نواب شعب أم نواب نهب؟!
الخميس 24 شباط 2005
بقلم مهيب النواتي
قد
يمثل ما طرح مؤخرا عن تشكيل حكومة تكنوقراط من خارج أعضاء
المجلس التشريعي الفلسطيني مخرجا لهذه الأزمة المتعلقة بالحكومة
الفلسطينية. وعلى
ما
يبدو أن حالة التجاذب طيلة الأيام الأربعة الماضية لم تكن كافية لحسم
الأمور
تجاه حكومة فلسطينية يرغب الشارع الفلسطيني أن يرى خلالها وجوها جديدة
غير تلك
الوجوه التي طال عمر بعضها على عشر سنوات دون أن تقدم شيئا تستحق عليه
البقاء طيلة
هذه
المدة, ناهيك عن وجود وزراء أشارت لهم تقارير بالفساد, بعضها أعدها
نواب ولجان
من
المجلس التشريعي نفسه.
في
اتصال هاتفي مع أحد المسؤولين عن إقرار التشكيل الحكومي أوضح لي
أن
الأمر لم يعد خلافا بين أبومازن أو أبوعلاء, ولم يعد رغبة الأول في
التغيير
الكلي أو رؤية الثاني للتعديل, لقد تجاوز الأمر ذلك بكثير ليصبح القرار
هو قرار
المستوزرين من نواب المجلس التشريعي الذين باتوا يساومون بشكل علني على
إعطاء
أصواتهم للحكومة إذا ما كانوا وزراء فيها، وإلا فإنهم سيقلبون الطاولة
وسيصوتون ضد
الحكومة لإسقاطها.
هذه
الرؤية السوداوية قد لا تكون غريبة أو عجيبة, لسبب بسيط يتمثل في
أن
هؤلاء النواب أدمنوا أن يكونوا وزراء, ولم يعد هناك سوى جزء قليل يعد
على أصابع
اليد من أعضاء المجلس التشريعي "خاصة كتلة فتح" الذين لم يجلسوا على
كرسي الوزارة
مرة
واحدة على الأقل, هؤلاء النواب الذين أفرزوا كنواب عن الشعب تناسوا هذا
الأمر
لأن
"لزقة" الكرسي وراتب الوزير وامتيازاته, وأضواء الكاميرات, والنفوذ
والسلطة,
والسفر والمؤتمرات والعلاقات, أصبحت تمثل لهم قمة الإنجاز وصفوة
النجاح, أما الحديث
عن
هموم الشعب ومشاكله وأمانيه وتطلعاته فهي باتت كابوسا لهم يجب التخلص
منه من
خلال اليقظة الدائمة على كرسي الوزارة لا من خلال النوم في أحضان كراسي
التشريعي.
قبل
أيام طالبنا أعضاء المجلس التشريعي ألا يصوتوا على الحكومة
المقترحة "آنذاك" لأنها كانت حكومة أعضاء تشريعي خاصة من تحدثنا عن
فسادهم, أما
اليوم فإننا نقول لهم عليكم بإنجاح هذه الحكومة من خارج التشريعي في
حالة عدم
تضمنها لأي شخص مشتبه بفساده أو سوء أداءه, هذا لأنكم نواب شعب, والشعب
قال كلمته
بأنه لا يريد أن يرى وزراء قدامى, أما ما يقال عن أن نواب الشعب هؤلاء
لن يدعموا
حكومة التكنوقراط المقترحة لأنها تسحب منهم كراسي الوزارة فإن هذا
الأمر سيضعهم في
مصاف أكثر خطورة مما هم عليه, إذ أن مسمياتهم في الشارع الفلسطيني
ستتجه من "نواب
شعب" لتصبح "نواب نهب" وانتهازية, لذلك فإنه من غير المسموح لهم أن
يسقطوا هذه
الحكومة لأن مصالحهم تتعارض معها, وقد يمثل دعم النواب لمثل هذه
الحكومة "المخرج"
أملا ولو ضئيلا لبعضهم لكي يكون له دور في الانتخابات التشريعية
القادمة التي باتت
على
الأبواب ولن يفصلنا عنها سوى خمسة أشهر أو أقل.
|