القصّة الكاملة لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينيّة

 

فلسطين - خاص  

 

لم يكن أكثر المراقبين للساحة الفلسطينية يتوقّعون النتائج الدراماتيكية التي أفضت إليها نتائج صناديق الاقتراع الخاصة بالانتخابات الرئاسية الفلسطينية التي جرت الأحد الماضي . فوزٌ صريحٌ لمحمود عباس مرشّح حركة "فتح" و الفارق بينه و بين أقرب منافسيه – مصطفى البرغوثي - تجاوز الـ 40 % ، فيما توزع فتات الأصوات المتبقية على خمسة مرشحين بينهم مرشّح عن الديمقراطية و ثانٍ عن حزب الشعب و البقية مستقلون .

62 % لمحمود عباس ، نتيجة كبيرة عند النظر إليها كنسبةٍ مئوية ، لكنها عند التفحص بعيون من يحسنون قراءة لغة الأرقام لا تعني الكثير في ظلّ ارتفاع نسبة الإحجام عن التصويت .

المركز الفلسطيني للإعلام اختار خطاً خارج نصّ التصفيق و التهليل و اختارت العزف منفردة على أنغام الأرقام لتقدّم للقارئ النتائج الحقيقية بصدقٍ و موضوعية و بالاستناد إلى الدليل و عبر لغة الأرقام التي لا تعترف بالعواطف ...

 

النتائج في أرقام :

فقد عقد الدكتور حنّا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية مؤتمراً صحافياً ظهر الإثنين الماضي و أعلن فيها عن نتائج الانتخابات .. و قال إنّ المرشّحين السبعة للانتخابات الرئاسية الفلسطينية قد حصلوا على النتائج التالية:

1.     د. مصطفى البرغوثي (مستقل) : 153516 صوتاً (19.8 %) .

2.     محمود عباس (فتح) : 483039 صوتاً (62.39 %) .

3.     بسام الصالحي (حزب الشعب) : 20848 صوتاً (2.69 %) .

4.     تيسير خالد (جبهة ديمقراطية) : 27118 صوتاً (3.5 %) .

5.     عبد الكريم شبير (مستقل) : 5874 صوتاً (0.76 %) .

6.     عبد الحليم الأشقر (مستقل) : 20774 صوتاً (2.68 %) .

7.     سيّد بركة (مستقل) : 9809 صوتاً (1.27%) .

و أضاف ناصر الذي تناقلت وسائل الإعلام بشكلٍ واسعٍ مؤتمره الصحافي أنّ هذه النتائج هي تحصيل جمع الأصوات في جميع مراكز الاقتراع البالغ عددها 2883 مركزاً في الضفة الغربية و قطاع غزة و محافظة القدس و هي بالتالي نتائج شبه نهائية .

و بحسب ناصر أيضاً فقد بلغ عدد الأوراق الملغاة في الصناديق 29366 تمثّل 3.79 % من الأصوات ، أمّا الأوراق البيضاء فتبلغ نسبتها 3.2 % و تمثّل 24806 أوراق , أي أنّ مجموع الأوراق الملغاة هو 54172 و تمثّل نسبة 3.99% .

و بقراءة بسيطة للنتائج و مقارنة الأرقام الواردة بها مع الأرقام المعلنة من قبل اللجنة المركزية للانتخابات نجد أنّ نسبة التصويت وصلت إلى 44 % فقط إذا حسبت الأوراق الملغاة ، و في حال إزالتها و إسقاطها من الحسابات تصل النسبة إلى 40 % فقط , حيث سبق و أعلن الدكتور رامي حمد الله أمين عام لجنة الانتخابات المركزية أنّ عدد أصحاب حقّ الاقتراع هو 1757756 ناخباً لم يصوّت منهم إلا 775146 ، أي ما نسبته 44 % في حين امتنع عن التصويت 982610 مواطنين من أصحاب حقّ الاقتراع ، أي ما نسبته 66 % و هذا يعني أنّ نسبة المقاطعين للانتخابات أعلى بكثير من نسبة المشاركين و هو ما ينسجم مع تجاوب الناس بصورة أكبر مع الفصائل المقاطعة و على رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس و الجهاد الإسلامي و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .

و بقسمة الأصوات التي حصل عليها مرشّح "فتح" أبو مازن 483039 على عدد الأصوات الكلية لأصحاب حقّ الاقتراع 1757756 نجد أنّ "أبو مازن" قد حصل فقط على 27 % من أصوات أصحاب الحقّ بالاقتراع رغم إصرار الجهات الإحصائية و المعلوماتية الفلسطينية على تجاوز كلّ الأرقام و تقديم رقمٍ مقدّس يقول إنّ "أبو مازن" فاز بـ 62 % من الأصوات و هو نفس الأسلوب الذي حاولت حركة "فتح" استخدامه للتغطية على هزيمتها في الانتخابات المحلية ..

 

تزوير و طعونات :

و مرّة أخرى بالعودة إلى أوراق المصوّتين نجد أنّ نسبة المصوّتين نفسها هي أيضاً محل شكوك و تساؤل و طعونات من قبل المواطنين و المراقبين و المرشّحين – باستثناء الفائز عباس - .. و يكشف العديد من المراقبين المحليين و المتابعين لسير الانتخابات عن العديد من التجاوزات و الاختراقات لسير العملية الانتخابية و من أهمّ تلك الاختراقات :

1.     تمديد فترة الاقتراع حتى الساعة التاسعة مساء بواقع ساعتين حيث كان يفترض أن تغلق المراكز أبوابها الساعة السابعة لتبدأ عملية الفرز .

2.     استخدام صنفين من الحبر الخاص المستخدم لمنع تكرار التصويت بحيث يمكن مسح نوعٍ منه فيما لا يقبل الآخر المسح .

3.     السماح بالتصويت فقط لحامل الهوية بغض النظر عن وجود اسمٍ له في السجل المدني أو الانتخابي أم لا .

4.     رصد باصٍ يقلّ (50) ناخباً انتقل من مركز اقتراع في طوباس إلى آخر في جنين حيث تم التصويت في المرتين مرة حسب السجل المدني و أخرى حسب السجل الانتخابيّ .

5.     السماح للمواطنين من محافظات الضفة للتصويت في غير محافظاتهم ، و هذا مخالف للقانون الذي يقول إنّ كلّ مواطن يحقّ له التصويت فقط في المركز المخصّص له و أنّ اسمه لن يظهر إلا في قاعة واحدة من قاعات الوطن الكثيرة .

و يلخّص مرشّحا الرئاسة د. مصفى البرغوثي و تيسير خالد مرشّح الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، الخروقات التي وقعت في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية ، عندما تمّ تمديد فترة الاقتراع لساعتين و كذلك السماح لمن يحمل هوية بغضّ النظر عن عمره بالتصويت ، معتبرين ذلك خرقاً واضحاً لقانون الانتخابات الفلسطينية .

كما تقدّم مركز حقوقيّ فلسطيني بطلب استئنافٍ لدى محكمة استئناف قضايا الانتخابات الفلسطينية ، لاستصدار قرارٍ قطعيّ بإلغاء قرار لجنة الانتخابات المركزية القاضي بالسماح للمواطنين بالاقتراع باعتماد بطاقات الهوية.

و قال الدكتور مصطفى البرغوثي ، المرشّح المستقل في الانتخابات الفلسطينية إنّ : "ما جرى أمس من تمديد لعملية الاقتراع ساعتين ، يعتبر خرقاً واضحاً لقانون الانتخابات الفلسطيني" ، مشيراً إلى أنّ لجنة الانتخابات المركزية تعرّضت لضغوطاتٍ جمّة من قبل مرشح إحدى الفصائل ، لتمديد التصويت ، و أضاف : "هذا غير جائز و هو عبث بالقانون ، و قد أثّر بشكلٍ كبيرٍ على النتائج" .

و أضاف : "التنافس كان قوياً ، و الانتخابات سارت على نحوٍ جيّدٍ إلى أنْ تم تمديد فترة التصويت بساعتين ، و السماح لمن يحمل الهوية بالاقتراع ، و المشاكل الكبيرة في السجل المدنيّ ، جميعها تثير الشكوك بأنّ كثيرين صوّتوا مرتين ، و أنّ تلاعباً قد حدث ، لذلك فاللجنة القانونية عندنا سوف تنظر في هذه الخروقات التي أثّرت بشكلٍ كبيرٍ على النتائج ، و سنقدّم اعتراضنا عليها" . و توضّح تصريحات البرغوثي حجم مأزق الشفافية الذي عانت منه الانتخابات الرئاسية , فالبرغوثي تحدّث قبل النتائج عن 30 %  في حين وصلت نسبته إلى 19.8 % فقط حسب معطيات اللجنة المركزية .

 

التصويت بالهوية ... دعوة لتزوير الانتخابات :

من جهته أعلن ناطق بلسان الحملة الانتخابية لمرشّح الرئاسة تيسير خالد أنّ الممثّل العام للحملة سجّل احتجاجاً رسمياً على قرار السماح لكلّ من يبرز هوية شخصية بالتصويت في أيّ مركزٍ من مراكز السجل المدني دون أن يكون اسمه مدوّناًً في سجل الناخبين .

و أكّد الممثّل العام في بيانٍ له أنّ هذا الإجراء يفتح الباب واسعاً للتلاعب و التزوير من خلال تكرار التصويت ، و أنّ حيثيات اتخاذه غير مبررة و غير مقنعة و هي بذاتها تكشف أنّ قرار إضافة السجل المدني إلى جداول الناخبين المسجلين كان قراراً خاطئاً يقود إلى الفوضى و يفسح المجال للتلاعب و التزوير على أوسع نطاق كما كان متوقعاً .

و دعا الممثّل العام إلى إعادة النظر بهذا القرار و ذلك حرصاً على الصورة المشرقة التي حافظ عليها شعبنا حتى الآن بالعملية الديمقراطية الرائعة التي مثّلتها الانتخابات و التي يتهدّدها هذا الإجراء الأخير بالتشويه و بتلطيخ سمعة الشعب الفلسطيني و صورته أمام الرأي العام العالميّ .

 

طلب بالاستئناف :

و تقدّم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان باعتباره هيئة رقابة محلية معتمدة من قبل لجنة الانتخابات المركزية ، مساء الأحد الموافق 9 يناير 2005 ، بطلب استئنافٍ لدى محكمة استئناف قضايا الانتخابات الفلسطينية ، لاستصدار قرارٍ قطعيّ بإلغاء قرار لجنة الانتخابات المركزية القاضي بالسماح للمواطنين بالاقتراع باعتماد بطاقات الهوية و كلّ ما يترتب عليه من إجراءات باطلة لمخالفته نصوص القانون و أحكامه .

و في طلبه ، أشار المركز إلى أنّه و بالاستناد للتقارير الواردة من مراقبيه الميدانيين المنتشرين في مختلف الدوائر الانتخابية في قطاع غزة ، علم المركز أنّ لجنة الانتخابات المركزية أصدرت قراراً سمحت بموجبه للمواطنين بالإدلاء بأصواتهم استناداً لبطاقات الهوية دون أيّ اعتبارٍ لورود أسمائهم في سجلات الناخبين .

و اعتبر المركز أنّ هذا القرار مخالفٌ للقانون و أحكامه و يشكّل مساساً و ضرباً لجوهر أحكام القانون و الديمقراطية ، استناداً لقانون الانتخابات رقم 13 لعام 1995 و تعديلاته ، حيث اعتمد هذا القانون سجلّ الناخبين إلى جانب سجل الأحوال المدنية كسجلّين معتمدين لغايات إعداد السجل الانتخابي النهائي بهدف تحديد من لهم الحقّ في التصويت و الترشيح حصراً ، و لم يأتِ على ذكر اعتماد بطاقات الهوية .

و طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المحكمة في طلب الاستئناف بإصدار قرارها القطعي بإلغاء قرار لجنة الانتخابات المركزية القاضي بالسماح للمواطنين الاقتراع بواسطة بطاقات الهوية و كلّ ما يترتّب على هذا القرار من إجراءاتٍ باطلة .

 

و فيما يلي نص رسالة الممثل العام لمرشح الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ..

"الأخوة/ لجنة الانتخابات المركزية المحترمون ..

تحية و بعد ؛

نودّ بهذا أنْ نسجّل احتجاجنا الرسمي و اعتراضنا على قرار السماح لكلّ من يبرز هوية شخصية بالتصويت في أيّ مركزٍ من مراكز السجل المدني دون أن يكون اسمه مدوّناً في سجل الناخبين . إنّ هذا الإجراء يفتح الباب واسعاً للتلاعب و التزوير من خلال تكرار التصويت ، الأمر الذي يلحق إساءة بالغة بصورة الانتخابات و نزاهتها . إنّ تبرير هذا الإجراء بحجّة أنّ عدداً من الناخبين لم يجدوا أسماءهم في السجل المدني هو أمرٌ مؤسِف و غير مقنع و هو يكشف أنّ قرار إضافة السجل المدني إلى جداول الناخبين المسجلين كان من البداية قراراً خاطئاً يقود إلى الفوضى ، كما كان متوقعاً ، و يفسح المجال للتلاعب و التزوير . إنّ الإصرار على هذا الإجراء هو وصمةٌ تشوّه صورة الانتخابات التي حرصنا جميعاً حتى الآن على سلامتها و الحفاظ على إشراقها .

مع التقدير و الاحترام

تيسير خالد

مرشح الجبهة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الفلسطينية" ..

 

تلاعب إعلاميّ :

و كشفت مصادر فلسطينية داخل اللجنة المركزية للانتخابات أنّ تعليماتٍ مشدّدة وصلت إلى اللجنة بعدم نشر أيّ أرقامٍ عن نسب الاقتراع الحقيقية داخل مراكز الاقتراع ، و قالت المصادر إنّ جميع المراكز سترفع نسب الاقتراع إلى لجنة الانتخابات المركزية في رام الله لتقوم بالتصرّف وفق التوجيهات التي وصلتها .

و قالت هذه المصادر إنّ تلاعباً إعلامياً مقصوداً سيتمّ إخراجه قريباً للإيحاء بشدّة الإقبال على المشاركة في التصويت لانتخابات رئاسة السلطة لا سيّما أنّ بعض وسائل الإعلام و لا سيّما فضائيات بعينها يُعتبر العاملون فيها من المقربين لحركة "فتح" مهّدت لذلك دون أن تأتي بصورٍ تثبت هذا الأمر مما اعتبره بعض المراقبين خللاً يضرب مصداقية الإعلام .

و قالت هذه المصادر إنّ التلاعب سينبني على جمع نسب السجلّ الانتخابي و السجل المدني معاً بحيث يصل مجموعهما إلى نسبة 71 % علماً أنّ مصادر داخل اللجنة المركزية تؤكّد أنّ نسبة الاقتراع حسب السجل الانتخابي لا تكاد تزيد عن 20 % ، فيما أكّدت مصادر داخل اللجنة أنّ ثمة أرقاماً رسمية تؤكّد أنّ نسبة الاقتراع العامة للسجلين أقلّ من 45 % . علماً أنّ معظم أصوات السجل المدني ثم الانتخاب عبر بطاقة الهوية كانت لمحمود عباس و تحديداً في فترة تمديد الاقتراع إلى ساعتين فوق الموعد المقرّر للتصويت بحجّة الحواجز الصهيونية بينما كان السبب الحقيقي هو في ضعف الإقبال .

و تحاول اللجنة المركزية للانتخابات القفز على حقائق الأرقام و التعاطي مع رقمٍ مقدّسٍ وحيدٍ دون الخوض في التحليلات و التفسيرات ، و هي تؤكّد فقط أنّ نسبة التصويت هي 70 % و أنّ 62 % صوّتوا لأبي مازن , بل و رفض متحدّثٌ باسم اللجنة في حديثٍ مع إحدى الإذاعات المحلية في الضفة الغربية أن يقول كلمة واحدة تعليقاً على تلك الأرقام , و يقول أحد المراقبين : "إنّ اللجنة و المؤسّسات القريبة من فتح تحاول إبراز الصورة النهائية دون تفاصيلها و هي يمكنها أن تخدع المواطن البسيط جداً ، أمّا المواطن الذي يعاني فقط من البساطة فلا يمكنها خداعه ، فما بالكم بإنسانٍ يمكنه حمل ورقة و قلم و يتقن فقط عمليات الجمع و الطرح و الضرب و القسمة , إذا تعامل هذا الشخص مع الأرقام سيجد أنّ (فتح) هزمت دون منافسة من أحد" .

 

تأجيلٌ متواصل :

و في محاولتها لتجاوز انخفاض نسبة التصويت أجّلت لجنة الانتخابات المركزية الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية لمرتين متتاليتين . و كان من المقرر أنْ تعقد لجنة الانتخابات مؤتمراً صحافياً صباح الإثنين للإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات إلا أنّها أجّلته إلى الساعة الثانية عشرة ظهراً ثمّ مددته ساعتين إضافيتين .

و قالت مصادر مطلعة إنّ السبب الرئيسي في هذا التأجيل هو تدنّي نسبة التصويت و المشاركة في الانتخابات الرئاسية ، حيث وصلت حسبت التوقّعات إلى أقلّ من 50 في المائة . و أشارت المصادر ذاتها إلى أنّ لجنة الانتخابات المركزية و بتدخّل – على ما يبدو –مسؤولين فلسطينيين كبار في السلطة الفلسطينية تعمل على غربلة عدد الناخبين في السجل المدني . و بحسب الأرقام التي أعلنتها لجنة الانتخابات أمس فإنّ عدد من يحقّ له الاقتراع في السجل المدني هو 700 ألف ناخب و ناخبة ، شارك 70 ألف منهم فقط في  الاقتراع ، أي بنسبة 10 % .

و بحسب اللجنة فإنّ عدد المسجّلين في سجلّ الانتخابات الذي أعدّته اللجنة يبلغ مليون و 100 ألف ناخبٍ و ناخبة شارك 70 في المائة منهم في الانتخابات . و في عمليّةٍ حسابيّة بسيطة نجد أنّ مجموع من يحقّ لهم الاقتراع هو مليون و 800 ألف ناخبٍ و ناخبة شارك منهم فعلياً في الانتخابات أقلّ من 800 ألف ناخبٍ و قاطع أكثر من 900  ألف ، و بهذا تكون نسبة المشاركة أقلّ من 50 في المائة .

و قالت مصادر مطلعة إنّ اللجنة عملت منذ ساعات الصباح و بالتنسيق مع جهات في السلطة على شطب أكثر من نصف مليون اسمٍ مسجّلين في السجل المدني بحجّة أنّه قديم و غير دقيق . من جانبه قال حنّا ناصر إنّ اللجنة المركزية اضطرت إلى تمديد ساعات الاقتراع بسبب مشاكل ظهرت في السجل المدني و الذي يتضمّن 700 ألف ناخب لم يقترع منهم سوى 70 ألفاً . و أكّد ناصر أنّ اللجنة قرّرت السماح لمن لا تظهر أسماؤهم في السجل المدني بالاقتراع بعد إظهار الهوية الشخصية في المراكز المخصصة للسجل المدنيّ .

و ذكر ناصر أنّ اللجنة اضطرت إلى اتخاذ القرار بالإجماع بعد مشاوراتٍ استمرّت ساعتين و تلقّيها أكثر من 15 ألف مكالمة من أشخاصٍ لا تظهر أسماؤهم في السجل المدنيّ . و أكّد ناصر أنّ اللجنة قرّرت السماح لهؤلاء بالاقتراع بعد تسجيل اسمه الرباعيّ و رقم الهوية ، حيث ستقوم اللجنة بتدقيق السجلات ، و إذا ما ظهر تصويتٌ أكثر من مرّة فإنّه سيعاد الصندوق ، و قد يستغرق هذا ساعاتٍ أو أياماً .

و ذكر ناصر أنّ الانتخابات تمت بنزاهة و حكمة كبيرة ، و لكن إذا تبيّن وجود مخالفاتٍ و لدينا أدواتٌ لكشف هذا فإنّنا لن نقدم أية أرقام أو نتائج إلا بعد التأكّد و فحص كلّ ذلك . و عن القدس المحتلة قال ناصر إنّ اللجنة سيّرت الانتخابات هناك بصعوبة كبيرة ، و بحسب بروتوكول انتخابيّ عقدته السلطة من الجانب (الإسرائيلي) عام 1995 ، و لم تتدخّل اللجنة في هذا البرتوكول سيّء الصيت بل نفّذته .

و قال ناصر إنّ : "سير الانتخابات كانت جيّدة بحسب السجل الانتخابي الذي كان مميّزاً ، و بعد الساعة الحادية عشر صباحاً تواردت أكثر من 15 ألف مكالمة من أشخاصٍ أسماؤهم غير ظاهرة في السجل المدني فقرّرنا تمديد الاقتراع ساعتين و الاقتراع بالهوية فشارك في الاقتراع بعد هذا القرار نحو 30 ألف شخصٍ ليصل المقترعون من السجل المدني إلى 70  ألف شخصٍ من 700 ألف ناخب" ..

 

تضليل إعلاميّ لا تفويضٌ شعبي :

و ترى مصادر صحافيّة من مدينة جنين بالضفة الغربية أنّ عملية الفرز كانت سريعة  و دون عناء لسببين : الأول هو وجود مرشّحٍ مركزيّ واحد حصل على أعلى الأصوات و هو السيد أبو مازن ، و الثاني أنّ نسبة الاقتراع كانت متواضعة للغاية ، و لم تصل سقف الـ 50 % علماً أنّ كثيراً من دساتير العالم تقوم بإجراء جولة ثانية من الانتخابات حينما لا تصل نسبة التصويت سقف الـ 50 % .

و ترى تلك المصادر أنّه كما في كلّ انتخاباتٍ تفصّل المخارج الإعلامية بكلّ دقّة لكي تكون الإجابة جاهزة لكلّ طارئ ، حتى أنّ التمييز بين ما هو لجنة لكلّ الشعب ، و لجنة لفصيل لم يعدْ واضحاً ، بل متداخلاً في الصلاحيات و الشخوص . و ليست حكاية المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية عنّا ببعيدة . إذ تشير صناديق الاقتراع لدى إقفالها يوم الأحد إلى أنّ نسبة التصويت في مراكز السجل الانتخابي تراوحت بين ال60 - 70 % ، و بمجموعها كما قالت لجنة الانتخابات وصلت إلى 71 % ، و أعلنت النتائج على هذا النحو . و لكنّ هذه نصف الحقيقة ، فلماذا تخفي لجنة الانتخابات المركزية النصف الآخر ؟! .

لقد تمثّل نصف الحقيقة الآخر في نسبة الاقتراع في السجل المدنيّ المكمّل انتخابياً للسجل الانتخابي ، حيث كانت نسبة التصويت في مراكز السجل المدني متدنيّة للغاية و تراوحت بين 10 - 15 % في معظم الأحيان . علماً أنّ السجل الانتخابي يمثّل 71 % ممن يحقّ لهم الاقتراع من سكان الضفة و القطاع ، فيما يمثّل السجل المدني الـ 29 % المتبقية . و بحسب الأرقام الأوليّة لدى لجنة الانتخابات المركزية نسبة الاقتراع العامة تراوحت بين 45 - 47 % و ذلك عند دمج السجلين مع بعضهما ، بمعنى أنّ نسبة المقترعين من أهالي الضفة و القطاع هي قرابة الـ 47 % فقط

 

لقد فاز السيد أبو مازن و هذه حقيقة قبل الانتخابات و بعدها . و من الواضح أنّه لم يكن لأيّ مرشّحٍ مستقلّ القدرة على خوض منافسة حقيقية أمام مرشّح حركة "فتح" . و لا يملك أحدٌ التشكيك في هذا الفوز من الناحية العمليّة . و لكن النقد اللاذع يوجّه في هذا المقام إلى لجنة الانتخابات المركزية . التي يبدو من معطياتٍ كثيرة أنها لا تحترم شعبها . و لا حتى نفسها .

ففي مؤتمر صحافيّ عاجلٍ لإعلان النتائج الأولية للاقتراع عقب إغلاق المراكز ليلة أمس قال الدكتور حنّا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية : "إنّ نسبة الاقتراع في السجلّ الانتخابي بلغت 71 %  أمّا السجل المدني فكانت متدنيّة للغاية و يوجد به العديد من الإشكالات" !! .. فلماذا لم يجرؤ الدكتور حنا ناصر أنْ يعلن كما يتمّ الإعلان في العرف الانتخابي في أيّ دولة في العالم ؟! .. أمّا مراسل إحدى الفضائيات فكان على هذا المنوال ، لأنّ القول إن نسبة التصويت العامة أقلّ من 50 % سيكون أكثر جذباً من فوز السيد محمود عباس .

و هنا يمكن القول أيضاً إنّه إذا كانت نسبة التصويت في الضفة الغربية و القطاع بهذا الحجم ، فكيف إذا قيست بمجمل أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات و الداخل ، عند ذلك سيكون السيد محمود عباس قد حصل على ما يقارب الـ 10 % فقط من مجمل الشعب الفلسطيني ، و هل يجوز في هكذا حالة القول إنّ هذا تفويض من الشعب ؟؟؟ .

و من النقاط الأخرى التي أثيرت ليلة أمس من أجل التشويش على هذه النسبة ما قيل حول أنّ السجل المدني هو سجلّ تسلّمته السلطة الفلسطينية من "إسرائيل" و يحوي الكثير من الأخطاء و الأسماء المترجمة من العبرية !! ، و هذا كلام عارٍ عن الصحة بتاتاً . فبدايةً كان الحديث في بداية فترة التحضير للانتخابات حاداً بين الفصائل مجتمعة و لجنة الانتخابات المركزية حول اعتماد السجل المدني بدل التسجيل لقاعدة بيانات انتخابية ، لأنّ السجل المدني يشمل مجمل أبناء الشعب ، و المطلوب هو فقط تهذيبه و تنقيحه و مراجعته دون الدخول في عناء التسجيل ، و قد طالبت الفصائل مجتمعة بذلك بشدّة . إلا أنّ لجنة الانتخابات المركزية أصرّت على موقفها من ضرورة اعتماد سجلّ الناخبين الذين سيسجّلون أسماءهم في فترة محددة من 4/9/2004 و حتى 7/19/2004 . ثم مدّدت الفترة و في المحصلة النهائية سجلّ الـ 71 % من المواطنين نتيجة جهد فصائل المقاومة و في مقدّمتها حماس التي بذلت جهداً مميّزاً في حثّ الناس على التسجيل . و بعد انتهاء فترة التسجيل و نتيجة ضغوطٍ مورست على لجنة الانتخابات المركزية و المجلس التشريعي قام المجلس التشريعي باعتماد السجل المدنيّ كقاعدة بيانات للانتخابات ، و ضرب بعرض الحائط بكلّ قراراته السابقة التي ناقضت ذلك . و ثارت حفيظة الفصائل التي أحسّت بأنّ المسألة برمتها عملية مزاجية و أنّ القانون ما هو إلا ألعوبة بيد بعض الفئات ، إن خدم مصالحها فأهلاً و إن أعاق ذلك فيمكن تغييره بجرّة قلم . و من تصاريف القدر التي يمكن أنْ تُقال حول ذلك إنّ المجلس التشريعي حين أقرّ اعتماد السجل المدني أقرّ القراءات الثلاث الواجبة لإقرار القانون في جلسة واحدة !!! .

و رغم كلّ ذلك ، فقد جرت الانتخابات البلدية للمرحلة الأولى بناءاً على هذا التصنيف ، مراكز للسجل الانتخابي دونما تغيير في آلية عملها ، و مركز خاص في كلّ تجمّعٍ سكانيّ للمسجلين في السجل المدني ممن لم يسجلوا في السجل الانتخابي . و أخرجت نسبة الاقتراع و أعلنت في الانتخابات البلدية من مجموع السجلين و هذا هو العرف و القانون في هكذا حالة و لم يكن حينها أية تحفظات من قبل لجنة الانتخابات المحلية حول السجل المدني . فلماذا يتمّ إغفال نتيجة السجل المدني في الانتخابات الرئاسية و تكون محاولة الالتفاف عليها ؟؟!! .

و إلى جانب ما سبق يمكن الحديث أيضاً عن خروقات ليست بالهينة ، فبعد أنْ تبيّن ضعف إقبال الناخبين على مراكز الاقتراع تم تمديد فترة التصويت ساعتين إضافيتين ، و لم تكن المشكلة في ذلك ، بل الخرق الواضح كان في السماح لمن يحملون هويات و ليسوا مسجلين في السجل المدني و لا سجل الناخبين بالتصويت ، و هذه في العرف الانتخابيّ جريمة ، إضافة إلى خروقات أخرى حصرتها المؤسسات الحقوقية و لجان الرقابة .

إنّ ما سبق من معطيات ليست موجّهة إلى السيد أبو مازن ، فلقد فاز السيد أبو مازن دون شكّ ، و أعلنت فصائل المقاومة أنها ستتعامل معه كما كانت تتعامل مع الرئيس الراحل ياسر عرفات ، و لكن هذه المعطيات توجه إلى لجنة الانتخابات المركزية التي تأبى إلا أنْ تكون إطاراً حزبياً ضيّقاً و ليست لجنة تمثّل كلّ الشعب و الأطر ، لتتحوّل إلى بوق دعاية لا أكثر .

ألم يحن بعد الوقت الذي تتعامل فيه المؤسسات الفلسطينية سواء أكانت أهلية أو حكومية مع مواطنيها باحترامٍ و شفافية و دون إسفاف ؟ أليس من حقّ المواطن البسيط على مرؤوسيه أن يكونوا صادقين معه و قد بذل ما بذل و قدّم ما قدّم في مشروع التحرير العظيم ؟ .

 

مراقبون دوليون : قرار السماح بالتصويت لغير المسجّلين فتح المجال أمام التزييف و التلاعب في الانتخابات الفلسطينية

طعن مراقبون دوليّون و فلسطينيون بنزاهة الانتخابات الفلسطينية ، التي أفرزت فوز مرشّح حركة "فتح" محمود عباس "أبو مازن" رئيساً للسلطة الفلسطينية ، خلفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات . و قالت "مود جوسيه" ، منسقة اللجنة الأهلية لرقابة الانتخابات ، و نائبة رئيس المراقبين الدوليين و المتطوّعين ، إنّ اللجنة سجّلت الكثير من الخروق ، تشكّك في نزاهة الانتخابات ، لا سيّما فيما يتعلّق بتمديد وقت التصويت لمدة ساعتين ، و السماح بالتصويت عن طريق بطاقة الهوية .

و أضافت جوسيه ، و هي فرنسية الجنسية ، في مؤتمرٍ صحافيّ عقدته في غزة أنّ سوء إدارة قوائم السجل المدنيّ قد سبّب بعض الإشكاليات و تشويشات عامة على العملية الانتخابية . و قالت إنّ لجنة الرقابة على الانتخابات لا ترى أنّ هناك دليلاً جيّداً على الأسباب التي قدّمتها لجنة الانتخابات المركزية لتمديد التصويت حتى الساعة التاسعة .

و أوضحت أنّ القرار بالسماح للمواطنين بالتصويت ، دون أن يكونوا مسجّلين ، سواء على القوائم الانتخابية ، أو السجل المدنيّ ، فتح المجال أمام مخاطر التزييف و التلاعب في الانتخابات ، و سبّب ازدحاماً و تشويشاً كبيراً ، في الكثير من محطات الاقتراع ، بالإضافة إلى كونه اتخذ دون تبليغ الأطراف المعنية .

من جهته تلا شريف أبو وطفة منسق اللجنة في غزة البيان المشترك الصادر عن اللجنة الأهلية لرقابة الانتخابات و المراقبين الدوليين و المتطوّعين من المنظمات الأوروبيّة غير الحكومية بشأن الانتخابات الرئاسيّة . و تطرّق أبو وطفة إلى الانتهاكات الصهيونيّة ، من خلال عدم إيفاء حكومة الاحتلال بتعهّدها تسهيل إجراء الانتخابات ، لا سيّما في القدس المحتلة ، و منع ثمانية آلاف معتقل فلسطينيّ من الإدلاء بأصواتهم ، و إطلاق النار على مراكز اقتراع .

و قال إنّ الشعب الفلسطيني كان يستحقّ انتخاباتٍ نزيهةً و علنية ، تشكّل نسبة كبيرة من الشفافية ، معتبراً أنّ هذه الانتخابات كانت مرضية . و أضاف أنّ ساعات الصباح شهدت التزاماً 100 في المائة ، حتى الساعة السادسة ، بالمعايير الدولية لانتخابات نزيهة ، حيث تمّ اتخاذ قرارين عكس هذا الالتزام ، تمثّلا بتمديد وقت التصويت لمدة ساعتين ، و السماح لأيّ مواطنٍ بالتصويت ، من خلال البطاقة الانتخابية .

و بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات صدرت العديد من ردود الأفعال المحلية و العربية و الدولية , فقد أعلن أبو مازن أمام المئات من أنصاره في مقرّ بلدية البيرة فوزه في الانتخابات الرئاسية ، و قد خرج المئات من أنصار "فتح" يحملون صور أبو مازن و يطلقون الأعيرة النارية في الهواء إلى شوارع رام الله و البيرة احتفالاً بالفوز ..

 

حماس : الانتخابات جرت في غياب التنافس و النتيجة لم تفاجئنا

من جانبه قال الأستاذ إسماعيل هنيّة ، عضو القيادة السياسيّة لحركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) ، إنّ فوز السيّد محمود عبّاس (أبو مازن) متوقّعٌ في ظلّ تنافسٍ حقيقيّ ، مؤكّداً أنّ الانتخابات البلديّة و التشريعيّة القادمة هي الخطوة الهامّة في تحديد الخارطة السياسيّة الفلسطينيّة ، مع استكمال ذلك بالحلقة الأهمّ و المتمثّلة بالملايين من أبناء شعبنا في الشتات ..

و قال هنيّة ، خلال تصريحٍ صحافيّ له ، إنّه : "لأمرٌ جيّد أن نكرّس النهج الديمقراطيّ في ساحتنا الفلسطينية ، و نمارس الحقّ في الاختيار رغم حراب المحتل ، و سياسته القمعية التي تهدف إلى شطب الشعب الفلسطيني و التنكّر لحقوقه الثابتة" .

و أضاف أنّ فوز أبي مازن لم يفاجئ الحركة التي لم تشارك في الانتخابات و قاطعتها سلفاً . و أشار إلى أنّ الجو التنافسي كان معدوماً مقارنةً بما حصل في انتخابات البلديات ، حيث إنّ غالبية المرشّحين للرئاسة تنافست مع "أبو مازن" من داخل المكوّن و البرنامج السياسيّ .

و أضاف : "أنّ الشعب الفلسطيني سيراقب أداء السيد أبو مازن بعد الانتخابات – و هذا هو الأهم – و ذلك فيما يخصّ البرنامج السياسيّ ، و حقوق شعبنا و ثوابته ، و كيفية ترتيب البيت الفلسطينيّ ، و مدى تكريس الشراكة الحقيقية ، و إنهاء هيمنة السلاح و المال في عملية صنع القرار و السياسة" .

و قال إنّ حماس سجّلت العديد من الملاحظات على العملية الانتخابيّة من خارج دائرة المنافسة ، و طالبت السيّد أبو مازن بضرورة حماية الوحدة الوطنية ، و الحفاظ على برنامج المقاومة ، و صون الثوابت الفلسطينية ، و في مقدّمتها حقّ العودة ، و عدم الارتهان للوعود الأمريكية الصهيونية ، و الحذر من الوقوع في الفخ الصهيونيّ .

و أكّد أنّ حركة حماس ترفض التنازل عن حقوق شعبنا ، و تتمسّك بخيار المقاومة و استمرار الحوار الفلسطينيّ على أساس تقييم التجربة السياسيّة الماضية ، و إعادة ترتيب مكوّنات البيت الفلسطينيّ ، السياسيّة و التنظيمية ، و كيفية استعادة العمق العربي و الإسلامي ، ليكون له دوره المؤثّر في دعم و إسناد الشعب الفلسطينيّ .

ومن جانبه  قال مشير المصري الناطق الإعلامي باسم حركة "حماس" : "إنّنا ندرك أنّ تحرير فلسطين هي قضيّة شعبٍ بأكمله ، و ليس هناك أيّ تفويضٍ لأحدٍ بالتنازل عنها ، أو فرض رؤية دون الرجوع للشعب الفلسطيني".

و أضاف المصريّ أنّ عباس مطالب بفتح ملف الفساد ، و استكمال العملية الانتخابية التشريعية و البلدية في الموعد المقرّر لها ، و ضرورة تشكيل قيادة وحدة وطنية ، يتمّ الاتفاق من خلالها على برنامجٍ سياسيّ ، كي يكون مرجعية سياسية لمواجهة استحقاقات المرحلة الراهنة .

و قال : "يجب أنْ يدرك الجميع أنّ ثمن التسوية ، إنْ لم تكن وفق الشروط الصهيونيّة ، هو التهميش و العزل ، الذي فرض على الرئيس الراحل ياسر عرفات ، و يبقى الخيار هو خيار الشعب الفلسطيني المتمثّل في المقاومة" .

و اعتبر المصري أنّ الانتخابات تمثّل قضيّة الشعب الفلسطيني و هي مفخرة له ، مؤكّداً أنّ حركته كانت حريصة أنْ تتمّ العملية الانتخابية بشكلٍ نزيهٍ و شفّاف ، لأنها تؤسّس لما بعدها . و أعرب عن أسفه لحدوث خروقاتٍ كبيرة في العملية الانتخابية ، من شأنها أن تؤثّر على صورة الشعب الفلسطيني ، مشيراً إلى أنّ حركته كانت قد حذّرت من هذا الأمر ، لا سيّما في استخدام السجل المدنيّ ، الذي كان الخلل فيه واضحاً .

و قال : "على الرغم من كلّ هذه الخروقات الكبيرة و التلاعب و التزوير بكلّ الأشكال ، إلا أنّ نسبة المشاركين ليست عالية ، لأنّ الشعب الفلسطيني كان يعي ماذا يعني عدم مشاركته في هذه الانتخابات" .

و أضاف المصري : "أنّ هذه الانتخابات تجعل الشعب الفلسطيني و حركة "حماس" تأخذ درساً منها ، و تؤكّد على ضرورة تشكيل لجنة الانتخابات من كافة الفصائل ، حتى لا تكون عرضة للضغوط كما حصل معها ، و تؤكّد رفضها للسجل المدنيّ ، و حتى لا يحرم أحدٌ من المشاركة يتمّ فتح باب التسجيل مرة ثانية من أجل استكمال إحصاء الناخبين" .

و أكّد أنّ حركة "حماس" كانت معنية بالتهدئة من أجل أنْ تتمّ الانتخابات الرئاسية بشكلٍ هادئ و ديمقراطيّ ، و ذلك على جميع المستويات ، من خلال تهدئة وتيرة المقاومة ، خلال الأيام الماضية ، و عدم دعوة المواطنين لمقاطعة الانتخابات ، حتى لا يحدث إرباكٌ في الشارع الفلسطيني ، و الاكتفاء بدعوة عناصرها بالمقاطعة .

 

ردود الأفعال : ترحيب صهيوني أمريكي و ربط المساعدات بنجاعة الحرب على المقاومة ...

 و في أول ردود الأفعال الدولية رحّب الرئيس الأمريكي جورج بوش بنتائج الانتخابات الرئاسية الفلسطينية .. فقد اعتبر الرئيس الأمريكي أنّ انتخابات الرئاسة الفلسطينية تمثّل خطوة أساسية نحو تحقيق هدف الدولة و وعد بمساعدة الرئيس الجديد في مساعٍ جديدة لاستئناف محادثات السلام مع (إسرائيل) .

و قال بوش في بيانٍ أصدره البيت الأبيض إنّ الرئيس الفلسطيني الجديد و حكومته سيواجهان هام ذات أهمية حاسمة" من بينها محاربة (الإرهاب) ! . و دعا (إسرائيل) إلى "تحسين الوضع الإنساني و الاقتصادي في الضفة الغربية و غزة" ، و قال إنّ الدول العربية : "ينبغي أنْ تتّخذ خطوات محدّدة" لمنع المساعدة عن المتشدّدين الذين يهاجمون (إسرائيل) ! .

فيما قال "جون كيري" السيناتور من الحزب الجمهوريّ الأمريكيّ ، الذي يزور فلسطين حالياً ، إنّ أبو مازن سيُختَبر بأفعاله في مجالي محاربة ما وصفه بـ (الإرهاب) و وقف التحريض ضدّ (إسرائيل) ، حسب تعبيره .. و أضاف أنّ هذا الأمر يعدّ شرطاً لتلقّي السلطة الفلسطينية مساعدات إضافية من الولايات المتحدة . و قال كاري ، الذي حضر جلسةً للجنة الخارجية و الأمن التابعة للكنيست الصهيونيّ : "نحن مع تنفيذ خطة (خريطة الطريق)" ..

إلى ذلك رحّب عددٌ من النواب الصهاينة بانتخاب محمود عباس (أبو مازن) رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، رئيساً للسلطة الفلسطينية ، خلفاً للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات . و وصفت رئيسة كتلة "ياحد" الصهيونية ، النائب زهافا غالؤون ، محمود عباس  بأنه "معتدل ، و يمكن التوصل معه إلى اتفاق سلام" ..

من جانبه قال النائب الصهيوني أوفير بينيس إنّ عباس : "لم يضلّل و لم يتهرّب من إبداء مواقف واضحة تجاه الإرهاب (المقاومة الفلسطينية) ، حتى عندما كانت هذه المواقف لا تلقى تأييد الأغلبية في الشارع الفلسطيني" .

أمّا زعيم حزب "العمل" الصهيوني النائب شمعون بيريز فعقّب على فوز محمود عباس بالقول : "إنّ الانتخابات جرت بنظام ، و دون أيّ أعمال عنف تُذكَر ، و تحت إشراف مراقبين دوليين" ، مؤكّداً أنّ "القيادة الحالية (عباس) ترفض الإرهاب (المقاومة)" .

و في سياقٍ متّصل ذكرت مصادر صهيونية أنّ رئيس وزراء الاحتلال آريئيل شارون سيطلب من أبي مازن بعد فوزه في انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية أنْ يحارب إطلاق صواريخ "القسام" مقابل وعدٍ بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ! . و تستعد حكومة العدو لتجديد المحادثات مع الفلسطينيين و للقاءٍ قريبٍ بين رئيس الحكومة ، آريئيل شارون ، و رئيس السلطة الفلسطينية . و بلورت القيادة الصهيونية الصيغة التي ستعرضها على أبي مازن : "تسريح السجناء الفلسطينيين و تسهيلات ، مقابل محاربة إطلاق صواريخ القسام" .

و بحسب مصادر إعلاميّة عبرية فقد صيغت في (إسرائيل) خطوات محدّدة و عملية يستطيع أبو مازن أنْ يتّخذها ضدّ إطلاق الصواريخ ، مثل إغلاق المخارط و معامل إنتاج صواريخ القسّام ، بحسب معلومات تنقلها (إسرائيل) ، و عمل قوات الأمن الفلسطينية لوقف إطلاق الصواريخ و ما أشبه .

و قال مصدرٌ سياسيّ رفيع في هذه المسألة : "سنطلب خطواتٍ محدّدة جدّاً يستطيع فعلها ، و سيكون هذا موضوع المحادثة الأولى و المركزية عندما نلتقيه" ، و أضاف قائلاً : "في القدس يعودون و يتحدّثون عن (مائة في المائة من الجهد) ، سيضطر أبو مازن إلى بذله في محاربته للصواريخ" .

 و تعتبر الحكومة الصهيونية هذا الأمر اختباراً لاستعداد (أبو مازن) و قدرته على السيادة على ما يجري في قطاع غزة ، استعداداً لتطبيق فكّ الارتباط . يقولون في مكتب رئيس الحكومة أيضاً ، إنّ الطلب من أبي مازن كان و ما يزال - عرْض خطة أمنية محدّدة لمحاربة كلّ المنظمات المقاومة . و لكن من الواضح أنّ الأمر سيمتدّ زمناً و لهذا فالمرحلة الأولى هي وقف إطلاق الصواريخ. بحسب أقوال مسؤولين كبار في المكتب، فإنه بعد أن يثبت أبو مازن جدية في حربه للإرهاب فقط ، سيكون من الممكن أنْ نعلم إلى أيّ عمقٍ سيكون التنسيق في فكّ الارتباط . في العالم أيضاً يتتبعون بجدٍّ الانتخابات في السلطة .

من جهته قال وزير الخارجية الصهيوني سلفان شالوم : "إن (إسرائيل) تتوقّع قيام قيادة فلسطينية جديدة تكون مستعدّة للمضيّ قُدُمًا نحو السلام" ، و طالبها أنْ تبذل ما بجهدها لمنع إطلاق صواريخ "القسام" على مدينة "سديروت" و المستوطنات (الإسرائيلية) في قطاع غزة . و أضاف قائلاً إنّ : "سكان (سديروت) و سكان مستوطنات (غوش قطيف) هم أول من سيشعر بالتغيير في حال حدوثه" .

و يرى المراقبون أنّ ما يطلبه شارون من "أبو مازن" هو الدخول في حربٍ ضدّ فصائل المقاومة مقابل "وعدٍ" بالإفراج عن الأسرى و المعتقلين الفلسطينيين ؛ أي وقف المقاومة مقابل الدخول في مفاوضات للإفراج عن الأسرى و المعتقلين .

و يؤكّد المراقبون أنّ الأسرى و المعتقلين و البالغ عددهم 8 آلاف أسير فلسطينيّ ، لن يصار إلى إطلاق سراحٍ إلا من قاربت مدة محكوميّته على الانتهاء ، أو أولئك الذين اعتقلوا بتهمٍ لا تتعلّق بمقاومة الاحتلال .

 

(المركز الفلسطيني للإعلام)

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع