القدومي يدرس العودة للأراضي الفلسطينية ودحلان يحرض الإسرائيليين

صفقة مالية سياسية بين سهى وأبو مازن

النفي الذي صدر عن الدكتور نبيل شعث  لتعرض عرفات للتسمم، لم يصدر عن الأطباء الفرنسيين مباشرة،  صدر عنه في باريس، بالتنسيق مع أبي مازن،

عمان - الحقائق - شاكر الجوهري 11/10/2004

يدرس فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" المشاركة في تشييع جثمان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مدينة رام الله، بعد أن يشارك في مرحلة التشييع الأولى في القاهرة.

كشف ذلك لـ"الحقائق" مصدر مسؤول في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يرئسها القدومي، وهو يشغل كذلك وزير خارجية دولة فلسطين.

وكان القدومي قرر عدم العودة للأراضي الفلسطينية بموجب اتفاقات اوسلو التي أدت إلى قيام السلطة الفلسطينية سنة 1994، وذلك اعتراضا على تلك الإتفاقيات، لكنه ظل موضع ثقة عرفات الدائمة.

مصدر مسؤول في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية كان نفى أمس في تصريح رسمي، تسريبات صدرت عن العقيد محمد دحلان، وزير الشؤون الأمنية السابق في حكومة محمود عباس جاء فيها أن القدومي تنازل عن حقوقه القيادية كأمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وتساءل المصدر دون اشارة إلى شخص دحلان: هل يعقل أن يتنازل القدومي في هذا اليوم، في اشارة إلى حدث وفاة عرفات، عن مهماته النضالية التي نذر نفسه لها..؟ واشار إلى أن القدومي هو من مؤسسي ثورة قادها حفنة قليلة من الرجال المخلصين من أبناء الشعب الفلسطيني منذ أكثر من اربعين عاما، كما كان أحد اربعة قيادين في حركة "فتح" قادوا معركة الكرامة في 21 آذار/مارس 1968، وذلك في اشارة إلى ياسر عرفات وصلاح خلف وخليل الوزير، وهي المعركة التي تحولت بعدها الثورة الفلسطينية المعاصرة من مجموعات مسلحة محدودة العدد والعدة إلى ثورة شاملة غيرت خارطة المنطقة ومعادلتها.

وتلفت مصادر أخرى إلى أن تسريبات دحلان تعبر عن موقف، وربما قرار اتخذه تحالف أبو مازن ـ قريع ـ دحلان ـ فتوح الذي يعمل على الاستئثار بالسلطة الفلسطينية، وإجراء تغيير شامل في النهج السياسي الذي كان يمثله عرفات قبل وفاته. وكان مجلس وزراء السلطة برئاسة قريع، قرر قبل توجهه مع أبي مازن إلى باريس، إنهاء "فوضى السلاح" في الشارع الفلسطيني، وهو الإصطلاح الذي يستخدم للإشارة إلى تفكيك فصائل المقاومة الفلسطينية، وخاصة "حماس" والجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى، استجابة للمطالب الإسرائيلية ـ الأميركية، التي تشترط ذلك لاستئناف المفاوضات السياسية على قاعدة خطة شارون التي تقضي بالإنسحاب من فقط 42 بالمئة من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين عام 1967.

وتبدي المصادر اعتقادها في أن تيار أبو مازن قرر التخلص مبكراً من القدومي، وأن دحلان الذي قام بدور حلقة الإتصال لوقت طويل مع الإسرائيليين، وحظي بدعم اميركي ـ اسرائيلي لشغل مواقع امنية متقدمة، قد يعمل على توظيف هذه العلاقة للحيلولة دون عودة القدومي، الذي لم يدخل الضفة الغربية منذ احتلالها عام 1967، خاصة وأنه يحظى بتأييد ودعم من الأغلبية الساحقة في اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وكذلك من جميع الفصائل الفلسطينية، التي تفضله رئيساً جديداً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وجدد القدومي أمس دعوته لاجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح" في الخارج. وقال في تصريح خطي وزع على وسائل الإعلام أنه حان الوقت للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تجتمع خارج الأرض المحتلة للحفاظ على سرية عملها وقراراتها، ولإتاحة الفرصة لكل اعضائها أن يتخلصوا من الضغوط النفسية التي تفرزها الأوضاع التي تحيط بهم في الأراضي المحتلة. وأضاف حان الوقت لنجتمع كلنا في اجواء مريحة ونقية ومطمئنين لكل ما يتخذ من قرارات.

