ياسر عرفات وفاروق القدومي هما آخر من تبقى من القيادات التاريخية
المؤسسة للحركة
مرض الرئيس يسعِّر الصراع بين أبواللطف وأبومازن على
زعامة فتح
قنبلة سهى والتحفظ على صحة عرفات يربكان القيادة الفلسطينية
رام
الله: مارسيل عقل\الوطن9\11
فجرت زوجة الرئيس الفلسطيني سهى عرفات الوضع المتأزم في الأراضي
الفلسطينية بدعوتها الشعب الفلسطيني إلى منع "حفنة من المستورثين إلى
التوجه إلى باريس". مما زاد في ارتباك القيادات الفلسطينية التي لم
تتمكن من اتخاذ أي قرار بغياب عرفات، فيما كانت الأنباء القادمة من
باريس متضاربة بشكل يزيد الغموض المهيمن على الساحة السياسية ويمنع
اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال فراغ رئاسي.
فحالة الضبابية بشأن الوضع الصحي للرئيس الفلسطيني، تنعكس على أعلى
المستويات القيادية في الأراضي الفلسطينية حيث يخيّم الغموض والارتباك
في معظم مؤسسات السلطة الوطنية. حيث تعقد اجتماعات متلاحقة للمجلس
التشريعي والحكومة الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة
التنفيذية لمنظمة التحرير ونقاشات داخل مجلس الأمن القومي، هذا
بالإضافة إلى اجتماعات على مستوى الفصائل والأحزاب والمنظمات
الفلسطينية بكافة اتجاهاتها. ولكن لا إجابة عن الأسئلة الكثيرة: ما
العمل بغياب الرئيس الفلسطيني؟ من يستلم السلطة أو السلطات؟ كيف ينبغي
تنظيم عملية الانتقال؟ ما السبيل لتجنب الفوضى والانفلات الأمني؟
خاصة وأن البيت الفلسطيني شديد التعقيد أصلا ويزيد من خطورته الآن غياب
عرفات الذي كان يجمع بين يديه كافة مفاتيح السلطة، أي الرئاسات الثلاث
(رئاسة فتح، رئاسة منظمة التحرير، رئاسة السلطة الوطنية) هذا بالإضافة
إلى رئاسة عدد كبير من المؤسسات المدنية والعسكرية ومنها مجلس الأمن
القومي.
فياسر عرفات، إضافة إلى فاروق القدومي هما آخر من تبقى من القيادات
التاريخية المؤسسة للحركة، بعد اغتيال أو وفاة الرعيل الأول من كوادر
التنظيم: خليل الوزير (أبوجهاد) وصلاح خلف (أبوأياد) اغتيلا في تونس.
خالد الحسن (أبوالسعيد) توفي في المغرب. أبويوسف النجار وكمال عدوان
اغتيلا في بيروت، وأبوصالح (توفي في دمشق).
وبغياب عرفات يبدأ الصراع على قيادة فتح ولجنتها المركزية ورئاسة منظمة
التحرير الفلسطينية. إلا أن قيادة فتح تكتسب أهمية قصوى إذ إن توزيع
الأدوار على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية يتم بناء على نتائج
الصراع على قيادة الحركة.
كما تشتد المنافسة على رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية وإطارها الأساسي
أي اللجنة التنفيذية التي تضم أغلب المنظمات الفلسطينية باستثناء حركتي
حماس والجهاد الإسلامي. ويدور الصراع أساسا بين أمين سر اللجنة
المركزية لحركة فتح رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية
أبواللطف (فاروق القدومي) ونائب أمين سر اللجنة المركزية للحركة
أبومازن (محمود عباس) .
وليس من المستبعد أن يحسم الصراع الدائر حاليا في صفوف حركة فتح
للسيطرة على السلطة الوطنية الفلسطينية لصالح أبومازن. إلا أن الأخير
وإن نال مباركة تل أبيب وواشنطن، لا يحظى بقاعدة شعبية قوية قادرة على
دعمه لبلورة برنامج قابل للحياة. كما أن نسبة كبيرة من الفلسطينيين
تتهمه بالتبعية لإسرائيل وخاصة بعد الخطاب الذي ألقاه في قمة العقبة
والذي تحدث فيه عن "القضاء على الإرهاب". وقد قامت مجموعة مسلحة
بالمسدسات والعصي بإطلاق النار في الهواء أمام منزل أبومازن في رام
الله الأسبوع الماضي (قيل إنها تنتمي إلى حركة فتح). و يراهن الكثيرون
على فشل أبومازن في إدارة السلطة الوطنية لطرح أسماء قياديين مثل مروان
البرغوثي وغيره من القيادات الناشئة التي برزت في الآونة الأخيرة في
كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح.
ومثلها مثل الجناح العسكري لحركة فتح، تشهد بقية الفصائل الإسلامية
والوطنية إعادة نظر شاملة على مستوى القيادة ومنها حركة حماس التي خسرت
عددا من قيادييها في عمليات الاغتيال الإسرائيلية. ويبدو أن الاجتماع
الذي عقد في غزة بين أبوعلاء وقادة الفصائل الفلسطينية لم يأت بنتيجة
لذا عبر وزير شؤون المفاوضات صائب عريقات عن أمله في ان يبادر المصريون
إلى تفعيل الحوار بين الفصائل والسلطة للتوصل إلى ورقة عمل مشتركة.
وكانت هذه المسألة ضمن المواضيع التي بحثت في المقاطعة يوم الأحد
الماضي إضافة إلى الخطة الأمنية التي اقترحها أبوعلاء ووافق عليها مجلس
الأمن القومي. ويبدو أن الأوضاع الأمنية متدهورة في غزة حيث يسود تسيّب
أمني بغياب سلطة قادرة على الإمساك بزمام الأمور.
على أي حال وعلى الرغم من موقعهم على أعلى هرم السلطة، فإن زيارة أعضاء
الوفد الفلسطيني إلى باريس، يغلب عليها الطابع القيادي الفتحوي. فأحمد
قريع ومحمود عباس ونبيل شعث هم أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح.
وقد خلصت اجتماعات مختلف هيئات الحركة إلى ضرورة اطلاعهم على الوضع
الصحي لعرفات بشكل عيني ومباشرة من الفريق الطبي المشرف والتنسيق مع
السلطات الفرنسية وأيضا مع سهى عرفات، الوحيدة المخولة حسب القانون
الفرنسي، إصدار البيانات عن صحة عرفات، أو قطع آلات الإنعاش الاصطناعي
على أن يعودوا إلى رام الله لاتخاذ القرارات المناسبة على ضوء
مشاهداتهم في باريس.
|