فلسطين.. "الإحباط" قلل التسجيل للانتخابات

 

غزة- ياسر البنا وعلا عطا الله- إسلام أون لاين.نت/ 18-9-2004

أظهرت النسب الأولية للتسجيل للانتخابات الفلسطينية التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية ضعف إقبال المواطنين على تسجيل أسمائهم؛ وهو ما أرجعه محللان سياسيان فلسطينيان إلى "الإحباط واليأس" و"انعدام ثقة المواطنين" في التغيير وفي النظام السياسي بشكل عام.

وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية يوم 16-9-2004 أن نسبة المسجلين في كافة المحافظات عدا القدس بلغت حوالي 15% فقط من عدد الناخبين المتوقع، ولم تتجاوز في بعض المناطق بمدينة غزة 9%.

وبدأت عملية تسجيل الناخبين يوم 4-9-2004 في 1009 مراكز تسجيل منتشرة في جميع محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي مُتاحة لكل فلسطيني وفلسطينية فوق سن السابعة عشرة، وتمتد فترة التسجيل حتى يوم 7-10-2004.

"إحباط ويأس"

ورأى هاني المصري -الكاتب والمحلل السياسي من رام الله- أن من أهم أسباب انخفاض نسبة التسجيل هو "الإحباط واليأس الذي يعيشه المواطنون من النظام السياسي وأشكال الفساد والفوضى والتسيب وعدم الالتزام بإجراء الانتخابات في مواعيدها".

وقال المصري في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" السبت 18-9-2004: "إن ما يزيد الطين بلة عدم تحديد موعد لإجراء الانتخابات، وهذا يمس بقانونية عملية التسجيل".

وأضاف المصري: "المجلس التشريعي مثلا انتهت مدة ولايته منذ فترة طويلة، ولم تجر الانتخابات المحلية أبدا، ولم تتجدد الانتخابات الرئاسية. حتى الانتخابات النقابية لم تجر بانتظام رغم وجود أجواء مناسبة ووقت طويل لإجراء كل تلك الانتخابات".

واعتبر الكاتب الفلسطيني أن استمرار معدل إقبال الناس على مراكز التسجيل على ما هي عليه الآن يضع السلطة ولجنة الانتخابات في ورطة، قد تدفع اللجنة لإلغاء مبدأ "التسجيل شرط الترشح والانتخابات"، أو تمديد فترة التسجيل، كما قد تدفعهما إلى معالجة ثغرة كبيرة في نظام التسجيل وهي عدم وجود إنابة في التسجيل، خاصة للمرضى وكبار السن والمسافرين.

وأشار المصري إلى أسباب أخرى تدفع باتجاه انخفاض نسب التسجيل، منها ظروف العدوان الإسرائيلي، وتقطيع أوصال المدن الفلسطينية، والأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ثلاثة أسباب

من جانبه أرجع الدكتور عبد الستار قاسم -أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح بنابلس- سلبية الشارع الفلسطيني تجاه التسجيل في الانتخابات إلى 3 أسباب؛ أولها أن "ثقة الشارع بالسياسة الفلسطينية معدومة. فالمواطن يشعر بأن السياسي لا يهتم بقضاياه، ولا يُكلف نفسه عناء التفكير بما يُقلقه. ثانيا: أن هموم الشارع أكبر من الانتخابات؛ فالمتاعب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تُحيط بالمواطن شغلت تفكيره عن أي أمر آخر".

وتابع قاسم أن السبب الثالث هو "عدم وجود موسم انتخابات حتى يُشكل دافعا للتسجيل".

واعتبر قاسم أنه من المؤسف غياب شرائح مهمة عن التسجيل للانتخابات كشريحة طلبة الجامعات. وعلل السبب في ذلك إلى أن "الفصائل داخل جامعاتنا تُربي الطلبة على مصلحة الفصيل وليس على مصلحة الوطن، كما أنها سلبت الشباب من إرادتهم، ولم تُعلمهم أُسس بناء الشخصية، والأخذ بزمام الموقف بعزيمة وإرادة حرة"، على حد قوله.

ليست منخفضة

لكن حازم بعلوشة -مدير العلاقات العامة بلجنة الانتخابات المركزية بقطاع غزة- رأى أن نسب التسجيل ليست منخفضة؛ نظرا لازدياد نسب التسجيل يوما بعد يوم.

وقال بعلوشة لشبكة إسلام أون لاين.نت السبت: "نحاول فتح مراكز تسجيل إضافية في جامعات قطاع غزة، والأعداد تتزايد يوما بعد يوم.. العملية تشبه تدحرج كرة الثلج، ونرى أن الخطا تتسارع، وسنصل إلى نسب مرتفعة".

ضغوط خارجية

وكان للمواطنين الفلسطينيين مبرراتهم لعدم الذهاب إلى مراكز التسجيل؛ حيث تساءل أبو خالد ساخرا: "أي انتخابات؟ وأي تغيير؟ الوضع سيبقى على ما هو عليه؛ فلماذا أُتعب نفسي وأذهب للتسجيل ولدي قناعة راسخة بأن الأفضل لن يأتي أبدا؟!".

كما بدت أم عبد الله متشائمة من حكاية الانتخابات، وقالت: "أظن أن الانتخابات والتسجيل لها لعبة سياسية، وأن من فكر بها أراد خداع الشعب الفلسطيني بأن له الحق في التغيير وأننا في بلدٍ ديمقراطي".

وتابعت: "لقد حاول زوجي إقناعي بالتسجيل، ولكني صممت على الرفض؛ ففي النهاية سيخرجون علينا بأسماء جاهزة ومعدة قبل عملية الانتخابات".

أما الحاج أبو ناصر الذي تجاوز العقد السابع من عمره فاعتبر أن "السلطة قامت بهذه الخطوة تحت ضغوط خارجية، ولم تكن نابعة من داخل البيت الفلسطيني".

الطلاب أيضا

أما الطالب سامر العف فبرر عدم تسجيل اسمه بالانتخابات بأنها "لن تُدار بشكل نزيه؛ بل ستسير وفق معايير تم تحديدها مسبقا، ومجرد تسجيلنا (ما هو إلا) إيهام للعالم بأننا نملك الحق في اختيار من يُمثلنا".

وأرجعت الطالبة صفاء العلمي عدم تسجيلها اسمها بالانتخابات إلى أنها فقدت ثقتها بكل ما يُحيط بها؛ حيث "لا شيء في هذا الوطن يُحرضك على التسجيل في الانتخابات".

وتابعت: "حتى الفصائل التي كانت قد عارضت الدخول في الانتخابات في الأعوام السابقة أصبحت تبحث لها عن كرسي، ولا أحد يهمه مصلحة الوطن؛ فقط يسيرون وراء مصلحتهم الشخصية".

تفاؤل..

ولكن وسط هذا التشاؤم تخرج ريما النخال، وتعرب عن تفاؤلها، ومعارضتها لجميع الآراء السابقة، قائلة: "ألستم تحلمون بتغيير الواقع؟ فبادروا بالتسجيل. افعلوا ما عليكم، ولا تقفوا موقف المتفرج؛ فالأمر يحتاج منا إلى جدية وعدم تقاعس".

وتابعت ريما قائلة: "الجميع يقول: أين الإصلاح؟ الفساد يعم المكان ولا يحركون ساكنا لتغيير الوضع.. ولما جاءتهم الفرصة دفنوا رؤوسهم بالرمال كالنعامة. صحيح أن جل الشعب الفلسطيني يُعاني من الإحباط، ولكن من يدري ربما هذه الخطوة هي اللبنة الأولى للتغيير".

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع