مساع جديدة لمصالحته مع عباس

أحداث غزة أجلت اطاحة القدومي وعمان ترفض استقباله
 

ـ القاهرة دعت قادة السلطة و"حماس" والجهاد الإسلامي لبحث الإلتزام بالتهدئة وسلاح المقاومة: 1/10/2005

عمان ـ شاكر الجوهري:

تتوقع مصادر قيادية فلسطينية عقد لقاء في القاهرة يضم السلطة الفلسطينية وقادة حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي, في وقت تأجل فيه لقاء فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" مع الأمناء العامين وقادة الفصائل الفلسطينية التي تتخذ من دمشق مقرا لها إلى أجل غير مسمى, جراء تراجع مكانته داخل حركة "فتح".

المصادر تقول إن احتمال عقد اجتماع في العاصمة المصرية بين قيادة السلطة الفلسطينية, وكل من حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي, أصبح واردا بعد الزيارة المفاجأة التي قام بها محمود عباس رئيس السلطة إلى القاهرة نهاية الأسبوع الماضي, أجرى خلالها مباحثات معمقة مع الرئيس المصري حسني مبارك, انصبت على العدوان الإسرائيلي واسع النطاق الذي تقوم به القوات الإسرائيلية على قطاع غزة, بعد الإنسحاب منه, بأوامر من ارئيل شارون رئيس وزراء اسرائيل, الذي يتذرع لفعل ذلك بإطلاق صواريخ فلسطينية على مدن وبلدات اسرائيلية من داخل اراضي القطاع.

وتلفت المصار إلى أن اتفاق التهدئة الذي تم التوصل اليه بين الفصائل الفلسطينية في ختام آخر دورات حوار القاهرة في آذار/مارس الماضي, تم اساسا في اجتماع مغلق بين محمود عباس رئيس السلطة, ورمضان عبد الله شلح أمين عام حركة الجهاد الإسلامي, وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس", الذي انعقد الإجتماع في جناحه بالفندق, ثم وافقت بقية الفصائل عليه.

كما تلفت المصادر إلى أن اجتماعا ثلاثيا يعقد الآن قد لا تكون نتائجه فعالة, نظرا لوجود فصائل أخرى غضبت لتجاهلها في حوار القاهرة, واعلنت الآن الغاء التهدئة, وسيكون محرجا جدا لها الإلتزام بأي اتفاق جديد توافق عليه الفصائل الثلاثة المشار اليها, ولا تكون هي مشاركة فيه.

وكانت كتائب شهداء الأقصى, أحد الأجنحة العسكرية لحركة "فتح" اعلنت الأسبوع الماضي سقوط "التهدئة" وعدم التزامها بها, كما ينتظر أن يكون هذا هو موقف لجان المقاومة الشعبية, وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين, وعدد آخر من المجموعات المسلحة المنبثقة عن حركة "فتح", والتي دأبت السلطة على عدم اشراكها في الحوارات مع الفصائل الأخرى, حتى لا يبدو موقف حركة "فتح" غير موحد, ومن قبيل المراهنة على قدرة قيادة "فتح" على الزام هذه المجموعات بالقرار المركزي الذي تتخذه.

وتقول المصادر أنه في حال انعقاد اللقاء المشار إليه في القاهرة, فإنه سيتم بحث العودة إلى الإلتزام بالتهدئة, وحالة التوتر القائمة بين السلطة وبعض الفصائل الفلسطينية والبحث عن صيغة تفاهم تحكم مواقفهما من الكثير من القضايا في مقدمتها المظاهر المسلحة وسلاح المقاومة.

الأردن يمنع دخول القدومي

على صعيد متصل, تضيف المصادر أن السلطات الأردنية لم تجب على طلب تقدم به عمر الشكعة مدير عام الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في عمان يتعلق بزيارة كان يعتزم فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" القيام بها للعاصمة الأردنية اعتبارا من يوم الجمعة الأسبق (23/9/2005) على أن يتوجه من هناك إلى العاصمة السورية للإلتقاء بقادة الفصائل الفلسطينية هناك. وأشارت المصادر إلى أن زيارة القدومي, التي تجاهلت السلطات الأردنية الطلب الذي قدم بخصوصها, كان مفترضا أن تتزامن مع اجتماع لم يعلن عنه, عقدته في عمان اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام لحركة "فتح" برئاسة محمد راتب غنيم (أبو ماهر) عضو اللجنة المركزية للحركة, مفوض التعبئة والتنظيم.

وسبق للقدومي أن تواجد في عمان لدى انعقاد الإجتماعين السابقين للجنة التحضيرية.

تأجيل زيارة دمشق

زيارة القدومي للعاصمة السورية يبدو أنها تأجلت إلى أجل غير مسمى, وهي الزيارة التي كان مقررا أن يقوم بها في التاسع عشر من الشهر الماضي بهدف الإلتقاء مع قادة الفصائل الفلسطينية هناك, لمتابعة بحث آليات عمل لجنة الأمناء العامين للفصائل التي اتفق على تشكيلها من حيث المبدأ في الخامس من الشهر الماضي, على أن تقر آليات عملها في وقت لاحق, ولدى عودة القدومي لدمشق بعد اسبوعين.

القدومي كان اتصل مع قادة الفصائل في دمشق الخميس الأسبق (22/9/2005) وأبلغهم أنه سيصل عمان في اليوم التالي (الجمعة) على أن يصل دمشق يوم الإثنين, وذلك بعد أن أبلغ أن الفصائل لم تعد مقترحاتها بشأن آليات عمل لجنة الأمناء العامين, حيث افترضت الفصائل أن يضع مسودة هذه الآليات القدومي نفسه, باعتباره صاحب مقترح تشكيل اللجنة, لكن القدومي فاجأ الفصائل أنه هو أيضا لم يعد أية مقترحات في هذا الصدد. ولذلك, تم الإتفاق على أن يصل دمشق الإثنين, بهدف اعطاء فرصة للفصائل كي تعد مقترحاتها وتصوراتها, وعلى أن يضع هو الآخر خلال وجوده في عمان تصوراته في هذا الخصوص.

غير أن القدومي فوجىء, وفقا للمصادر, بتطورين غير متوقعين هما, عدم رد السلطات الأردنية على طلبه زيارة عمان, وتلقيه معلومات مؤكدة من الأراضي الفلسطينية تفيد بأن الأغلبية التي اصبحت مؤيدة لأبي مازن, رئيس السلطة, في المجلس الثوري لحركة "فتح" تعمل بنشاط أكبر من السابق لإلغاء مكانته كرجل أول في الحركة, وذلك من خللا اطاحته من أمانة سر اللجنة المركزية للحركة, أو انتخاب محمود عباس قائدا عاما للحركة, كي يصبح بشكل تلقائي هو الرجل الأول فيها بدلا عن القدومي.

سبب هذه التحركات, التي أجل وصولها إلى خط النهاية توسع العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة, هو اتفاق القدومي مع قادة الفصائل في دمشق على تشكيل لجنة الأمناء العامين للفصائل, التي يريد القدومي لها أن تصبح قيادة فلسطينية في الخارج, تقرر اعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية, بدءا من اعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني, من وراء ظهر عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

لذلك, فإن القدومي الذي تقدم باقتراحه تشكيل لجنة الأمناء العامين باعتبارها ورقة ضغط ومناورة على عباس كي يسمح له بممارسة مهماته كأمين سر للجنة المركزية لحركة "فتح", وكرئيس للدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية, لم يعد في وارد متابعة هذه المناورة خشية أن يكون حصادها سلبيا عليه, خاصة وأنه يعلم أن الفصائل الأخرى وافقته على اقتراحه هي الأخرى من قبيل المناورة على عباس لدفعه باتجاه الدعوة إلى اجتماع لجنة تفعيل منظمة التحرير, التي اتفقت واياه على تشكيلها في حوار القاهرة (آذار/مارس) الماضي, على أن تنعقد خلال شهرين, لكنه لم يفعل حتى الآن, لأنه يريد أن يوظف هذه الورقة مجددا اواخر العام الحالي, حين يحين أوان تمديد التهدئة, التي أقرها حوار القاهرة, لعام جديد مقبل.

محاولة لمصالحة القدومي ـ عباس

في الأثناء تكشف المصادر عن أن عددا من اعضاء مركزية "فتح" يعملون الآن على عقد لقاء مصالحة جديد بين القدومي وعباس, كذلك الذي انعقد بينهما على هامش اجتماع اللجنة المركزية الذي تم في العاصمة الأردنية في حزيران/يونيو الماضي.

وتقول المصادر إن الذين يعملون على هذا الخط الآن هم سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني, محمد راتب غنيم مفوض التعبئة والتنظيم في حركة "فتح", هاني الحسن مسؤول مكتب التعبئة والتنظيم في الداخل, وصخر حبش مفوض الشؤون الفكرية والدراسات.

ويعتقد أن القدومي يوافق على هذا المقترح, لأنه يضمن في هذه الحالة انعقاد اللجنة المركزية للحركة برئاسته مجددا, في حين أن عباس قد لا يوافق عليه لأنه لا يريد تكرار تجربة انعقاد اللجنة المركزية برئاسة القدومي, فضلا عن أن القدومي لم يلتزم بما تم الإتفاق عليه في الإجتماع السابق, إذ أنه توجه يومها من عمان إلى دمشق مباشرة ليجدد طرح مقترحه تشكيل لجنة الأمناء العامين للفصائل في اطار مسعاه لتطويق دور عباس كرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والإلتفاف عليه, ما دعا عباس بدوره لعدم الإلتزام بما تم الإتفاق عليه بشأن الصلاحيات المقلصة للقدومي في الخارجية الفلسطينية, وإلغاء ما تبقى من هذه الصلاحيات الشكلية للقدومي, عبر تفويض الدكتور ناصر القدوة وزير خارجية السلطة اقتراح وتنفيذ مقترحاته المتعلقة بعزل واقالة واحالة السفراء إلى التقاعد, وترشيح خلفاء لهم, دون الحصول على موافقة القدومي, وهو ما اتفق عليه في عمان, اضافة إلى تمثيل القدوة فلسطين في المؤتمرات والمحافل العربية والدولية.

زيارة قبعة

في اطار المناورة على القدومي هذه المرة, كان تيسير قبعة نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني زار دمشق اواخر ايلول/سبتمبر الماضي, منفردا, نائباً عن سليم الزعنون رئيس المجلس, حيث التقى قادة منظمات الصاعقة, الجبهة الشعبية, القيادة العامة, النضال الشعبي, "حماس" والجهاد الإسلامي, حيث استلم من هذه الفصائل مقترحاتها بشأن كيفية اعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية, واعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني, وذلك كخطوة تسبق دعوة عباس لانعقاد لجنة تفعيل المنظمة.

لذلك, تقول المصادر أنه ليس منطقيا أن تقدم الفصائل تصورات أخرى بشأن آليات عمل لجنة الأمناء العامين التي اقترحها عليها القدومي من أجل انجاز ذات المهمة.

وتخلص المصادر إلى أن مناورة الفصائل مع القدومي حققت مرادها لجهة تحريك أبو مازن باتجاه تفعيل لجنة التفعيل, في حين أن مناورة القدومي مع الفصائل انقلبت عليه أو تكاد, وهي تدفع الآن باتجاه الإطاحة به نهائيا من موقع الرجل الأول في "فتح", وهو موقع نظري على أي حال, وإن تم ذلك على مرحلتين, قد يرتأي عباس أن تكون اولاهما اجتماع جديد للجنة المركزية برئاسة القدومي, يقدم القدومي خلاله تنازلات جديدة على غرار ما فعله في الإجتماع الأول, حيث أنه قدم تنازلات عملية مقابل مكاسب نظرية وأدبية, ويوظفه عباس لإقناع من تبقى من اعضاء اللجنة المركزية بأنه يقدم للقدومي كل ما يستطيعه من حسن نية, لكن القدومي يعود في كل مرة لعدم الإلتزام بما يتفق عليه, فيحق في ضوء ذلك تصويب الوضع عبر وضع حد للقدومي وتجاوزاته على قرارات مرجعية اللجنة المركزية ذاتها.

وتؤكد المصادر أن الإجتماع المقبل للجنة المركزية في الخارج برئاسة القدومي, في حال انعقاده, سيكون الخطوة الأخيرة على طريق اطاحته, الذي لا تتوقع المصادر أن يؤدي الى أي انشقاق داخل حركة "فتح", وذلك جراء عدم امتلاك القدومي قدرات وملكات تنظيمية, ولأن القاعدة الأكبر في حركة "فتح" اعتادت منذ عهد ياسر عرفات, رئيس السلطة والداخل, أن تغلب مصالحها مع السلطة على علاقاتها التنظيمية.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع