في الكويت يحنون إلى أيام
الفلسطينيين
الكويت
ـ من عبد الرؤوف ارناؤوط:
بالنسبة
للدكتور شفيق الغبرا،
المولود لفلسطيني اضطر لترك فلسطين بعد نكبة العام 1948، فإن الموقف
الذي اعتمدته
منظمة التحرير الفلسطينية بعد الاجتياح العراقي للكويت "سبب جرحا عميقا
وبنى حاجزا
عميقا" لدى الكويتيين ومع ذلك يرى الغبرا، المولود في الكويت والمواطن
الكويتي، ان
تصحيح العلاقة الفلسطينية -الكويتية ممكن "عبر تكثيف حملة الصداقة
والتفاعل بغض
النظر عن مدى شعورك بالجرح وحرج الطرف الاخر".
ومع ذلك فقد كان بالامكان
الاستماع الى مطالبات الاعتذار عن الموقف الفلسطيني الذي يعود للعام
1990 من قبل
العديدين في الكويت ومنهم الصديق القديم للشعب الفلسطيني ورئيس الهلال
الاحمر
الكويتي برجس برجس الذي قال "على الاقل يمكن قول كلمتين تصححان اخطاء
الماضي".
وأضاف "لقد حدثت اجتماعات تم خلالها شكر الكثيرين، ولم نستمع خلالها
الى كلمة شكر
واحدة للكويت التي قدمت الكثير للفلسطينيين على مدى سنوات طويلة".
في الكويت ثمة
اجماع على دعم الشعب الفلسطيني في نضاله لنيل حقوقه المشروعة والخلاص
من الاحتلال
الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية وإن كان ثمة العديد من المؤشرات
على تحسن في
العلاقة من الناحية الشعبية باعادة توظيف عدد من الفلسطينيين خلال
العامين الاخيرين
سيما في مجال التعليم فإن ليس ثمة مؤشرات على تقارب ما بين القيادتين
باستثناء ما
تردد عن الترتيب لزيارة يقوم بها احمد قريع "ابو علاء"، رئيس الوزراء،
الى
الكويت.
وبعد سنوات طويلة فان في الكويت الكثيرين الذين يحنون لأيام
الفلسطينيين
ويستذكرونهم بفخر ومنهم يوسف الياقوت، نائب المدير العام ورئيس تحرير
وكالة الانباء
الكويتية (كونا) الذي اشار الى الدور الفلسطيني في بناء وتطوير وكالة
الانباء
الكويتية ويقول "كان الفلسطينيون يعملون في مكاتب الوكالة في الكويت،
وحتى مدراء
المكاتب في الخارج كانوا في كثير من الاحيان من الفلسطينيين..لقد
تدربنا على ايديهم
وهم الذين اوصلونا الى هذا المستوى العالي من المهنية".
وبحسب كويتيين فقد شهدت
الكويت خلال العامين الماضيين اعادة توظيف فلسطينيين في مجال التعليم
وفيما ليس من
الواضح ان كانت هذه الخطوة ستمهد لمزيد من توظيف للفلسطينيين في الكويت
الا ان
العديد من الكويتيين والفلسطينيين في الكويت ينظرون بايجاب الى هذه
الخطوة التي
تأتي في وقت لا يزيد فيه عدد الفلسطينيين في الكويت الان عن عشر عددهم
المقدر قبيل
الاجتياح العراقي للكويت العام 1990.
ويقول الغبرا، رئيس الجامعة الاميركية في
الكويت، "هناك ثقة عالية بقدرة المعلم الفلسطيني في الكويت وايضا فان
هناك تعطشا
شديدا لاصلاح النظام التعليمي، وادراك بأن المعلم الفلسطيني مخلص وتمتع
بكفاءة
عالية وهي قناعة وجدت لدى الكويتيين من خلال تجربة الفلسطينيين قبل
الاحتلال
العراقي للكويت" وأضاف "هناك محاولات لاعادة استقطاب معلمين فلسطينيين
وخلال
العامين الاخيرين جرى اعادة توظيف العديد من الفلسطينيين في قطاعات
مختلفة وخاصة
التعليم".
كما ويشير الغبرا الى عامل اخر ساهم في هذا التطور الجديد بقوله
"الانتفاضة
الفلسطينية اعادت للشعب الكويتي شعورا قويا جدا بالارتباط بالقضية
الفلسطنية وهو ما ساهم في هذه الاشارات الايجابية علما بأن القضية
الفلسطينية هي في
وجدان الشعب الكويتي وقد كان على الدوام يقدم الدعم للقضية
الفلسطينية".
واستنادا الى مواطنين كويتيين فانه منذ ترك الفلسطينيون قطاع
التعليم بعد سفرهم من الكويت او طردهم منها خلال وبعد الاجتياح العراقي
للكويت فان
تدهورا طرأ على هذا القطاع الى حد ازدادت فيه "الدروس الخصوصية" ولم
يعد هذا القطاع
كما كان عليه في السابق.
الغبرا تفرغ لعدة سنوات لصالح القضية الفلسطينية وبعيد
تحرير الكويت كان من الداعين لاعادة العلاقات بين الكويت وما سمي بدول
الضد ومن
بينهم فلسطين اما برجس برجس ،رئيس الهلال الاحمر الكويتي، فيستذكر
علاقاته مع
قيادات فلسطينية ويقول "لم يحصل ان كان هناك هلالان في دولة واحدة الا
في الكويت
(قبل
الاجتاح العراقي) حيث كان هناك هلال احمر كويتي وهلال احمر فلسطيني".
ومع
ذلك فهو يشير الى انه ليس هناك تعاون الان ما بين الهلال الاحمر
الكويتي في الكويت
والهلال الاحمر الفلسطيني في فلسطين والى حد ما فانه يبرر ذلك بما
يسميه علاقة
الهلال الاحمر الفلسطيني مع السلطة الفلسطينية والخشية من استفادة
"فئات في السلطة
الفلسطنية دون غيرها من المساعدات الكويتية" ويقول "لا نتعاون مع
الهلال الاحمر
الفلسطينين..الهلال الاحمر الفلسطيني خاضع للسلطة الفلسطينية" على
الرغم من توضيح
وفد اعلامي فلسطيني له بأن الهلال الاحمر الفلسطيني يتمتع بشفافية
عالية وانه يقدم
الخدمات لجميع فئات الشعب الفلسطيني دون استثناء فضلا عن انه هدف
لضربات الاحتلال
الاسرائيلي لمنعه من تقديم الخدمات الطبية للفلسطينيين.
وعوضا عن ذلك فان الهلال
الاحمر الكويتي يقدم المساعدات لجمعية الهلال الاحمر في غزة التي
يترأسها د.حيدر
عبد الشافي ويقول "فتحنا باب التعاون مع د.حيدر عبد الشافي ونحول له
مبالغ وهو يبعث
لنا وصولات دقيقة يتم التدقيق بها ونجد ان الامور ذات شفافية وواضحة
وقد طلبنا منه
توسيع مجال العمل ليشمل جميع القرى والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية".
مؤخرا
يقول برجس انه حاول فتح قناة اتصال مع يونس الخطيب رئيس الهلال الاحمر
الفلسطيني
الا انها لم تنجح وقال "السنة الماضة التقيت مع الخطيب ودعوته الى
الكويت لنجلس
ونتفاهم وقد وافق الا انه لم يستجب للدعوة فلم يأت الى الكويت، ثم
اجتمعت به في ابو
ظبي قبل 4 اشهر واتفقنا على ان يزور الكويت وايضا لم يأت".
في بعض الاحيان كان
تم تقديم مساعدات الهلال الاحمر الكويتي من خلال الصليب الاحمر الدولي
ويقول برجس
"كنا
نشحن المساعدات من خلال الاردن عبر الصليب الاحمر الدولي وتوزع من خلال
الصليب
الاحمر الا ان تكلفة النقل كانت عالية جدا ووصلت الى اكثر من نصف مليون
يورو ولذلك
تم وقف التعاون من خلال الصليب الاحمر الدولي".
ومع ذلك فهو يكشف النقاب عن ان
الكويت حاولت تقديم الدعم، بغض النظر عن حجمه، لتطوير ودعم المستشفيات
والعيادات
ودور الايتام في الاراضي الفلسطينية من خلال الصليب الاحمر الدولي وذلك
من خلال
مراسلات جرت في العام 2002 و2003 وقال برجس "الصليب الاحمر رفض وقال ان
هذا العمل
يقع ضمن صلاحياته" وأضاف "نريد الطرق الصحيحة للوصول الى المستشفيات
والعيادات ودور
الايتام فمن ناحية قومية فان فلسطين هي قضيتنا الاولى ومن ناحية
انسانية نحن نقوم
بواجبنا ..نريد تقديم الدعم على ان يصل الى الجميع دون استثناء".
الموقف الذي
يبديه برجس من القيادة الفلسطينية هو من رواسب العام 1990 والاجتياح
العراقي للكويت
الا ان الغبرا الذي يصف هذا الوضع بأنه "معقد كثيرا ولكن ليس من الصعب
فهمه" يقول
"هناك
خيبة امل في الكويت من الموقف الفلسطني وهذا له اسبابه، فالكويت كان
اول بلد
استقبل الفلسطينيين كمدرسين لادخال التعليم الحديث في الكويت وهو اول
بلد خليجي سمح
بالعمل السياسي الفلسطينيين وفي الكويت هناك حركة داعمة الى ابعد
الحدود للقضية
الفلسطينية".
ويشير الغبرا الى ان الدعم للفلسطينيين بدأ منذ النكبة وقال "في
العام 1967 فتحت الكويت ابوابها للفلسطينيين حتى بدون تأشيرات
وسلموا المدارس
لمنظمة التحرير الفلسطينية وكان هناك تعايش ومساهمة فلسطينية وايضا دعم
كويتي شرس
للقضية الفلسطينية فضلا عن التبرعات التي كانت تقدم الى الفلسطينيين ما
رفع عدد
الفلسطينيين ما قبل الاحتلال العراقي الى 400 الف في العام 1990" وأضاف
"ولكن تخيل
انه في العام 1990 كانت الكويت تستجدي موقفا فلسطينيا ولم تحصل عليه
وهو ما احدث
صدمة لأن الكويت قدمت الكثير وفجأة تستجدي موقفا ولا تحصل عليه في وقت
كان صدام
حسين يقدم الدعم اللفظي للفلسطينيين ويساهم في احداث الانشقاقات
الفلسطينية ..امام
هذا الموقف صار هناك جرح عميق واصبح بينا حاجز عميق".
ويشير الغبرا الى ان علي
حسن المجيد، الذي نصب حاكما على الكويت بعد احتلالها، سعى الى احداث
شرخ في العلاقة
الفلسطينية - الكويتية وقال "عمل على احداث الشرخ باشكال مختلفة ومنها
انه جلب
فلسطينيين من جبهة التحرير العربية ووضعهم على الحواجز في الكويت وكان
هذا مقصودا".
وأضاف "عندما حررت الكويت كان الجو معبئا في الكويت ضد الفلسطينيين وفي
المرحلة
الاولى كان هناك عنف مورس على الفلسطينيين ..الكثير من الفلسطنيين
غادروا الكويت
اثناء الغزو وبقي اقل من 200 الف فلسطيني في الكويت ..رويدا رويدا غادر
الكثير من
الفلسطينيين الكويت بعد ان لم تجدد اقامتهم الى حين وصلنا الى العدد
الحالي".
حاليا ثمة نحو 40 الف فلسطيني في الكويت ويقول الغبرا انهم يعملون في
القطاعات المختلفة مثل التعليم والصحة وقطاع الاعمال الخاصة وبعض
الوظائف الحكومية
فضلا عن ان الكثير من رجال الاعمال الفلسطينيين بقوا يعملون في الكويت.
الدعم
الكويتي للشعب الفلسطيني قائم والقضية الفلسطينية تقف في رأس اهتمامات
الشعب
الكويتي وفيما يجري حاليا تحسين في العلاقات يتمثل في اعادة توظيف
فلسطينيين فان
اعادة العلاقات الفلسطينية-الكويتية على مستوى القيادتين لربما تحتاج
الى خطوات من
كلا القيادتين الا ان الكثيرين في الكويت يرون ان ذلك ممكن ومتاح.
|