"الشرق" تنفرد بنشر نص تقرير تقدير موقف فلسطيني بالغ الأهمية
تقرير ميليس يدفع باتجاه دولة فلسطينية مؤقتة متحدة مع الأردن-29/10/2005
ـ محمود عباس يدفع الفصائل للتحالف مع دمشق وطهران وعدم الثقة
بأي حوار مع السلطة
ـ تيار ماهر والأسد وآصف شوكت المتشدد استفاد من تجربة صدام ولن
يسمح بتكررها في سوريا
ـ دور عباس ينتهي اواخر 2005 وعرقلة المشروع الأميركي ـ
الإسرائيلي يخلص شارون من اجندات السلام
عمان ـ شاكر الجوهري:
تقرير ميليس يدفع باتجاه تفجير الأوضاع في أكثر من ساحة عربية,
وصولا الى اعلان قيام دولة فلسطينية مؤقتة نهاية عام 2008 يعرض
عليها اختيار شكل اتحادي مع الأردن, وفقا لمخطط شارون.
هذا ما يخلص إليه تقرير تقدير موقف فلسطيني, بالغ الأهمية, حصلت
"الشرق" على نسخة منه.
يبدأ التقرير بالقول:
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( ابو مازن ) ولج إلى داخل النفق
المظلم, و ليس من فرصة أمامه للخروج الا بحدوث معجزة, حيث لم يعد
هناك بصيص من نور لرؤية أية نتائج ايجابية جديدة لخارطة الطريق
المقرر ان ينتهي جدولها الزمني نهاية هذا العام. وبموجب هذه
الخطة كان المفترض أن تقوم الأطراف في موعد نهايته عام 2004م
بالموافقة على انشاء دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة, على أن يقوم
الطرفان نهاية عام 2005م بالتوصل الى اتفاقية دائمة, لكن ذلك لم
يحدث, لا سيما أن دول اللجنة الرباعية نفسها عجزت عن إلزام
الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
فالجانب الفلسطيني يبدو أنه أخفق تماما في تنفيذ البند المتعلق
بوقف نشاطات المنظمات الموصوفة بـ"الإرهابية", والقيام بجمع
الأسلحة غير المرخصة من الفلسطينيين, كما أخفق الجانب الإسرائيلي
في تنفيذ البند المتعلق بالمستوطنات و الجدار و الإنسحابات
المقررة من الضفة الغربية الى خطوط أيلول/سبتمبر عام 2000.
ونتائج مباحثات الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع الرئيس الأميركي
جورج بوش, التي تمخضت عن قمتهما في واشنطن يوم 20/10/20005م حسمت
الأمور تماما لصالح وجهة نظر شارون بأن يكون الإجتماع المقبل
بينه و بين محمود عباس مخصصا لتمديد العمل بخارطة الطريق الى
ثلاث سنوات أخرى, و حتى نهاية عام 2008م, بما يعني ترحيل قيام
الدولة الفلسطينية والحل النهائي الى عهد الرئيس الأميركي الذي
سيخلف الرئيس الحالي بوش. وقد أقرّ بوش بذلك علناً عندما أكد في
المؤتمر الصحفي المشترك مع أبو مازن بأن الدولة الفلسطينية قد لا
تعلن أثناء ولايته, كما لم يلتزم بجدول زمني لقيامها.
خطآن لعباس
ويضيف التقرير "كان المفترض في الجانب الفلسطيني
أن يعيد قراءته لخارطة الطريق وتنفيذها بعد اغتيال رفيق الحريري,
وبعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي 1559 المتعلق بسحب القوات
السورية من لبنان, وكذلك بعد صدور القرار الدولي الآمر1595
المتعلق بسحب السلاح من المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية .
لكن الجانب الفلسطيني ظل على قراءته السابقة للأحداث والتطورات
في المنطقة, دون أن يتخذ أية خطوات أو احتياطات فعلية لمواجهة
المتغيرات على الساحة اللبنانية, والمرتبطة مباشرة بالحل النهائي
للقضية الفلسطينية, لدرجة أن رئيس السلطة الفلسطينية لم يتعامل
بالإهتمام المطلوب مع أمرين غاية في الأهمية هما :
1-
تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع الفصائل الفلسطينية,
والناجمة عن حوارات القاهرة.
2-
تنفيذ التوجهات الداعية لتفعيل منظمة التحرير
الفلسطينية وإشراك الفصائل سياسيا في البرنامج الوطني الفلسطيني
للحل النهائي .
الأمر الأول, يقول التقرير, دفع الفصائل إلى
التراجع في مسألة الحوار والتفاهم مع السلطة, واعتماد خيار
التحالف مع سوريا والمشروع الإيراني الإقليمي في المنطقة, في حين
أن الأمر الثاني أورد سابقة خطيرة لعدم الثقة مستقبلا بأي حوار
مع السلطة الفلسطينية, مما سيعقد مستقبلا من شروط أي تفاهم.
تقرير يمهد لآخر
يتابع التقرير وبعد أن قدم ميلس رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في
اغتيال الحريري تقريره للأمين العام للأمم المتحدة, مشيرا الى
تورط سوريا وأجهزة الأمن اللبنانية, مع إقحام الجبهة
الشعبية/القيادة العامة في الموضوع, وأصبح واضحا أن تقرير ميلس
قد مهد الطريق أمام التقرير المقبل لتيري رود لارسن, مبعوث
الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمراقبة تنفيذ القرار الدولي
1559 لتضمينه فقرات تشير إلى السلاح الفلسطيني في لبنان, ودور
سوريا في تسليح الفصائل هناك, بهدف تفعيل بنود القرار الدولي
الثاني رقم 1595 المتعلق بسحب السلاح من المليشيات اللبنانية
وغير اللبنانية . ورغم أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (
ابو مازن ) قد أعطى توافقا فلسطينيا لبنانيا حول مسألة السلاح
الفلسطيني في لبنان خلال اجتماعه في باريس مع رئيس الوزراء
اللبناني فؤاد السنيورة, بما يوحي بأن مرجعيه الفلسطينيين في
لبنان هي السلطة الوطنية الفلسطينية, إلا أن الفصائل في سوريا و
لبنان برهنت عمليا من خلال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/القيادة
العامة, و ما أثير حول تسليحها و انتشارها خارج المخيمات, وقناعة
الحكومة اللبنانية بالتفاهم معها عبر وساطة من حزب الله اللبناني
وأطراف أخرى برهنت أن منظمة التحرير الفلسطينية ستكون هي الممثل
الشرعي والوحيد للفلسطينيين في الخارج". وأعاد التقرير الى
الأذهان أن السوريين عبروا صراحة عن دعمهم لهذا الموقف خلال
اجتماع الرئيس بشار الأسد مع الفصائل الفلسطينية, حيث بشرهم أن
سوريا ستقلب الطاولة, كما أن رئيس الوزراء السوري ناجي عطري اتخذ
إجراءات تشعر الفصائل بتصعيد الموقف مع لبنان عندما رفض لمرات
عديدة محاولات رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة الإتصال معه,
هذا بالإضافة لتصريحاته الواضحة التي يهدد فيها الإدارة
الاميركية بأن أبواب جنهم ستنفتح عليها في حالة شن عدوان على
سوريا.
ايران لاعب رئيس
والأخطر من كل ذلك, يقول التقرير, أن إيران برزت كلاعب هجوم
عندما قام رئيس البرلمان الإيراني بزيارة الى لبنان و التقى مع
حزب الله اللبناني, و حركة أمل, و تنظيمات لبنانية أخرى, كما قام
بزيارة الى دمشق والتقى بالفصائل الفلسطينية, بما فيها حركة
"حماس" والجهاد الإسلامي, وطالب الجميع العمل وفق الرؤية
الإستراتيجية الإيرانية لمستقبل الصراع مع الادارة الاميركية
وإسرائيل في المنطقة.
وبالعودة الى طلب الرئيس الأميركي بوش من الرئيس الفلسطيني محمود
عباس خلال قمتهما الأخيرة ضرورة مكافحة الإرهاب ونزع السلاح
الفلسطيني, وطلب شارون بإصرار أنه سيوافق على مشاركة "حماس" في
الإنتخابات, شريطة إعلان شجبها الإرهاب وادانته, يقول التقرير إن
ذلك يعني وجود اتفاق ضمني بين الرئيس بوش ورئيس الوزراء
الإسرائيلي شارون حول ضرورة إلزام الجانب الفلسطيني بالبند
الوارد في خارطة الطريق, والمتعلق بنزع السلاح من الفلسطينيين,
وتجديد المهلة أمام محمود عباس ثلاث سنوات أخرى للتنفيذ.
مواجهة مع الفصائل
والمحصلة, كما يرى التقرير, ان الرئيس محمود عباس سيكون امام
مواجهة داخلية ومواجهة خارجية مع الفصائل الفلسطينية المدعومة
تماما في المرحلة الراهنة من سوريا وإيران . ويقول التقرير,
المعروف أن سوريا, بعد نشر تقرير ميلس, قد أصبح ظهرها الى
الحائط, و تأكد ذلك بعد انتحار وزير الداخلية غازي كنعان, الذي
كان يقود التيار المعتدل في القيادة السورية, بالإشتراك مع عبد
الحليم خدام اللاجئ في باريس . لهذا فإن القرار السوري الحالي هو
في يد المتشددين بقيادة آصف شوكت مدير الإستخبارات العسكرية
المسيطرة على الأجهزة الأمنية الأخرى, بالتعاون مع ماهر الأسد
شقيق الرئيس بشار. وهذا التيار يعتقد أن سوريا قدمت العديد من
التنازلات للإدارة الأميركية في لبنان والعراق بناء على ضغوط من
التيار المعتدل، لكن ذلك لم يشفع لسوريا، ولن يشفع لها, حيث أن
الإدارة الأميركية عازمة على إسقاط النظام, أو تركيعه في أضعف
الأحوال. ويدعي التيار المتشدد أنه استفاد كثيرا من تجربة صدام
حسين ولن يسمح بتكرارها في سوريا, مستعينا بتحالف استراتيجي مع
ايران ومشروعها الإقليمي في الشرق الأوسط . وعليه فإن الموقف
السوري, وفقا للتقرير, سيبدو متماسكا طيلة الشهرين المقبلين
لوجود اعتقاد في أن الإدارة الأميركية تعمدت التأثير على ميلس
لتضمين التقرير عبارات قابلة للتأويل بهدف مفاوضة النظام السوري.
و يدعي التيار المتشدد أنه لن يغير من موقفه, مالم تقدم الادارة
الأميركية ( ضمانات فعلية ) وملموسة بعدم الشروع بأية إجراءات
علنية أو سرية أو أمنية أو عسكرية لتغيير النظام ، و لكن في حال
الحصول على مثل هذه الضمانات فإن النظام السوري يمكنه أن يعقد
صفقة مع الإدارة الأميركية, و في حال عدم التوصل إلى مثل هذه
الصفقة فإن مرحلة ( كسر العظم ) آتية لا ريب فيها.
استنتاجات
ويخلص التقرير من هذا العرض الى الإستنتاجات التالية:
أولا: أن السلطة الفلسطينية تواجه خطرا داهما قد يأخذ شكل اندلاع
حالة من الفلتان الأمني, وسوف تتعرض السلطة و سياسة الرئيس محمود
عباس لمزيد من الإنتقادات والتحريض, وربما بدعم اسرائيلي في بعض
الحالات, مما يجعل الوضع الأمني للرئيس الفلسطيني بحاجة الى
تكثيف لحمايته, ومبرر ذلك أن الرؤية الإسرائيلية الحالية ترى أن
دور الرئيس محمود عباس ينتهي بانتهاء فترة الجدول الزمني لخارطة
الطريق, نهاية هذا العام, و أنه لن يكون في مقدوره سحب السلاح من
الفصائل.
ثانيا: أن البديل الإسرائيلي هو ( خلق إدارة ذاتية ) في غزة, يتم
ربطها بادارة ذاتية في الضفة الغربية, وفق رؤية اسرائيلية أحادية
الجانب, لا علاقة لها بخارطة الطريق, تتمثل فيما يلي:
1- استكمال اجراءات ضم القدس نهائيا .
2- استكمال ضم جزء من الأراضي الفلسطينية الى داخل الجدار
وخلافه, مع الإبقاء على المستوطنات الكبرى في الضفة.
3- الاحتفاظ بقوات اسرائيلية على طول الحدود مع نهر الأردن لضبط
المعابر.
ثالثا: يتم تنفيذ المخطط الإسرائيلي حتى نهاية عام 2008م فيتم
الإعلان عن دولة فلسطين مؤقتة يعرض عليها اختيار شكل اتحادي مع
الأردن.
رابعا: في مقابل ذلك فان سوريا و إيران سيعملان على تخريب
المشروع الإسرائيلي على النحو التالي:
1- تفجير حرب السلاح الفلسطيني في لبنان و إقحام المخيمات في
الموضوع.
2- تفجير حرب ضد السلطة في الداخل و تغذية الفلتان الأمني.
خامسا: الراجح أن تتمكن سوريا وايران من عرقلة المشروع الأميركي
الإسرائيلي, وهذا يصب في مصلحة إسرائيل للتخلص نهائيا من كل
اجندات السلام مع الفلسطينيين, وبالتالي ليس هناك أمل أمام
الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس الشريف,
حيث سيتم تفجير المنطقة في لبنان وفلسطين والعراق وفي حال
المصادمة مع سوريا .
و سيتم ترحيل الموضوع الفلسطيني الى سنوات في حال قبول سوريا
للشروط الأميركية.
|