هدنة تلوح بالأفق ..لا بأس؛ لكن إلي أين ؟!!
بقلم الصحفي محمد ياسين
تبدو الاراضي الفلسطينية على موعد مع هدنة جديدة، تقذف خلالها فصائل
المقاومة الفلسطينية بالكرة إلي الملعب الإسرائيلي، رغبة منها في تجنب
أية صراعات داخلية ربما تتمخض في حال واصلت إصرارها على التمسك بنهج
المقاومة طوال الوقت، مقابل تمترس الرئيس الفلسطيني الجديد خلف
اطروحاته السياسية المعروفة، لكن الهدنة المرتقب إعلانها خلال الفترة
القادمة، بدأت فعليا - إلي حد كبير- في الأراضي الفلسطينية، فحسب
تصريحات قادة الأمن بالجانب الإسرائيلي هناك انخفاض ملحوظ في مستوى
عمليات المقاومة الفلسطينية.
في ظل الهدوء الذي تنعم به الأراضي الفلسطينية هذه الأيام، يجدر طرح
الكثير من الأسئلة على السلطة الفلسطينية و كذلك على فصائل المقاومة،
ربما يكون أولها: هل تم استخلاص العبر والدروس من تجربة الهدنة الأولى
؟ و هل هناك توجه جدي لاستثمار تلك العبر بشكل يحقق المصلحة الفلسطينية
أكثر ؟ سيما في ضوء تشابه الظروف التي قادت إلي الهدنة الأولى مع
الظروف التي تقودنا حاليا إلي الهدنة المرتقبة، مع بعض الاختلاف طبعا!.
لكن السؤال الأكثر أهمية هو: إلي أين ستقودنا الهدنة المرتقبة ؟، و ما
هو موقف رئيس السلطة الفلسطينية في حال أفشلت إسرائيل الهدنة المرتقبة
بعدوانها على الشعب الفلسطيني، كما أفشلت الهدنة السابقة ؟، فهل سنعود
لسماع تصريحات تحمّل المقاومة الفلسطينية مسئولية مجازر الاحتلال و
تبرء إسرائيل من جرائمها ؟!!، أم أن الأمر سيكون مختلفا هذه المرة، و
هذا ما لا أتوقعه!.
كفلسطيني يحب وطنه و يحب العيش بأمآن، أتمنى رحيل الاحتلال اليوم قبل
الغد، و أتمنى كذلك أن يرى الأسرى النور الذي حرموا منه سنوات طويلة، و
أتمنى أشياء كثيرة أيضا، لكني أدرك تماما أن الهدنة لن تقودنا إلي شيئ
من ذلك، سوى – ربما- إطلاق سراح بعض من شارفت محكوميتهم على الانتهاء،
و هو ما ندعو السلطة والفصائل إلي الحذر منه، و اعتباره انتهاكا تنتهي
الهدنة بانتهاجه، سيما أنه مؤشر على رغبة إسرائيلية بالتلاعب.
كما ينبغي أن يكون واضحا، أن أعمار الشعوب ليست حقلا للتجارب، لذا على
السلطة الفلسطينية والفصائل التسلح بكل ما يفضح تهرب إسرائيل من
الالتزام بشروط الهدنة في حال إعلانها، و كذلك العمل على استثمار جو
الحوار الدافئ بين السلطة و الفصائل في التوصل إلي صيغة مشترك للتعامل
مع المرحلة الراهنة بما يحقق المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني، فعلى
السلطة أن تتجاوب مع فصائل المقاومة في حال فشلت الهدنة كسابقتها، كما
ينبغي على الفصائل أن تتجاوب مع السلطة في حال إحراز الهدنة لنتائج
ملموسة.
وحتى تكون الهدنة محققة لطموحات الشعب الفلسطيني، ينبغي أن يكون إطلاق
سراح الأسرى على سلم أولويات السلطة و الفصائل، و أن تسعى السلطة خلال
اتصالاتها بالجانب الإسرائيلي لتحديد مواعيد لإطلاق سراح كافة الأسرى
دون استثناء، لأن الهدنة اذا اقتصرت على توقف أعمال المقاومة مقابل
توقف العدوان الإسرائيلي، فهي عبارة عن توقيف لعقارب الزمن ريثما تتحرك
مجددا، بوتيرة أكثر قوة على صعيد المقاومة، و أكثر قبحا على صعيد
العدوان.
على أية حال، ينبغي عدم تعليق الكثير من الآمال العريضة على الهدنة
المرتقبة، إذ أن الفصائل التي قاربت على إعلانها، لن تقف مكتوفة الأيدي
ازاء أي عدوان إسرائيلي على الشعب الفلسطيني، و هو ما يعني العودة
مجددا إلي تفعيل خيار المقاومة، على حساب تراجع العمل السياسي، الأمر
الذي ترفضه السلطة الفلسطينية ذات التوجه السلمي الأبدي، و بالتالي
وقوع ما حاولت الفصائل تجنبه بإعلانها الهدنة في حال وافقت عليها، و
هنا لا نعني المواجهة والاشتباك، وإنما تنافر المواقف بين الفصائل
والسلطة من جديد !.
|