فوز حماس، ثمرتان وأساس
د.
فايز صلاح أبو شمالة
الثمرةُ الأولى:
ثمرة عمل عسكري مخلص شجاع، ونشاط اجتماعي وافر، وحضور ميداني فاعل،
وشباب منضبط بالسلوك، والتعامل، وحماس في الاندفاع إلى كل المواقف التي
تتطلب الرجال الأشداء، ووفاء بالعهد مع تحرك سياسي مرن لتنظيم حماس.
الثمرة الثانية:
ثمرة عمل السلطة الفلسطينية على تنفير كل الناس عن كل من مارس دوراً
مسئولاً، وذلك نتيجة لسلوك البعض الذي لا يخاف الله ولا يرحم المواطن،
هذا البعض الذي حمته فترة التكسب غير الشرعي، هو الذي وسم الكل المسئول
بالرجم؛ أكان المسئول نظيفاً شريفاً نقياً، وما أكثرهم!!، أم كان
متربصاً ملوثاً مغشوشاً مخاتلاً، وهم الذين أثاروا حالة الكراهية في
النفوس، وخلقوا حالة الحنق والغضب لدى المواطنين، وهم حفنة زوان
معروفة، ولهم أسماء مثيرة للقشعريرة في بدن المجتمع، تعرفهم الناس
بالاسم، واللقب والصفات، وتعرف الناس أصولهم، وتحدد أماكن وصولهم، حفنة
أسماء ُملوَّثة مُلوِّثة لكل من رافقها الطريق، أو عمل معها، أو تزامن
في مهمته الوظيفية مع فترة تجبرها، وتسلطها على رقاب العباد، وهؤلاء
يتحمل تنظيم فتح في دعمه للسلطة الفلسطينية كامل المسئولية عن تصرفاتهم
في خلخلة أسس بنيان المجتمع الفلسطيني المتماسك.
وضمن مقولة الساكت عن الحق شيطان أخرس، لا يعفى الكل النظيف من مسئولية
الصمت على الجزء الخبيث، أو الصمت على شبهة الاتهام بأن نفسه قد حدثته،
وهمَّ بالباطل لولا أن رأى برهان ربه، ليبقى المسئول الأول عن كل ذلك
هو غياب القانون، وانعدام المسائلة، وحالة السبهللة التي سادت في كل
مناحي حياتنا، حتى بات الحليم حيراناً، وبات الداري يجهل ما يدري أنه
قد درى به!!.
أما
الأساس:
لقد
أسس فوز حماس في انتخابات البلديات في قطاع غزة مرحلة جريئة من حياة
الشعب الفلسطيني، لقد بدأت مرحلة المجاهرة بالرأي، ومعارضة الباطل
علناً، وإعلان الموقف الرافض لكل أشكال التسليم بالخطأ، لقد كسر حجر
الفوز لوح زجاج الوهم الخاطئ؛ بأن تغيير الحال من المحال، وأن من تورث
موقعاً بات لنسله من بعده، وأدرك المواطن أن ما كان يتمناه سراً على
المستوى الشخصي هو أمنية على مستوى الوطن، وأن من ظن أنهم القادرون،
الباسطون الرزق، الغالبون، لا يصمدون أمام حقائق الحياة في التغيير،
لقد اكتشف المواطن بالتجربة أن ما كان يعانيه شخصياً يبكي منه الآخرون
دماً، وأن الصمت يعزز مكانة الخطأ والمخطئين، وأن تكتل الخير لقادر على
تصويب المسار، وتلوين الوطن بالبنفسج، وإعادة نفسية المضحي المناضل إلى
شعب حرص البعض على تطعيمه بجرثومة الاستخذاء والتوسل الذليل.
لقد
أسس فوز حماس مرحلة جديدة من التنافس الشريف على إرضاء المواطن بالعمل
الصالح، لا على شراء ذمم البعض بالمال الطالح، لقد ارتفعت قيمة
الإنسان، وتدنت قيمة من راهن على النسيان، ليكون الفصل في كل المراحل
بين الخطأ والصواب، وبين الحق والباطل، وبين العلم والجهل، وبين
الإخلاص والإفلاس في العمل هو صندوق الانتخابات.
لقد
تكسر بفوز حماس الجليد الذي تخفي من تحته الهيكل العظمي لجسد نخره سوس
المنتفعين، ومصالح الدخلاء الخائرين، وأكل لحمه حفنة المتسلطين
المتكسبين، وأذاب شحمه حقد الساقطين، ومزق جلده رعشة الراجفين، الذين
يحضرون الآن جوازات سفرهم الأجنبية للرحيل، إنهم يرتعبون من أول زئير
جماهيري لشعب يصمت كي ينفجر، ويكنس عن وجه هذا التراب المقدس كل
المارقين.
لقد
أسس فوز حماس شخصية تنظيم فتح للمرحلة القادمة، والتي سوف تعتمد على
كفاءتها، وقدراتها، وصلابتها، وعملها المخلص للوطن، وأسس فوز حماس
مرحلة من انبعاث روح التحدي والكرامة في كل النفوس الطاهرة الشريفة
لتنظيم فتح، التي ستأخذ على عاتقها ترميم ما تآكل من الجسد الحر،
والتنافس في ميادين الوفاء والشرف والكرامة والتضحية والعطاء، وفي ذلك
فليتنافس المتنافسون.
|