استطلاعات الرأي الفلسطينية.. غياب للدقة وحضور للتوجيه والتوظيف

 

نابلس ـ خاص (المركز الفلسطيني للإعلام)

 

الساحة الفلسطينية ومنذ رحيل الرئيس ياسر عرفات تشهد حركة نشر متلاحقة لاستطلاعات الرأي التي تتناول مختلف المستجدات السياسية والأحداث الساخنة وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية.

وبالنظر إلى معطيات الاستطلاعات المنشورة مؤخرا يلاحظ التفاوت الكبير في نتائجها وقراءاتها وهو ما يضعها في مرمى الإجابة على تساؤلات تتعلق بدقتها ومصداقيتها وبالتالي أين تكمن أهميتها في تقييم الواقع الفلسطيني والاعتداد بنتائجها لقراءة الواقع السياسي المستقبلي.

وبنظرة مهنية مجردة يمكن للقارئ اكتشاف العديد من العيوب الفنية والمهنية في الاستطلاعات من خلال قراءة نتائجها التي تتفاوت بأرقام مذهلة وغير قابلة للمقارنة أحيانا.

تقول نجاة البكري مديرة الهيئة العامة للاستعلامات إن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على دقة استطلاع الرأي، وتجاوبه الانطباعي مع الواقع الفلسطيني وأن أهم تلك العوامل يتعلق بمدى الوعي المجتمعي عند الفلسطينيين.

وتعبر عن ذلك بقولها:" الهيئة العامة للاستعلامات هي أول مؤسسة حكومية تخصصت باستطلاعات الرأي وقد وجدنا أن الناس حين يتعاملون مع فرق مستطلعي الرأي يبدون درجة من الاستغراب والتخوف ولذلك لا يقدمون المعلومات الصحيحة وهذا ينعكس على نتيجة الاستطلاع الذي يحمل عادة نسبة خطأ مذكورة.

 

حمّى الاستطلاعات

وتقول البكري إن الكم الكبير من الاستطلاعات التي توصف : " بحمى الاستطلاعات" طبيعية في هذه الأيام المشرفة على الانتخابات الرئاسية الفلسطينية حيث تتجه الكثير من المؤسسات لمتابعة الحدث ومحاولة التحليل والتعليل وتقديم النتائج المسبقة للقارئ وهذا يحدث في كل العالم لكن المهم كما تقول هو النظر في مدى نزاهة الاستطلاع ومدى توجيهه خاصة إذا صدر عن مؤسسة معنية بفوز أحد المرشحين، وتؤكد أن "لمؤسسة المجيرة تقدم استبانات موجهة وبالتالي تقع في الخلل المهني ولا تقدم قراءة صحيحة للمتابع".

ويتفق الإعلامي الدكتور سليمان الفيومي مع البكري في تأثير توجيه الاستطلاع على نتيجته،ويقول في هذا الصدد "إن الباحثين وفرق العمل التي تنفذ الاستطلاعات مسؤولة عن دقتها أو توجيهها من خلال اختيار العينة التي قد لا تكون عشوائية فتخدم هدفا معينا".

ولا يلقي الفيومي باللائمة في عدم دقة الاستبيان على فرق العمل وحدها بل على المستطلعة آراؤهم من المواطنين ويوضح بالقول:" أحيانا يكون الاستطلاع نفسه موجه فيحتوي على أسئلة لا تعرف كيف تجيب عنها فيحمل كلمة لا أعرف جوابا، وهذا وضع مألوف في كل العالم الذي تكون الاستطلاعات فيه موجهة لخدمة سياسة معينة لكن الفارق لدينا أن التوجيه مكشوف وصريح".

ويعتبر الفيومي وسائل الإعلام التي تنشر الاستطلاعات مسؤولة مباشرة عن الجانب التوجيهي للاستطلاعات ويقول:" عندما تقوم وسيلة الإعلام بنشر أي استطلاع يجب أن تعرف وتكشف طابع الجهة التي أعدته لأن ذلك مهم للقراء، ومن الخطأ الكبير كذلك نشر استطلاعات أجريت في أوقات مختلفة في نشرة واحدة لأن ذلك يوقع الناس في البلبلة وهذا أسلوب تضليلي للقارئ يبعده عن الحقيقة".

 

توجيه الاستبيان

ويعود الفيومي لطبيعة الاستطلاع قائلا :"إن طريقة التوزيع واختيار العينة عنصر مهم يساهم في توجيه الاستبيان من خلال تجاوز معايير معينة تتناول طبيعة الشريحة وتمثيلها للمجتمع من ناحية الأعمار والجنس وطبيعة المنطقة ومستوى التعليم وهذه قضايا هامة تؤثر على نتيجة الاستطلاع".

ويؤكد الفيومي أن الاستطلاع يقدم نتائج وقراءات لمرحلة معينة، هنا الأحداث تتغير والمعطيات تجعل أفراد العينة يغيرون قراراتهم بين لحظة وأخرى وهذا يجعل من قراءات الاستطلاعات آنية لا تصلح للاستخدام على المستوى البعيد.

وتنظر البكري إلى خصوصية الوضع الفلسطيني وتأثره على نتائج الاستطلاعات فتقول:" الناس لا تقدم عادة المعلومة الحقيقية لأن الظروف غير مهيأة لها، نحن لا نعيش في عالم ديمقراطي وهذا هام جدا، الحرية غائبة وغيابها يغيب المصداقية عن الاستطلاعات وهذا أمر هام".

 

فصل المقال

ويتفق كل من البكري ود. الفيومي على اعتبار الاستطلاعات الالكترونية عبر الانترنت أكثر دقة من الاستطلاع المكتوب لطبيعة الناس وثقافتهم التي مازال يعتريها قلة الوعي والخوف من استخدام المكتوب كتوثيق .

وبعيدا عن طبيعة الاستطلاعات وطرق توجهها يبقى فصل المقال حولها من خلال رؤية المهتمين أنها غير دقيقة غالبا ولا موضوعية ولا يعتد بها للحكم على المعطيات الميدانية.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع