مهزلة فلسطين الفضائية


بقلم:عبدالله عيسى


في عام 1968 افتتح التلفزيون التونسي وعند بث الصورة الأولى لمذيعة تونسية لتعلن عن افتتاح بث التلفزيون التونسي ظهرت صورة المذيعة مقلوبة على الشاشة نظرا للإمكانات الفنية الضعيفة لدولة استقلت حديثا .
وبعد بضع سنوات تحول التلفزيون التونسي إلى إنجاز كبير وفي كل عام وفي ذكرى افتتاح البث التلفزيوني التونسي يشاهد الشعب التونسي صورة المذيعة المقلوبة عندما يتحدث الإعلاميون عن تلك المناسبة باعتبار أن التلفزيون استفاد من أخطائه الأولى وتجاوزها فورا .


ولا يشعر التلفزيون التونسي بالخجل من تلك الصورة المقلوبة بل يبثها في كل عام باعتبارها من طرائف تأسيس التلفزيون وخلال عامين أو ثلاثة كان التلفزيون التونسي يحقق قفزة كبيرة في البث التلفزيوني من حيث البرامج والمنوعات .


ومنذ تأسيس الفضائية الفلسطينية والتلفزيون الفلسطيني قبل عشرة أعوام ما تزال الصورة مقلوبة والمذيعة تظهر رأسا على عقب لم نتعلم من أي خطا والأخطاء كثيرة وجسيمة ..عشر سنوات كافية كي تصبح لدينا فضائية نفخر بها وتنقل صوتنا المخنوق للعالم الآن..


ومع بداية شهر رمضان المبارك نشاهد الآن وبعد عشر سنوات من تأسيس التلفزيون والفضائية حلقة من مسلسل محلي " شوحكينا" بشريط مضروب لايمكن مشاهدته ولايمكن لأي فضائية تحترم مشاهديها أن تبث مثل هذا الشريط وأظن أن الحلقة سجلت على شريط مستعمل .


والمثير أن أحد المسلسلات الرمضانية التي تبثها الفضائية الفلسطينية الآن كتب عليه وبخط كبير:" فظائية فلسطين تقدم.. "!!.


وشاهدت مساء اليوم بعد الإفطار على شاشة فضائية فلسطين لقاءا مع فنان فلسطيني لم اسمع به سابقا فقال بان تجربته الفنية عمرها 40 عاما وان رصيده الفني كان مشهدا يتيما في مسلسل فلسطيني !!وسئل الفنان الفلسطيني مجهول الهوية عن الفنان المصري القدير محمد عبد الوهاب فقال :" كنت ذات مرة في معهد موسيقي في القاهرة فجاء عبد الوهاب لزيارة المعهد..وشاهدته عن بعد ولم اسلم عليه فأنا فنان وهو فنان ولماذا اذهب إليه!!". عندها قلت آن للشافعي أن يمد رجليه.. أي عنتريات فنية لم اسمع عنها إلا عندنا في فضائية فلسطين.
وللعلم فان فضائية فلسطين من المؤسسات القليلة التي بني لها مقرا فاخرا في غزة ولا أظن أن روتانا لديها مقر بنفس الفخامة ولديها جيش من الموظفين جميعهم بمرتبة مدير عام ومدير ولم اسمع عن موظف عادي في الفضائية حتى الآن أي انهم الأوفر حظا بين مؤسسات السلطة ولديها إمكانات مالية كبيرة نسبيا مقارنة مع مؤسسات فلسطينية مثل وزارة الثقافة والإعلام في غزة ورام الله .


وبدلا من هذه البرامج السخيفة لو أن الفضائية أوفدت إلى القاهرة ودمشق قبل شهر رمضان طاقما من المذيعين والفنيين واعدت حلقات ولقاءات يومية مع نخبة من الفنانين العرب وفي كل يوم حلقة مع فنان عربي كبير مثل عادل إمام ونور الشريف وحسين فهمي وسميرة احمد وسلوم حداد وعابد فهد وخالد تاجا وغيرهم لانفردت الفضائية الفلسطينية بلقاءات رائعة تجذب المشاهد الفلسطيني والعربي وكانت مناسبة لتحسيس الرأي العام العربي من خلال هذه اللقاءات الفضائية حول حصار الشعب الفلسطيني ومعاناته ..فهؤلاء نجوم الفضائيات العربية خلال شهر رمضان فالفنان خالد تاجا بطل المسلسل العربي التغريبة الفلسطينية وهل كان سيتردد في إجراء لقاء كهذا و كذلك أبطال نفس المسلسل وهل كان الزعيم عادل إمام سيتردد في إجراء لقاء كهذا وهو الذي تبرع لصندوق القدس بمليون دولار قبل سنوات وزار غزة مع نخبة من الفنانين المصريين وهل سيتردد نور الشريف الذي مثل كل الأفلام الفلسطينية بدون اجر دعما للقضية الفلسطينية ..ولكن فضائيتنا ترددت وانشغلت في تفاهات . وفي الوقت نفسه نحن بحاجة إلى لقاءات مع فنانين فلسطينيين محليين وبحاجة إلى مسلسلات فلسطينية هادفة وترفيهية ولكن يشترط أن تكون بمستوى فني محترم.


وكنت في السابق إذا تحدثت مع أي مسؤول فلسطيني شاكيا من مهازل الفضائية كان يقال لي:"احمد الله يا رجل على انه اصبح لدينا فضائية وهذا بحد ذاته إنجاز ".ومنذ عشر سنوات وأنا احمد الله واسبح بحمده على انه اصبح لدينا فضائية ولكن الآن أقول:"الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه".

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع