"الوطن" تنفرد بنشر نص كلمته النارية للمجلس الثوري

القدومي ينتقد فردية عباس ويرفض ربط المصير الفلسطيني بالسياسات الأميركية

ـ وصل دمشق ورفض التوسط لعباس زكي ويلقي كلمة "فتح" في مهرجان احياء ذكرى عرفات
 

عمان ـ شاكر الجوهري: 9/11/2005

وصل فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" إلى دمشق مساء أمس (الإربعاء) قادما من المغرب, للمشاركة في مهرجان جماهيري يقام في مخيم اليرموك غدا الجمعة, في الذكرى الأولى لوفاة ياسر عرفات, فيما شن هجوما حادا في اجتماعات المجلس الثوري للحركة, التي انعقدت في غزة في السابع من الشهر الجاري على سياسات محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية للسلطة.

زيارة القدومي للعاصمة السورية هدفها هذه المرة إلقاء كلمة في المهرجان الجماهيري الكبير الذي سيقام احياء للذكرى الأولى لوفاة القائد الفلسطيني, وسيعقد عددا من اللقاءات الثنائية مع قادة الفصائل اعتبارا من مساء أمس. وتؤكد المصادر أن القدومي لم يطلب بعد عقد لقاء موسع مع قادة الفصائل, دون اغلاق الباب أمام عقد مثل هذا الإجتماع.

المصادر تتساءل عما إذا كان الإجتماع الموسع, في حال عقده, سيعاود بحث اقتراح القدومي تشكيل لجنة للأمناء العامين للفصائل, وذلك في ضوء وجود توجه لدى اللجنة المركزية لحركة "فتح" بعدم الموافقة على تشكيل هذه اللجنة, وتراجع الفصائل عن تأييد الفكرة, ما لم يوافق القدومي على ضم "فتح/الإنتفاضة" إليها, وهو ما لا يستطيعه, لوجود قرار سابق للجنة المركزية لحركة "فتح" بحظر الإتصال مع "المنشقين".

القدومي وصل دمشق قادما من المغرب, حيث أمضى عطلة عيد الفطر لدى احفاده. وتقول المصادر إن رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية ارتأى مغادرة تونس قبل فترة زمنية من موعد انعقاد القمة العالمية لتكنولوجيا المعلومات, التي سيشارك فيها ارئيل شارون رئيس وزراء اسرائيل, وسلفان شالوم وزير خارجيته, وذلك تجنبا للإحراج لاضطراره إلى مقاطعة فعاليات القمة, والمناسبات التي تقام على هامشها, وهو الذي يرتبط بعلاقات قوية مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

وتقول المصادر إن القدومي رفض التوسط لعباس زكي عضو مركزية "فتح"، الموجود حاليا في بيروت على رأس وفد يمثل السلطة الفلسطينية، لتوافق دمشق على استقباله، حين اتصل به لهذا الغرض، وأبلغه أنه (القدومي) ذاهب إلى دمشق، ما يعني عدم ضرورة ذهاب زكي.

"الوطن" حصلت على نص الكلمة التي بعث بها القدومي, وقرأت في اجتماع المجلس الثوري لحركة "فتح", وتضمنت نقدا حادا لمواقف وسياسات محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية, وممارسات الأجهزة الأمنية للسلطة, كما انتقد ما أسماه بتناسي وحدة القيادة, وعدم انتظام انعقاد اللجنة المركزية لحركة "فتح" في الخارج, خلافا لما تم الإتفاق عليه لدى اجتماعها في عمان. واتهم عباس بأنه ينطق باسم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ويصدر قرارات باسمها وهو عالم أن اجتماعاتها غير شرعية لغياب أكثر من ستة من اعضائها. وتساءل القدومي, بعد أن شخّص سياسات السلطة الفلسطينية "هل انتهت مهمتنا النضالية..؟". وأكد "يجب أن لا نربط مصيرنا بالولايات المتحدة واهدافها السياسية, بل لا بد أن نفصح بشجاعة عن معارضتنا لهذه السياسة المتآمرة على المنطقة العربية والإسلامية بأسرها".

شرعية اجتماعات التنفيذية

وكانت اللجنة القانونية في المجلس الوطني الفلسطيني انعقدت برئاسة سليم الزعنون رئيس المجلس, وأفتت بشرعية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واجتماعاتها, وما يصدر عنها من قرارات, بالضد مما يراه القدومي من عدم شرعية اللجنة واجتماعاتها لغياب سبعة من اعضائها, ما يفقدها النصاب القانوني, لأن هذا العدد يزيد عن ثلث أعضاء اللجنة (18 عضوا).

وكان القدومي طالب بانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة, وهو ما احالته اللجنة التنفيذية لرئاسة المجلس الوطني الفلسطيني للنظر فيه, حيث أقرت اللجنة القانونية فقدان أربعة أعضاء فقط لعضويتهم في اللجنة بسبب الوفاة هم ياسر عرفات, ياسر عمرو, سليمان النجاب وفيصل الحسيني, وقالت الفتوى إن القدومي نفسه انتخب في المجلس الوطني الذي انعقد بغزة عام 1996 باعتباره ممثلا للخارج وغير قادر على حضور اجتماعات اللجنة في الداخل, وبالتالي لا يجوز الإعتداد بفقدانه لعضويته في اللجنة, خاصة وأنه يمارس مهام عضويته في الخارج. وقالت الفتوى أنه لا يجوز اعتبار عبد الرحيم ملوح فاقدا لعضويته في اللجنة التنفيذية بسبب وقوعه في الأسر الإسرائيلي, لأن ذلك يشجع اسرائيل على اعتقال آخرين من أعضاء اللجنة.

أما بالنسبة لسليمان النجاب, فلفتت اللجنة إلى أن المجلس المركزي سبق أن قرر أن يحل محله حنا عميرة, فيما لم تقبل استقالة أسعد عبد الرحمن لأن قبول الإستقالة هو من اختصاص المجلس الوطني.

وخلصت الفتوى من ذلك إلى أن اللجنة التنفيذية تستطيع مواصلة عملها, ما دام عدد المقاعد الشاغرة لا يزيد عن ثلث الأعضاء.

وكان القدومي وصف أعضاء اللجنة القانونية بالجهلة, لدى اطلاعه على نص فتواها. وتقول أوساط مقربة من القدومي إن هذه الفتوى مخالفة لنص المادة (21) من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تقرر "يتكون النصاب القانوني للجنة التنفيذية من ثلي اعضائها, وتتخذ قراراتها بأغلبية اصوات الأعضاء الحاضرين". وعلى ذلك, فإن النصاب القانوني لاجتماعات اللجنة هو اثني عشر عضوا, في حين أن هذا النصاب لا يتوفر بغياب عرفات, وعمرو, والحسيني, وعبد الرحمن, وملوح والقدومي والنجاب. وينحصر الجدل الآن حول شرعية تعيين بديل للنجاب من قبل المجلس المركزي, في حين أن المادة 14/ب تقرر "شغل الحالات الشاغرة في اللجنة التنفيذية من قبل المجلس الوطني الفلسطيني".

نص كلمة القدومي

هنا نص كلمة القدومي لاجتماعات المجلس الثوري:

     الأخ أمين سر المجلس الثوري

الأخوة الأعضاء

تحية الثورة .. تحية فلسطين

إن تاريخ حركات التحرر الوطني ينبؤنا بأن من أهم أسس وعوامل نجاح هذه الحركات في كفاحها  بناء الجبهة الوطنية التي تضم كل القوى الوطنية، فيقوى الكفاح الشعبي ويتصاعد وتضيق فرص تسلل العدو إلى صفوف الحركة الوطنية.

  أما في حالتنا هذه فالأمر يختلف، حيث يبدو أن مجتمعنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة منقسم على نفسه تجاه واجباته الوطنية. هناك تيارات سياسية متعارضة، بسبب الممارسات الإنفرادية من قرارات رئاسية متلاحقة وتصريحات عبر الفضائيات دون مرجعيات سياسية معتمدة، ومظاهر التطاول لصغار العاملين على مهام كبار المسؤولين أصحاب التجارب الطويلة, قد خلط الحابل بالنابل، فغاب النظام وتشتت التنظيم واستشرى الفساد في أجهزة السلطة واداراتها، فمنذ أن عقدت اتفاقات اوسلو وقبلنا بالحكم الذاتي المحدود، و ظن البعض منا أننا قد حققنا المرجو بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن الأمن قد استتب والإستقرار قد عم, فبدأنا نتصرف وكأننا في حالة طبيعية لا حاجة لنا إلى المقاومة والكفاح، بينما الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة والشهداء يسقطون رغم إعلان الهدنة.  نهدد بكلمات نازية وحين تقوم بعض فصائل المقاومة بعملية مسلحة ضد العدو، تسارع السلطة إلى ادانتها وشجبها .

  بعد أن اجتمعت اللجنة المركزية في عمان، قلنا أن اللجنة ستتابع اجتماعاتها لتقييم اوضاعنا التي نطالب بإصلاحها، ولكن "عادت حليمة لعادتها القديمة", و نسينا أو تناسينا وحدة القيادة وتماسكها، بل إن رئاسة السلطة الفلسطينية استطاب لها اغتصاب مسؤوليات دوائر منظمة التحرير الفلسطينية وتناست قرارات المجلس الوطني، ونطقت باسم اللجنة التنفيذية, وهي تعلم أن قراراتها ليست شرعية بسبب غياب أكثر من ستة من اعضائها، بل إن الرئاسة بدأت تصدر قرارات باسم اللجنة التنفيذية بغياب جميع اعضائها، كما أن بعض أعضاء اللجنة المركزية يعلنون أنهم اجتمعوا, ولا علم لنا بذلك، وأنهم سيعقدون اجتماعا في القريب في الخارج ولا يتم الإجتماع.

  إن الفلتان الأمني الذي يعم غزة، مسألة خطيرة ومقلقة, خاصة بعد أن خرج الجيش الإسرائيلي من القطاع، فأنتم أيها الأخوة تعيشون هذه المشاكل وما يترتب عليها كل يوم، فلا بد من السيطرة على زمام الأمور بتعاون جميع القوى الفلسطينية وفصائلها  ووضع حد لهذه المسألة.

مهمات الأجهزة الأمنية

  المطلوب من الأجهزة الأمنية أن تحذر وتحمي المواطنين من الأخطار قبل وقوعها، وإن من أهم الواجبات المنوطة بالمؤسسات الأمنية في حركات التحرر الوطنية هي ما يلي:

1-   الحفاظ على أمن المواطن وممتلكاته وامواله وعدم المساس بها.

2-   الحرص على استمرار الثورة ومؤسساتها القائمة والعاملين فيها.

3-   التعامل باحترام مع المواطنين.

4-   مراقبة الأنشطة المعادية ومتابعتها بشكل دائم عن طريق جمع المعلومات عنها للتمكن من كشفها, ووضع الخطط اللازمة لإفشالها أو الوقاية منها.

5-   توفير القناعة لدى العاملين في الأجهزة الأمنية بالبرنامج السياسي للسلطة الوطنية الفلسطينية.

6-   احترام قواعد العمل الأمني والإلتزام بها, وممارسة السلوك الأمني بعيدا عن الفئوية في الإطار الأمني وعدم الإنتماء للجهات الخارجية.

  لقد كان البوليس العربي الفلسطيني أثناء الثورات الفلسطينية المتعاقبة, وأثناء الإنتداب البريطاني خاصة, يشكل عينا ساهرة للثورات الفلسطينية، يقوم بتأدية واجباته الوطنية بكل أمانة واخلاص، ويحرص على حماية الثوار وينجيهم من المأزق كلما دعا الأمر، فهل أجهزة الأمن الفلسطينية في هذا الزمن تساند رجال المقاومة وتحمي المواطنين بدلا من الإنصراف  إلى المهام الأخرى أو البحث عن المطاردين من رجال المقاومة، أو التستر احيانا على بعض المتعاونين الذين يعملون مع العدو، والذين يتجسسون على المناضلين ويرشدون العدو عن اماكن تواجدهم، واحيانا يقومون بعمليات تخريبية, وقل أن يجد هؤلاء حسابا أو عقابا، علما بأن رجال الأمن في السلطة الوطنية كثر وينتشرون في كل المناطق المحتلة والآهلة بالسكان، وبإمكانهم أن يحدون من نشاط المتعاونين وأن يفشلوا الكثير من حملات العدو الإسرائيلية على المدن و القرى، فأبواب المدن والقرى على ما يبدو ابواب مفتوحة لجنود الإحتلال وفرق المستعربين، ولا رقيب لهذه الإختراقات المفضوحة، وكأن أجهزة الأمن لا يعنيها ما يحصل.

الأوضاع السياسية

أما الأوضاع السياسية، فلا تبشر بخير بعد التصريحات التي ادلى بها الرئيس الأميركي بوش بعد زيارة الأخ أبو مازن، ومن بعده شارون وموفاز. ما زالت حكومة شارون تقوم بأعمال انفرادية واحادية الجانب تنكر وجود طرف فلسطيني شرعي له حقوق وطنية مشروعة, أقر بها المجتمع الدولي في جميع قرارات الأمم المتحدة المعنية، فاستمرار اعتداءات اسرائيل على قطاع غزة تعني أن خروج الجيش الإسرائيلي لم يكن انسحابا من أرض اجنبية تعود للشعب الفلسطيني كحق مشروع، بل إعادة انتشار يمكن أن يتعامل معها بالإعتداءات أو أن يعود إليها بجيشه من جديد.

إننا نلاحظ أن اللجنة الرباعية لا تحرك ساكنا لتمنع اسرائيل من اعتداءاتها المذكورة على قطاع غزة، ولكنها في نفس الوقت تهلل لانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، الذي كان بفضل المقاومة الفلسطينية .

  ثم أين هو الموقف الأوروبي من هذه الأحداث..؟ فرنسا وبريطانيا وغيرهما متضامنين مع الولايات المتحدة الأميركية في صنع الفتن والمؤامرات ضد سوريا ولبنان، واتهام كل القوى الوطنية في هذين البلدين العربيين باقتراف جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، الذي ذهب ضحية لأطماع الولايات المتحدة وبريطانيا في السيطرة على النفط العربي، وتخفيف ضغوط المقاومة العراقية عن الإحتلال الأميركي – البريطاني للعراق الشقيق, ونزع المقاومة من الحياة اللبنانية وحصار المخيمات.

  والآن بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة وتدميره لمستوطناته السابقة، هل تشعر السلطة الوطنية الفلسطينية بأنها صاحبة الرأي والنهي في مصير قطاع غزة، أم أن اسرائيل ما زالت تتجاهل الطرف الفلسطيني وتجري المفاوضات بشكل رسمي مع الأشقاء في مصر، وهل قبلنا بوجود طرف ثالث عن قناعة, حتى و لو كان الطرف الثالث هو الإتحاد الأوروبي ..؟

  وهنا لا بد أن نسأل انفسنا، هل انتهت مهمتنا النضالية، عند خروج الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة..؟ وما هي مخططاتنا المستقبلية لقطاع غزة..؟ ألا تعتقدون أنه من الضرورة إنشاء المجلس الإقتصادي للتخطيط والتنمية الإقتصادية..؟ وأن يعمل جميع المستثمرين والممولين من خلال هذا المجلس وتحت اشرافه، أم ستعود اسرائيل و شركاءها إلى قطاع غزة كما نادى بذلك بيريز والرئيس السابق كلنتون وغيرهما..؟

  إلى متى يستمر الحصار والإعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة و شعبها المناضل..؟ ألم يحن الوقت لتعرض القضية على مجلس الأمن ليصدر قراراً يلزم اسرائيل باحترام سيادة القطاع, ويحول دون اعتداءاتها على اراضيه..؟ إن اللجنة الرباعية مدعوة إلى عرض المسألة بأسرع ما يمكن على مجلس الأمن, كما أن المجموعة العربية معنية بذلك.

  يجب أن لا تبقى قضيتنا كرة تتقاذفها الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي بعيدا عن الأمم المتحدة و قراراتها في الجمعية العمومية ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، وما يساندها من قرارات في المؤتمرات الدولية لدول عدم الإنحياز، والمبادرة العربية والإسلامية التي أقرت حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وعودة اللاجئين إلى ديارهم قبل تطبيع العلاقات مع اسرائيل.

  يجب أن لا نربط مصيرنا بالولايات المتحدة واهدافها السياسية، بل لا بد أن نفصح بشجاعة عن معارضتنا لهذه السياسة المتآمرة على المنطقة العربية و الإسلامية بأسرها.

نتمنى لاجتماعاتكم كل توفيق ونجاح والله الموفق. 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع