حددوا مرتب الرئيس، فهو ليس اهم من
القاضي
بقلم: حمدي فراج*
لفت
نظري ان لجنة الموازنة والشؤون المالية في المجلس التشريعي قد تداعت
لدراسة واقرار مرتبات القضاة والنيابة العامة، وفي حدود المعلومات فان
قاضي البداية في فلسطين اصبح منذ فترة يتقاضى اعلى مرتب لقاضي في كل
منطقة الشرق الاوسط، باستثناء اسرائيل، وذكر احد المطلعين ان هذا
المرتب يصل الى حوالي ستة عشر الف شيكلا (نحو 4 آلاف دولار)، وهي
المحاولة التي اجترحت لوقف فساد القضاة، ومفادها ان يحصل القاضي على
مرتب مرتفع، فيكف عن اللجوء الى الاساليب الاخرى في الرشوة والاختلاس
والابتزاز. ان هذا يعني، طالما لم نسمع عن اقالة اي قاضي، ولا حتى
استقالته، بان القضاة الذين يتقاضون اليوم هذا المرتب الاغرائي
والوقائي، هم نفسهم الذين ارتشوا واختلسوا وابتزوا، فتتم مكافأتهم،
بدلا من محاكمتهم، او على الأقل طردهم من ظهرانيي هذه المهنة المهمة
والتي بالكاد نجد مهمة اكثر قدسية منها.
ما
علينا.. فلقد فسد القضاء الفلسطيني، وفي هذا ليس هناك اي خلاف، ولا نظن
انه الجهاز الاول، فلقد سبقه اجهزة اخرى، ولا نظنه الجهاز الأخير، فقد
لحق به اجهزة اخرى، وما زلنا بصراحة نحفظ للسيد ابو مازن ما كشف عنه في
كتاب استقالته من رئاسة الوزراء، من ان الغش في البترول على مدار
الاعوام الماضية، كان بقرار.
اننا نلفت الانتباه، للسادة اعضاء لجنة الموازنة والشؤون المالية، الى
النظر في المسألة الجوهرية التي تسبق ماهية المرتب، زيادته او نقصانه،
الى نفض الجهاز القضائي من فاسديه ومفسديه، بل وتقديمهم للمحاكمة
العادلة، طالما انهم خانوا مهمة ارساء قضاء عادل، دعوهم يجربوا ولو
لمرة واحدة ما ذا تعني العدالة المنشودة، في شعب تعرض للظلم المركب،
جيلا فجيلا، ناهيك ان جزءا كبيرا منهم غير مؤهلين اصلا لأن يصبحوا قضاة
عدل، تم تعيينهم بالواسطة والمحسوبية ، بدون ادنى خبرة قضائية، وبدون
مقومات النزاهة والعدالة ، ولهذا وجدتهم يقفزون الى الفساد من الوهلة
الاولى. وما ينسحب على تعيين القضاة الأرعن، ينسحب بشكل اوضح على جهاز
النيابة والمدعين العامين ، والكل يذكر اضراب نقابة المحامين ضد حال
القضاة الذي اصبح لا يحتمل، ونميل للاعتقاد ان القضية لفقت في حينه دون
اي حل جذري يذكر، باستثناء تبويس اللحى على فنجان قهوة.
انه
على ما يبدو نفسه القرار، قرار غش البترول، الذي ينسحب على غش القضاء،
وعليه فان التشريع الاول هو الذي من شأنه ان يخلصنا منه، لا أي شيء
آخر، والمجلس التشريعي هو حصان الرهان، وهذه من صلب مهماته، بدلا من ان
يذهب لمهمات اخرى مثل التكريم والتأبين والاستقبال والتوديع والاحتفال
او الاحتفاء.
وبقي سؤال أخير يتعلق بتحديد مرتب الرئيس، فلقد طرق هذا الموضوع قبل
هذه المرة، ولكن يبدو ان الطرق كان خفيفا كالنسمة العابرة، على اعتبار
ان الرئيس المقصود كان الراحل ابو عمار، ولقد رحل، فلماذا لا تحددون
مرتبه الشهري، ام هل يعتقد احد ان الرئيس اهم من القاضي؟؟؟
*
كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
|