مروان البرغوثي والمهمة
الانتحارية
2004-12-05
خاص بفلسطين برس
يعتبر القرار المفاجئ للأخ/ مروان البرغوثي بترشيح نفسه للانتخابات
الرئاسية قراراً "انتحارياً"، ويعتقد المراقبون أن السيد/ البرغوثي
تسرع، واتخذ خطوة غير محسوبة العواقب.
بداية كل مواطن فلسطيني من حقه أن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية،
ومروان مواطن ومناضل فلسطيني ساهم بجهده في صياغة الخطاب السياسي
للانتفاضة الحالية، وله تاريخه المشرف، ولكن أن يتقدم السيد/ البرغوثي
ويتحدى في آن واحد الموقف الرسمي لكافة مؤسسات الحركة التي ينتمي
إليها، فهذا موقف مستغرب ومستهجن من البرغوثي.
كافة التقديرات السياسية توقعت لمؤسسات السلطة الدمار بعد – غياب –
ياسر عرفات، وخصوم حركة فتح أرادوا لها الهلاك، وكانوا يتطلعون لتهشيم
رأس هذه الحركة، حتى تصفو لهم الأجواء، وإسرائيل في كل تحليلاتها طوال
العامين الماضيين توقعت اندلاع حرب شوارع لا تبقى، ولا تذر.
القيادة الفلسطينية الحالية تمتعت بنضوج سمح لها الحفاظ على مؤسسات
السلطة، وإجراء مصالحات حقيقية داخل حركة فتح كانت إحدى وأول نتائجها
الفوز لحركة فتح في الانتخابات الطلابية في جامعة النجاح الوطنية،
وتراجع التأييد الطلابي لحماس بفارق كبير، وذلك نتيجة طبيعية لهذه
الوحدة.
المواطن العادي بات يشعر أن الأجواء داخل هذه الحركة – التي كانت مهددة
بكل شئ – باتت دافئة .. والجميع يعمل بجهد مشترك ورؤية تكاد تكون موحدة
… أما عناصر فتح ونشطائها فقد بدأت تغيب من أذهانهم مصطلحات وكلمات
كانت تمزق الحركة، فزمن (الدكاكين) ولَّى بدون رجعة، و(جماعة) فلان
و(جماعة) علان لم يعد لها وجود في تعامل أبناء الحركة اليومي،
وعلاقاتهم الداخلية.
الأخ/ مروان البرغوثي ساهم قبل أسبوعين في ترسيخ هذه المفاهيم الوحدوية
عندما وزع تصريحاته الشهيرة على لسان "قدورة فارس" إذ أعلن مبايعته
للرجل الذي قالت له فتح: نعم، ووقف إلى جانب قرارات اللجنة التنفيذية،
والمركزية، والمجلس الثوري، ودعا مؤيدي حركة فتح وكوادرها للتصويت
للأخ/ أ. مازن كمرشح وحيد لحركة فتح.
حركة فتح في الضفة والقطاع والخارج امتدحت هذا الموقف بكل ما يحمل من
رجولة تنظيمية وسياسية وأخلاقية .. ثم جاء الإعلان المفاجئ للأخ/
مروان برفض كل ما سبق، وترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية كخطوة اعتبرها
المراقبون "غير مدروسة" وذات مدلولات سلبية على حركة فتح، وعلى شخص
وتاريخ الأخ البرغوثي.
وما علمناه من مصادر مقربة من معسكر الأخ/ مروان أن بعض كوادر الحركة
القريبين منه حاولوا استغلال بعض التأييد داخل فتح لمروان من أجل
"ابتزاز" القيادة الفلسطينية بمواقع هامة مستقبلية، وآخرون اعتقدوا أن
أ. مازن سيوقع على تعهد بالإفراج عن (مروان) مع أنهم يدركون أن الأخير
معتقل لدى الإسرائيليين، وأ. مازن لا يستطيع أن يعطي وعداً بذلك، ولكنه
يستطيع أن يبذل جهداً بنسبة 100% لإطلاق سراح كافة الأسرى في سجون
الاحتلال ومروان أحدهم.
عندما وصلت هذه الإشارات إلى ديوان السيد/ محمود عباس رفض المحيطون
به أي محاولة (للابتزاز) وهمس أ. مازن في أذن أحد مقربيه، لن أسمح
لأحد بأن يثني أصبع من يدي، ولن أبدأ في قيادة شعب أن أكون أسيراً
لرغبة فلان، أو علان…. مهما كان موقعه.
إن الرد الأسرع على خطوة الأخ/ مروان جاءت من داخل السجون الإسرائيلية
حيث استغرب المعتقلون خطوة مروان المعتقل منذ عامين في حين يقضي الكثير
منهم عشران السنين، فأصدروا بياناً مؤيداً لمحمود عباس، ومستهجنين قرار
البرغوثي الغير مبرر.
ثم تتابعت بيانات المبايعة للأخ/ أ. مازن مرشح حركة فتح بمؤسساتها
المختلفة وأبرزها موقف الجهاز العسكري لحركة فتح (كتائب شهداء الأقصى)،
وكل أجنحة حركة فتح في الداخل، باستثناء بعض من (ضللوا) الأخ/ مروان
البرغوثي.
إننا نكن كل الاحترام للأخ/ البرغوثي، ولكن عندما نفكر بمستقبل شعب
بأكمله ومستقبل قضية برمتها علينا أن ندوس على مشاعرنا قليلاً، ونفكر
بعقولنا ونرفض أي فكرة انتحارية حتى لو كان صاحبها بعض المحيطين بالأخ/
مروان البرغوثي.حة حركة فتح في الداخل،
باستث
|