12/3/2005

حزب الله يدعمه وتونس تطلب مغادرته

القدومي يحرض "حماس" و"الجهاد" على افشال هدنة عباس

ـ مشعل انتقد تأييده  السابق لأبي مازن ونزال توقع خروجه "Out"من مؤتمر "فتح"

 عمان ـ شاكر الجوهري:

أكدت مصادر فلسطينية بالغة الموثوقية لـ "الحدث" أن فاروق القدومي وزير خارجية دولة فلسطين, رئيس حركة "فتح" رفض عرضا من محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة الفلسطينية بتولي أمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بدلا من رئاسته للدائرة السياسية فيها, وأنه أبلغ برغبة تونسية في نقل مقره من تونس, فيما على حصل على دعم من حزب الله اللبناني في مواجهة عباس, بينما امتنعت حركة "حماس" عن تقديم مثل هذا الدعم له, وانتقد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" دعم القدومي لعباس في تولي رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ثم السلطة الفلسطينية.

المصادر ابلغت "الحدث" أن حكم بلعاوي النائب الثاني لأمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" التقى القدومي أثناء زيارته الأخيرة للعاصمة الأردنية, التي تجنب عباس التقاءه خلالها, وأبلغه رسالة من عباس عرض فيها:

اولا: شكوى تونسية صادرة عن الرئيس زين العابدين بن علي شخصيا لوجود مقر اقامة القدومي في تونس, وطلبه نقل مقره من تونس. وهذا الطلب تلقاه بلعاوي من المسؤولين التونسيين مباشرة, وهو سفير سابق لفلسطين في تونس.

ثانيا: ضرورة دعمه للدكتور ناصر القدوة وزير الشؤون الخارجية الجديد في حكومة السلطة الذي هو من جيل اولاد القدومي. وأضاف بلعاوي, لقد تم استبدال شعث بالقدوة من أجل حل الإشكال الذي كان قائما بين القدومي والدكتور نبيل شعث الذي كان يشغل هذا الموقع.

ثالثا: اقتراح أن يتولى القدومي أمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بدلا من رئاسة الدائرة السياسية. وكان موقع أمين السر شغر بتولي عباس رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

رابعا: الدخول للأراضي الفلسطينية والإقامة فيها.

وتؤكد المصادر أن القدومي رفض كل هذه المطالبة والإقتراحات.

اقحام الجزائر

غضب أبو مازن, وكذلك الرئيس التونسي من القدومي مرده مواقفه المتمسكة بخيار المقاومة والإنتفاضة, ومعارضته لخطوات واجراءات عباس على طريق تحريك المفاوضات على المسار الفلسطيني, كما تجلى ذلك في مداخلاته, أثناء المؤتمر التحضيري الأخير لوزراء خارجة الدول العربية الذي انعقد في القاهرة, استعدادا لقمة الجزائر, حيث رفض القدومي نتائج شرم الشيخ ما أدى إلى اصطدامه بوزيري خارجية الأردن الدكتور هاني الملقي, ومصر أحمد أبو الغيط.. علما أن محمود عباس شارك في قمة شرم الشيخ, وهو الذي توصل للإتفاق مع شارون الذي يرفضه القدومي.

في ضوء ما جرى قي القاهرة, تقول المصادر إن عباس بعث برسالة للحكومة الجزائرية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية تفيد أن ناصر القدوة هو الذي سيتولى تمثيل فلسطين في مؤتمر وزراء خارجية الدول العربية الذي سينعقد في الجزائر يومي 16, 17 الجاري تحضيرا للقمة, فكان أن رد القدومي برسالة مقابلة تقول أنه هو وزير خارجية دولة فلسطين المنتخب من المجلس الوطني الفلسطيني عام 1989 في الجزائر, وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي المرجعية السياسية والقانونية للسلطة الفلسطينية, ولذلك فإنه سيترأس الوفد الفلسطيني لاجتماعات وزراء الخارجية العرب.. ما جعل الحكومة الجزائرية تطلب من الفلسطينيين أن يتفقوا فيما بينهم, وأن يبعدوا خلافاتهم عن القمة.

اجراء عباس لم يكن رد فعل فقط على موقف القدومي في القاهرة, لكنه كان كذلك رد فعل على ما تسرب إليه من نتائج الزيارة الأخيرة التي قام بها القدومي لكل من دمشق وبيروت, حيث عمل على تكريس زعامته لقوات "فتح" العسكرية في لبنان باعتباره رئيس الحركة. وقد لقي تشجيعا ودعما سوريا في هذا الإتجاه, علما أن دمشق تتقارب حاليا, وكذلك بيروت, مع عباس, الذي حقق نجاحا نسبيا في علاقاته مع السوريين, رغم أنهم يتحفظون على الإندفاع في العلاقة معه, ويعملون في ذات الآن على تقوية القدومي من خلال فتح المجال له لزيارة لبنان والإلتقاء مع جميع الأطراف السياسية الفلسطينية واللبنانية في لبنان.

دعم نصر الله ونقد مشعل

في هذا الإطار حصل القدومي على دعم حسن نصر الله أمين عام حزب الله الذي ابلغه لدى التقائهما, وبعد أن وضعه القدومي في صورة التطورات السياسية ومساعي عباس لاحتوائه, أنه يدعمه في مواجهة تيار محمود عباس. وقال نصر الله للقدومي لا يمكن أن نقبل بما يحدث, ونريد أن تستعيدوا زمام المبادرة ونحن معكم. وكان القدومي طلب دعم نصر الله بشكل مباشر.

أما نتائج لقاءات القدومي مع وفدي "حماس" والجهاد الإسلامي, وكذلك الفصائل العشرة فقد كانت مختلفة, ذلك أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" كان صريحا في نقده للدعم الذي سبق أن قدمه القدومي لعباس. وقال له "لا بد أن يحدد التيار الفتحاوي الأصيل موقفا واضحا. ولا يجوز أن تتناقض المواقف". بل إن مشعل لم يتردد في القول للقدومي إن مواقفه الداعمة لعباس في البداية أدت الى اخراجه من المشهد.

وبدوره قال محمد نزال, عضو المكتب السياسي لحركة "حماس", الذي كان ضمن وفد حركة المقاومة الإسلامية, للقدومي "إذا انعقد المؤتمر العام لحركة "فتح" فإنكم ستخرجون Out"..!

وهنا, تقول المصادر, علق اللواء محمد جهاد عضو مركزية "فتح" الذي رافق القدومي في جولته, قائلا "لن يرى النور".

وتخلص المصادر الى الإعتقاد بأن القدومي يخشى من أن يعمل عباس على تجيير مؤتمر عام الحركة لإخراجه من مواقعه, ومن يؤازره في اتجاهاته السياسية الراديكالية, خاصة إذا تم عقد المؤتمر في غزة, وتحت اشراف وهيمنة الأجهزة الأمنية للسلطة.

وتتباع المصادر أن القدومي رد على ملاحظات مشعل النقدية قائلا أنه لم يكن بامكانه ترشيح نفسه لرئاسة اللجنة التنفيذية أو رئاسة السلطة لأن ذلك يقتضي منه الدخول للأراضي الفلسطينية وأن يؤيد اتفاق اوسلو الذي قال إنه رفضه في حينه, ويواصل رفضه حتى الآن.

وتضيف المصادر أن القدومي دعا الفصائل العشر حين التقائه بقادتها الى تشكيل لجنة تنسيق وتشاور تضم الأمناء العامين لهذه الفصائل, اضافة الى "فتح". كما دعا القدومي حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي للإنضمام الى منظمة التحرير الفلسطينية. وهنا سأله أحد أعضاء وفد "حماس" عن الميثاق الوطني الفلسطيني (ميثاق منظمة التحرير), فأجاب القدومي إن الميثاق لم يعدل إنما هو ألغي بطريقة غير قانونية.

جهاد يحرض

وفيما كان القدومي يتحدث بلباقة, ودبلوماسية, تقول المصادر إن محمد جهاد كان يتحدث بشكل أكثر صراحة ووضوحا, على نحو كان يسعد القدومي من طرف خفي. فقد قال جهاد لقادة الفصائل إن أبو مازن يلقى دعما اقليميا ودوليا, وأن مشروعه مناهض للمقاومة والإنتفاضة. وطالب الفصائل بعدم التجاوب مع هذا المشروع, وعدم الإستجابة لمطلب أبو مازن بوقف العمل العسكري أو التهدئة العسكرية مع اسرائيل. وأضاف جهاد إنه من الخطورة بمكان افساح المجال أمام مشروع عباس, واعطائه امتيازات بما يسهل مهمته في القضاء على الإنتفاضة, وتجيير حركة "فتح" من أجل تحقيق مصالحه, ليبكي الجميع بعد ذلك على الأطلال.

وكان القدومي يكتفي بالتعقيب على كلام جهاد قائلا على سبيل المزاح "هذه مشكلتنا مع أبو جهاد.. إنه ليس لديه دبلوماسية".

أما وفد "حماس" الذي كان مدركا أن القدومي يريد أن يتقارب معها في مواجهة عباس, وأن زيارته لدمشق تمت ابتداء في اطار محاولة من تياره للتحالف مع القوى الفلسطينية, في مواجهة عباس, فإنها تحفظت عن الإندفاع في هذا الإتجاه والدخول في تحالفات ضد عباس, لأنها تنظر لصراعه مع القدومي باعتباره صراعا داخليا في حركة "فتح". وارتأت, من موقف براغماتي, انتظار جلاء الموقف حتى لا يفهم أي موقف يصدر عنها بأنه تدخل في الشؤون الداخلية لحركة "فتح". لذلك, ورغم أن تيار القدومي أقرب لها من تيار عباس سياسيا, إلا أنها قررت أن تراقب المشهد عن بعد, دون أن تكون طرفا فيه. بل إن المصادر تقول إن فوز "حماس" الكاسح في المرحلتين السابقتين من الإنتخابات البلدية, اعطاها دفعة لمواصلة نهجها السياسي في تجاوز "فتح" بخلافاتها الداخلية, والعمل من أجل الحصول على تفويض سياسي من الشعب الفلسطيني, معتبرة أنها تقف الآن أمام فرصتها التاريخية.. وهذه الفرصة هي التي تدفع اطرافا في "فتح" لمحاولة التحالف معها.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع