مصادر فتحاوية تكشف التفاصيل لـ"الوطن":
-المستقيلون من "فتح" هم ناشطو كتائب شهداء الأقصى
ـ عرفات شكل لجنة ثلاثية لحل الكتائب فتم جمع التواقيع
على كتاب الإستقالة الجماعية
ـ حسين الشيخ طلب احتواء مناضلي الأقصى في أجهزة السلطة
فأحال عرفات الطلب لوزير المالية
-محاولات
محمومة تبذلها اللجنة المركزية لحركة "فتح" لحل كتائب شهداء الأقصى.
كشفت مصادر وثيقة الإطلاع في حركة "فتح" لـ"الوطن" عن
أن الإربعمائة عضو الذين استقالوا من الحركة في رسالة جماعية وجهوها
إلى ياسر عرفات اعتراضاً على تردي الأوضاع داخل الحركة هم من الأعضاء
الناشطين في اطار كتائب شهداء الأقصى، فيما وجه عضوان بارزان في اللجنة
المركزية لحركة "فتح" انتقادات حادة لبيان الإستقالة الجماعي من
الحركة، الذي حصلت "الوطن" على نصه الحرفي، واتهموا جهات اسرائيلية
بالوقوف وراءه. ومن جهته اعتبر خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة
"حماس" أن هذا البيان يدعو لإعادة نظر جدية في البرنامج السياسي لحركة
"فتح"، والتقاط الدروس والعبر من هذه التجربة.
مصادر "الوطن" الموثوقة داخل حركة "فتح" كشفت عن أن
كتاب الإستقالة الجماعية لم يأت فقط احتجاجاً على تردي الأوضاع
الداخلية في الحركة، لكنه جاء كذلك كردة فعل على محاولات محمومة تبذلها
اللجنة المركزية لحركة "فتح" لحل كتائب شهداء الأقصى.
وكشفت المصادر عن أن اللجنة المركزية برئاسة ياسر عرفات
كانت شكلت قبل ثلاثة أسابيع لجنة ثلاثية ضمت كلا من هاني الحسن، عباس
زكي، وحكم بلعاوي (وزير الداخلية) وثلاثتهم اعضاء في المركزية، كلفت
بوضع ترتيبات وسيناريو لحل كتائب شهداء الأقصى، وذلك استجابة لضغوط
اميركية واوروبية واسرائيلية عبر الدكتور نبيل شعث وزير الشؤون
الخارجية في حكومة السلطة، وعماد شقور مستشار عرفات للشؤون
الإسرائيلية، ما أثار حفيظة مناضلي حركة "فتح"، وخاصة الناشطين منهم في
اطار كتائب شهداء الأقصى.
وكشفت المصادر عن أن حسين الشيخ أمين سر حركة "فتح" في
الضفة الغربية كان وجه مؤخرا كتابا لعرفات يقترح فيه استيعاب مناضلي
كتائب شهداء الأقصى في أجهزة السلطة المدنية والعسكرية، وكذلك في أجهزة
حركة "فتح"، فأحال عرفات الطلب إلى الدكتور سلام فياض وزير المالية،
حتى لا يسجل على نفسه أنه وافق على هذا الطلب، أو رفضه، وهو واثق من
عدم امكانية موافقة فياض عليه، ما يضعه في مواجهة مع كتائب شهداء
الأقصى.
وتضيف المصادر إن كتاب الإستقالة الجماعية شكل هزة
عنيفة لياسر عرفات ولجنته المركزية، وكذلك للسلطة الفلسطينية، لأن هذه
الإستقالة تعني انشقاق كتائب شهداء الأقصى بشكل كلي عن حركة "فتح"،
وتحولها إلى تنظيم مستقل تماما عن تأثيرات قيادة حركة "فتح"، ما يلغي
أي امكانية لاقناع هؤلاء في المستقبل بقبول أي وقف لإطلاق النار،
ويهيىء لتكريس تحالفهم مع حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي اللتان
تتوليان منذ فترة غير قصيرة تمويلهم، كما تنفذان معهم عمليات مشتركة ضد
قوات الإحتلال الإسرائيلي، وعلى نحو يهدد باستنزاف حركة "فتح"، ليس فقط
في سمعتها ومواقفها السياسية، إنما كذلك في كوادرها وعناصرها الناشطة،
وعلى نحو من شأنه أن يفرغ الحركة من مناضليها.
تشكيك حبش
صخر حبش عضو مركزية "فتح"، مفوض الشؤون الفكرية
والدراسات نفى صحة البيان، وعزا دوافع الجهات التي تقف وراءه إلى
رغبتها في بث الفرقة والشقاق في صفوف "فتح"، التي قال إنها، رغم كل
الظروف والصعوبات، هي التي تشكل المفصل الأساسي للتمسك بالثوابت والحق
الفلسطيني وتعتمد المقاومة والصبر على البلاء كوسيلة لدحر الإحتلال،
لذلك تشتد الهجمة على الرأس والإطار الذي تمثله حركة "فتح".
وشدد على أن دعوة الإصلاح دائمة ومستمرة وأن على
الإنسان والحركات أن تصلح نفسها بنفسها مؤكدا ان "فتح" تمر بظروف صعبة
جدا وإن الحديث عن الإصلاح أمر مهم وحيوي ولكن لا يمكن القيام به في ظل
الإحتلال، والاجتياحات والقتل والتدمير الإسرائيلي اليومي.
واستبعد امكانية عقد المؤتمر الحركي السادس لحركة "فتح"
في ظل هذه الأوضاع بالرغم من الدعوات الداخلية لعقده، وطالب بتشكيل
لجنة عضوية، وهو الأمر الذي اصدره الرئيس ياسر عرفات مطلع الشهر
الجاري.
وحول وجود صراعات ومراكز قوى داخل حركة "فتح" قال حبش
"دائما في كل حركة كبيرة توجد هناك خلافات في الرأي وصراع وخلافات ضمن
الوحدة، وهناك خلاف حول اتفاق جنيف حيث نرى في اللجنة المركزية أنه لا
يمكن مناقشته لخروجه عن الثوابت الخمسة (حق العودة للاجئين والقدس
والمستوطنات والانسحاب إلى حدود 67) إذ لا يمكن التنازل عن الشرعية
الدولية والقرارات التي صدرت بحق هذه القضايا الجوهرية.
زكي يدعو للإصلاح
من جهته أكدعباس زكي عضو مركزية "فتح"، مفوض العلاقات
الخارجية أن اسرائيل تعمل على عرقلة عمل المؤسسات الفلسطينية من مجلس
تشريعي ومجلس مركزي واللجنتين التنفيذية والمركزية وها هي أمس الأول
منعت وصول العديد من الأعضاء من قطاع غزة للحيلولة دون ممارسة المؤسسات
الفلسطينية الشرعية دورها.
وقال إن الطريق نحو تحقيق اصلاحات جذرية فلسطينية يجب
أن يمر عبر حركة "فتح"، وكذلك اعادة تنظيم الأجهزة الأمنية، وهذه مطالب
فلسطينية داخلية وإن الإصلاحات في "فتح" تعتبر خطوة اساسية للخروج من
الأزمة الراهنة، مؤكدا انه في حال انتظمت حركة "فتح"، انتظمت دقات
القلب الفلسطيني.
وشدد زكي على أن التوجهات الداخلية في جميع أطر "فتح"
تميل إلى اجراء اصلاحات جذرية لاستعادة مكانتها ودورها.
وقال ان اجتماع المجلس الثوري المقبل سيكرس للبحث في
البرامج الإصلاحية التي أقرها المجلس في جلساته السابقة وضرورة أن يكون
هناك انتقال واصلاح نوعي في الوضع الداخلي، مشيرا إلى أن المجلس الثوري
في الاجتماع القادم سيشكل اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر العام
السادس لحركة "فتح".
مداخلة مشعل
وكان مفاجئا دخول خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة
المقاومة الإسلامية "حماس" على خط الخلافات الداخلية داخل حركة "فتح"،
وإن كان بدأحديثه بالقول إنه من السابق لأوانه الحديث عن موضوع
الإستقالات الجماعية في حركة "فتح"، وابعادها، مؤكداً أن "حماس" لا
تتمنى لحركة "فتح" إلا أن تكون موحدة ومتعافية، حتى تظل طاقتها
وامكاناتها موجهة إلى مقاومة الإحتلال إلى جانب جميع قوى وفصائل الشعب
الفلسطيني المجاهدة. لكنه استدرك قائلا إن المرحلة الراهنة تتطلب من
الإخوة في قيادة حركة "فتح"، وبعد هذه السنوات المريرة من تجربة
التسوية وافرازاتها في الساحة الفلسطينية، اعادة النظر بجدية في
البرنامج السياسي، والتقاط الدروس والعبر من هذه التجربة، وقراءة
المزاج الشعبي الفلسطيني المنحاز بغالبيته العظمى لبرنامج المقاومة،
والذي لا يجد في خط التسوية، مهما جرى تسويقه واعادة انتاجه في اشكال
جديدة، أي أمل أو خلاص.
وأضاف مشعل يقول، وحين تتوحد فصائل المقاومة
الفلسطينية، وفي طليعتها القوى الأساسية، على برنامج مشترك، يتمسك
بالحقوق الفلسطينية ويتبنى خط المقاومة ويدير الصراع بنفس طويل دون
تعجل في قطف الثمار قبل أوانها، ويؤكد على التحرير أولا ثم الدولة
والسلطة لاحقا، وليس العكس، ويؤكد على الوحدة الوطنية الفلسطينية،
ويعززها ويحافظ عليها، فإننا واثقون حينئذ من أن طاقتنا الفلسطينية
ستتضاعف، وإن فعلنا الفلسطيني سيتعاظم، بحيث تقترب لحظة الحرية
والتحرير والخلاص النهائي من الإحتلال اكثر من أي وقت مضى بإذن الله.
"الوطن"
حصلت على نص بيان الإستقالة الجماعي الذي وقع عليه 400 من كوادر "فتح"
وقياداتها الوسطى العاملين في اطار كتائب شهداء الأقصى.
نص كتاب الإستقالة
هنا نص البيان الذي يحمل (بتشديد الميم) هاني الحسن عضو
مركزية "فتح"، مفوض مكتب التعبئة والتنظيم في الداخل، المسؤولية الأولى
عن تردي الأوضاع الداخلية في الحركة:
الأخ رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"
بعد التحية
نحن ابناء حركة "فتح" الواردة اسماؤنا ادناه نضع بين
ايديكم استقالتنا الجماعية من حركة "فتح" متحللين من أي ارتباطات
تنظيمية أو مهام أو مواقع أو مراتب داخل الحركة.
نحن ككادر وسط في الحركة ومن مختلف المراتب والأقاليم
داخل فلسطين وبعد تردد ومشاورات استمرت لشهور، قررنا أن نضع حدا
لتذمرنا الطويل وألمنا المتصاعد بالإستقالة الجماعية.
نحن نستقيل احتجاجا على الحالة المأساوية التي وصلت
إليها حركة "فتح" ولم يتم التعاطي مع النداءات للإصلاح ووقف حالة
التدهور التي تعصف بالحركة.
ونحن الواردة اسماؤنا ادناه نؤكد على ما يلي:
لقد كان انتماؤنا لفتح كحركة مقاومة وقائدة الكفاح نحو
الحرية والإستقلال وبناء المجتمع والإنسان الفلسطيني، ولكن في الحقيقة
"فتح" الآن بتركيبتها الحالية تقودنا نحو الهاوية والفئوية والعشائرية
والصراعات الداخلية.
ندرك تماما أن هذا البيان وهذه الإستقالة ستضر بنا
جميعا شخصيا وبوظائفنا، ولككنا سئمنا الحالة التي وصلت إليها الأمور،
وندرك أن الكثيرين منا سوف يتعرضون للضغط والإبتزاز لحملهم على التراجع
ونفي ما ورد في هذا البيان، والبعض الآخر سيلاحق بالشائعات، لكن نحن
مصممون على ترك الحركة بلا رجعة ما دامت بهذا الشكل المهين.
حركة "فتح" ولغاية هذه اللحظة لم تحدد موقفا واضحا من
حالة المواجهة مع الإحتلال، وندرك يقينيا بأن كتائب الأقصى هي التي
حافظت على ماء وجه الحركة وقيادتها منذ ثلاث سنوات، رغم أن أبناء
الكتائب دائما يتعرضون لحالة إهمال وعدم اهتمام من قبل قيادة "فتح"،
ولا يتم تذكرهم إلا في حالة الضغط عليهم لإقرار هدنة أو وقف اطلاق نار.
حركة فتح بدأت تتآكل من الداخل، بفعل التناقضات
الداخلية، فـ"فتح" ليست موحدة، ولا واحدة، هناك "فتح" المدينة و"فتح"
الريف و"فتح" المخيمات و"فتح" الأجهزة و"فتح" الداخل و"فتح" الخارج
و"فتح" كتائب الأقصى و"فتح" كتائب العودة و"فتح" وثيقة جنيف و"فتح" ضد
الوثيقة و"فتح" الشبيبة و"فتح" الرسمية و"فتح الشعبية"، و"فتح"
الصالونات و"فتح" العشائر والعائلات، كل هذا التآكل بدأ يتعاظم ويتصاعد
منذ أن تولى هاني الحسن أمر التعبئة والتنظيم بالحركة، فهو يكرس طوال
جلساته مع كادر "فتح" للحديث واستغابة وتشويه صورة زملائه في اللجنة
المركزية والحركية العليا والكتائب، بالتأكيد هاني الحسن سيقود "فتح"
نحو كوارث وانقسامات ومصير غير محمود.
لم تحدد "فتح" موقفها من السلطة والأداء داخلها، ولم
تطالب محاسبة الذين اضروا بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، بل أن
هؤلاء من القوة بما تجعل "فتح" غير قادرة للوصول لهم، هذا إن لم يتم
دعمهم من "فتح" وقيادتها، فالكردي لا يزال يتحكم بالمال الفلسطيني،
وحربي لم يعد الملايين التي نهبها، والقاضي القاتل لا زال قاضيا،
والمدعي العام تاجر السلاح لا يزال على رأس عمله، والعسكري المهزوم على
رأس أمننا الوطني، وبعض الأجهزة لا تزال تعتبر السيارات المسروقة
مصدراً للدخل، والوكيل اللص لا زال يدير الصحة لشعبنا، والمحافظ البائس
لا زال بائسا، والمدير العام بدون شهادة لا زال بدونها، والمناضل
والكفاءة والمخلص لا زال مسكينا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اقاليم حركة "فتح" تم انتخابها بظروف غير عادية واستندت
إلى العشائرية والفئوية والمناطق والنفوذ المالي والقرب من هذا العضو
أو ذاك من اللجنة المركزية، وهذا كله انعكس على دور "فتح" فهي، اجسام
بدون أي فعل، والصراعات داخل الأقاليم تنبىء بكوارث وفتن وصراعات على
اوهام ومصالح وفوائد.
لم تقم الحركة بعملية نقدية شاملة لمواقفها وبرامجها
واهدافها، بل ظلت تعتمد الغمغمة ومنطق الترقيع، والغياب التام للبرنامج
التنظيمي والنضالي وحالة الإفلاس السياسي.
ونحن الواردة اسماؤنا ادناه نعاهد الله والشهداء
والجرحى والأسرى وكل شعبنا على الإستمرار بالنضال كأفراد فلسطينيين
مؤمنين بعدالة قضيتهم وشعبهم والله الموفق.
|