وثيقة تنظيمية هامة من اقليم الأردن للمؤتمر العام تنفرد بنشرها "الوطن" 3/3

خط الخضوع انقلب على تيار الثورة في السلطة الفلسطينية منهياً تعايش المتناقضات

 

8/12/2005

ـ اخضاع السلطة لمنظمة التحرير وارادتها السياسية في مقدمة الإصلاحات المطلوبة للمرحلة المقبلة

ـ منع السلطة من اقامة أي مؤسسة أو هيئة أو وزارة تتعارض مهامها ودور منظمة التحرير في الخارج

ـ المطالبة بإعادة بناء المجلس الوطني على قاعدة الثلث للداخل والثلثين للخارج بأغلبية الثلثين للفصائل

ـ مطلوب رفع الغطاء السياسي والأمني عن الفاسدين واللصوص وتقديمهم للقضاء واسترجاع المسروقات

عمان ـ شاكر الجوهري:

رفعت قيادة تنظيم حركة "فتح" في الأردن تقريرا بالغ الأهمية الى فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية للحركة بعيد وفاة ياسر عرفات رئيس الحركة السابق, ضمنته ملاحظات نقدية لواقع التعامل مع التنظيم من قبل قيادة الحركة, واحلال قوى وأجهزة أمنية محل الأطر القيادية للتنظيم, ولمحة تاريخية تناولت تعاقب القيادات على هذا التنظيم منذ ما بعد 1970, وتأثيرات اتفاقات اوسلو عليه.

التقرير الذي رفع للقدومي من خلال عباس زكي المشرف على التنظيم في الأردن, يتناول المهمات التي انجزت بعد أن آل الإشراف على التنظيم الى عباس زكي. ثم يستعرض التقرير تطور وتقلب العلاقة بين الحكومة والأجهزة الأمنية الأردنية والتنظيم, ويخلص من كل ذلك الى جملة نتائج وتوصيات هامة.

ثم ينتقل التقرير الى تناول اعادة بناء وتصحيح اوضاع منظمة التحرير الفلسطينية, مسجلا الخسائر التي لحقت بها, وما يتوجب عمله من أجل الحفاظ عليها واعادة بنائها.

ويختم التقرير بذات اللغة النقدية, مشخصا واقع السلطة الفلسطينية والإصلاح المطلوب انجازه فيها.

هنا نص القسم الثالث من التقرير الوثيقة, الذي تنفرد "الوطن" بنشره:

وبالتالي خسرت منظمة التحرير الفلسطينية, بالإضافة إلى شكلها ومضمونها الوطني التحرري, وقبل مرحلة المفاوضات الجدية مع العدو الصهيوني, العناصر المهمة التالية:

أ ـ الدعم المادي والسياسي والإعلامي, والشرعية العربية لنشاطها, كمنظمة وطنية بين جماهير الأمة, حيث كانت منظمة التحرير الفلسطينية تتقاضى مخصصات دولة مواجهة, من الجامعة العربية التي قامت بإنشائها عام 1964, ضمن آفاق العمل القومي لتحرير فلسطين, والدور العربي لإنجاز مهمة التحرير, الذي كان يقوده الزعيم القومي الراحل جمال عبد الناصر, والذي أعطى في حينه الدور الخاص والمميز لمنظمة التحرير الفلسطينية, في الجمع بين المجهود الشعبي العربي لدعم واسناد الكفاح الوطني الفلسطيني على امتداد كل ساحات الوطن العربي الكبير, والقوى العربية الرسمية التي يجب أن تقوم بعملية التحرير من خلال قواتها المسلحة, وكذلك استخدام جميع الوسائل الإعلامية والدبلوماسية العربية, لبناء التضامن العربي والدفاع عن شرعية الوسائل النضالية التي تمارسها منظمة التحرير الفلسطينية, ضد العدو الصهيوني في كل مواقع النضال والمواجهة مع هذا العدو.

ب ـ خسرت منظمة التحرير الفلسطينية اضافة إلى بنيتها الوطنية الخاصة في الخارج, جميع اللجان والمؤسسات والمنابر الشعبية العربية, الداعمة والمساندة لكفاح الشعب العربي الفلسطيني في جميع الساحات العربية, وبالتالي خسرت الموقف الشعبي الضاغط على الحكومات العربية, لدعم واسناد الكفاح الوطني الفلسطيني.

ج ـ خسرت منظمة التحرير الفلسطينية, وحدة التكوين الثقافي والنفسي العربي, الذي قام على قاعدة المقاومة للصهيونية والإستعمار في البلاد العربية, ولا زال قادرا في هذا الإطار على اغلاق كل منافذ التطويع والخضوع لسياسة الأمر الواقع, التي تحاول الصهيونية العالمية وادواتها المحلية, فرضها على الإنسان العربي.

د ـ خسرت منظمة التحرير الفلسطينية, كل حلفاء النضال الفلسطيني في الإطارين الإسلامي والعالمي, وكذلك الحركات الفكرية والسياسية المناهضة للرجعية والفاشية والعنصرية والعولمة, وجميع المساعي الدولية, القائمة على محاربة التفرد الأميركي ـ الصهيوني في قيادة العالم, وتحديد مساراته, هذا فضلا عن فجيعتها للشعوب التي كانت تقدم للنضال الوطني الفلسطيني كل انواع التدريب والتسليح والمساعدات المادية والسياسية على حساب ابنائها, وقوى العمل والإنتاج فيها, هذا فضلا عن خسارتها لشعبها, عندما اعترفت بحق الكيان الصهيوني بالوجود, مقابل اعتراف هذا الكيان بها, بدلا من الإعتراف الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير, وهو الأمر الذي أدى إلى خسارتها لجميع مظاهر تأثيرها في الواقع المحلي والعالمي, والتعامل معها كإطار عام متنازع عليه, بين قوى وتيارات فلسطينية غير منسجمة مع ذاتها, وتسير بقضية شعبها نحو الهبوط والإنحدار.

خطوات للإصلاح

وانطلاقا من هذه الحقائق, وتأكيدا على أهمية اعادة الدور الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في قيادة النضال الوطني الفلسطيني, فإننا نؤكد على ما هو آت:

1 ـ اعادة اصلاح وتصويب الخط السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية, على قاعدة القواسم المشتركة بين فصائل وتنظيمات المجتمع الفلسطيني, وقواه الحية المناضلة, ووحدة القضية الوطنية لشعبنا المناضل, غير الخاضعة للتجزئة والتفريط, وحمايتها من جميع الإسقاطات والإختراقات السياسية, التي تسعى التيارات الإنهزامية إلى فرضها على الشعب العربي الفلسطيني, واعادة الهيبة والإحترام للعمل الوطني الفلسطيني في الأوساط الشعبية والرسمية العربية والعالمية, وبناء موقف سياسي عربي داعم ومساند للنضال الفلسطيني, القائم على التمسك بالشرعية الدولية, وحق العودة والتعويض, واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

لقد أصبحت المرحلية السياسية حقيقة موضوعية في العمل الفلسطيني, ضمن الظروف والمعطيات القائمة في الواقع المحلي والعالمي, وقد حزمت جميع التنظيمات الوطنية والإسلامية أمرها بهذا الإتجاه, وهو الأمر الذي يفرض ضرورة التوحد على برنامج سياسي واضح ودقيق, يمكن من صيانة حقوق شعبنا المناضل, يؤدي إلى خلق واستملاك الأداة النضالية الضاغطة والقادرة على انجاز هذا البرنامج.

2 ـ اعادة بناء سلطة القرار الوطني الفلسطيني, والإسراع في اعادة الوحدة لمنظمة التحرير الفلسطينية في جميع مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والمالية والإدارية والأمنية والعسكرية, بما يمكن من اعادتها إلى مشروعيتها الوطنية والقومية, كإطار شرعي جامع لوحدة الشعب العربي الفلسطيني, ووحدة الجهد والدور القومي, الذي يجب أن تقوم به الأمة في حماية القضية والنضال الفلسطيني, وجبهة وطنية حقيقية قادرة على توحيد جميع المنظمات والفصائل الوطنية والإسلامية, والتيارات والقوى الفكرية والإقتصادية والإجتماعية.

مجلس وطني جديد

3 ـ اعادة بناء المجلس الوطني الفلسطيني, بما يمكن من التعبير عن الحالة العميقة في اندفاع الشعب الفلسطيني, نحو الإنخراط في التنظيمات والفصائل الوطنية والإسلامية, وحقها التاريخي في التعبير عن مشيئتها وارادتها الحرة, في تسمية وتعيين اعضائها في المجلس الوطني الفلسطيني, وتأكيد ارادتها كجهة وطنية مسؤولة عن كفاح الشعب العربي الفلسطيني, وحماية منجزاته ومؤسساته الوطنية, وإنهاء حالة الترهل والشيخوخة, التي اصابت المجلس الوطني الفلسطيني, وادائه التشريعي والرقابي على كفاح شعبنا المناضل الصبور, واعادة النظر بصورة مسؤولة في القوانين والمعايير التي تحكم طريقة اختيار الأعضاء للمجلس الوطني الفلسطيني, ونوعية هؤلاء الأعضاء, والمدة الزمنية التي يمكن اشغالها في عضوية المجلس الوطني الفلسطيني, على أن لا تزيد عن ضعف المدة القانونية للمجلس التشريعي في الداخل, هذا فضلا عن أهمية أن تكون حصة الفصائل والتنظيمات الوطنية والإسلامية, هي ثلثي أعضاء هذا المجلس, ويكون المجلس التشريعي المنتخب عن طريق الإنتخاب المباشر من الشعب الفلسطيني في الداخل, هي الثلث المكمل لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني, وخاضعا خضوعا مباشرا لجميع أنظمة وقرارات وارادة المجلس الوطني الفلسطيني.

إن الحالة القائمة الآن في تركيبة ودور المجلس الوطني الفلسطيني, لا يمكن اصلاحها بزيادة أو نقصان الأعضاء القائمين في المجلس الوطني الفلسطيني, بل بفرض الولاية السياسية على هذا المجلس من قبل التنظيمات والفصائل الوطنية والإسلامية, واعادة فكه وتركيبه من جديد, على قاعدة التعيين للعقول والخبرات الوطنية التي تراها فصائل ومنظمات العمل الفلسطيني مناسبة لعضويته في الشتات, والإنتخاب المباشر من الداخل للمجلس التشريعي.

اعادة هيكلة الشعارات

4 ـ اعادة هيكلة السفارات الفلسطينية في الوطن العربي والعالم, وتخليصها من الحجم الزائد في الموظفين, والمعينين على قاعدة المحسوبية والقرابة, والصداقة الشخصية, والرغبة في الملكية والتوريث, واعادة الطبيعة الشعبية الوطنية لهذه السفارات, بحيث تتواصل مع مهامها كمؤسسات نضالية فاعلة بين جماهير الأمة, وشعوب العالم المناصرة والصديقة للقضية الوطنية الفلسطينية, وتقديم الوعي السياسي لهذه الشعوب, وزيادة معرفتها بالأطماع والأهداف الصهيونية, والجرائم المرتكبة بحق شعبنا العربي الفلسطيني, وجعل الدبلوماسية الفلسطينية قائمة على توضيح حق ألأمة التاريخي في تحرير فلسطين واسترجاعها, واستملاك الإرادة السياسية القادرة على حماية الوحدة الجغرافية للوطن العربي الكبير.

5 ـ اعادة النظر في سياسات ومداخيل وأوجه الإنفاق القائمة في الصندوق القومي الفلسطيني, وتصرفات وممارسات القائمين على اداراته الفرعية والمركزية, وإنهاء حالة التسيّب القائمة في الصندوق القومي, ووضع هذه المؤسسة وجميع موظفيها تحت الرقابة الحساسة والمباشرة لفصائل ومنظمات العمل الفلسطيني.

6 ـ اعادة النظر في سلم الرواتب والمستحقات المالية للعاملين في جيش التحرير الوطني الفلسطيني على الساحة الأردنية, وانصاف المحررين والمبعدين الملحقين على مرتبات هذا الجيش ضمن المراتب العسكرية والمدنية, على قاعدة "الشركاء في النضال والتضحية, شركاء في الحياة", علما أن جميع المحررين والمبعدين الملحقين على مرتبات جيش التحرير الوطني الفلسطيني في الساحة الأردنية, قد أمضوا النصف المهم من اعمارهم في السجون والمعتقلات الصهيونية, وقد جرى السطو على حقوقهم المادية والمعنوية, ومصادرتها من قبل اشخاص وتوجهات طفيلية مريضة, لم يكن لها الحق في استملاك مشروعية تقييم وتصنيف هؤلاء المناضلين, حيث جرى تصنيفهم على قاعدة المزاج الشخصي والصداقة مع الجهات التي تولت هذه المهمة, وليس على قاعدة الحق في الحياة الحرة الكريمة, والحماية المادية والمعنوية الكاملة, هذا فضلا على أن بعض المناضلين في هذا القطاع, يحصلون على مخصصات مالية لا تتجاوز في حدها الأعلى 150 دينارا شهريا, وقد كان هذا المبلغ كافيا لحياتهم الشخصية قبل 20 عاما, وللأسف الشديد فقد أصبح هذا المبلغ معيبا, ويشكل اهانة لأسرة نضالية, أصبح عدد افرادها يزيد على السبعة اعضاء, في ظل رعاية أب قضى أكثر من 10 سنوات متواصلة داخل السجون والمعتقلات الصهيونية, للمتوسط العام من بين هؤلاء المناضلين, مع التأكيد على أهمية التأمين الصحي والتعليمي لأبناء هؤلاء المناضلين, والإستفادة من خبرتهم الفكرية والسياسية والتنظيمية في اعادة بناء الثقافة الوطنية الفلسطينية, واشغال الوظائف المهمة في السفارات والمؤسسات الإعلامية الحركية واقسام ودوائر منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج.

دور الأمة

7 ـ يجب أن لا ننسى أن فلسطين الواقعة تحت الإحتلال والأسر الصهيوني, لا يمكن لها أن تقوم بتحرير نفسها بعيدا عن أمتها العظيمة في الخارج, فالواقعون خلف قضبان الأسر يقومون فقط بالصمود, وقد نجح الشعب العربي الفلسطيني في ابهار العالم بصموده, وبالتالي يجب علينا, وحماية لهذا الشعب العربي الكريم, أن نعيد الإعتبار لدور أمتنا, في حماية فلسطين والدفاع عنها, وحمل الحكومات العربية والجامعة العربية أيضا, على دفع جميع المخصصات المقررة لمنظمة التحرير الفلسطينية, واستبعاد سياسة الإقراض من البنك الدولي والتسول على ابواب الدول المانحة, التي لا يمكن لها أن تقدم شيئا للقضية الوطنية الفلسطينية, دون مقابل سياسي, مجحف بحق هذه القضية.

رابعا: السلطة الوطنية والإصلاح المطلوب

1 ـ لقد برزت السلطة الوطنية الفلسطينية في التاريخ الفلسطيني, كنتيجة موضوعية لكل التداعيات والإختلالات والتحولات التي حدثت في السياسة الدولية, والأوضاع العربية والفلسطينية, بعد انهيار الكتلة الشرقية والتفرد الأميركي في حكم وقيادة العالم, وبالتالي كان ميلادها هو النتيجة الطبيعية لهزيمة قوى التحرر العالمي, وتعاظم الأخطار الداخلية والخارجية التي أخذت تواجه الشعوب النامية والفقيرة, وحركات التحرر والإستقلال الوطني, في ظل هذا التفرد الخطير, وسياسة الطحن والتفكيك, التي أخذت بها الإدارة الأميركية, لإزالة وتدمير جميع الدول والبنى العقائدية في العالم, التي شكلت بدورها أساس وجود القطبين في مرحلة الحرب الباردة, وقواعد السياسة الدولية في هذه المرحلة.

2 ـ جمعت السلطة الوطنية الفلسطينية في بنيتها الأساسية, وجميع برامجها وغاياتها واهدافها واقسامها وهياكلها ومؤسساتها الأمنية والمدنية, بين خطين متناقضين في الوجود والمصلحة والأهداف, الأول هو خط الثورة ومواصلة الصمود والنضال ضد المشروع الصهيوني الإستعماري في المنطقة, والثاني هو خط الهزيمة والخضوع لشروط الإنكسار الذي حدث على الساحة الكونية, وفي جبهة الدعم والإصطفاف الوطني الفلسطيني على وجه التحديد, وشكلت حالة خاصة من التعايش بين المتناقضات والأضداد, نتيجة لمركزية السلطات وحكمة ورشاد الإدارة السياسية في القوى الحية داخل المجتمع الفلسطيني, والتي تمكنت عبر هذين المحورين ـ مركزية السلطات وحكمة الإرادة السياسية ـ من حماية السلم الداخلي في المجتمع الفلسطيني, ومنع الإقتتال والحروب الأهلية, والتخفيف من حدة الصراعات الناتجة عن هذا التعايش غير الطبيعي في هذه المرحلة من الجمع والتزاوج بين هذه المتناقضات والأضداد.

3 ـ كانت اتفاقيات اوسلو الغامضة, التي قامت على اساسها السلطة الوطنية الفلسطينية, تميل في طابعها السياسي إلى البرامج الأمنية, وحمل أعباء ومعيشة المجتمع الفلسطيني تحت الإحتلال, والقيام بمهام المحتل في تصريف شؤونه, أكثر من ميلها إلى الطابع السيادي والمصلحة الوطنية في اقامة الدولة المستقلة, كما كان مطلب وشعار الإنتفاضة الشعبية عام 1987, وهو الأمر الذي أبقى الباب مفتوحا لقوى افتراضية كبيرة تسعى إلى الإلتحام مع خط الثورة, ومواصلة الصمود والنضال داخل التركيبة الأساسية للسلطة الوطنية الفلسطينية.

تركيبة مزدوجة

4 ـ كانت التركيبة المزدوجة للسلطة الوطنية الفلسطينية, تفرض عليها في بداية نشاطها التمسك بعموميات المظاهر الوطنية الفلسطينية, من أجل تبرير وجودها وفرض هيبتها على المجتمع الفلسطيني في الداخل, ولذلك حافظت السلطة الوطنية الفلسطينية على العناصر المهمة التالية, في الطابع العام لنهجها السياسي واجراءاتها الإدارية والأمنية على الأرض:

أ ـ استقطاب العناصر الوطنية في تركيبة اداراتها الأمنية والمدنية.

ب ـ استبدال مناهج التربية والتعليم التي كانت قائمة في عهد الإحتلال, بمناهج جديدة وهوية ثقافية جديدة, ودخول تركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية في هذه المناهج, كمادة دراسية لأطفال فلسطين.

ج ـ الضغط على الضعفاء من العملاء والجواسيس, وحملهم على الهروب والرحيل مع أسرهم وابنائهم إلى المناطق المحتلة من فلسطين عام 1948.

د ـ نشر واشاعة مظاهر الهوية الوطنية الفلسطينية, في الأوساط الشعبية الفلسطينية التي تؤكد وجود هذه المظاهر, وبناء المراكز الأمنية والمقرات البوليسية.

هـ ـ استبدال بطاقات اثبات الشخصية التي اصدرها الحكم العسكري الصهيوني, بجوازات سفر وبطاقات اثبات شخصية جديدة, تحمل مظاهر الهوية الوطنية الفلسطينية, وليس حقوق الجنسية.

و ـ انشاء الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني, والمطار والمجلس التشريعي والحكومة والوزارات والدواوين والمحاكم.

الإنقلاب على الثورة

لقد تمسكت السلطة الوطنية الفلسطينية بهذه العناصر المهمة, لتبرير وجودها كظاهرة سياسية جديدة في المجتمع الفلسطيني, ومقابل هذه العناصر نشطت القوى المهزومة في تركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية, لفرض ارادتها على المسارات المهمة التالية, كمقدمة لبلورة ذاتها كقوة حاسمة في وجود السلطة الوطنية الفلسطينية نفسها, والإنقلاب على تيار الثورة ومواصلة الصمود والنضال:

1 ـ السيطرة على جميع المسارات الإقتصادية في المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الإحتلال, حيث قام هذا التيار باستخدام السلطة الوطنية الفلسطينية, وقوانينها واداراتها المختلفة, لاستملاك النشاط التجاري في المجتمع الفلسطيني, وانتزاع وكالات الشركات المحلية, والإرتباط مع وكلاء البضاعة الصهيونية في السوق المحلي, والحصول على وكالات الشركات الصهيونية والعالمية في هذا السوق, وبالتالي تشكيل طبقة رأسمالية طرفية, لها مصلحة دائمة في بقاء الإحتلال, وفرض هيمنة المحتل على السوق الفلسطيني بالقوة العسكرية, والإجراءات الأمنية والإدارية, التي تمكن العدو الصهيوني من تهويد السوق, وتهويد العلاقات الإقتصادية, والثقافة الإستهلاكية الفلسطينية تحت الإحتلال.

2 ـ السيطرة على المسارات الإجتماعية في المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الإحتلال, عبر الأنظمة والأنشطة الإعلامية والبوليسية الفلسطينية, في ملاحقة القوى والعناصر الوطنية, والتضييق عليها واقناعها بلا جدوى المقاومة للمحتلين الصهاينة, بكل اشكالها واساليبها التقليدية, وتفتيت جميع البنى والهياكل الإجتماعية والإقتصادية التي كانت قائمة على هذا الأساس, ومنع المقاومة الفلسطينية من ممارسة اعمالها النضالية, في حالة فشل الديموغوجيا الإنهزامية في الإقناع والتطويع, أي ردع المقاومة بالقوة الأمنية القائمة, وتصفيتها جسديا أو الزج بعناصرها في السجون والمعتقلات التي جرى بناؤها حديثا في أحسن الأحوال والظروف.

3 ـ السيطرة على المسارات السياسية لقوى السلطة الوطنية الفلسطينية, ومحاولة استملاك ارادة العمل السياسي في المجتمع الفلسطيني في حالة الفشل في احتواء الحركة الوطنية الفلسطينية والمقاومة الشعبية, وادخال السلطة الوطنية الفلسطينية في اتفاقيات ومعاهدات وبرامج غير واضحة وغير مفهومة, تؤدي في نهاية المطاف إلى ارهاق المجتمع الفلسطيني, ويأسه من المقاومة والنضال, وبالتالي افتعال الأحداث والتناقضات والخلافات الداخلية, لزيادة ارباكه وانحرافه عن اهدافه وغاياته السياسية, واجباره على الأخذ بأولويات جديدة, على قواعد وأسس جديدة, يشكل فيها مطلب وقف الإعتداءات والتصفيات الجسدية لأبنائه, أساس هذه الأولويات, وليس جلاء القوات المحتلة ورحيل الإحتلال.

تعايش المتناقضات

لقد أخذ تيار الثورة, ومواصلة الصمود والنضال, ضد المشروع الصهيوني في تركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية, هذه العناصر اساسا لصراعه الداخلي مع هذا التيار, وبالتالي واصل نهجه القائم على استمرار التعايش مع التركيبة المتناقضة في السلطة الوطنية الفلسطينية, ونجح من خلال التمسك بمركزية السلطات, والحفاظ على ارادة المقاومة في تشكيلات القوى الوطنية الفلسطينية, وطوال المرحلة التاريخية التي قادها الشهيد المناضل ياسر عرفات, في المحافظة على العناصر المهمة التالية, في حياة السلطة الوطنية الفلسطينية, ونضال المجتمع الفلسطيني تحت الإحتلال:

أ ـ توفير الحماية السياسية والقانونية, وكذلك الشرعية الوطنية, لنشاط التيارات المقاومة في السلطة الوطنية الفلسطينية, والمجتمع الفلسطيني, ومنع ملاحقتها الساخنة واخراجها عن القانون, أو قمعها وإلغاء دورها وحقوقها المادية والمعنوية في مؤسسات وادارات السلطة الوطنية الفلسطينية.

ب ـ تغذية تيارات المقاومة في المجتمع الوطني الفلسطيني, ضمن السقوف والحدود الأعلى من سقوف وحدود الإتفاقيات والمعاهدات القائمة, بين السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسسة الإحتلال.

ج ـ رفع جاهزية المجتمع الفلسطيني للصمود الوطني, عبر تدريب ابنائه على استخدام السلاح, في المدارس والمعاهد والجامعات, وافشاء روح المقاومة بين الجماهير الشعبية, وتخفيف حدة التدخلات الأمنية في شؤونه, ومنع هذه الأجهزة من الإستقواء والتغول على القوى الوطنية والإسلامية.

د ـ اغلاق جميع المنافذ على الحلول والمشاريع السياسية, التي تنتقص من حق الشعب العربي الفلسطيني في اقامة دولة مستقلة, ذات سيادة كاملة على الأراضي الفلسطينية التي جرى احتلالها عام 1967.

هـ ـ الإبقاء على كل الخيارات مفتوحة أمام الشعب العربي الفلسطيني في نضاله المشروع لانتزاع حقوقه, واخفاء الصراع الذي افتعلته التيارات الإنهزامية مع القوى الإسلامية والوطنية, والتغلب على تداعياته وآثاره.

و ـ الحفاظ عل مظاهر الدعم والإسناد العربي, للنضال الوطني الفلسطيني, ومنع القوى الإنهزامية من اسقاط دور الأمة العربية في دعم القضية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني.

الوحدة والصراع

لقد عملت البنية القائمة في تركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية, ضمن هذين الخطين, على قاعدة الوحدة والصراع, التي تمثل وحدة التركيبة الواحدة للسلطة الوطنية الفلسطينية نفسها, وتمكنت من حماية الحالة السياسية الفلسطينية, وابقاء خيارات المقاومة قائمة ومفتوحة على جميع المسارات, وبالتالي جاءت انتفاضة الأقصى المباركة, لتضع النقاط على الحروف, وتحدد بدقة عمق الإختراقات السياسية والأمنية القائمة في هيكلية السلطة الوطنية الفلسطينية, ودرجة الإستهداف لقوى المجتمع الفلسطيني, وتياراته الوطنية المتعددة, حيث أبقى الإحتلال الصهيوني جميع الأبواب مفتوحة للقيادات والرموز والهيئات التي وقفت إلى جانب مصالحها مع الإحتلال, وعزلت نفسها وما تملك من قوة ضغط, وتعليمات وتوجيهات لأجهزتها واداراتها الأمنية, والمدنية والإقتصادية, عن قوى المقاومة والصمود في تركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية, وجميع تشكيلات المجتمع الفلسطيني على وجه الخصوص, ومكنت العدو الصهيوني من التفرد والإنفراد بالقوى الوطنية والإسلامية في المجتمع الفلسطيني, والعناصر والقيادات الوطنية في اجهزة السلطة الفلسطينية, وحصار قائد ورمز النضال الفلسطيني, واستشهاده, في محاولة خاسئة بإذن الله, لسحق وتدمير روح الصمود والمقاومة في الشعب العربي الفلسطيني, وبالتالي تعزيز شهية العدو الصهيوني في الرهان على القوى الإنهزامية, ودورها في تعميق حالة الإنكفاء عن المقاومة, وانسلاخها عن اهدافها المشروعة.

إن السلطة الوطنية الفلسطينية, تمر في لحظة مفصلية حاسمة, لا سيما بعد استشهاد القائد العظيم ياسر عرفات, وغياب الشعور بالضمانات الحقيقية لاستمرار المقاومة, والحماية لقوى الثورة والصمود الوطني, وهو الأمر الذي يفرض علينا, وايمانا منا بالقدرة على مواصلة النهج الوطني للسلطة الوطنية الفلسطينية, من خلال قيادة حركتنا الثورية "فتح", لهذه السلطة وتجربتها المميزة في التعامل مع الأضداد والتناقضات, الإسراع في اجراء الإصلاحات والتعديلات التالية, على بنية السلطة الوطنية الفلسطينية, وبرامجها وتصرفاتها بين الجماهير في المرحلة المقبلة من نضالنا الوطني:

اخضاع السلطة لمنظمة التحرير

اولا: اعادة النظر في هيكلية وتركيبة السلطة الوطنية الفلسطينية نفسها, بما يضمن اعادة فك وتركيب مؤسسة الرئيس, على قاعدة المشاركة الوطنية والإسلامية في اتخاذ وصنع القرارات المصيرية للشعب العربي الفلسطيني, وليس انشاء مرجعية استشارية لمثل هذه القرارات, بل يجب اشراك فصائل المقاومة في صنع هذه القرارات, ووضعها أمام الحتميات والمفاضلات المناسبة لاتخاذها, عبر اشراكها في المفاوضات مع العدو الصهيوني, ووضعها في صلب الحقائق والمعطيات التي على اساسها يقرر قادة الشعب العربي الفلسطيني خياراته الوطنية, ويتحملون مسؤوليتها بكل أمانة واخلاص.

ثانيا: خضوع السلطة الوطنية الفلسطينية بكل هيئاتها التشريعية والتنفيذية, لهيئات ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية, وارادتها السياسية في جميع تصرفاتها واجراءاتها داخل المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الإحتلال, ومنع اقامة السلطة الوطنية الفلسطينية لأي مؤسسة أو هيئة أو وزارة, تتعارض مهامها مع مهام ودور منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج, واعتبار هذه السلطة هيئة نضالية في الداخل, تقوم بمهام تصريف جميع الشؤون الفلسطينية لجماهير الداخل, وفقا لتعليمات وتوجيهات منظمة التحرير الفلسطينية, حتى استكمال بناء الدولة الفلسطينية, وانتزاع سيادتها المطلقة على جميع الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

ثالثا: اعادة النظر في هيكلية ودور ومهام الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الداخل, وانشاء أجهزة أمنية وطنية قادرة على حماية مصالح المجتمع المجتمع الفلسطيني الواقع تحت الإحتلال الصهيوني, وحماية الحق والعدل والإنصاف بين المواطنين, وحملهم على موالاة السلطة, والدفاع عن سياساتها واجراءاتها المختلفة, وفتح هذه الأجهزة أمام موالاة قدرات وامكانات المجتمع الفلسطيني, وتخليصها من الهيمنة الشخصية القائمة, وتحريرها من الجهل وانعدام المعرفة في الأعمال والوظائف الأمنية, ومنع وتحريم الإستدعاء والإعتقال والملاحقة السياسية مهما كان نوعها وظروفها.

رابعا: اصلاح القضاء الفلسطيني, واعادة النظر في هيكلية واقسام هذا القضاء, بما يضمن استقلاليته وعدم خضوعه لإرادات واملاءات غير ارادة الحق والعدل بين الناس, وتوفير الضمانات السياسية لحماية القضاء وضمان نزاهته واستقلاله.

خامسا: فرض نظام موحد للخدمة المدنية في أجهزة ومرافق السلطة الوطنية الفلسطينية, ومنع الواسطة والمحسوبية والتعيين العشوائي, على قاعدة القرابة والمعرفة الشخصية والمصالح الأمنية, وغيرها من التدخلات التي جعلت من هذه المرافق, مؤسسات خاصة لتيارات وعصابات ولصوص, يستغلون الفصائل والتنظيمات الوطنية, من أجل مكاسبهم الخاصة, وجعل الوظيفة لمن يستحقها فقط, وعلى قاعدة متطلبات الوظيفة نفسها ومصلحة المجتمع في هذه الوظيفة, وحق الجميع في التقدم لها وفقا لقوانينها ومقتضياتها, وليس رغبة الآخرين في اشغالها, وكذلك فرض نظام خدمة عسكرية وأمنية بنفس معايير ومتطلبات نظام الخدمة المدنية في المجتمع الفلسطيني.

الفاسدون واللصوص

سادسا: رفع الغطاء السياسي والأمني عن الفاسدين واللصوص, الذين أثروا من خلال استغلالهم لأجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية, وتقديمهم للقضاء, وتطبيق العقوبات المناسبة بحقهم بعد استرجاع الأموال التي سرقوها, ومصادرة الأملاك والثروات التي جنوها, واعادتها إلى سلطة ومنفعة الشعب العربي الفلسطيني.

سابعا: اتخاذ القرارات الوطنية المناسبة بشأن العملاء والمتساقطين, ومحاسبتهم على قاعدة اعمالهم, وحجم الأذى الذي اوقعوه بشعبنا الوطني المناضل, وإنهاء هذه الظاهرة الفاسدة, بما يضمن للمجتمع العربي الفلسطيني اعادة تماسكه تحت الإحتلال الصهيوني, بعيدا عن الأزمات والإخلالات الإجتماعية والأخلاقية القائمة, والتي تزيد من حدة آلامه ومعاناته.

ثامنا: توحيد المؤسسات الوطنية الراعية لأسر الشهداء والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الإحتلال الصهيوني, عبر وزارة شؤون الأسرى والمعتقلين, ورعاية هذا القطاع المناضل بالشكل والمضمون الذي يستحقه, ويضمن له الحماية المادية والمعنوية الكافية, والتوقف عن اهانته القائمة في وزارة الشؤون الإجتماعية, والمخصصات التي تقدمها هذه الوزارة لهذا القطاع بالحجم والطريقة التي تجعل منها أقرب إلى الصدقات للمتسولين والمحتاجين, أكثر منها حق وواجب وطني لمناضلين في شعب يحترم شهدائه وابطاله.

تاسعا: اعادة احياء دعم الإقتصاد الأسري, وتوفير منافذ الدعم للأسرة الفلسطينية تحت الإحتلال, بما يضمن استمرار صمودها واستملاكها للقدرة المادية والإنتاجية على الصمود, وتعزيز الإعتماد على الإقتصاد الوطني, ورفع الضغوط السياسية والإدارية والتدخلات الشخصية في شؤون الشركات والمؤسسات الإنتاجية الكبرى في المجتمع العربي الفلسطيني الواقع تحت الإحتلال, على قاعدة أن القوى السياسية لأي مجتمع مناضل, تقاس بمدى استملاك هذا المجتمع لمؤسسات انتاجية ضخمة, قادرة على تغطية احتياجات السوق الوطني, وتحريره من الهيمنة والتبعية للأسواق الخارجية.

لقد تمكن الشعب العربي الفلسطيني الواقع تحت الإحتلال الصهيوني المباشر, ومن خلال نضالاته المدنية والعسكرية, وابداعه في الصمود والإستشهاد, من إلقاء جميع احمال الماضي وعجزه واتهامه, لا سيما تلك الأحمال التي كان يروج لها العجز القائم في الواقع العربي, التي قامت على قاعدة أن أبناء فلسطين يهربون من القتال والمواجهة, وينجون بأنفسهم على حساب ارضهم وقضيتهم المقدسة, وغيرها من الأكاذيب والإتهامات, التي جرى تمزيقها بأجساد الشهداء, وركام البيوت المدمرة على اصحابها وهم صامدون, وبالتالي فإن النضال والصمود الوطني الفلسطيني, قد أبهر العدو والصديق, وجعل من قضية شعبنا هي القضية الأولى, التي تحظى باحترام وتقدير العالم, ولهذا فإننا وفي الوقت الذي نقرر فيه كل هذه المطالب والحقائق والمعطيات, لا يسعنا إلا التأكيد مجددا, على أن حماية الحالة الوطنية الفلسطينية في هذه المرحلة بالذات, لم يعد مطلبا فصائليا داخليا فقط, بل هو مطلب شعبي وقومي وانساني عالمي.

وهو الأمر الذي يجعلنا مصرين على تحقيق هذه المطالب, والتمسك بها, كأساس لزيادة جمال صورتنا الوطنية, التي ستبقى جميلة وعظيمة في ظل قيادتكم الحكيمة بإذن الله.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع