هدنة أم مناورة
سوسن البرغوتي
ما
بين الحوار الفلسطيني- الفلسطيني والمضي قدما
في
تصفية شاملة لمسيرة ونضال
الشعب الفلسطيني
لعقود من
الزمن،أضحى
الوطن وكأنه شركة مساهمة، مشاعة لطرح أي مساومة
وسهم
يؤدي
إلى
الربح
المصلحي، لثلة لم تقدم سوى تراكمات من الأخطاء
المتكررة. وحناجر تبيع الوطنية علناً، لنلمس على أرض الواقع عكس التشدق
بالثوابت
والمصلحة الوطنية. وترهات لا تستند إلى تحقيق أي خطوة إيجابية تضيف إلى
مشروعية
النضال ضد هولاكو الذي يحرق ويهدم ويشيع بالأرض فساده ولا نحرك
ساكناً، بل وتستجدي
القيادة الفلسطينية شريكها في عملية التصفية، بوعود تسلب المقاومة أهم
أركانها
وركائزها.
والمزاد العلني للمقايضة،أصبح قاب قوسين أو أدنى من الإعلان عن إنهاء
فصل جديد،
مجهزاً مسبقاً من قبل لجنة تضم المتفقين على التفرغ التام لتنفيذ"خارطة
الطريق".
وفي خضم تجاهل وتغييب
الصوت الجماهيري
،
والذي
وصل حد الإختناق
من جرّاء
الجدار العنصري،
لتضغط بدورها الورقة الاقتصادية
على
صمود
الشعب الفلسطيني،
ويُساق
إلى
سوق النخاسة بانتحار جماعي. ولتُوضع القرارات في ملعبه، وكأنه موافق
ضمنياً
على ما تقدمه
السلطة الفلسطينية من تورط جديد.
وصلت
الأوضاع الاقتصادية
في الضفة الغربية وقطاع
غزة
درجات تحت خط الفقر،
والمال الفلسطيني بعيد كل البعد عن أصحابه
الشرعيين.فالحملات الدعائية للانتخابات بذلت الثمين والغالي من أجل
مراسم
التنصيب،وإضاعة المال لإنقاذ أسر بأكملها تعيش على أنقاض بيوتها
بفعل
الجرافات
والغارات"الاسرائلية"،
وإرث الشعب الفلسطيني في البنوك الغربية، لتتسر عورات من باع الوطن
والدم الفلسطيني. وبعد هذا كله نشهد تشدقاً
صهيوني يأمر بوقف العنف الفلسطيني!.
مفارقة
تساوى بها الجلاد بالضحية،
ويختلط الحابل بالنابل
، ويُقضى
على
المقاومة المسلحة بحجة الهدنة
والمصلحة الوطنية!.
المقاومة هي القوة الحقيقية التي يتمسك بها شعبنا في الداخل والخارج
لمواصلة المطالبة بحقه الضائع.
وبهدنة
غير مشروطة تقوى أساليبهم في شراء الذمم وصمت
النضال الفلسطيني،
تحت بند
التشريد والتجويع.
ومن
يظن أن
المجتمع "الاسرائيلي"
لا
يعاني من عدم الأمن، والوضع الاقتصادي المتردي أيضا،
فهو في غيبة عن ما يخطط له النظام الصهيوني، لاهثاً وراء هدنة لتهدئة
أصوات تندد ما ُيقلق مضاجعهم واستقرارهم. وبالتالي يعيد ترتيب أوراقه
التوسعية، ويفي بوعوده لشعبه، الذي ينتظر إنفراجاً لضائقته الاقتصادية،
في إغراق منتجاته الأسواق العربية، وفرصة ذهبية يحققوا إنهاء الصراع
لصالح استعباد الشعوب.
إن كان مسمى "الإرهاب" يُطلق على
من
يطالب بالحق والأرض
،
وإن
كانت الفصائل الوطنية تؤمن بمشروعية نضالها، فلتعلن أن المقاومة هو
الخيار الوحيد
لتواجه
المؤامرة الكبرى المحاكة
ضد حق العيش في وطن حر كريم.
وما تصفية رموز المقاومة الأحرار، وتمشيط
الجبهة الشمالية في جنين
فيما مضى،إلا
برهاناً
على نوايا
مسبقة لتدمير البنية التحتية لفصائل المقاومة. وُيلاحق
كل من حمل السلاح،
وكأنه هارب من عدالة منصفة!. وتصبح
المجازر والجرافات،
حق
مكتسب في
تهيئة الجو الملائم لتنفيذ الخطط الاستعمارية. وقد غاب على قيادتنا العتيدة
أن
النظام الصهيوني والهيمنة الامريكية،لا
يعملان لإعادة
الحق لأصحابه،إنما لتوغل
أكثر في
ابتداع
كل وسائل الضغط،
لمرحلة
تفتح الباب
على مصرعيه في
إستباحة
الوطن العربي بأكمله.
ماذا يضير الشاة ذبحها بعد سلخها!،
وتبدو فلسطين الأم أشبه بأشلاء مقطعة الأوصال بجدار نازي من جهة
وبمباحثات سرية من جهة أخرى ، تسعى إلى تنفيذ أكبر نكبة توسعية من
النيل إلى الفرات.
إن الإرادة والمصلحة الوطنية توجه السواعد للاستمرار
في الجهاد ورغم
كل المعوقات،
لتتوحد الصفوف
المسلحة والسياسية. وما العمليات
التي قامت بها تآلف فصائل فلسطينية،إلا تفريغ المخطط من محتواه
التوسعي،
وأن
المقاومة مستمرة
حتى استرجاع الحق المسلوب،
وإنقاذ
آخر ما تبقى من الكرامة
والهوية.
وإلا
سيهون عليهم تصفية شعب بأكمله،
يتلقفه
عهد
عنصري،
يستأصل جذورنا
ليمحو من ذاكرة الكفاح
كل ما قدمه شهدائنا،
وصبر الأرامل واليتامى من
أجل التحرير.
كما أن النضال السياسي سيذهب ببرنامجه الوطني أدراج الرياح، والذي
طالما استند على تصعيد الغضب لتحقيق خطوة ترى الضوء، وتسير كتفا بكتف
مع أبطال الانتفاضة الباسلة.
عهود نقضوها، وديمقراطية مفصلة على مقاس البيت الأبيض وحليفته، وتمثال
الحرية يتصدّع في تناقضات طقوس تنصيب بوش رئيسا يخوض الحرب ضد حرية
الشعوب، غير مبالياً بالدمار وهدم المدن على رؤوس أهليها. وسيتضح
مستقبلاً أن هناك من لعب أوراق الانتخاب الامريكي وراء الكواليس
ببراعة، لاستمرارية نظام يقدم الولاء لدولة الشر في العالم.
المشهد العام ، يعيد نفس الحبكة في فيلم استعماري بدأ ولن ينتهي إلا
بقوة تصدي المقاومة. فاليوم هدنة وغداً مصادرة السلاح الذي يؤرق من
يدعو إلى حملة الاستسلام. وأول الغيث قطرة، فسلاح المقاومة يُعتبر غير
شرعي، وسيُعاقب ويُعتقل من قبل أجهزة الأمن المدعومة بعصا صهيونية، وكل
من كان مناضلاً بالأمس، يصبح من الملاحقين والمطاردين قانونياً في خيمة
مهلهلة رثة،لا تملك القدرة على أي قرار في حكم يتبع أوامر خطة المهانة
ومارثون التسوية.
http://www.arabiancreativity.com/sb38.htm |