السلطة تستنكر العمليات التي تستهدف
المدنيين من الجانبين، وكذا روسيا
بقلم: حمدي فراج *
دعت
روسيا كلا من اسرائيل وفلسطين الى ما أسمته ضبط النفس، وعبرت عن قلقها
في اعقاب مقتل طفلين اسرائيليين –في المستوطنة- والعملية العسكرية
الاسرائيلية في قطاع غزة.
واذا كان هذا هو موقف روسيا الذي لم يتعد دعوة الطرفين لضبط النفس،
فانه لا بأس أن يأتي الرد الامريكي رافضا ادانة اسرائيل في العملية
التي راح ضحيتها حتى الآن حوالي ستين شهيدا ونحو اربعماية جريح، غير
الدمار الهائل الذي تحدثه الآلة العسكرية الاسرائيلية البرية والجوية
الهائلة، ازاء مخيمات لاجئين بائسة آيلة منازلها للسقوط من هبة ريح،
فكيف بالتالي اذا ما عرضت لكل هذا القصف؟
وقبل الخروج بالاستنتاج النهائي لموائمة الموقف الامريكي مقارنة مع
الموقف الروسي، فدعونا نحاول موائمة الموقف الروسي بالموقف الفلسطيني،
صاحب الشأن ،هذا الموقف الذي ما انفكت القيادة الفلسطينية تطلقه في كل
حين ومناسبة، المتمثل في شجب وادانة واستنكار العمليات التي تستهدف
المدنيين في الجانبين، ويلحظ المراقب في كل مرة تشديد الرئيس ياسر
عرفات على عبارة في الجانبين، حين يكررها عدة مرات، في اشارة يشتم منه
امتصاص النقمة الفلسطينية عن تلك الادانة للعمليات الاستشهادية حتى لو
تم تنفيذها في اوساط المستوطنين او حتى الجنود، وكذلك امتصاص نقمة
الاسرائيليين الذين باتوا يشككون في نواياه السلمية.
الأمر لا يحتاج لكثير من الفذلكة، طلبوا منه الامريكان ادانة العمليات
الفدائية، فهرب للامام ليستنكر العمليات الفدائية والاحتلالية، بمعنى
انه قد ساوى بينهما، ثم وضع الصيغة على النحو التالي: اننا نستنكر
العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين من الجانبين، ثم يكرر (من
الجانبين)، وفي هذا يذهب من الدلف الى المزراب، فيفهم سامعه ان الشعب
الفلسطيني لديه مدنيين وعسكريين، تماما كاسرائيل التي لديها عسكريين
ومدنيين، وبدون أدنى شك فان العسكريين لديهم الدبابات والطائرات
والأسلحة المختلفة الأخرى، وحين يكون الحديث عن اسرائيل، فانك يجب
وبالتأكيد، ان تضع يدك على رأسك، سلاح ما انزل الله به من سلطان،
تقليدي وغير تقليدي، وفي غمرة قصيرة من الزمن اصبحت اسرائيل قادرة على
تصنيعه وتطويره ومن ثم تصديره الى السوق العالمي، يرافق ذلك كما يفهم
الفاهمون، خبراء في العسكرتاريا والحروب والجيوش والهجوم والدفاع
والتجسس والمخابرات، ولكي يتم الوصول الى كل ذلك في دولة حديثة لم
يتجاوز تاريخها ستين عاما، وعدد سكانها ستة ملايين، فانه بالضرورة ان
تلجأ الى تجنيد كل السكان، وقد عبر عن ذلك احد رسامي الكاريكاتير
الاسرائيليين مرة، بأن قال: مواطن لكل مسدس، بدلا من مسدس لكل مواطن،
وذلك في معرض التعبير عن قرار الحكومة تسليح الشعب.
ماذا لدينا بالمقابل ؟؟؟؟
وعليه فانه لا غرو ان تطلب روسيا من الجانبين ضبط النفس، دون ان تستطيع
القيادة الفلسطينية ان تحتج على هذا الموقف الروسي غير المتوازن، ذلك
لأنه بني على موقف القيادة غير المتزن. وكذا الأمر مع امريكا التي رفضت
ادانة اسرائيل فيما ترتكبه من جرائم بحق اللاجئين في مخيماتهم قتلا
وتدميرا وتهجيرا.
واذا كان موقف قيادتنا لا يتجاوز ما قالته روسيا، هل يجوز لروسيا ان
تتجاوز موقفنا؟
وهل
يعتقد أحد ما ايا كان، انه في السنة الخامسة للانتفاضة، تتعظ القيادة
الفلسطينية فتكف عن اطلاق هذه التصريحات الخرقاء والبلهاء، حين تصورنا
اننا بجيش وعسكر وعتاد، كما هي اسرائيل؟ أن غدا لناظره قريب ....
*
كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم
|