أهم ما ورد في تصريح القدومي كان تأكيده على ضرورة مشاركة جميع فصائل المقاومة الفلسطينية في اتخاذ القرارات السياسية "حتى تتعزز وحدتنا الوطنية في اطار قيادي موحد"، وهذا ما تنادي به جميع الفصائل الفلسطينية الأخرى، بما في ذلك "حماس".

وكانت الجبهة الديمقراطية بزعامة نايف حواتمة أول من انتقد أداء أبو مازن، وذلك في تصريح اصدره تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية جاء فيه "إن السلوك الفئوي بتشكيل الوفد (وفد أبو مازن) وتحديد مهمته في باريس جاء دون قرار من اللجنة التي تعتبر المسؤولة اتجاه الشعب الفلسطيني والعالم عن تطورات ومصير رئيس اللجنة التنفيذية". واعتبر خالد تشكيل الوفد "يمثل استمرارية للسياسة الإنفرادية في السلطة الوطنية، ويتناقض مع التزامات الوحدة الوطنية وصلاحيات اللجنة التنفيذية للمنظمة".

ويذهب مراقبون إلى اعتبار تصريح خالد بمثابة اعتراض من فصيل رئيس على خلافة أبي مازن لعرفات، فيما اعتبر المراقبون تصريح القدومي دعوة رفض مبطنة لاستئثار تيار اوسلو بالقيادة الفلسطينية.

ويلفت المراقبون إلى أن النفي الذي صدر عن الدكتور نبيل شعث، وزير الشؤون الخارجية في السلطة الفلسطينية لتعرض عرفات للتسمم، لم يصدر عن الأطباء الفرنسيين مباشرة، إنما نسبه شعث إليهم، دون تأكيد منهم. ويقولوا إن شعث اراد بهذا النفي الذي صدر عنه في باريس، بالتنسيق مع أبي مازن، يهدف إلى الغاء مبرر أي مواجهة مع اسرائيل على خلفية تسميمها لعرفات، وذلك من أجل تسهيل انطلاق المسار التفاوضي مجدداً على قاعدة الشروط الإسرائيلية التي ظل يرفضها عرفات حتى الرمق الأخير.

وتؤكد مصادر "الحقائق" الموثوقة أن جهات نافذة وفاعلة في كتائب شهداء الأقصى قررت إنهاء حياة كل من يحاول اجراء اجراء تعديل سياسي، وتقديم تنازلات جديدة لإسرائيل، بدءا بمن يمكن أن تتشكل منهم قيادة ثلاثية تتولى تصريف الأمور ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للسلطة الفلسطينية. وسبق لعرفات أن رفض قبيل مغادرته رام الله إلى باريس تشكيل قيادة ثلاثية من كل من محمود عباس، أحمد قريع، وسليم الزعنون، واستدعى القدومي ليلتقيه في باريس، قبل أن يدخل في غيبوبة.

وتكشف المصادر أن وفد أبو مازن الذي حرص على الإشادة باللقاء الأخوي الذي حظي به من سها عرفات أبرم صفقة مع ارملة عرفات تتعلق بميراثه المالي والسياسي. وقالت المصادر إن سها طلبت أن تستأثر بنصف الودائع المالية العائدة لمنظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح"، والمسجلة لدى البنوك باسم عرفات، واسناد موقع قيادي لها في السلطة مقابل سماحها لوفد أبي مازن برؤية عرفات الذي كان في حالة غيبوبة عميقة، وتسريع اجراءات اعلان وفاته ودفنه، وتسهيل عملية نقل السلطة إلى أبي مازن وتياره دون اعتراض منها، ما دامت ستصبح عضوا في هذا التيار. غير أن المصادر لم تعرف ما إذا كان أبو مازن وافق على توريث سها نصف اموال منظمة التحرير، أم أن المساومة بينهما قد انتهت إلى مبلغ أقل.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع