لن تخدع كل الناس كل الوقت
بقلم: حمدي فراج *
مقالات عديدة كتبها كتاب "فتح" بشكل خاص تعقيبا على فوز "حماس" الساحق
في الإنتخابات البلدية في عشرة مواقع في قطاع غزة، ليس في الانتخابات
فحسب، بل فوزها على حركة "فتح" التي نافستها عمليا في كل موقع من
المواقع العشرة، وكانت النتائج ليس فوز "حماس" بسبعة مواقع و"فتح"
بموقعين فحسب، بل أن "حماس" قرعت "فتح" بثلاثة أمثال.
لن
يجرؤ احد من هؤلاء الكتاب على طرق الموضوع كما هو في الحقيقية في البحث
عن الأسباب، سيكتبون عن كل شيء تقريبا ما عدا الأسباب، لأنهم ببساطة
جزء لا يتجزأ من تلك الأسباب، واذكر هنا على سبيل المثال ما ذكره كاتب
فتحاوي قبل حوالي ستة اشهر في مقالته اليومية، انه لم يعد هناك في
"فتح" مفكر ومثقف واحد يستطيع أن يذهب للكتابة والتنظير كما كان عليه
الأمر في الماضي السحيق. أعتقد انه يستثني نفسه من مثل هذا التعميم،
لأنه ارتزق، شأنه شأنهم، والارتزاق لدى الكاتب لا يكون فقط من خلال
وظيفة في مؤسسات الإعلام الرسمية المخجلة، سواء كانت المرئية منها او
المسموعة او المقروءة، بل في إنشاء مؤسسات لها علاقة بالموضوع من بعيد،
وحتى لا نتجنى على أحد: فهل من يستطيع تفسير إنشاء ما يسمى ببيت الشعر
ـ حتى اليوم أنا شخصيا لا أعرف إن كانت الشين مكسورة ام مفتوحة ـ لكني
اعرف انه تم إنشاءه بعد خروج رئيسه من وزارة الإعلام بعد أن كان وكيلا
في خصومة مع السيد الوزير آنذاك ياسر عبد ربه.
الأمثلة على ذلك كثيرة، وقد لا نستطيع عدها، لكنه النهج الفتحاوي قبل
السلطة وبعد السلطة، بل لقد تطور ليكون على سدة المؤسسة رأسان، كما في
هيئة التلفزيون والراديو والجريدة، ولهذا كان لدينا عشرة أجهزة أمن
وأشياء أُخرى.
بعض
الكتاب عزى ذلك بسوء اختيار المرشحين، وبعضهم لغياب ياسر عرفات الذي
كان فاهما أكثر من غيره ان فتح لن تفوز ولهذا قام بتعيين البلديات
لأكثر من دورتين، وحين لم يستطع بدا من اجرائها قرر ان يكون ذلك
بالتقسيط المشبوه والذي لا يمت للديمقراطية بصلة، وهاهي بعد وفاته جرت
انتخابات رئاسية ترشح لها سبعة وأشاد العالم كله بديمقراطيتنا، ودان
ديكتاتورية القيادة التي كان يقف على رأسها ياسر عرفات.
الديكتاتورية، لم تكن المقتل الوحيد لحركة فتح القائدة والحاكمة، بل
الفساد، الذي بعد عشر سنوات سلطوية أصبح يبز برأسه من كل مكان تقريبا،
وأصبح مرادفا لفلسطين وفلسطين مرادفة له في العالم اجمع، بعد أن كانت
مرادفة للتضحية والنضال والنظافة والطيبة. لقد عكفت القيادة ليس فقط
على إفساد الكتاب، بل على إفساد قطاعات واسعة من الشعب، ولكن كما قيل:
قد تخدع بعض الناس كل الوقت، وقد تخدع كل الناس بعض الوقت، ولكنك لن
تخدع كل الناس كل الوقت.
*
كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم
|