مين ده لارسن؟

لارسن يصف عرفات بالمتلاعب والمهرج

 

نضال حمد - اوسلو

 

ذكرت الصحف النرويجية الصادرة صباح الاثنين الموافق الثامن من أغسطس – آب الجاري، أن مبعوث السلام الدولي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في الشرق الأوسط النرويجي تيري رود لارسن، قد صرح لمجلة( اتلنيتك) الأمريكية بان عرفات كان مهرجا ومتلاعبا ومخادعا طوال الوقت. جاءت تصريحات لارسن في أحدث عدد من المجلة الأمريكية المعروفة. هذا وكان لارسن واحدا من الحلقة الضيقة التي أشرفت على محادثات اوسلو السرية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. كما عين مبعوثا خاصا بالسلام  للامين العام  للأمم المتحدة في المنطقة مكافأة له ولبلده على الدور الذي لعبته النرويج في تحقيق سلام اوسلو بين طرفي الصراع في شرق المتوسط.

 

كان لارسن يعد واحداً من أصدقاء الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات،وقد وصفه عرفات أكثر من مرة أمام وسائل الإعلام في اوسلو بالصديق.لكن العلاقة بين الرجلين تدهورت قبل تدهور الحالة الصحية للرئيس عرفات بأسبوع، وكان آخر ما سمعه لارسن من عرفات بحسب زعمه أن الأخير لم يعد يرغب بعد اليوم برؤيته في المقاطعة،مكتب الرئاسة في أراضي السلطة الفلسطينية. وكان قرار عرفات بحق لارسن قد أتخذ بسبب تصريحات أطلقها لارسن في حينها، لكنها لم ترق للجانب الفلسطيني الذي اعتبرها مضللة وغير صحيحة ومنحازة. وبناء على ذلك أمر عرفات بإعلان لارسن شخصا غير مرغوب فيه في أراضي السلطة الفلسطينية. وقد تلا القرار على وسائل الإعلام ، مساعد عرفات نبيل ابو ردينة. ولم يتسن بعد ذلك للرجلين الالتقاء بسبب مرض عرفات ثم وفاته. لكن لارسن شارك في تشييع عرفات ووصل الى ساحة مقر المقاطعة بصحبة عرفات الذي عاد إلى القبر وليس إلى المقر.

 

لارسن لم يأتِ بجديد فيما يخص عرفات، لكن القضية هي في كيفية استخدام العبارات ووضعها في مكانها الطبيعي الذي يعطيها معناها الحقيقي. ولارسن أساء لعرفات مرتين، الأولى في حياة الأخير عندما حمله المسئولية الأساسية عن استمرار وتفاقم الأزمة في المنطقة، متجاهلا دور الاحتلال الصهيوني وقادته العنصريين في تلك المصيبة الكبرى. والثانية بعد وفاة عرفات عندما ذمه بتصريحاته الأخيرة للمجلة الأمريكية. وأكثر ما يثير الشفقة على عرفات أنه كان يعتبر لارسن لغاية خلافه معه من الأصدقاء المقربين. وكان الرئيس الراحل عرفات كلما زار اوسلو يلتقي  بلارسن ويقدمه للصحافة على أساس انه صديقه وصديق فلسطين. ورغم العلاقة المميزة و كل اللقاءات اليومية التي كانت تجمع بين الرجلين على مر السنوات الأخيرة،إلا أن لارسن قال ما قاله. وهنا لا يسعنا إلا أن نتذكر موقف لارسن من مذبحة مخيم جنين، حيث تصرف كانسان ومسئول ومبعوث للأمم المتحدة بعيدا عن الانحياز. كان موقفه رائعا وممتازا، لكن تهديد الصهاينة بفضحه مالياً هو وزوجته، حيث أنهم يملكون ضدهما وثائق تؤكد تلقيهما مساعدة مالية تقدر ب122الف دولار من مركز بيريز للسلام (تأسس سنة 1997، وعضو فيه رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع)،المركز يمول من النرويجيين. وكان لارسن وزوجته قد تهربا من إبلاغ الرقابة عن تلك المبالغ ولم يدفعا الضريبة. جعل الأخير ينحاز ويتبدل ويعجز عن تأدية دوره كوسيط دولي عادل. لكن هذا ليس بالأمر الغريب فنفس السلطة الفلسطينية تقبل بالوسيط الأمريكي مع انه ضدها علنا.

 

يقول لارسن ردا على سؤال مباشر وجهته له  مجلة اتلانتيك الأمريكية الشهيرة في وصف الرئيس عرفات وهو يمزح ويهزل " عرفات يمزح ويهزل طوال الوقت،وهو يعي ما يفعل، ويعرف ذلك، ويمكنني القول أيضا أن عرفات الملقب ابو عمار قد كان " يتهبل" و"يهزل" بكلماته... وكان يقول "هذا ليس أنا، إنما القاعدة" و "هذه إيران" أو "هذه سورية" وكذلك " تلك كانت سفينة لبنانية" في إشارة إلى سفينة الأسلحة التي احتجزها الإسرائيليون في عرض البحر. ويتابع لارسن ان عرفات كان بامكانه وبمقدوره التفوه دائما بمثل تلك الكلمات والعبارات. ويعقب لارسن فيضيف ان عرفات كان سيدا ومعلماً في التلاعب والمخادعة. وقد جاءت تصريحات لارسن للمجلة الشهرية الأمريكية عبارة عن وصف لإقامته الطويلة في المنطقة،كذلك لعلاقته بعرفات، الذي وافته المنية في نوفمبر من العام الماضي، خاصة انه كان يلتقي به بشكل دائم وشبه يومي خلال العشر سنوات الأخيرة.

 

ان الرئيس ياسر عرفات كان فعلا من الذين لا يمكن معرفة طريقة عملهم وتفكيرهم ولا التقاط كلماتهم والعبارات التي يستخدمونها بشكل جدي.. وهناك عدة مواقف طريفة لعرفات نتذكرها حيث أنها تؤكد جزئياً بعض ما قاله لارسن في وصف الرئيس الفلسطيني الراحل.أذكر أنني كنت في يوم من الأيام أشاهد حوارا مع الرئيس عرفات على شاشة قناة "ام بي سي" الشرق الأوسط العربية الفضائية.حيث سأل مقدم البرنامج أو الإعلامي المحاور الرئيس ياسر عرفات عن زواجه من السيدة سهى الطويل وهو الذي كان يقول ويردد دائما ان زوجته هي فلسطين. فجاء رد عرفات سريعا ومفاجئا للصحافي وللمشاهدين، حيث أجابه بان الإسلام يحلل الزواج من أربع نساء وانه (عرفات) قد تزوج فلسطين ثلاث مرات وهذه زيجته الرابعة. كما لعرفات موقف آخر مماثل،ففي إحدى دورات المجلس الوطني الفلسطيني وقف تيسير قبعة عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ونائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني،سائلا عرفات باستغراب عن اسم مجهول ردده عرفات وطلب من المجلس انتخابه غيابياً، فقال قبعة من هو فلان الفلاني يا أخ أبو عمار؟ فرد عرفات بأسلوبه المعهود" الله.. زيّ ما عندكم في الجبهة الشعبية صلاح صلاح عندنا فلان الفلاني" .. وصلاح صلاح عضو في المكتب السياسي للجبهة الشعبية ويرأس لجنة شئون اللاجئين في المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية. ونحن بدورنا نسأل ونردد مين ده لارسن؟

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع