عمان - منير صالح - الحقائق
11/8/2004
إنقلب السحر على الساحر
إتهامات لسهى بمحاولة
الاستيلاء على الأموال المسجلة بإسم عرفات
فجرت اتهامات عقيلة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات
لقادة السلطة الفلسطينية بأنهم يريدون دفن عرفات حياً، قنبلة سياسية في
الأوساط
الفلسطينية الرسمية والشعبية.
ويرى الكثير من المراقبين أن تصريحات سهى عرفات
إنقلبت عليها، وأنها تحولت هي شخصياً إلى موضع إتهام، كما أن تصريحاتها
أثارت غضب
قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني وقياداته نظراً لحساسية المرحلة التي
يمر بها
عرفات والشعب الفلسطيني.
فمن جانبه وصف وزير الإتصال الفلسطيني عزام الأحمد
تصريحات سهى عرفات بأنها غير مبررة على الإطلاق، وقال "لا أعلم حقيقة
هذه التصريحات
المستهجنة".
غير أن مسؤولين فلسطينيين آخرين طلبوا عدم ذكر
أسمائهم قالوا إن "إخفاق سهى عرفات في الحصول على توقيع مالي من زوجها
خلال وجوده
في باريس للتصرف في بعض الأموال الموجودة في أكثر من بنك، هو الدافع
لهذه
التصريحات".
وأعتبر هؤلاء أن سهى عرفات لجأت لإطلاق هذه
الاتهامات قبل وصول عدد من القيادات الفلسطينية للإطلاع على وضع عرفات
الصحي، ومن
ثم تحديد الخطوات للمرحلة القادمة سياسياً ومالياً، وهو الأمر الذي
يعني إنهاء أي
دور مالي لسهى عرفات.
فيما رأى آخرون أن اتهامات زوجة الرئيس، تؤكد أنه لا
يوجد أي أمل في إنقاذ حياة عرفات، وأن زوجته تدرك ذلك، ولكنها لا ترغب
في الإعلان
عنه، لأن من شأن ذلك أن يتسبب لها في مخاسر سياسية ومالية، فيما رجح
البعض الآخر
أنها أرادت من وراء هذه الاتهامات إثبات وجودها في اللحظات الأخيرة
لحياة زوجها،
بعد أن ثارت انتقادات واسعة حولها بسبب تركها له وحيداً خلال سنوات
حصاره
الماضية.
ويذهب الدكتور واصل أبو يوسف عضو الأمانة العامة
لجبهة التحرير الفلسطينية إلى القول إن سهى عرفات أطلقت هذه الإتهامات
بتشجيع من
بعض الشخصيات، ومراكز القوى التي قد تتضرر من مرحلة ما بعد عرفات.
وقال
الدكتور أحمد مجدلاني عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي
الفلسطيني إن الاتهام
عزز الفرضية القائلة بوجود صراع على خلافة عرفات، وإن "السلاسة" التي
ظهرت داخل
المؤسسات الفلسطينية لا تعبر عن حقيقة
الأمور.
مظاهرات فلسطينية ضد سهى
عرفات
إنفراد سهى عرفات بأخبار حالة
عرفات الصحية يثير غضب الفلسطينيين
لم تثر زوجة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إعجاب
الفلسطينيين قط بالحياة المرفهة التي تحياها في الخارج بينما يعاني
زوجها من الحصار
الاسرائيلي في الداخل. والآن يشعر الكل بالغضب تجاهها بسبب العزلة التي
تفرضها على
زعيمهم وهو يشارف على الموت في مستشفى عسكري بفرنسا.
وانتقد فلسطينيون اليوم الاثنين سهى عرفات (41 عاما)
معتبرين أنها تتصرف كملكة وأنها ألحقت الضرر بمكانة الرجل الذي يرمز
لقضيتهم
الوطنية وكدرت صفو عملية خلافته بأن أبقت المسؤولين الذين يحتاجون
لمعرفة تطورات
حالته الصحية في الظل وحجبت عنهم المعلومات.
وتفجرت اليوم مشاعر الاستياء المكبوتة في صدور
الفلسطينيين منذ أن تزوجت سهى سراً عام 1992 من عرفات وكان عمره ضعف
سنوات عمرها
وذلك بعد أن إتهمت كبار الزعماء الفلسطينيين بأنهم يتآمرون (لدفنه
حياً) واتهموها
بدورهم بأنها تعامل الزعيم الفلسطيني كما لو كان (ملكية خاصة لها).
ووصف البعض سهى بأنها أسوأ من أميلدا ماركوس لأنها
إنتقلت للحياة في مكان وثير في باريس بعد تفجر الإنتفاضة الفلسطينية
عام 2000 بخلاف
سيدة الفلبين الأولى السابقة المحبة للفخامة التي ظلت بجانب زوجها حتى
أطاحت به
إنتفاضة شعبية عام 1986.
وقال رامي كايد وهو سائق سيارة أجرة في مدينة رام
الله بالضفة الغربية حيث يوجد مقر عرفات "في الوقت الذي كنا نعاني فيه
كلنا من
الاحتلال الإسرائيلي كانت هي (سهى) تعيش في باريس. يجب أن يسكت شخص ما
هذه المرأة ،
إنها وصمة عار لكل الفلسطينيين".
وقال خالد علي وهو طالب جامعي في مدينة غزة "سهى
كانت غلطة الرئيس عرفات، نحن لا نعرف عنها شيئاً والآن أصبحت فجأة
ملكتنا".
وبإستثناء الإتصال الهاتفي الذي حمل اتهاماتها في
حديث لمحطة "الجزيرة" فقد إمتنعت سهى عرفات عن التحدث إلى الصحفيين منذ
أن شهدت صحة
عرفات تدهوراً مفاجئاً.
وكانت الدهشة قد أصابت كثيرين من الفلسطينيين بعد أن
تكشفت أنباء زواج عرفات المسلم عام 1992 من سهى المسيحية التي تنتمي
لعائلة الطويل
المعروفة في رام الله ، وقال مسؤولون في ذلك الوقت أنها اعتنقت الاسلام.
وأثارت سهى خلال ظهورها علنا بشعرها الذهبي المكشوف
وملابسها ذات التصاميم الغربية باهظة الثمن الإستغراب في أوساط المجتمع
الفلسطيني
المسلم المحافظ بشكل عام، ثم أصبح ظهورها علانية أمراً نادراً بعد
إندلاع الإنتفاضة
الفلسطينية.
وفي فبراير/شباط من العام الحالي قرر مدعون فرنسيون
فتح تحقيق لتحديد مصدر نحو تسعة ملايين يورو وضعت في حسابين مصرفيين
بإسمها في
باريس بناء على معلومات تلقوها من المكتب الحكومي لمكافحة عمليات غسل
الأموال.
ونفت سهى ما يقال عن أنها تعيش حياة بذخ تنفق خلالها
بشكل غير ملائم أموالاً تم تحويلها من الأراضي الفلسطينية على مدار
أربعة أعوام من
الانتفاضة دمر خلالها الجيش الإسرائيلي مقومات الحياة الاقتصادية
للفلسطينيين وأصبح
كثيرون منهم يعيشون نحن خط الفقر.
وردت سهى في تصريحات لصحيفة "الحياة" العربية التي
تصدر من لندن بقولها "أين الغرابة في أن يرسل الرئيس الفلسطيني أي مبلغ
من المال
إلى عائلته وزوجته التي ترعى المصالح الفلسطينية في الخـارج وهذه
الأموال (11.5
مليون دولار) جميعها أتت وتأتي بالطريقة القانونية وطريقة صرفها
قانونية وأنا وزوجي
مستعدان للرد على أي مساءلة حول مصدر هذه الأموال وطريقة صرفها".
وغادرت سهى وإبنتها زهوة التي أنجبتها لعرفات رام
الله عام 1995 إلى باريس في بداية الإنتفاضة الفلسطينية عام 2000 بعد
أن أصيب
منزلها في غزة بصاروخ خلال قصف إسرائيلي لمجمع أمني مجاور لحرس الرئيس
عرفات، ولم
تصب الإثنتان في القصف بسوء.
وتنادي زهوة التي تدرس باللغة الفرنسية عرفات بالاسم
الفرنسي "بابا" لكنها لم تشاهد والدها مطلقا منذ عام 2000، وطلب عرفات
أن يرى إبنته
عندما وصل باريس وتحدث إليها عبر الهاتف.
وكان مسؤولون فلسطينيون ممن خدموا عرفات بإخلاص على
مدار أربعة عقود من الحرب والسلام ثم الحرب من جديد مع إسرائيل قد
أصيبوا بالإنزعاج
عندما قدمت سهى بشكل سريع إلى رام الله في 29 أكتوبر/تشرين الأول
للسيطرة على
إجراءات نقل عرفات إلى باريس.
ونقل عرفات جوا الى باريس لتلقي العلاج بعد ان
ظل محاصرا من قبل اسرائيل نحو عامين ونصف العام داخل مقره الرئاسي في
رام الله.
وبعد نحو إسبوع من المحاولات الفاشلة لتحديد حالته
الصحية بدقة قرر محمود عباس الرجل الثاني بعد عرفات في منظمة التحرير
الفلسطينية
ورئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع السفر إلى باريس اليوم الاثنين
للوقوف بنفسيهما
على حالته رغم إتهام سهى لهما بمحاولة "دفنه حيا".
وقالت سها عرفات وهي تصرخ في تصريحاتها التي أثارت
الجدل "أطالبكم أن تعوا حجم المؤامرة أقول لكم أنهم يحاولون دفن أبو
عمار وهو حي،
أبو عمار بخير وهو عائد إلى وطنه وإنها لثورة حتى النصر".
وقال قريع "التصريحات المؤسفة التي أدلت بها الأخت
سهى أحدثت قدراً من البلبلة بين الناس ووضعت علامات إستفهام حول ذلك".
وقالت حنان عشراوي عضو المجلس التشريعي الفلسطيني
لشبكة
CNN "ربما
يجعل القانون الفرنسي من سهى الشخص الوحيد الذي يحق له أن يحدد من
يحق له الدخول إلى عرفات ولكن عرفات ليس فقط مجرد زوج وأب ولكنه والد
لشعب، الناس
لها حق في أن تعرف والزعماء في القيادة لديهم الحق في أن يكونوا هناك
كي يعرفوا
ويخاطبوا شعبنا".
وتابعت قولها "لذا فان تصريحات سهى تبعث على الأسف
وتثير الإنقسام ولها مردود عكسي ..وسط محاولاتنا الجماعية لتشكيل جبهة
موحدة واقرار حكم القانون" في فترة قلاقل انتقالية بعد عرفات.
|