نم قرير العين يا شارون

نم قرير العين يا شارون، نم ملأ جفونك يا شارون، فهاهم الأشاوس اللحديون الجدد يستنفرون ويعلنون حالة الطواريء القصوى ذوداً عنك وعن جنودك ومستوطنيك وحواجزك وثكناتك، ويصدرون الأوامر بإطلاق النار بقصد القتل نيابة عنك وعن مخططاتك وعدوانك المتواصل، وهاهي رؤوس الفتنة تطل علينا عبر الفضائيات تستأسد على شعبها وأناسها في موقف أبسط ما يقال عنه أنه جبان.

لم يجرؤ هؤلاء على إعلان حالة الإستنفار القصوى والطواريء حتى عندما كان رمزهم محاصراً في مقاطعته برام الله يسومه شارون المذلة والمهانة، ولم تتحرك شعرة في جسدهم وجنين ورفح وخان يونس وبيت حانون وغيرها من المدن تتعرض للإجتياح والتدمير، ولم ينبسوا ببنت شفة والإحتلال يطلب منهم ترك مواقعهم في طولكرم قبل يومين وأن لا يظهروا باللباس الرسمي أو بالأسلحة فانصاعوا صاغرين مذلولين، لتكون المكافأة سقوط عنصرين من الشرطة برصاص الإحتلال.

لم يحرك هؤلاء المتنطعين بحجج الفلتان الأمني والشرعية والوحدانية ساكناً في وجه جماعاتهم المنفلتة من الزعران والحوش ممن أطلقوا النار على وزير داخليتهم، أو على الذين صادروا بطاقات ال VIP من مسؤوليهم على معبر رفح، أو على من حركهم دحلان قبل عام ليختطفوا ويعيثوا فساد في غزة، ولا على من اقتحموا مقار الوزارات والتشريعي، أو من تظاهر من بقايا اللحديين ممن احيلوا على المعاش ليقطعوا الطرق في غزة.

لم يفعلوا شيئاً ولاذوا بجحورهم أمام كل ما سبق ليطلوا برؤوسهم الآن مستأسدين على شعبهم وأهلهم، معلنين الاستنفار، مستخدمين حتى المدرعات وسط الأحياء الاهلة بالسكان، مصدرين البيان تلو البيان بحجة المصلحة الوكنية العليا والحفاظ على التهدئة التي أجمعت الفصائل عليها، متناسين وعن عمد أن التهدئة كانت اختياراً ذاتياً لم يفرضه أحد، وكانت مشروطة وبوضوح باطلاق سراح الأسرى ووقف الاغتيالات والانسحاب من المدن الفلسطينية وغيرها من الشروط، فهل قام الأشاوس من اللحديون بتنفيذ أي من الشروط، أو هل منعوا الاجتياحات والاغتيالات أو وقفوا في وجهها؟ بالتأكيد لم يفعلوا لكنهم لازالوا يتحدثون عن المصلحة العليا وعن التهدئة وكأنها فرضت بقرار منهم!

لم أفاجأ بما يجري، بل كنت على يقين أن هذا ما ستؤول إليه الأمور، لأن عبّاس وسلطته وأزلامه من دحلان ورجوب ونصر يوسف وغيرهم لا دور لهم سوى حماية المحتل، وسلطة أوسلو لا فائدة منها سوى تشريع الإحتلال وتجميله وتحسين صورته لنظهر أمام العالم وكأننا دولة حقيقية لها رئيس ووزارات ومؤسسات، تعفي الاحتلال من مسؤولياته، ولم يفاجأني التوقيت الذي كان من المفترض أن يكون موعد انتخابات التشريعي- وبغض النظر عن موقفي منها-  التي تيقن أزلام أوسلو أنهم خاسروها لا محالة فوجب ضرب الآخرين لتخلوا لهم الساحة، لكن ما فاجأني هو الذريعة التي اتخذها اللحديون ليسقطوا الأقنعة ويفتعلوا المواجهة.

كنت أتوقع سيناريو أكثر ذكاءاً كعملية اغتيال تُتهم فيهم الحركة الفلانية، أو عملية اختطاف تُتهم فيها الحركة العلانية، لكن أن يكون السبب وبشكل مباشر لا لبس فيه حماية الاحتلال، فوالله انها الطامة الكبرى، فلا حياء ولا خجل، بل وقاحة وسقوط في مستنقع الاحتلال ما بعده سقوط، وتنسيق محكم مع الاحتلال حيث تتحرك قوات لحد على الأرض تساندها طائرات الاحتلال من الجو في ضرب الشعب وقواه ومقاومته، أي مذلة تلك، ولأي درجة وصل هؤلاء من الانصياع التام لرغبات شارون وأهوائه؟

هؤلاء الذين أغضبهم وصفي لهم باللحديون قبل أشهر فحركوا أقلامهم المأجورة في محاولة لتكميم الأفواه، وحركوا أزلامهم أشباه الرجال ليهددوا ويتوعدوا، ها هم يثبتوا بالفعل لا بالقول أنهم لحديون لحديون لحديون!، وأنقل جزءاً مما سبق وكتبته وأثار حفيظة دحلان وصحفه ومرتزقته ممن امتهنوا الاستزلام والاسترزاق بالتسبيح له، وهو من موضوع بعنوان "مقارنات أيهما أكثر انطباقاً" بتاريخ 24/01/2005:

ثاني المقارنات هي بين ما يجري هذه الأيام في قطاع غزة من نشر سلطة أوسلو وبفرمانات من عبّاس لقوات مهمتها حماية الإحتلال وبين تجربة جيش لبنان الجنوبي بقيادة العميل أنطوان لحد، وقبل أن يقفز أحباء ومريدي عبّاس وسلطته الهزيلة في ظل الإحتلال من أماكنهم إحتجاجا على تلك المقارنة، هذه بعض الحقائق والمطابقات التي لا يمكن لعاقل أن يشكك فيها:

·     لم يتوقف لحد ومن معه من تأكيد أنهم يعملون لمصلحة لبنان بكامل أراضيه ال 10452 كم2، وأنهم فعليا من يمثل مصلحة لبنان، وهي نفس الأسطوانة التي نسمعها الآن ولكن وللأمانة فعباس ومن معه لا يطالبون بفلسطين التاريخية ال 27009 كم2.

·          كان عدد من نشرهم لحد من عناصر جيشه المنهار 2500 عنصر، وهو نفس العدد الذي قرر عبّاس نشره في قطاع غزة، مصادفات غريبة!

·     كانت مهمة اللحديون في لبنان حماية قوات الإحتلال على حدود لبنان الجنوبية، أما مهمة لحديو فلسطين فهي حماية الإحتلال أينما وجد حول قطاع غزة.

·     أقام اللحديون في جنوب لبنان الحواجز وقاموا بتفتيش السيارات والمارة بحثا عن الأسلحة ولوقف الهجمات المحتملة، وهو بالضبط ما يقوم به لحديو فلسطين هذه الأيام وبشكل مخزي ومقزز.

·     كانت تحركات العناصر اللحدية لا تتم إلا بموافقة جيش الإحتلال، وهو تماماً ما يجري الآن في قطاع غزة حيث تعرقل نشر قوات حماية الإحتلال في جنوب القطاع بسبب إغلاق الإحتلال لطريق صلاح الدين ومعبر أبو هولي.

·     كانت مهمة الضباط في جيش لحد التنسيق الأمني مع الإحتلال ضد المقاومة، وهو بالتحديد دور ضباط سلطة أوسلو الآن الذين أصبحوا يجاهروا وبكل صلف بدورهم كما فعل أحد هؤلاء عقب عملية معبر المنطار عندما لام على الإحتلال لعدم التنسيق معه!

السؤال هنا: لماذا يجمع الكل على عمالة لحد ويعتبرون عبّاس وطنياً رغم أن ما قام به لحد لا يختلف بأي شكل عمّا يقوم به عباس الآن؟ مهما كانت التسميات والمبررات والحجج فما يجري اليوم في غزة هو نسخة متطابقة لجيش لحد وما قام به، ولن يغفر لقوات لحد الفلسطينية الجديدة أية مبررات فنشرهم له هدف واحد واضح، حماية المحتل، وإن كان هناك من يعترض فعليه أن يسأل نفسه: هل ستوقف هذه العناصر دبابة إحتلالية واحدة أو تحمي مواطن واحد؟ وهل ستمنع إجتياح المدن والمخيمات الفلسطينية، بل هناك سؤال أبسط: هل تستطيع قوات حماية الإحتلال التحرك خطوة واحدة دون إذن مسبق من الإحتلال؟" ثم أتبعته بموضوع آخر تحت عنوان "بل لحديون وأكثر" بتاريخ 02/02/2005 رددت فيه على حجج الأبواق والأبوات اختار منه ما يلي:

"دون تكرار للتساؤل الأخير والذي عجز "الكتاب" أصحاب المقالات السابقة في الإجابة عليه، أتساءل هل منعت قوات لحد الجديدة رصاص المحتل من أن يخترق رأس الطفلة البريئة نورهان ديب؟ وهل تجرأ أيٌ من أزلام أوسلو على التنديد بهذه الجريمة البربرية؟

هنا لابد من توضيح بعض النقاط التي أثيرت بعد الموضوع سالف الذكر:

-     لم يشكك الموضوع السابق بأي حال بالتضحيات والبطولات التي قام بها بعض أفراد قوات الأمن وبشكل فردي خلافاً للأوامر الصادرة، ولم يتهم عشرات الآلاف من أبناء الأجهزة الأمنية بل حدد العدد في 2500 وهم من انتشروا لحراسة المحتل وبدأوا حملات التفتيش عن "السلاح" في حواجز أقيمت على الطرق.

-     أول من استخدم عبارة جيش لحد هو المدعو الطيب عبد الرحيم رداً على ورقة الجنرال الأمريكي زيني الأمنية في ربيع عام 2002 قائلاً بالحرف الواحد: "يريد أن يحول السلطة الفلسطينية إلى جيش لحد جديد". هذا قبل حوالي ثلاثة أعوام أما الآن فقد تحولت فعلياً وعملياً وعلى الأرض إلى جيش لحدي جديد.

-          ليس التشابه فقط في النقاط المذكورة أعلاه بل حتى في اللباس والرواتب المدفوعة للعناصر

-     ما يؤكد الدور المشبوه لهذه القوات الحارسة للمحتل هو ما أُعلن اليوم عن إلقاء القبض على أحد "المقاومين" في نابلس وكذلك البيان الذي صدر بلا خجل ولاحياء ليؤكد هدم نفق في منطقة رفح على يد مغاوير القوات اللحدية الجديدة.

-     أعلنت رايس وزيرة الخارجية الأمريكية اليوم أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بتدريب القوات اللحدية الجديدة، فما هو رد المدافعين؟ هل ستدربهم أمريكا لمواجهة الإحتلال وحماية أبناء الشعب الذين يحاولون تجريدهم من السلاح؟

-     بإيعاز من يعلون الذي يزور تركيا ستزود أنقرة "السلطة" ب 25 ألف زي لعناصر الأمن الفلسطيني: ترى لماذا؟ وهل هي أيضاً لصالح التصدي للإجتياحات والإغتيالات؟

-     مهما حاول البعض تلميع صورة هؤلاء المرتزقة ومهما حاولوا الإيحاء بأن التهجم عليهم هو تهجم على قوات الأمن جميعها، فلن يفلحوا في مسعاهم لأن الجميع يدرك الفرق بين الصالح والطالح، والغث والسمين، وللتذكير فإن عناصر جيش لحد كانت أيضاً عناصر سابقة في الجيش اللبناني، فهل يستطيع أياُ كان أن يتهم الجيش اللبناني أو يشكك فيه، بالـتأكيد لا، فخطيئة البعض لا يمكن تعميمها على المجموع، وهذا ما يعرفه كل ذي عقل، وهو ما ينطبق على باقي العناصر الأمنية الفلسطينية التي نحترم الشريف فيها ونشد على يده، وننكر فعلة الخبيث والذي يبيع نفسه ووطنه من أجل "ملاطيش" يتلقاها نهاية كل شهر، فخاب مسعى من أراد الخلط المقصود دفاعاً عن اللحديين الجدد الذي يقودهم سراً ويقود المفاوضات عنهم علناً مع موفاز كبيرهم الذي علّمهم السحر المتمصلح صاحب فضيحة الملايين في معبر كارني وصاحب الفندق المعروف على ساحل غزة، وخاب فأل من أراد أن يخلط الحق بالباطل تشويهاً متعمداً مقصودأً لذر الرماد في العيون."

ترى هل تجنيت عليهم قبل نصف عام؟ أم أن ما يجري يثبت حقيقة ما ذكرت عن هؤلاء؟

أترك لكم وللأيام الإجابة، لكن أختم بمقولة وآية:

لا نامت أعين الجبناء

"أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"

د.إبراهيم حمّامي

15/07/2005

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع