لا مناص من مفاوضة مروان البرغوثي

الاربعاء 11 آب 2004

بقلم يوسف الشرقاوي

 

ما نشره المحلل السياسي والعسكري زئيف شيف في صحيفة هآرتس يوم الجمعه16/7/2004 الشهر الماضي من تحليل بأن من الممكن لإسرائيل مفاوضة مروان البرغوثي قائد تنظيم فتح في الضفة وعضو المجلس التشريعي يجب أن يؤخذ على محمل الجد .

ولعل أهم ما في هذا التحليل أن الطرف الإسرائيلي توصل إلى قناعة أن مروان البرغوثي هو العنوان الأنسب وربما الأنجع .

لم يستند زئيف شيف في تحليله بان البرغوثي يمكن ان يكون الشريك المقبول لاسرائيل في المفاوضات من الزيارة التي قام بها لمراوان في رام الله قبل انتفاضة الاقصى لانه يؤمن بالسلام مع الدوله العبريه بل لانه في ظل الانسداد السياسي الحالي فان البرغوثي يعتبر زعيم مقبول لدى الفلسطينين لما يتمتع به من شعبية وحضور وهو قادر على نسج ائتلاف قيادي مقبول شعبياً . قد يخرج المجتمع الفلسطيني من حالة الانسداد السياسي . وفتح افق على المستقبل وربما يكون مروان هو الزعيم او القيادي المقبول لتبؤ مثل هذا الدور وقد يكون العنوان الاجدى والانجع ! . لان امريكا واسرائيل لا تريدا التعامل مع العناوين السابقة حتى دحلان وصفته اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية بعد احداث غزة انه اخطأ بالتوقيت وان طموحه اكبر بكثير من قدراته .

فالمحلل زئيف شيف يعتبر من ابرز المحليل في المجالين العسكري والسياسي بالاضافة ان استشرافه في التحليل يستند الى معطيات ومعلومات . اقرب الى الدقة بالاضافة انه استند الى مثالين عن مفاوضات ناجحة ادارتها حكومات على غرار حكومه الدولة العبريه . مع زعماء كانوا سجناء (نلسون مانديلا زعيم السود في جنوب افريقيا والزعيم جوموكينياتا زعيم ثوار كينيا) وكلاهما اصبحا نتيجة المفاوضات رئيسين وزعيمين خاضا مفاوضات شاقة مع اعدائهما اهلتهما للتوصل الى تسويات .

فعرفات بتظر امريكيا واسرائيل وحتى حلفائه من الانظمة مصر والاردن وحلفائه داخل السلطة يطعنون بمصداقيته واصبح من الماضي وجميع المذكورين يريدون نوعا اخر من القيادات للتعامل معهم يغلب عليهم طابع الحضور والكرزماتية والشباب لان الحرس القديم اصبح ( obselete ) لايصلح حتى ديكواراً لأي سلطة مقبله .

فالاجهزة الامنية الاسرائيلية قد تلزم شارون بصوابيه تحليلها بأن فرص فتح المسارات الهادئة في المفاوضات ولو كانت غير مباشرة مع قيادات فلسطينية امثال مروان البرغوثي اجدى وانجع من المفاوضات الصاخبة مع قيادات فلسطينية فاوضوها سابقا ثبت انها لاتملك القرار . وتفتقر الى الشعبية والحضور ولو كان هذا السيناريو يتناقض مع استراتيجية شارون فك الارتباط مع الفلسطينين والانسحاب من قطاع غزة وضم اكثر من نصف الضفة الغربية بديلا عن المفاوضات في ظل عجز الاطراف الدولية على فرض تسوية يقبل بها الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني تفرض على اسرائيل انسحابا من المناطق المحتلة خلال الانتفاضة الحالية لان سياسة حبس الفلسطينين في معازل مغلقة واهانتهم واذلالهم وعلى الحواجز من قبل جنود الاحتلال ومع احكام الاغلاق بواسطة جدار الفصل العنصري وارتفاع نسبة البطالة في المجتمع الفلسطيني فان وضع الفلسطينين سيزداد ماساوية وهذا سيؤدي بالنتيجة الى فشل سياسه القتل والقمع والاعتقال التي تمارسها! اسرائيل بحق الفلسطينين ليلاً نهاراً .

فممارسات شارون وجنرالاته دفعت العالم وخاصة اوروبا لتوصيف الدولة العبرية بانها دولةمارقة وفوق القانون الدولي وخير مثال على ذلك فتوى محكمة العدل والدولية في لاهاي 9 تموز 2004 القاضي بعدم شرعية بناء سور الفصل العنصري بل ذهبت تلك الفتوى لابعد من ذلك باعتبار اسرائيل دولة محتلة للاراضي الفلسطينية على حدود 4 حزيران وكذلك القدس واثبت ان تلك الاراضي محتله وليس متنازع عليها. الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي تجاوز جدار الفصل العنصري ليضع اساس حل للنزاع الفلسطيني الاسرائيلي. وجاء قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة داعما لتلك الفتوى.

فبالاضافه لتحليل زئيف شيف حول ضرورة مفاوضة عنوان غير العناوين السابقة جاء ما يعزز ذلك التحليل من قبل الجنرال اهارون زئيفي فركش رئيس شعبية الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي ( امان ) محذراً من ان الوضع الراهن سيستمر وربما يتفاقم في حال عدم ايجاد حلول جذرية محذراً من الفوضى لحد فقدان السيطرة على الامور وخاصة في قطاع غزة .

أي أن زئيف شيف و أهارون زئيفي توصلا إلى هذا الاستنتاج بأنه لا يمكن القضاء على انتفاضة ومقاومة الشعب الفلسطيني بالوسائل العسكرية فقط . وإنما من خلال إعادة المفاوضات مع الطرف الفلسطيني .وتقديم تنازلات من قبل إسرائيل ترضي الطرف الفلسطيني . لأن الاعتماد على الوسائل العسكرية فقط كفيل بالقضاء على الأمل المتبقي لدى الشعب الفلسطيني . بأن إعادة المفاوضات مع الطرف الإسرائيلي ممكنة .

رغم ان مروان البرغوثي بينه وبين الدوله العبريه حساب دموي الا انه المسؤول الاول عن تنظيم فتح في الضفة سواء اكان بالسجن او خارجة . ويبقى العنوان الاجدى للمفاوضات بين الفلسطينين واسرائيل رغم ان ثعلب السياسة الاسرائيلية العجوز شمعون بيريز وعد ابو علاء بانه سيفاوضه في حال تسلمة وزارة الخارجيه في حكومة شارون .

فرغم الحكم على مروان البرغوثي من المحكمه الاسرئيليه وتحديه للمحكمة بعدم شرعيتها وحثه الفلسطينين على مواصله الانتفاضة حتى دحر الاحتلال واقامه الدولة المستقلة فقد يكون مروان البرغوثي شريكا جيداً ومقبولاً في المفاوضات المقبلة مع اسرائيل .

في النهاية سيجد المفاوضون الاسرائيليون انفسهم وجهاًُ لوجه مع مروان البرغوثي لتحقيق الممكن كنوع من التسوية قد تجبر الفلسطينين والاسرائيلين على تقديم تنازلات مؤلمه للطرفين حاليا وربما ستستمر تلك التسوية حتى بروز معطيات جديدة في المنطقة لان الحركة هي نبض الحياة والتاريخ دائم الحركة، ولا يوجد تأبيد للتاريخ وما يقبل اليوم قد لا يقبل غداً .

واخيرا فلا انطباع زئيف شيف بأن مروان البرغوثي رجل سلام، ولا قناعه الجنرال اهارون زئيفي بأن سياسه القوة وحدها فشلت في وقف الانتفاضة والمقاومة، بل لان المصالح تقتضي ذالك. لان للمصالح منطق لا يفهمه المنطق احياناً .

* العميد يوسف شرقاوي - فلسطين

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع