اقتحام سجن أريحا.. سيناريو الخيانة
غزة-دنيا الوطن
كشفت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية الأربعاء 15-3-2006 عن سيناريو
اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلية سجن أريحا في الضفة الغربية واختطاف
أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فيما اعتبرت
صحف بريطانية أخرى أن الفلسطينيين باتوا ينظرون لبريطانيا الآن على
أنها خانتهم ولم تعد "وسيطا نزيها" بعد انسحاب مراقبيها من سجن أريحا
لإعطاء إسرائيل الفرصة لاقتحامه.
وفيما يلي سيناريو الاقتحام الذي أوردته الصحيفة البريطانية نقلا عن
مصادر إسرائيلية وبريطانية:
- غادر المراقبون البريطانيون الثلاثة المكلفون بالحراسة صباح الثلاثاء
14-3-2006 سجن أريحا في الساعة التاسعة صباحا بعد أن أخبروا طاقم
الحراسة الفلسطيني بأنهم سيقومون بإصلاح سيارتهم وسيعودون مرة أخرى.
- سلك الحراس البريطانيون طريقهم إلى مدينة القدس المحتلة وفي نيتهم
عدم العودة مرة أخرى.
- وبمجرد تحرك الحراس خارج سجن أريحا، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي
يستعد لاقتحامه.
- بدأ الاقتحام العسكري للسجن في اللحظة التي عبر فيها الحراس
البريطانيون أقرب نقطة تفتيش إسرائيلية.
- وحاصر أكثر من 100 جندي إسرائيلي مدعومين بالجرافات والدبابات
وطائرات الهليكوبتر السجن لمدة 9 ساعات طالبوا خلالها السجناء والحراس
عبر مكبرات الصوت بالاستسلام.
- وسلم بعض السجناء والحراس أنفسهم؛ حيث تم إجبارهم على خلع ملابسهم
وجمعهم في مكان قريب من السجن، وبدأت الجرافات الإسرائيلية في تحطيم
أسوار السجن.
- رفض آخرون داخل السجن بمن فيهم سعدات الاستسلام، ووقعت اشتباكات
أسفرت عن مقتل حارس وسجين فلسطينيين وإصابة 20 آخرين.
- ومع شدة القصف الإسرائيلي للسجن، سلم الباقون أنفسهم وتم نقلهم لجهة
غير معلومة.
وقال الحارس الفلسطيني خالد شلون الذي كان يجلس في الحجرة المجاورة
لحجرة سعدات في اتصال مع الصحيفة: "كنا 100 شخص داخل السجن -70 حارسا
و30 سجينا- لم يتحدث أحد منا عن الاستسلام، وكان سعدات يرفع معنوياتنا
طوال الوقت".
واتهم سعدات المراقبين الأمريكيين والبريطانيين المشرفين على السجن
بالتواطؤ مع قوات الاحتلال في هذه المؤامرة بعد انسحابهم من مواقعهم.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن متحدث باسم الخارجية
الأمريكية "أدام إيرلي" أن نحو 8 أمريكيين و12 بريطانيا يقومون
بالإشراف على سجن أريحا، ولكن السجن كان تحت مراقبة البريطانيين ذلك
اليوم، مشيرا إلى أن باقي المراقبين سواء الأمريكيين أو البريطانيين
انسحبوا قبل ذلك بكثير.
وقال "جيتون مير" المسئول بالخارجية الإسرائيلية: "قام البريطانيون
والأمريكيون بإبلاغنا برحيلهم لدواع أمنية، لكنهم لم يحددوا موعدا
لذلك".
وكانت صفقة عقدت في عام 2002 لفك الحصار الإسرائيلي عن مقر الرئيس
الفلسطيني الراحل ياسر عرفات؛ حيث كانت المخابرات الفلسطينية تحتجز
سعدات و5 من رفاقه بتهمة الوقوف وراء اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي
رحبعام زائيفي في 2001.
وبموجب الصفقة التي عرفت "بصفقة المقاطعة" تم سجن سعدات ورفاقه في سجن
أريحا الفلسطيني تحت حراسة رجال أمن أمريكيين وبريطانيين.
"خيانة" بريطانية
وتعليقا على اختطاف سعدات، ذكرت صحيفة "تايمز" البريطانية الأربعاء أن
"سياسة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في الشرق الأوسط قد ذهبت
أدراج الرياح بعد أن تسببت بريطانيا بتفجير أسوأ أزمة في المنطقة منذ
شهور بسحب مراقبيها".
وأشارت الصحيفة إلى أن سحب بريطانيا لمراقبيها من سجن أريحا "قد حفز
القوات الإسرائيلية لاقتحام السجن واعتقال سعدات ومن معه؛ وهو ما أثار
غضب الفلسطينيين الذين شعروا بأن البريطانيين خانوهم" من جديد. ويشعر
الفلسطينيون أن وعد "بلفور" البريطاني الذي مهد مطلع القرن العشرين
الميلادي لقيام دولة عبرية كان بمثابة "خيانة كبرى" من بريطانيا.
وقال "ألستير كروك" الضابط السابق بالمخابرات البريطانية للصحيفة: "لم
نعد في نظر الفلسطينيين وسيطا نزيها... الهدف من صفقة المقاطعة كان
حماية الفلسطينيين وضمان عدم وقوعهم في أيد إسرائيلية في النهاية".
ومن جانبه، قال "كريس دويل"، مدير مركز "دعم التفاهم العربي
البريطاني"، منتقدا رئيس الوزراء البريطاني توني بلير: "بلير له تاريخ
طويل من الوعود الكبيرة، وتقديم اللاشيء للفلسطينيين".
ومن جانبها قالت "ديلي تليجراف": "إن أعمال العنف ضد البريطانيين في
أعقاب اختطاف سعدات جاءت ردا على الموقف البريطاني في المنطقة، وعلى
النقيض تماما لما كان عليه الوضع قبل عام حين استضاف رئيس الوزراء في
لندن مؤتمرا لحشد دعم دولي للفلسطينيين، وخاصة لإعادة إعمار قطاع غزة
الذي انسحبت إسرائيل منه في الصيف الماضي".
وتعرض المركز الثقافي البريطاني وبعثة الاتحاد الأوربي لاعتداءات، كما
تعرض 5 أجانب هم: فرنسيان وسويسري وكوري وأمريكي للاختطاف، تم إطلاق
سراح 3 منهم. وانسحب المراقبون الأوربيون عند معبر رفح الحدودي بين مصر
والقطاع؛ وهو ما أدى إلى إغلاق المعبر الذي أعيد افتتاحه صباح
الأربعاء.
فوز حماس
وبررت مصادر بريطانية تعاونها مع هذا الاقتحام قائلة: "إن قلق وزارة
الخارجية البريطانية ازداد منذ يناير 2006، حين فازت حركة المقاومة
الإسلامية حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية، وأعلنت بعدها بوقت
قصير عزمها إطلاق سراح سعدات"، بحسب ما ذكرته صحيفة الجارديان
البريطانية.
|