الحكومة والمسافة الزمنية بقلم:عدلي صادق

 

الحكومة والمسافة الزمنية
بقلم:عدلي صادق
في مسألة التشكيل الحكومي، يرى البعض، أن التغيير لا ينبغي أن يكون شاملاً، لأن المسافة الزمنية التي تفصلنا عن انتخابات التشريعي، باتت قصيرة، وبالتالي يتوجب أن يكون التغيير طفيفاً، لكي لا نصبح بين كل فترة وأخرى، بصدد تشكيل جديد، وعملية جديدة، للحصول على ثقة المجلس التشريعي!

إن كان طرح هذا الكلام، عن جهالة، فإن المسألة بسيطة، أما إن كان طرحه عن تجاهل، أو عن تملص، أو على سبيل التفخيخ، فإن الأمر يصبح خطيراً، لأن المسافة القصيرة، التي تبقت، للاستحقاق الانتخابي الكبير، هي السبب الذي يضطرنا للدعوة الى حكومة محترمة، يلمس الناس من خلالها، أننا بصدد عملية تغيير حقيقي. ومن خلال حكومة ملائمة، يمكن المساعدة على إنقاذ "فتح" مثلما يمكن دعم الرئيس محمود عباس، بجرعة مكثفة من الصدقية، بما يتناسب مع برنامجه الانتخابي. أما تكريس الحكومة التي تضم عناصر، مشتبه في ضلوعها في قضايا فساد، وفي موضوع الاسمنت الذي هو أسوأ وأخطر من قضيايا الفساد؛ فليس من شأنه إلا أن يعطل توجهات أبي مازن، بل من شأنه أن يتسبب في إشكالية للرجل، إن وافق على حكومة كهذه. وبالإضافة الى ذلك، فإن "فتح" ستدفع ثمناً باهظاً!

* * *

بدأت محاولات تبليع الرأي العام الفلسطيني، فكرة أن توريد الإسمنت للجدار العنصري، لم تكن إلأ مؤامرة صهيونية، لكي ننشغل في بعضنا البعض، ولكي تتعطل طاقاتنا "الثورية". الآن، أصبح النائب العام، مدعواً لأن يُدلي بدلوه، لكي يخرج فيقول إن القضية ذات ملف ناقص وغير مكتمل، ويمكن إغلاقها لعدم كفاية الأدلة، بل يمكن معاقبة من يثيرها، بشبهة الترويج للفخ الإسرائيلي، أو القبض من شركة "نيشر" الاسمنتية المتضررة من التوريد. وكأن المعنيين، لا يعرفون كيف بات الملف ناقصاً، وكيف تعثر التحقيق، وكيف صدرت صكوك البراءة لشركات بعينها، فيما هي تحت التحقيق، وكيف استخدمت رمزيات السلطتين، التشريعية والتنفيذية، لإصدار شهادات "لمن يهمه الأمر" تفيد بحُسن السير والسلوك!

من حق الجماعة المتنفذين، أن يفترضوا البلاهة في الرأي العام الفلسطيني، لأنهم ظنوا بأن هذا الرأي العام، ابتلع الكثير من أنماط سلوكهم، وهو الذي يرى بأم عينه، كيف تنفق الأموال الفلسطينية، في بنود إنفاق، للاستهلاك وللراحة الشخصية، وللسيارات الألمانية الصنع، تستحي أن تقررها موازنات الدول الصناعية الكبرى. فبالتالي لماذا لا تمر حكاية الاسمنت، على رأي عام بهذه الذهنية الشعبية البليدة، مثلما يتصورونها!

يريدون أن لا يكون هناك موضوع اسمنت، لكي تكون الحكومة كما يريدون. وأن يظل قانون التشكيل، كما هو: من الصعب على الفاسد أن يخرج، ومن المستحيل على النظيف والكُفؤ أن يدخل. ويريدون أن لا يكون هناك فساد، لكي تكون التعديلات الحكومية طفيفة، ولا علاقة لها بطرد فاسدين، ويريدون تناسي الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، والتركيز على أن المسافة الزمنية قصيرة، ولا تستحق تغيير جذري، وكأن الحكومة وتشكيلتها، ليست الوسيلة الإيضاحية الوحيدة، المتوافرة لنا، والتي من شأنها إقناع الناس، بأن التغيير قد بدأ، وأن الناس مدعوّة لأن تؤيدنا في باقي البلديات، وفي "التشريعي" لكي ننهض من عثرتنا!

أدعو الرئيس أبو مازن، الى خطف مأثرة رفض الحكومة التي فيها أي عفن، وأدعو "التشريعي" الى التهيؤ لإسقاط الحكومة، التي تضم عنصراً واحداً، ورد اسمه في تحقيق لم يكتمل، وفاءً للأمانة، وخدمة لأنفسهم، إن أرادوا البحث عن تجديد لثقة الناس بهم!

www.adlisadek.com

 

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع