شروطاً .


وليس مستعداً لتقديم أي تنازلات وتسانده أجندة أميركية منحازة ومجموعة أوروبية ليست على استعداد للدخول في مجابهة مع السياسة الاسرائيلية الحالية. وأبدى الصايغ الباحث الزائر بكلية بيمبروك في جامعة كامبردج ومركز الدراسات والأبحاث الدولية في باريس تشاؤمه من المرحلة الصعبة جداً والفرص المحدود للغاية أمام الحل السياسي الذي يتمناه الجميع والوصول إلى عملية تفاوضية مقبولة.


وأكد خلال محاضرة نظمها «مركز الخليج للأبحاث» في دبي حول دلالات رحيل عرفات بالنسبة للمشهد الفلسطيني وعملية السلام أن الخطوة الأولى العاجلة الآن هي إعادة الشرعية للنظام السياسي الفلسطيني من خلال الانتخابات المقررة.


وبالتالي العودة إلى سيادة القانون قائلاً ان شارون لا يرغب في اجراء انتخابات عامة فلسطينية لأن ذلك يتناقض وسياسته الهادفة إلى اضعاف وتفكيك الكيان الوطني الفلسطيني وتفريغ مضمون الدولة بالتالي فإن الحكومة الاسرائيلية الحالية غير مشجعة على اجراء انتخابات عامة إلا إذا حصلت على ثمن وتنازل.


وأضاف أن قراءة تصريحات الحكومة الاسرائيلية تدل على أن شارون يريد الاحتفاظ بـ 40% من الضفة الغربية بما فيها وادي الأردن والمناطق المتاخمة للخط الأخضر كما انه لن يتخلى عن القدس الشرقية أو السيطرة على الحدود البرية والبحرية والجوية.


كما أن الخطاب المعلن وغير المعلن للرئيس الأميركي جورج بوش يسير في ذات الاتجاه، فهناك تراجع في السياسات الأميركية تجاه اقامة دولة فلسطينية مشروطة بمجموعة من المعايير والمتطلبات مثل الأمن وتحويل حق تقرير المصير إلى حق مشروط، فالرئيس الأميركي سيدفع خلال ولايته الثانية إلى قيام دولة فلسطينية، لكن هناك فارق بين الاعلان عن شروط وكيفية انهائه.


فموقف بوش مع دولة من دون حدود نهائية أو اتفاق على موضوع القدس واللاجئين ففي الستة أشهر الماضية حدثت تغييرات كثيرة في الموقف الأميركي خاصة في موضوع المستوطنات، فالرئيس بوش نقل السياسة الأميركية من وصفها من اللاشرعية إلى ربط تجميدها بوقف اطلاق النار من الجانب الفلسطيني ثم قفز مؤخراً إلى القول بأن المستوطنات موضوعها غير قابل للنقاش، إذن فالقيادة أمام واقع غير مضمون تبحث فيه عن وسيلة للدخول فيه.


من جانب آخر فإن هناك قضية مهمة أيضاً، كما يقول د. الصايغ وهي تنظيم انتخابات عامة تستوعب كافة الفصائل الفلسطينية مثل حماس وكتائب الأقصى داخل النظام السياسي الشرعي بحيث يكون هناك اتفاق على الحقوق الفلسطينية وظهور أجندة سياسية فلسطينية جديدة للمرحلة المقبلة خلال 10 سنوات.


الدكتور الصايغ قال في بداية المحاضرة في تقييمه للوضع بعد رحيل عرفات أن هذا الرحيل أراح المؤسسات من عبء ثقيل ساهم في تدمير التطور المؤسسي الفلسطيني ولكن انصافاً للرجل فقد عمل الكثير على مدار 30 عاماً للقضية وكان اتجاهه العام نحو التفاوض والتعايش السلمي للوصول إلى وطن فلسطيني مستقل لكن نمط الادارة السياسية أدى إلى نتائج انعكست على النظام السياسي.


فالسلطة تحولت إلى علب كرتونية اسمها وزارات معبأة بالموظفين حتى أصبح القطاع العام الفلسطيني يحتل المرتبة الأولى في الشرق الأوسط في نسبة التوظيف اعتماداً على التوسع الحزبي والسياسي وخلق واقع مرتبط تماماً بشخص الرئيس مما أدى إلى تيبس الوضع الحكومي.
أما على المستوى السياسي فالوضع ما بين عامي 94 ـ 2000 تطور بشكل سلبي وأوجد مؤسسات ليس لها قوة حقيقية في العملية السياسية مثل البرلمان الذي لم يكن له تأثير في الواقع الاقتصادي والاجتماعي.


وكان الشيخ عبدالعزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث قال في بداية المحاضرة: ان جواً من التفاؤل ساد في العديد من أوساط المجتمع الدولي حول اتفاقية فتح صحفة جديدة في مسيرة احياء عملية السلام، بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات إلا ان قراءة متأنية لتصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير تؤكد إلى حد كبير أن القوى المؤثرة على الساحة الدولية لم تراجع بشكل جوهري الوسائل والأساليب المتوفرة لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.


وبالتالي فإن السياسات الدولية تجاه هذا الصراع لا تزال تفتقر إلى الوضوح فدول الاتحاد الأوروبي وكثير من دول العالم تتجنب الانتقاد المباشر للسياسات والممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين لأنها لا تريد المواجهة معها أو الخروج من تحت عباءة سياسة الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة.
مداخلات
وعقب المحاضرة دارت مناقشات ومداخلات متقاطعة مع المحاضر، فأحد الحاضرين قال: لابد أن ننظر إلى الجانب الآخر من الصورة داخل اسرائيل، لكي تكون الصورة مكتملة، فالخسائر هناك كبيرة وليس في وضع أفضل بالتالي لابد من الاحتفاظ بالانتفاضة.


ـ الكاتب السياسي عوني فرسخ قال: نحن في وضع أفضل بكثير، ففي عام 1967 و1982، كان القتال يدور خارج الأرض المحتلة إلا ان القتال داخل الأراضي والعاصمة الأكثر قوة الآن هي تل أبيب وليست القاهرة أو بيروت أو دمشق فاسرائيل رهينة المقاومة الآن والعمل المقبل له دور مؤثر للغاية فما دام الشعب لم يرفع راية الاستسلام فهو يفرض الحل فأوسلو لم تنقذ الشعب الفلسطيني والمعركة طويلة.


ـ الدكتور يزيد الصايغ رد بالقول بأن ليس كل عمل مسلح يعني مقاومة، فالعمل المسلح غير المدروس سيؤدي إلى وضع سيئ.ويرد أحد الحاضرين: وهل التفاوض حل إذا أوقف العمل المسلح؟! فالخيار هو استمرار المقاومة بشكل منظم وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني.


الدكتور مصطفى العاني قال ان المقاومة وسيلة وليست هدفاً، والمقاومة في العراق غيرت من السياسة الأميركية، لكن لابد للمقاومة ان يكون لها جناح سياسي وآخر عسكري، وخروج اسرائيل من جنوب لبنان جاء بسبب الخسائر البشرية مثلما يحدث مع الأميركان الآن في العراق.


ـ غسان طهبوب تحفظ على المقارنة بين المقاومة في الحالة الفلسطينية والحالة العراقية واللبنانية فالتأثير الدولي على القضية الفلسطينية حاسم ومقرر في كل مفاصلها الأساسية والمطلوب تقييم رحلة السنوات الماضية تقييماً حقيقياً وتقديم الحلول للشعب والبدائي المناسبة فليس منطقياً أن يكون الخيار أمام الناس إما كامب ديفيد أو حماس فهذا ليس عدلاً فلابد من برنامجا سياس واقعي لمجتمع مدني يجسد برنامجا فلسطينيا يغلب منطقةالعمل السياسي الرشيد على منطق المافيا.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع