موكب معاليه في غزة



بقلم:عبد الله عيسى

قبل استشهاد خليل الوزير"أبو جهاد" نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية بفترة وجيزة دخل إلى منزله في تونس فشاهد رجلا مسلحا ببندقية كلاشنكوف في الحديقة فناداه وسأله :"ماذا تفعل هنا؟ومن أنت؟!".فقال الشاب:" أنا حارسك وقد أرسلت لمرافقتك".فقال أبو جهاد:" لست بحاجة لك ..اذهب إلى لبنان وهناك شعبنا يحتاجك اكثر مني ولا أريد أن أراك هنا مرة أخرى ..توجه إلى لبنان فورا".
وفعلا انصرف الشاب وبقي مع "أبو جهاد مرافق واحد " وهو في منصب نائب القائد العام حتى استشهد ولم يجد الكوماندوس الإسرائيلي في طريقه إلى غرفة نوم أبو جهاد سوى حارس واحد ومسدس صغير بيد الشهيد القائد.
وحدثني أحد الأصدقاء فقال:" قبل استشهاد أبو جهاد وفي آخر زيارة له إلى عمان اتفقت مع عدد من شباب الثورة الفلسطينية بان تسير سيارة بها عدد من المرافقين المسلحين خلف سيارة أبو جهاد حراسة له وأوصيتهم بان يحذروا تماما أن ينتبه إليهم وإلا فانه سيرفض هذه الحراسة وفعلا كانت السيارة تسير خلف سيارته بدون علمه ولكنه انتبه وسألني ما هذه السيارة التي تلحق بنا في كل مكان .ولم استطع أن اكذب طبعا فصارحته بالحقيقة فقال :أبعدهم عني ولا أريد حراسات".
هذه القصة نموذج لسلوك القيادات التاريخية للثورة الفلسطينية الأحياء منهم والشهداء وتذكرتهم وأنا اسمع عن وزير صدر ضده قبل اشهر بيانا اتهمه بالفساد وغير ذلك وبدلا من أن يشعر بالخجل قليلا وان يراجع نفسه على الأقل توجه معاليه إلى مختلف أجهزة الأمن في السلطة يطلب سيارات من المرافقين المدججين بالأسلحة وندب حظه بان حياته في خطر حتى جمع من السيارات خمسة تسير معه في موكب مهيب صباحا مساءا في شوارع غزة الضيقة والتي لا تحتمل المواكب و"الصرعات" والناس ترى وتسال وتعرف لان غزة قرية صغيرة .
ورغم أن اجتياح شمال غزة قد شغل الناس بالحزن على عشرات الشهداء والأسى على دمار وخراب وهدم منازل وإحراق بيوت إلا أن صاحبنا "يتمختر" في شوارع غزة بموكبه ذاهبا إلى وزارته وعائدا إلى منزله ولا نطلب منه أن يفعل كما فعل أبو جهاد فهذا صعب عليه وفوق طاقته ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها والقيادة التاريخية هي التي تفعل ما فعله أبو جهاد ولكن على الأقل آن يطلق سراح مرافقيه لوجه الله حتى لاتزيد نقمة الناس عليه ولن يمسه أحد بسوء حتى لو تمختر في الشارع لوحده لن يفكر أحد بالمساس به.
وحسب معلوماتي فان معاليه كان يجلس منذ بدء الاجتياح لمخيم جباليا يرسم الخطط في مكتبه لانه يريد الخروج من غزة والطرق مغلقة ويخشى أن يسلك طريقا معينا قد يعترض سبيله من اصدروا البيان ..ولم يبق سوى أن يضع على الطاولة مجسما لشوارع ووديان قطاع غزة كما يفعل موفاز وهيئة أركان جيشه بالتخطيط للاجتياح وكيف رسمت خطة اقتحام جباليا من طريق غير متوقع التفافي لتفادي العبوات الناسفة المزروعة في طريق الآليات الإسرائيلية فان معاليه يخطط ويرسم ويشرح لو خرجت من هذا الطريق يوجد خطر أن يعترضني "جماعة البيان" والطريق كذا أغلقته قوات الاحتلال والجيش الإسرائيلي ووضعت الدبابات فيه والطريق كذا ..إلى آخره.
كنت أتمنى خلال أيام الاجتياح ..مجرد أمنية باعتباره مصنف كهباش من الهبش درجة أولى لايراعي إلا ولا ذمة في المال العام.. لو انه أرسل لسكان جباليا ما يسد رمق الأطفال وصهاريج مياه حتى لو كان هذا العمل ليس من اختصاص وزارته فلدينا جهات رسمية ساعدت أهلنا في رفح وتبرعت بموازنتها الشهرية لمساعدة الناس هناك وهذا ليس من اختصاصهم ولكن نحن في حالة حرب وطوارئ والمساهمة من كل الجهات الرسمية وغير الرسمية بينما قصرت الجهات المختصة!.
ومنذ بدء العدوان ومعاليه في اجتماعات متواصلة في وزارته يرسم الخطط بعد أن حول مكتبه إلى ما يشبه غرفة العمليات المشتركة .. حتى انتهى العدوان على جباليا والمجزرة ضد أهلنا هناك فغادر ثم عاد إلى غزة ولم يعترضه أحد ..والاهم أن لا نرى مثل هذا الوزير وامثاله في حكومتنا القادمة لانه في وجودهم بالوزارة استفزاز لمشاعر الناس !!.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع