بأي قانون يحكم المجتمع
الفلسطيني ؟
تحقيق / اعتدال قنيطة
اعتقالات عشوائية
، محاكم غير قانونية ، ضياع الحقوق المدنية ، اخطار تهدد كيان الفرد
الفلسطيني في
داخل اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية ، وتبرر هذه الاعمال من قبل بعض
المسئولين
بوجود فراغ قانوني تعاني منه الساحة القانونية الفلسطينية بالرغم من
وجود العديد من
القوانين سارية المفعول من قوانين عثمانية ، واردنية في الضفة الغربية
، ومصرية في
قطاع غزة ، وقانون الطوارئ ، والاوامر العسكرية الاسرائيلية ، وغيرها
من القوانين
الموروثة بالاضافة الى القوانين التي اقرها المجلس التشريعي وصادق
عليها رئيس
السلطة ، ويبرر اخرون ذلك بسوء تنفيذ القوانين وعدم الالتزام بها من
قبل السلطة
التنفيذية ، وغياب القانون الاساسي "الدستور" الذي ينظم العلاقة بين
السلطات
الثلاث.
والمواطن يطرح العديد من الاسئلة التي تنتظر الاجابة : اي قانون
يمارس عليه ؟ ولماذا يوجد افراد فوق القانون ؟ واين عدالة القانون؟
وللاجابة
على هذه التساؤلات وغيرها التقت الرسالة بالعديد من المسئولين.
**القانون
ملزم للتشريعي فقط
القوانين سارية المفعول في الاراضي الفلسطينية تختلف في
قطاع غزة عنها في الضفة الغربية لطبيعة الاحداث السياسية التي مرت بهما
، وهذه
القوانين تفتقر الى دستور ينظمها ويوحدها ، فذكر عبد الكريم ابو صلاح
عضو المجلس
التشريعي بقراءاته الثلاث، وقدم الى رئيس السلطة الوطنية ليصادق عليه
بتاريخ
2/10/1997
ليتم اصداره وفق القانون ولكن لغاية هذه اللحظة لم يصادق عليه الرئيس ،
بالرغم من انتهاء المدة القانونية ومرور اكثر من عام علىها ، وبالتالي
اصبح مصدقا
بقوة القانون ، فالقانون الاساسي يعتبر قانونا شاملا يضمن معالجة لجميع
جوانب
الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، والحقوق والحريات والنظم
القانونية ،
وعلاقة السلطات الثلاث مع بعضها البعض.
واكد ان المجلس التشريعي ملتزم به
ولكن الجهات المخاطبة غير ملزمة به لانه لم ينشر في صحيفة رسمية وجميع
القوانين
التي صدرت عن المجلس موافقة لما جاء في القانون الاساسي فهو يعتبر
قانونيا مصدقا
عليه ويجب نشره ، لاننا في حاجة ماسة الى القانون الاساسي كنواة لنظام
دستوري
للدولة الفلسطينية في الفترة المؤقتة لحين اعداد الدستور الاساسي
للدولة ، وقال ابو
صلاح "ان ايجابيات القانون الاساسي اكثر من سلبياته لان غيابه يعني
غياب تنظيم
العمل المؤسسي وحاول المجلس كثيرا مع الاخوة في الحكومة ومع الرئيس
ياسر عرفات
للموافقة على نشره ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل ، فلدى الرئيس موقف
بعدم
المصادقة عليه ، وانا غير مقتنع بالذرائع التي قدمت لعدم نشر هذا
القانون ، ومن جهة
اخرى ذكرت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن في تقريرها السنوي
الثالث ان
النظامين القانونيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يفتقرا الى دستور مطبق
في الاطار
المتعلق بالسلطة التشريعية ، وان اصدار نظام داخلي للمجلس من قبل ذات
المجلس لا
يكفي على الاطلاق ليكون مرجعية اسناد عندما يتعلق الامر بتنظيم العلاقة
بين
السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وخصوصا لالزام السلطة التنفيذية
باحترام صلاحيات
السلطة التشريعية وتنفيذ قراراتها ، وهذا العائق القانون الدستوري ادى
الى اضعاف
الاليات الرقابية التي من المفترض ان يمتلكها هذا المجلس ، وادى الى
تقليص دوره
واثره في الحياة الفلسطينية بشكل عام.
**التنفيذية
لا تحترم
القانون
وعن كيفية تنفيذ القوانين ذكر ابو صلاح ان المجتمع الفلسطيني يعيش
في محنة قانونية لان المسئولين في المواقع التنفيذية لا يحترمون
القوانين ولم
يهتموا بها سواء القوانين الموروثة القديمة بايجابياتها او الاربعة عشر
قانونا التي
وضعت بايد فلسطينية والتي اقرها المجلس التشريعي ورئيس السلطة الوطنية
الفلسطينية ،
والجميع مسئول عن الوضع القانوني وعلى رأسهم الحكومة وبالاخص رئيس
السلطة لانه
باستطاعته ان يعطي تعليماته ويساند فيها الجهات التشريعية بضرورة
احترام القانون من
كافة الجهات كما حدث في تطبيق جزء من قانون الخدمة المدنية وان كان لم
يطبق الشق
الاداري منه.
وذكر راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان اننا
نعاني من قلق حقيقي في طريقة التعامل مع القوانين ويتجلى ذلك في عدم
توفير صلاحيات
المجلس التشريعي لممارسة نشاطاته كما حدث فعلا في القانون الاساسي ،
وان الاجهزة
الامنية المختلفة تمارس نوعا من التعدي على القانون وبالذات قضية
الاعتقال غير
القانوني ولا تتبع اجراءات القبض والتحري كما هو متعارف عليه في
القانون الفلسطيني
والذي ادى الى وجود المئات من الفلسطينيين في داخل معتقلات السلطة
الوطنية ، وعدم
تطبيق قرارات المحاكم ، وسوء فهم دور الامين العام
**التعامل
بانتقائية
بين محمد دهمان رئيس الجمعية الديمقراطية لحقوق العمال انه يوجد
مجموعة من القوانين والقرارات متناقضة ومتباعدة ولا تلبي متطلبات
الواقع الفلسطيني
وجزء كبير عفى عليه الزمن ومع هذا يتم التعامل معها بانتقائية ، وتعد
واضح على حقوق
وواجبات المواطن ، وتشارك جهات عديدة مسئولية غياب وتغييب القانون سواء
كان المجلس
التشريعي الذي لا يمارس صلاحياته بدقة او السلطة التنفيذية بكيفية
تطبيقها ، وغياب
القوى السياسية والمنظمات الاهلية وعدم ممارستها دورها بالشكل المطلوب
كقوى ضاغطة
على السلطة التنفيذية ، وعاد واكد ان المشكلة ليست في عدم المصادقة على
القانون
الاساسي فقط ، وانما يرجع الى سوء تطبيق القانون.
في حين ذكرت الهيئة
الفلسطينية المستقلة ان السلطة التنفيذية قامت بتعطيل نشاط المجلس
التشريعي سواء
على صعيد اصدار التشريعات او على صعيد الرقابة التنفيذية من خلال عدم
الالتزام
بالقرارات العديدة للمجلس ، او على صعيد التعاون مع المجلس ولجانه في
مجال الرقابة
السياسية ، والاخذ بتوصياته ومراعاة مواقفه ، بالاضافة الى وجود نسبة
كبيرة من
اعضاء المجلس التشريعي هم اعضاء في السلطة التنفيذية وخاصة مجلس
الوزراء فمن بين
ثلاثة وعشرين وزيرا يوجد اربعة عشر وزيرا من اعضاء المجلس اضافة الى
مستشارين لرئيس
السلطة التنفيذية وموظفين كبار في السلطة ، واكد الصوراني ان الساحة
القانونية
الفلسطينية لا تعاني من الفراغ القانوني كما يتصور البعض ، فيوجد لدينا
العديد من
القوانين سارية المفعول بالرغم ان بعضها يحتاج الى تعديل او اضافة ،
ولكن ما هو
قائم ليس سييء ، والخلل يكمن في سببين رئيسين:
1ـ
الاجهزة المكلفة بالتنفيذ
وهي اكثر الناس يجب ان تلتزم بالقانون وعكس ذلك يحدث على ارض الواقع.
2ـ
قرارات المحاكم يجب ان تحترم ولا نلمس ذلك على ارض الواقع
لهذه الاسباب
اصبح التعامل مع القوانين السارية بانتقائية كما يريد الشخص المسئول ،
ولا يوجد
معيار للاسف يحدد كيفية التعامل.
**وزارة
العدل متهمة
وحول مسئولية
وزارة العدل قال ابو صلاح "المسئولية تقع كذلك على وزير العدل بصفة
مباشرة ولا
فائدة لهذه الوزارة ان كانت لا تقوم بدور متابعة الانتهاكات القانونية
وخاصة انه
يوجد بالقانون الفلسطيني المعمول به موضوع المتابعة والتفتيش " كما حمل
وزارة العدل
السكوت على هذه التجاوزات فلم يرتفع صوت الاخوة في الوزارة بالمطالبة
بوقف هذه
الانتهاكات وتطبيق القانون ولم يرتفع كذلك صوت الوزير نفسه ولم نسمع
مرة واحدة انه
هدد بالاستقالة ، فلا يجوز توقيف المجرم الى ما لا نهاية اذا كان
مجرما.
ووافقه في الرأي الصوراني فقال "النيابة العامة في الجنائي في القضية
ذات دلالة العامة هي المسئولة والاجهزة المكلفة بتنفيذ القانون من جهة
، ومن جهة
اخرى المحاكم ، وقبل ذلك توفير الارادة السياسية بالالتزام بالقوانين
القائمة ، اما
الهيئة المستقلة فسجلت انتقاداتها على طبيعة سير المحاكم وعلى محكمة
امن الدولة
العليا ، فالمحكمة التي شكلت من قبل السلطة التنفيذية وخصص لها قضاة من
بين
العاملين في الاجهزة الامنية الفلسطينية تعتبر على هذا النحو مساسا
خطيرا بمبدأ
الفصل بين السلطات ويمثل وجودها اعتداء على اختصاصات القضاء الفلسطيني
النظامي الذي
يفترض ان يكون صاحب الولاية العامة على كافة الامور، اضافة الى ذلك فان
الممارسات
التي تتم في اروقة هذه المحكمة والتي تضفي عليها المحكمة صفة الشرعية
تعتبر انتهاكا
لحقوق المواطن الفلسطيني ، واضافت الهيئة : ان من ابرز الخروقات لحقوق
المواطن التي
تمارس ضمن اطار المحكمة الحق في وجود محام للمعتقل والحق في توفير
الوقت الكافي
للمتهم من اجل التحضير للدفاع عن نفسه، والحق له ولأسرته في زيارات في
اوقات
متقاربة ، والحق في محاكمة عادلة من قبل قضاء مستقل ، والحق في
الاستئناف.
ومن ناحية اخرى ذكر حسن ابو لبدة وكيل وزارة مساعد في وزارة
العدل انه يوجد خلط في كيفية تطبيق القوانين ، والمحاكم والنيابة لها
استقلاليتها
في تقصي الحقائق وتطبيق القانون، والوزارة عامل مساعد للقضاء والتصدي
للجريمة ، فهي
ليست جهة تنفيذية وانما تصدر قرارات فقط، اما تطبيق هذه القرارات
وتنفيذها فيعود
الى الجهات التنفيذية وعاد واكد ان المحاكم الفلسطينية تعاني من مشاكل
عديدة ربما
جعلت المواطن ينفر منها ، فالقضايا تستغرق مدة طويلة نتيجة قلة عدد
المحاكم مقارنة
مع عدد القضايا المطروحة بالاضافة الى تراكمات القضايا القديمة ، ويوجد
توجه لدى
الوزارة لزيادة عدد المحاكم ، اما القانون الاساسي فانه يستحق منا
العناية والتركيز
قبل التصديق عليه لانه يتعلق بموضوع السيادة ونحن سلطة حكم ذاتي وليس
دولة
مستقلة.
**لماذا
قانون الطوارئ؟
يبرر العديد من المسئولين تصرفاتهم
غير القانونية بقانون الطوارئ ، فهل قانون الطوارئ يخدم المجتمع
والمواطن الفلسطيني
؟ فاجاب على هذا ابو لبدة بقوله : ان قانون الطوارئ قانون ظالم
استعماري قمعي ، يجب
على الجهات التنفيذية تركه وعدم تطبيقه او استعماله لانه يتعارض مع
بدهيات انشاء
السلطة الوطنية الفلسطينية بالامور الاتية:ـ
1ـ
اقرار السلطة بحقوق
الانسان
2ـ
الاقرار بالحقوق القانونية
3ـ
انه قانون استعماري والسلطة
وطنية
وايده رأيه الصوراني فقال " قانون الطوارئ سيئ السمعة صدر في عهد
الانتداب البريطاني ، واستخدمت بريطانيا فيه كل تجربتها في قمع الشعوب
المستعمرة ،
وهو شكل القاعدة القانونية للاحتلال الاسرائيلي واوامره العسكرية
الصادرة طوال فترة
احتلال الاراضي الفلسطينية ، ومن السوء لنا كشعب فلسطيني يسعى نحو
الحرية ولسلطته
الوطنية الفلسطينية ان يطبق في ظل السلطة الوطنية مثل هذا القانون ،
كما انه يتعارض
مع الميثاق الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير الوطنية التي تعبر عن حقوق
المواطن
الفلسطيني فاستخدامه يضعف من قوتها.
واكد ذلك المحامي فايز ابو رحمة فذكر ان
قانون الطوارئ قانون استثنائي يطبق في ظروف استثنائية لانه يهدر
الحريات وتطلعات
المجتمع نحو بناء دولته و لا يعمل على خدمة المجتمع الفلسطيني وتنميته
ويجب عدم
التوسع باستعماله ، لانه يعني هدر الحريات والمفاهيم الديمقراطية.
**العقلية
الثورية مرفوضة
"ان
المشكلة ليست في القوانين وانما المشكلة في عدم تطبيق
القوانين" ، هذا ما اكده كل من الصوراني وابو رحمة وابو صلاح وناهض
الريس عضو
المجلس التشريعي الذي ذكر من جهته ان القيادة المركزية تمتلك تجربة
مسعفة فيما عدا
ان ديمقراطية الوطن هي غير ديمقراطية الثورة في العديد من النواحي
فهناك في المنافي
كان الاحساس باستثنائية الحالة مسألة واضحة مفروغا منها ، وكان ذلك
الاحساس يقضي
الى تبرير الكثير من الاجراءات الاستثنائية ، اما التواجد على ارض
الوطن وان كان
تواجدا قلقا فانه اعطى انطباعا شائعا باننا بلغنا الشاطئ ودخلنا طور
الاستقرار ، في
المنافي كانت المجالس التي تجسد ديمقراطية الثورة ، مجالس مشكلة
بالاتفاق بين
القيادات ، من اعضاء مختارين من اطر قد تكون منتخبة وقد تكون معينة ،
اما تجربة
المجلس التشريعي فقد تشكل المجلس بجميع اعضائه من مرشحين منتخبين في
انتخابات عامة
ومباشرة.
بينما ذكر دهمان ان المشكلة ليست في غياب القانون وانما في العقلية
التي تقود البلاد ، وعدم احترامها ما يصدر عن المجلس التشريعي ، وعدم
تطبيق القانون
على الجميع ، وتطبيقه يتطلب ان تلتزم السلطة التنفيذية بالقوانين التي
تسنها السلطة
التشريعية ، المتابعة والتدقيق من قبل السلطة التشريعية.
**استقلالية
القضاء
اما ابو صلاح فذكر ان المجتمع الفلسطيني لاتنقصه الاجتهادات الفردية
او شبه الجماعية ، وانما ينقصه العمل الجماعي المنظم ، وهذا العمل لا
يتواجد الا من
خلال مؤسسة ، والمؤسسة لم تولد ان لم تكن لدينا قواعد قانونية تنظم عمل
المؤسسات
والافراد.
والمجلس التشريعي قام بعمله على اتم وجه باعتباره اول سلطة
تشريعية فلسطينية اما السلطة التنفيذية فهي قائمة منذ عشرات السنين
ولديها عراقة في
الامكانات ، فعدم تفهم القائمين على السلطة التنفيذية للعمل المؤسسي ،
نحرم المجلس
حتى من تغطية جلساته اعلاميا بحجج واهية ومن حق شعبنا ان يقيم عمل
المجلس. فالمشكلة
في الاشخاص القائمين على تنفيذ القوانين ، فمعظمهم غير مثقف ثقافة
قانونية ، وان
كان مثقفا لا يعمل بها ، ولديهم توجه كل يغلب الشرعية الثورية على
الشرعية
القانونية وكل يحكم بما يقتنع به.
**انذار
بالانفجار
الوضع القانوني
الفلسطيني ينذر بالانفجار والمواطن يطرح اسئلة ما زالت تنتظر جوابا من
المسئولين
متى يطبق القانون ؟ واين العدالة؟ وابدى ابو صلاح تخوفاته من المستقبل
الفلسطيني في
ظل غياب القانون فاكد انه لن تبنى لنا دولة فلسطينية ما لم نحترم سيادة
القانون ولن
ننهض بمجتمعنا بالشكل المطلوب ان لم يكن للقانون سيادة وقال : حاول
المجلس التشريعي
الضغط مرارا على الحكومة ولكن الامور صعبة لانه كان يصطدم في كل مرة
بالوضع السياسي
القائم والذي شكل ضغطا على المجلس التشريعي ، فخصوصية الوضع الفلسطيني
هي التي
منعتنا من ممارسة حقوقنا في المجلس التشريعي والتي تتمثل في حجب الثقة
والسؤال
والاستجواب، وحذر دهمان من مخاطر غياب القانون لانه سيلجئ المواطن الى
فك نزاعاته
بالطرق الفردية والعشائرية ، وبالتالي سيظهر العنف بصورة كبيرة لان
غياب القانون هو
التربة التي تولد مستقبلا مظاهر العنف، فعندما يشعر المواطن بان القضاء
لا يستطيع
ان يعطيه حقوقه فانه حتما سيلجأ الى اخذ حقه بالقوة ، وبالطرق
العشائرية ، فالمجتمع
الفلسطيني على حافة الانهيار ولابد من وضع نظام قانوني يحترم في الحياة
اليومية
ويلبي حاجاته |