مرحلة خطيرة.. جداً
بقلم :احمد عمرابي
كان أول رد فعل من الرئيس عرفات بعد أن أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش
بيان تصفية القضية الفلسطينية هو الدعوة الى اجتماع طاريء لمنظمة
المؤتمر الاسلامي (على خلفية الخلافات العربية حول عقد اجتماع قمة
عربية) وعدا هذه الخطوة تبارى عرفات مع كبار مستشاريه ومساعديه في
اطلاق التصريحات الغاضبة المعهودة.وهكذا ومع دخول القضية الفلسطينية
اخطر ظرف في مسارها الطويل لا يزال المصير الفلسطيني مرتهنا الى نفس
العقلية التي انتهت به الآن الى حافة الهلاك.
ان
الخطة الاسرائيلية التي تبناها الرئيس الاميركي رسميا في بيانه تقول
للفلسطينيين عمليا ما يلي:
ـ
الأراضي الواقعة تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1967 لن تعود اليكم
بالكامل.
ـ
سوف تحصلون على قطاع غزة لكن مع سيطرة اسرائيلية أمنية على مينائها
وساحلها ومطارها وكل منافذها الاخرى.
ـ
نصف أرض الضفة الغربية سوف يضم الى اسرائيل نهائيا. اما النصف الثاني
فلن تحصلوا عليه إلا بعد تصفية نهائية لمنظمات المقاومة.. مع تعهد من
قيادة السلطة الفلسطينية بأنه لن تقوم للمقاومة قائمة بعد ذلك.
ـ
مصير القدس انتهى فلن تكون بعد الآن موضع تفاوض.
ـ
لا عودة للاجئين الى اسرائيل.
بكلمات أخرى فإنه لم يعد هناك شيء اسمه «عملية السلام» وحتى اذا قبلت
اسرائيل مبدأ الأخذ والرد فإن اي تفاوض ينبغي ان يبدأ بتسليم فلسطيني
بالكامل بالوضع الناجم عن الخطة الاسرائيلية.
لقد قضي الامر اذن.. وانتهت اسطورة «سلام الشجعان» وأسطورة «السلام
خيارنا الاستراتيجي».. فما العمل الآن؟
ان
اسرائيل لم تترك للفلسطينيين أي هامش للاستنتاج او التخمين. لقد وضعت
القيادة الاسرائيلية بنفسها «الحل النهائي».. وسارعت الولايات المتحدة
الى الموافقة غير المشروطة على هذا الحل.
وإذن أغلق باب التفاوض وأحكم اغلاقه. فلم يعد بالتالي امام الفلسطينيين
سوى خيارين لا ثالث لهما: اما الاستسلام الكامل او المقاومة المسلحة
الشاملة.
هذا هو المحك.
وقد كان من المأمول ان يوقظ هول الصدمة القيادة التقليدية الفلسطينية
فتدرك ان وهم «الحل التفاوضي» افضى بها الآن الى طريق مسدود، وتقرر
بالتالي سلوك الطريق الآخر. لكن التصريحات فارغة المضمون والدعوة الى
اجتماع هيئة مثل منظمة المؤتمر الاسلامي او حتى اجتماع الجامعة العربية
على مستوى قمة، كل ذلك لا يبشر بأن العقلية القيادية الفلسطينية اخذت
تتغير بفعل الصدمة
فما قيمة «بيانات ختامية» فخمة الألفاظ بعد ان وضعت اسرائيل الحد
الفاصل وقررت بنفسها وبتواطؤ اميركي مصيرا بائسا للشعب الفلسطيني.
وخلال الايام والاسابيع المقبلة سوف نرى الاحداث تسير على خطين
متوازيين.
على الخط الاسرائيلي الاميركي سوف يعرض ارييل شارون خطته في استفتاء
على المؤتمر الشعبي لحزب الليكود الحاكم.. وسوف تنال موافقة. والخطوة
التالية سوف تكون عرض الخطة على البرلمان الاسرائيلي. وبعد اجازتها
تكون جاهزة للتطبيق. وفي هذه الاثناء سوف يتواصل بناء «الجدار الفاصل»
الى ان يستكمل.
على الخط العربي سوف يواصل رجال السلطة الفلسطينية الحملة اللفظية
الفارغة. وفي الوقت نفسه تقوم اطراف عربية بإعادة تأهيل قوات الامن
التابعة للسلطة الفلسطينية بتمويل اميركي حتى تستكمل استعدادها للمرحلة
التالية: مرحلة شن الحرب على فصائل المقاومة المسلحة.
بعد ذلك يبقى الامر مفتوحا على اسئلة واحتمالات لا حصر لها:
ـ
هل تندلع حرب اهلية تشعلها قوات السلطة الفلسطينية؟
ـ
واذا اندلعت حرب اهلية هل تنتصر فصائل المقاومة؟
ـ
هل تتمكن السلطة الفلسطينية من بسط سيطرتها على قطاع غزة بعد انسحاب
القوات الاسرائيلية من معظم اجزائه؟
اننا في كل الاحوال على اعتاب مرحلة خطيرة جدا.
|