قمة شرام الشيخ: صداقة عميقة بين شارون
و"ابو مازن"
كتب خليل العسلي
التفت ارئيل شارون رئيس الحكومة الاسرائيلية الى رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" وقال له:
- لقد قمت بخطوات ايجابية في الفترة السابقة يا ابو مازن، ولكنها ليست
كافية، فهناك معلومات عن عمليات هجومية يتم الاعداد لها في الضفة
الغربية عندكم!!
فرد
عليه ابو مازن باللغة العبرية التى لا يتقنها كثيرا قائلا:
- يا سيادة رئيس الوزراء انا في الحكم منذ عدة اسابيع فقط امنحي مزيدا
من الوقت!!
فكان جواب شارون: لك ذلك!!
كان
هذا جزء من الحوار الذي دار بين رئيس الحكومة الاسرائيلية ورئيس السلطة
الفلسطينية اثناء لقائهما عل هامش قمة شرم الشيخ كما نقل على لسان
مصادر اسرائيلية رسمية، والتي اضافت ان اهم انجاز لهذه القمة هو
العلاقة الشخصية القوية التي توثقت بين شارون و"ابو مازن" حيث اتفاقا
على العمل معا وبشكل مباشر لحل اي معضلة تظهر اثناء جولات التفاوض
الكثيرة التي تنتظر الجانبين، بعد ان اعلن رئيس السلطة الفلسطينة ان
زمن العنف والقتل قد ولى وحل زمن التفاوض. وهذا ما ايده رئيس الحكومة
الاسرائيلية، كما تم الاتفاق على استضافة شارون لمحمود عباس في مزرعته
(حفات هشكميم) خلال الاسبوع القادم على ان يقوم شارون بزيارة لمدينة
رام الله في المستقبل عندما سمع احد اعضاء الوفد الفلسطيني هذا الكلام
قال معلقا، موجها كلامه لشارون:
-
اتمنى ان لا تأتى الى رام الله على ظهر دبابة..
فضحك شارون معه جميع من تواجد في الغرفة من هذه الجملة التى كان يمكن
اعتبارها مزاحا من النوع الثقيل ولكن بسبب الاجواء الاحتفالية والتفاؤل
الذي ساد القمة فان هذه الجملة اعتبرت مزاحا خفيفا زادت من الدفئ في
العلاقات والتى وصفها العدد من الخبراء الاسرائيلين بانه مبالغ فيها
ومن السابق لاوانه الحكم على نتائج تلك القمة التي جاءت وفقا لما هو
خطط لها باستثناء بعض مظاهر الحفاوة التي اظهرها البعض لرئيس الوزراء
الاسرائيلي ومنها الجولة التي قام بها الرئيس حسني مبارك لشارون في
ارجاء منتجع شرم الشيخ.. تلك الجولة التي قالت مصادر اسرائيلية انه تم
فيها البحث من المواضيع ذات الحساسية الخاصة وبعيدا عن عدسات وسائل
الاعلام وعن اذان المرافقين.
اريحا اولا...
ووفقا لتصريحات المسؤولين في الجيش الاسرائيلي فانه في الوقت الذي
انهى فيه رئيس الوزراء خطابه في القمة صدرت الاوامر للجيش بوقف
العمليات العسكرية او اي نشاط غير ضرورى باستئناء الحالات الامنية
القصوى!! كما صدرت الاوامر بالاستعداد لاعادة الانتشار في الضفة
الغربية وفقا لجدول زمني قد يأخذ تنفيذه اشهر طويلة.. فهو مرتبط
بالأوضاع الأمنية، وبما يجري على الارض، كما قال قائد الجيش الإسرائيلي
في الضفة الغربية قبيل خروجه من منصبه موشية كبلونسكي، ووفقا لذلك فان
مدينة اريحا ستكون اولى تلك المدن التي سيقوم الجيش الاسرائيلي بتسليم
الصلاحيات الامنية فيها للسلطة الفلسطينية (علماً بأن أريحا لم تتعرض
للاحتلال كباقي مدن الضفة).. ورغم ان هذه الخطوة لا تعني اي تغير على
ارض الواقع الا ان اعضاء الوفد الفلسطيني سارعوا الى الترحيب بها عبر
القنوات الفضائية مؤكدين انها البداية فقط. ونقلت القناة الاولى في
التلفزيون الاسرائيلي عن احمد قريع "ابو العلاء"، رئيس الحكومة
الفلسطينية قوله ان الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي قيقتربون من
التوقيع على اتفاق شامل!!
ولكن في الشارعين الاسرائيلي والفلسطيني على حد سواء قوبلت القمة
ونتائجها بشيء من الفتور والقلق بسبب العداء الذي تعمق على مدار سنوات
طويلة.. فهذا العداء لن يتنهي بجرة قلم!
وكيف لكراهية تأصلت في النفوس على مدار السنوات الاربع الماضية ان
تنتهى بمصافحة وابتسامة؟؟
هذه
الاسئلة وغيرها كانت تسبح في سماء المنطقة.. وقالها بصورة واضحة
البروفيسور ايتان بتاللي من جامعة "بار ايلان" والذ ي يعتبر نفسه من
الصهاينة الجديد والذين يطالبون بانهاء الاحتلال: "إنني لا اعتقد ان
القمة ستحقق اية نتائج طالما ان الاحتلال لا زال قائماً، فمن ناحية
يعمل شارون على انهاء الاحتلال في غزة ولكن من ناحية ثانية يعمل على
تعميقه في الضفة الغربية، وهذا لن ينجح. فالحل الوحيد هو انهاء
الاحتلال وليس اقامة الجدار وتوسيع المستوطنات وتحويل الحواجز العسكرية
الى نقاط عبور رسمية...!!
مضيفا انه في جميع انحاء العالم يتم اجراء الاستفتاء للشعوب الخاضغة
للاحتلال وليس للمحتل باستنثاء اسرائيل التي يطالب فيها المحتل
(المستوطنون) باجراء استفتاء!!! داعيا الى عدم خداع النفس بقمم قد تجلب
الهدوء المؤقت ذلك الهدوء الذي سيكون قبل العاصفة.. ولكن هذا الصوت
يعتبر نشازاً في هذه الايام التي يرغب فيها الجميع: فلسطينيون
واسرائيليون باقناع انفسهم بأن طريق المفاوضات يمكن أن تحقق ما لم
تستطع البندقية والمدفع تحقيقة، الا وهو الأمن والهدوء والاستقرار،
ولكن بغياب الثقة واستمرار الشك الذي يخيم على كل الخطوات فالطريق لا
زالت طويلة وهذا ما المح اليه ارئيل شارون في كلمته عندما قال ان على
الفلسطينيين ان يتخلوا عن "احلامهم غير الواقعية"!
السؤال هو هل سيكون الفلسطينيون مستعدون للتخلي عن أحلامهم "غير
الواقعية" (وفق كلام شارون)؟ ومن اجل ماذا؟
(أمين) 08/02/2005
|