رسالة إلى قادة المنظمات الفلسطينية
المقاتلة
لا يختلف كل المفكرين وكل السياسيين العرب وغير العرب
على مسألة بديهية واحدة
وهي إن الذي يحدث الآن على أرض
قطاع غزة ما هو إلا خدعة كبرى صاغها وفصلها وحاكها
الخياط " الشاطر " شارون بكل
مهارة وذكاء واقتدار لخداع العالم بكل دوله ومؤسساته
وشعوبه وبرلماناته وحكوماته من
خلال إيهام وخداع كل هؤلاء بأن دولة إسرائيل قد
انسحبت من جزء من أرض فلسطين
التاريخية هو منطقة قطاع غزة ، وقد أصبحت السيادة
عليها للفلسطينيين ، ويعلم الجميع
أن هذا هو محض كذب وافتراء وتزوير للحقائق
الصحيحة ، مع أن هذه الحقائق
واضحة وضوح الشمس وهي أن السيادة على ارض وسماء وبحر
قطاع غزة باقية لإسرائيل بنسبة
مئة بالمائة من خلال بقاء أمر السماح بقدوم
الفلسطينيين إلى غزة بيد إسرائيل
بنسبة مئة بالمائة ، وليس كما يحلو للكثيرين أن
يتشدقوا بأن المعبر لن يكون فيه
إسرائيلي واحد ، وأنا أؤكد وكل علماء الفكر
والسياسة في العالم يؤكدون بأنه
حتى لو لم يكن في المعبر الرفحي أي وجود لأي جندي
أو رجل أمن إسرائيلي فهذا الأمر
يكون " استهبالا " ما دامت السيادة الكاملة ستكون
لدولة إسرائيل في كل التفاصيل
اليومية التي ستحكم الحركة في المعبر الرفحي ، كل من
له عقل يقول بان الذي سيحدث ليس
انسحاباً ، بل احتلالا وأكيداً طالما بقيت أجواء
غزة ليست محرمة على طيران إسرائيل
، وطالما الحركة في المطار الرفحي ستكون في أدق
تفاصيلها بالإشراف المباشر أو
الغير مباشر للأمن الإسرائيلي ، بعد كل هذا أليس من
العيب على الإنسان أن يخدع الشعب
الفلسطيني ويوهمه بأن قطاع غزة قد تحرر !! أين
التحرير !!؟؟ هناك شيء اسمه الخجل
وهو موجود في فطرة الإنسان ، يجب أن يخجل كل
إنسان من تسمية ما حدث بأنه تحرير
!!! هو مطلقاً ليس تحرير، بل هو تحويل قطاع غزة
إلى سجن كبير لعين ، أو هو إعادة
احتلال قطاع غزة ، أو هو إعادة تموضع القوات
الإسرائيلية حول غزة ، أو كما
سماه أحد المعلقين الفلسطينيين الأذكياء عندما قال ((
أنا استغرب جدا من الإصرار على استعمال
مصطلح انسحاب من بعض المثقفين , لأن
الانسحاب يعنى الاستقلال , والاستقلال
يعني السيادة , وهذا لن يحدث في غزه ولن
تستطيع السلطة أن تمارس أي شكل من
أشكال السيادة على برها وبحرها وجوها, كما أنها
لن تستطيع إصدار جوازات سفر أو
بطاقات هوية أو حتى شهادات ميلاد, لذلك ما سوف يحدث
ليس انسحاب, ولكنه " تغيير في
طبيعة الاحتلال " , لذالك يجب استعمال مصطلح " تغيير
طبيعة الاحتلال " )) تقريباً
وصلنا إلى نهاية الكلام وكل ما سبق يؤكد الدهاء في
سياسة دولة إسرائيل ضدنا كشعب
وهذا بالتأكيد مؤلم ومحزن وكئيب ولكنه يأتينا من قبل
دولة إسرائيل وهي التي لا تخطط
لنا بكل تأكيد بما يصب في مصلحتنا وهذا مفهوم وهو من
بديهيات قوانين الصراع بين البشر
منذ بداية الخليقة ، ولكن المحزن والمبكي والمثير
للشفقة هو الطريقة اللامنطقية
واللامعقولة التي يفكر بها كل أصحاب القرار في السلطة
الفلسطينية وكل الوزارات
والمؤسسات ، وكل أعضاء التشريعي ، وكل أعضاء المجلس الوطني
الفلسطيني ، ومنظمة التحرير
الفلسطينية ، وكل هؤلاء أيضاً قد يكون بشكل أو بآخر
مقبول منهم أن يفكروا بهذه
الطريقة اللامنطقية بسبب ارتباطهم بمنهج أوسلو الذي يرون
فيه كل الخلاص للشعب الفلسطيني ،
ولا نستطيع أن نحجر على تفكيرهم لأنهم منسجمين مع
أنفسهم في التفكير والممارسة ،
ولكن الكارثة واللامعقول والطامة الكبرى جاءت للشعب
الفلسطيني من قادة
الفصائل المقاتلة الوطنية
والإسلامية والعلمانية كلها ودون
استثناء عندما نجدهم يضربون
الدفوف والطبول والمزامير ويرفعون الرايات والأعلام !!
لماذا!!؟؟ وما الخبر!! لماذا تفعلون كل
ذلك !!؟؟ الإجابة العجيبة هي : نحتفل
بالتحرير!!!؟؟ وبمعنى أكثر إثارة للقهر
فانهم باحتفالاتهم الكئيبة هذه يشاركون بوعي
مع شارون ويسهلون له خداع كل
العالم ، والكارثة وفوق كل هذا اللامنطق واللامعقول
يطلبون ببساطة من شعبنا الفلسطيني
العظيم الذي سيسجن في السجن الجديد المسمى قطاع
غزة أن يسلك سلوكاً مهذباً
وحضارياً كي يقوم المانحين في الغرب بإلقاء بقايا فتات
موائدهم له !! أليس هذا قمة
اللامنطق واللامعقول !!؟؟
drashqar250@yahoo.com
الدكتور محمد سعدي الاشقر
فلسطين ــ قطاع
غزة المحتل ــ بيت حانون
السادس عشر من أيلول سبتمبر
2005م |