يا دكتور نبيل شعث، أوقف رجاء جارودي عن العمل

د. فايز صلاح أبو شمالة

            توجب على الدكتور نبيل شعث، وزير الإعلام الفلسطيني، قبل أن ينتقد كلام خطيب أحد المساجد في قطاع غزة، وقبل أن يطالب وزارة الأوقاف بإقالته من العمل، توجب عليه أن يطرح سؤالاً على أبناء الشعب العربي الفلسطيني، يقول لهم: هل تصدقون ـ وأنا نائب رئيس مجلس وزرائكم ـ ما يسمى بالمحرقة؟ هل حقاً أن ملايين اليهود قد تمت تصفيتهم على يد النازية؟ ما رأيكم يا شعب فلسطين، بكلام الشيخ (إبراهيم السديري) الذي يشكك في ذلك؟ هل اليهود فايروس أصاب أجسادكم أنتم الفلسطينيون، وزاغ وجعه بعقولكم؟ هل مسكم داء التشرد على يد اليهود؟ وهل اليهود مرض ابتلت به البشرية كلها ـ كما وصف ذلك يوماً (مهاتير محمد) رئيس وزراء ماليزيا ـ وانسكب من عيونك دمعاً، وقتل عشرات ألآلاف منكم، وسجن مئات ألآلاف منكم؟ هل ما زال من أولادكم يا شعب فلسطين حتى اليوم 8500 أسيراً في سجون إسرائيل؟ هل خلفت انتفاضة الأقصى بينكم أكثر من ثلاثين ألف جريحاً بالرصاص والقصف الإسرائيلي؟ هل تعانون من اليهود الذي يحاصرونكم في مدنكم وقراكم، هل قتل اليهود أولادكم، هل منعكم اليهود ذات يومٍ من دفن شهدائكم، ومعالجة مرضاكم؟ هل شتت اليهود شملكم، ومزقوا تجمعكم؟ واقتلعوا زرعكم، وأحرقوا شجركم، واغتصبوا أرضكم؟ وحاصروا نسلكم؟ هل صحيح أن اليهود استولوا على بيوتكم وطردوكم حتى اليوم بعيداً عن مدنكم وقراكم؟ هل حقاً تعيشون في مخيمات اللاجئين كل عشرة أشخاص في غرفة واحدة؟ وهل حقاً يقطع اليهود الطريق عليكم من رفح إلى غزة؟ ومن نابلس إلى الخليل؟ هل يمارس اليهود ضدكم الإرهاب، والعنف، والإهانة والذبح؟ هل صحيح أن يد اليهود خفيفة على السلاح المصوب على صدور أبنائكم؟ هل صحيح أن اليهود يرفضون عودتكم إلى بيوتكم في فلسطين المغتصبة، التي أقام عليها اليهود دولتهم العبرية؟ هل أنتم محرومون من الصلاة في المسجد الأقصى، ولا يمكن لمواطن من قطاع غزة الوصول إلى الضفة الغربية والعكس، باستثناء الوزراء والمسئولين؟ هل وهل؟

            بل اطرح يا دكتور نبيل على كل تجمع فلسطيني شريف سؤالاً محدداً، ماذا أخذ منكم اليهود؟ ستسمع الجواب الوحيد، وبصوت واحد؛ أخذ منا اليهود الوطن!!

            وماذا أعطاكم اليهود؟ سيكون الجواب الوحيد، وبصوت واحد، أعطانا اليهود الموت، والدمار، والشتات، وعذاب السجون!

            فكيف تستنكر يا معالي الوزير على المعذب أن يدعو الله هلاك معذبيه؟ وكيف تطالب من الضحية مسح الدم عن سكين الجلاد، وكيف يستهجن على المذبوح شهقة الموت؟

           

            وما دام جواب الغالبية العظمى من شعبنا على الأسئلة السابقة لا يصب في صالح أفكار الدكتور نبيل شعث، لأن المسافة بين أفكار الوزير، وقناعة الشعب العربي الفلسطيني، تقارب المسافة بين السماء والأرض، فإنني أرى أحد أمرين:

            الأول: أن يستبدل الدكتور نبيل شعث غالبية الشعب العربي الفلسطيني بشعب آخر يكون فيه وزير إعلامهم، وينطق بأحلامهم،

            الثاني: أن يستقيل الوزير من مهمة وزير إعلام لشعب لا يتفق مع أفكار غالبيته المطلقة، ويختلف معهم، ويخالفهم الرأي السياسي والاجتماعي، والحياتي.

            إن الشعب العربي الفلسطيني الذي يلزمه الواقع المعاش في مخيمات اللاجئين بالتشكك بمقولة اليهود: أرض بلا شعب في فلسطين، لشعب بلا أرض، يتشكك في أكذوبة اليهود عن المحرقة، لأن من يصدق أكذوبة اليهود عن المحرقة، يؤكد أكذوبة اليهود أيضاً في أن المقاوم الفلسطيني مخرب، وإرهابي، وأن من حق اليهود الحياة بسلام في دولة تقوم على ما اغتصب من أراضي فلسطينية سنة 1948، ولا يحق للفلسطينيين العودة إلى قراهم، ويكفي الشعب الفلسطيني دويلة قزم، ومسخ في ما تبقى من غزة والضفة الغربية.

            استرسالاً للفكرة، وضمن منطق التسليم بكل أكاذيب اليهود، فإن على وزير الإعلام، نائب رئيس الوزراء الفلسطيني أن يبعث برسالة إلى الحكومة الفرنسية لمحاكمة المفكر الفرنسي (رجاء جارودي)، فهو أحد الذين شككوا بما يسمى بالمحرقة، ووصف الدعاية اليهودية بأنها مسممة للعالم، وتهدف إلى توظيف الأحداث بما يخدم مصالح اليهود العليا الذين تحالفوا مع النازية، يقول في كتابة الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية صفحة 76، "كتب المنظّر النازي الرئيس (الفريد روزنبرج): ينبغي مساندة الصهيونية بكل قوة حتى يتسنى نقل مجموعة من اليهود الألمان سنوياً إلى فلسطين"، وكتب رينهارت هيدريش: الصهاينة ينادون بمفهوم عنصري بحت، وبالهجرة إلى فلسطين يساعدون على بناء دولتهم اليهودية الخاصة بهم، ولهم تمنياتنا، وإرادتنا الرسمية"

            وعن نفي المحرقة يقول المفكر الفرنسي (رجاء جارودي) في صحفة 107، "يعترف الدكتور (كيبوفي) من مركز الوثائق في تل أبيب عام 1960،: لا توجد أي وثيقة ممضاة من هتلر، او هيملر، أو هيدريش، تتحدث عن إبادة اليهود، ولا تظهر عبارة " الإبادة" في خطاب جورنج الموجة إلى هيدريش بشأن الحل النهائي للمسألة اليهودية"

            وفي صحفة 119، يقول: كتب أحد القانونيين الأمريكان الذين أرسلوا إلى " داخاو" بعد أن أصبح معسكراً أمريكياً، ومركزاً للمحاكمات ضد جرائم الحرب، يقول: " لقد عشت في داخاو طوال 17 شهراً، بعد الحرب كقاضي عسكري للولايات المتحدة الأمريكية، وأستطيع أن أشهد: أنه لم يكن هناك أي غرف للغاز، وما يعرض على الزائر يقدم بطريقة خاطئة على أنه غرف للغاز، مع أنه محرقة لجثث الموتى "ولم يكن هناك أي غرف للغاز في ألمانيا، وأستطيع أن أؤكد أنه يستخدمون الأسطورة القديمة للدعاية بأن ملايين اليهود قد قتلوا، وبعد ست سنوات أقول: أنه كان هناك الكثير من اليهود الذين قتلوا، ولكن رقم المليون لم يتم بلوغه أبداً، واعتقد أنني مؤهل أكثر من غيري للحديث عن هذا الموضوع" انتهت شهادة الشاهد الأمريكي الغائب.

            فكيف يمكن التنكر لخطيب المسجد الحاضر، والمغمس بالمعاناة، الذي أملى عليه واقعة المعاش أن ينفي أكذوبة المحرقة، ويد اليهود تقطر من دماه، وتضرب وجدانه صباح مساء، إن من حق اليهود تمرير كذبتهم على العالم كله، ويمكن أن تجد من يصدقها، ما عدا العربي الفلسطيني، يقول شاعرنا محمود درويش، متشككاً بكل ما يقال عن إبادة، ومحرقة، لاسيما بعد أن نبت كذب اليهود في سقف حلقه شوكاً:

            (إلى قاتلٍ) لو تأملت وجه الضحية

            وفكرت، كنت تذكرت أمك في غرفة

            الغاز، كنت تحررت من حكمة البندقية

            وغيرت رأيك: ما هكذا تستعاد الهوية!

            إن تذكر اليهودي لأمه في غرفة الغاز مقرون بتأمل اليهودي لوجه الضحية، أي لإثبات الأولى لا بد من تحقق الثانية، ولأن القاتل اليهودي قد خفت يده على البندقية، ولا يتأمل وجه الضحية التي تصرخ ليل نهار، فالشاعر يتشكك في المحرقة، منطلقاً من بديهية أن من مورس ضده التعذيب لا يعذب أحد، ومن تعرض لإهانة لا يحتمل إهانة أحد، ومن ذاق الجوع لا يصبر على رؤية جائع، وبالتالي لو ذاق اليهود الموت الجماعي كما يلفقون، لما مارسوه بهذه الوحشية ضد الفلسطينيين!!!

            فإن كان اعتراضك أيها الوزير يا دكتور نبيل شعث، على خطيب المسجد استجابة لاعتراض اليهود، وصدى لغضبتهم، وتفادياً لحملة ضد السلطة الفلسطينية، فإنني أقترح عليك أن تطالب القاتل بأن يرفع السكين عن رقبة المقتول كي يتوقف عن اتهامه له بالقتل، وأبلغ الإسرائيليين بصفتك الرسمية أن مزاج الشعب العربي الفلسطيني، الذي يشر دمه على لحية اليهود، لن يتحول في يوم وليلة من حاقد على أفعالكم، إلى حبيب لكم، متعبد على حائطكم!!

            وإليك شخصياً هذه الباقة من وجدان شاعرنا محمود درويش، كان قد حصدها من واقع تجربته، لتضعها على مكتبك، تنظر إليها كل صباح، وفيها يقول عن اليهود:

                        المغول يريدوننا أن نكون كما يبتغون لنا أن نكون

                        حفنة من هبوب الغبار على الصين، أو فارس، ويريدوننا

                        أن نحب أغانيهم كلها كي يحل السلام الذي يطلبون

                        سوف نحفظ أمثالهم، سوف نغفر أفعالهم، عندما يذهبون

                        مع هذا المساء إلى ريح أجدادهم، خلف أغنية السنديان.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع