21 نيسان 2004

رواتب التشريعي ورواتب المعلمين

بقلم: د. عبد الستار قاسم*

فجأة طلعت علينا الأنباء المحلية باقتراح أو مشروع قانون تحديد رواتب أعضاء مجلسي التشريع والوزراء. راتب عضو المجلس الآن 8600 شيكل، أو حوالي ألفي دولار. يقترح المشروع أن يصبح الراتب ثلاثة آلاف دولار، بزيادة 35%. اجتمع المجلس التشريعي لمناقشة عدد من القضايا ولم يكن الراتب مدرجا أصلا على جدول الأعمال. تم طرح القضية على المجلس، وتم إقرار المشروع في القراءتين العامة والأولى. وينص المشروع أن يحصل العضو على تقاعد بقيمة 12.5% من راتبه عن كل سنة خدمة ولغاية 80% من الراتب. أي يحصل العضو على 50% من الراتب بعد أربع سنوات من الخدمة في المجلس. هذا فضلا عن امتيازات أخرى.

تحرص الدول على تقدير النفقات المتوقعة لعضو المجلس التشريعي لكي تنصفه وحتى لا يتعرض للإفلاس بسبب نفقات مترتبة على المنصب. لكن الأمر لا يترك فقط لأعضاء التشريعي ليقرروا رواتبهم، بل تشترك في تقديره جهات محايدة ونزيهة حتى تضمن عدم استغلال المنصب.

من الصواب، بل من اللازم تحديد رواتب أعضاء التشريعي والوزارة وأيضا راتب الرئيس قانونيا وأن يتم إعلان ذلك على الملأ. مشروع القانون هذا متأخر، لكن استغلال المنصب فيه واضح جدا. كما أن مشروع القانون لا يتضمن راتب الرئيس.

من المهم الإشارة هنا إلى أن أغلب أعضاء المجلس التشريعي لم يفوا بوعودهم الانتخابية التي قطعوها للناس أثناء حملتهم الانتخابية، وكثيرون منهم أداروا ظهورهم للناس بعد أن "فازوا"، وغيرهم حصلوا على أموال لا حق لهم بها، أما البعض فوظيفته تقديم لوائح بمساعدات لأفراد لا يستحقون من الرئيس. عدد قليل منهم وقفوا إلى جانب الناس وحاولوا معالجة قضاياهم بأمانة. حتى أن المجلس التشريعي أعطى الثقة لفاسدين، وبعض أعضائه شاركوا بمهام تنفيذية وبنشاطات تطبيعية مع اليهود الصهاينة.

بالمقارنة، يكاد المعلم الذي من المفروض أن يكون رسولا أن يأكل نفسه من قلة المال. سنوات طويلة ومريرة من شح المال وضآلة الراتب. مهمة المعلم في بلادنا صعبة جدا وأهم بكثير من مهمة عضو المجلس التشريعي. إن ما قام به المجلس التشريعي (مع الاحترام لبعض الأعضاء) من جهود حتى الآن من أجل تحرير الوطن وكنس المستوطنين ورفع العلم الفلسطيني على مآذن القدس لا يستحق راتب المعلم. أما ما يقوم به المعلم من جهد فبالتأكيد يستحق راتب عضو المجلس التشريعي.

يطالب المعلمون منذ سنوات طويلة الاحتلال والسلطة من أجل رفع الراتب، لكن مرارة العذاب الذي يمرون فيه مع كل مطالبة تتغلب في الميزان على ما يحصلون عليه من زيادة. هذا فضلا عن الاعتقال الذي يتعرض له البعض ومن نكد عناصر أجهزة الأمن التي تتغلغل في الصفوف من أجل تخريب الإضراب.

أعتقد أن الأولوية الآن للمعلمين وللعاملين الذين ينتجون وكذلك لمخصصات ذوي الشهداء والأسرى والمعتقلين

*أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية- نابلس، ومرشح الرئاسة الفلسطينية.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع