فتح والتلميذ الراسب

قادة فتح يدقون ناقوس الخطر عقب اكتساح حماس لبلديات غزة


فيما دق قادة وكوادر في حركة (فتح) الفلسطينية ناقوس الخطر بعد النصر الكاسح الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات البلدية، افاد شهود عيان اليوم الأحد 30-1-2005م ان صدامات وقعت بين انصار الحركتين في مخيم المغازي جنوب مدينة غزة اسفرت عن وقوع عدد من الاصابات، وبدأت الصدامات خلال مسيرتين لحماس وفتح في المخيم لمناسبة الاحتفال بالفوز في الانتخابات البلدية الجزئية.


وذكر مصدر طبي ان اثنين وعشرين شخصا اصيبوا بجروح غالبيتهم في حالة طفيفة اثر الصدامات التي استخدم بعض الاشخاص فيها اسلحة خفيفة، واكد مصدر محلي انه تم تطويق المشكلة بسرعة بعد تدخل مباشر من لجنة المتابعة للفصائل الوطنية والاسلامية لدى كل الاطراف.


وكانت حماس حصلت على اغلبية المقاعد في سبعة مجالس بلدية ومحلية من بين الهيئات البلدية العشر التي اجريت فيها الانتخابات الخميس الماضي فيما فازت فتح في بلديتين منها منطقة المغازي.


وقد دق قادة و كوادر في حركة التحرير الفلسطيني (فتح) ناقوس الخطر محذرين من فقدان حركتهم لمكانتها في الشارع الفلسطيني، بعد الهزيمة القاسية التي منيت بها فتح خلال انتخابات البلديات بقطاع غزة .


وأرجع بعضهم هذه الهزيمة الي الفساد المستشري داخل حركة فتح و أطرها التنظيمية، و كذلك الي الفساد الذي مارسه مسؤولون ينتمون للحركة، مما جعل المواطن الفلسطيني يعاقب فتح في صناديق الاقتراع.


وقد حققت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فوزا كاسحا في انتخابات البلديات العشر التي جرت في قطاع غزة وفازت في7 بلديات من أصل 9 خاضتها، وحصلت على 77 مقعدا من أصل 118 بنسبة 65,25 %، مقابل 26 مقعدا حصلت عليها حركة فتح بنسبة 22% فقط، في حين حصلت الجبهة الشعبية على مقعد واحد بنسبة 0,84 %.


وفاز المرشحون الأفراد المستقلون بخمسة مقاعد بنسبة 4,23 %، وحصلت عائلة تسمي "المصدر" على تسعة مقاعد بنسبة 7,62%، أما بقية الفصائل فلم تحقق أي مقعد في البلديات العشرة.


ورأي مراقبون ان السلطة الفلسطينية اختارت هذه البلديات العشرة من اصل عشرات المناطق بالقطاع بعناية لاجراء المرحلة الاولي من الانتخابات بها، معتقدة انها معاقل لحركة فتح قطاع غزة، و ان تواجد حركة حماس بها هو الاضعف .

 
ويأتي هذا الفوز في قطاع غزة حيث يعيش 1.4 مليون فلسطيني بعد فوزها بنسبة 40% تقريبا مقابل 60% من الأصوات لفتح في الضفة الغربية في الانتخابات التي أجريت بتاريخ 23 ديسمبر 2004 .


وقد بلغت نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات حوالي 85%، بينما لم تبلغ نسبة المشاركة في انتخابات رئاسة السلطة التي قاطعتها حركة حماس 43%، الامر الذي عده المراقبون مؤشرا جديدا لمدى تأثير حركة حماس في الشارع الفلسطيني .


دفعت ضريبة الفساد
يؤكد عدلي صادق عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن حركته "سددت في الانتخابات البلدية بقطاع غزة فواتير سلوك خائني الأمانة، في العمل الوطني العام".و طالب الأطر القيادية و المناطقية المُعيّنة في حركة فتح، بالانسحاب و الاستقالة، و الكف عن كونها "معتمديات، ومرجعيات، وأمانات سر، وأقاليم".
وحمل صادق في حوار مع العربية نت السبت 29-1-2005 قيادة حركة فتح مسؤولية هذه الهزيمة مؤكدا انها أهملت كل دعوات الاصلاح الصادرة عن اعضاءها.


وقال: كلما كنا نعترض على الترهل في الحركة، وعلى الفساد المتفشي في السلطة، كان الراسبون في كل انتخابات، يرموننا بالتحامل، وبالتعميم، وكأننا من مشوهي النفوس. بل إن بعضنا، وقع في غواية الإحساس، بالقوة الراسخة لحركة "فتح" في الشارع، لدرجة إن أشار زميل غيور على الحركة، الى قوة "حماس" وحيويتها، وسهرها على مهمة كسب الناس والشارع؛ انبرى له زميل آخر من المتفائلين، قائلاً: لا تكونوا شكّائين بكائين متشائمين، و ها هي صناديق الاقتراع، ترسم الصورة: حركة "حماس" في المقدمة ".


قوة حماس لا يستهان بها
واوضح صادق في تصريحاته التي نشر بعضها في صحيفة الحياة الجديدة اليوم السبت ان نتائج الانتخابات البلدية اظهرت ان قوتها في الساحة الفلسطينية كبيرة جدا لدرجة ان انتخاب محمود عباس ابو مازن لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية لم يكن ليتم بالشكل الذي تم فيه لولا مقاطعة حركة حماس لانتخابات الرئاسة.


وحذر من أن حماس لن تكرر ما جري خلال انتخابات رئاسة السلطة حيث تركت الرئاسة لفتح خلال الانتخابات التشريعية المفترض اجراؤها بتاريخ 17-7-2005.


وقال صادق: بُح صوتنا، ونحن ندعو الى ترتيب عاجل، للبيت الفتحاوي، قبل المؤتمر السادس. ولم يحدث الترتيب، بينما التكلفة، تستوجب الترتيب والاستدراك الحكيم. وبُح صوتنا، ونحن ندعو الى حكومة ملائمة، تتغير بها فلسفة الحكم، وممارساته، بينما التكلفة، تستوجب التغيير وتخليص الممارسات، من كل شوائبها.


وأكمل يقول: حركة "فتح" الرائدة، ذات التراث الكفاحي الكبير، تتحمل أوزار التجلط في التنظيم، وأوزار التجلط في الحكم. في هذا السياق".


وحذر حركة فتح من ضرورة أخذ العبرة مما جري في الانتخابات البلدية و من عدم الاستهانة بقوة حركة حماس . و قال :الكرة باتت في ملعب حركة فتح والسلطة، و يجب الأجوبة، على مجموعة من الأسئلة ..من الذي قام بترشيح المرشحين؟ ووفقاً لأية معايير؟ وما هو حجم الجهد، الذي بذلته الحركة، للتعريف بتوجهاتها؟ وما هو أثر التجربة الماضية، للسلطة والحركة، على خيارات الناخبين؟.
وأكمل يقول: إن من يزرع يحصد، وحلال على الحاصدين، بل من العيب أن يفوتني تسجيل التهنئة الصادقة، لجميع الفائزين، لأنهم جميعاً إخوتنا وأبناؤنا !


فتح و التلميذ الراسب
أما باسم أبو سمية مدير اذاعة صوت فلسطين الحكومية والعضو في حركة فتح, فرأى ان حركة فتح تصرفت بعد هزيمتها في الانتخابات على طريقة التلميذ الراسب في الامتحان, الذي يحاول ان يخفي نتيجته في الامتحان, كي لا يحرج في شرح أسبابه غير المقنعة للسقوط.


وقال أبو سمية ساخرا في مقال نشرته صحيفة الحياة الجديدة السبت 29-1-2005م: التزمت فتح الصمت, ولم يكن هناك من يقدم ايضاحات او من يعقب على تاثير الشفافية والديموقراطية في الخسارة الـ"مشرفة", بروح عالية امام حركة حماس, التي اكتسحت 7 بلديات من اصل عشرة".


واشار الي ان من بين البلديات التي فازت فيها حماس مدينة دير البلح المعروفة تاريخيا باسم (فتح لاند), و كونها احد معاقل حركة فتح والمحسوبة عليها والمحسومة لها في أي عمل جماهيري.
وتساءل ابو سمية: لماذا الخسارة المدوية للح

ركة, طالما ان هناك توجهات مسبقة ودعوة صريحة لاختيار الانسب والافضل لخوض المعركة الانتخابية.. هل السياسة الفتحاوية (ناجح ناجح), التي اتبعت في الانتخابات الرئاسية, وكادت تودي بنسبة نجاح ابو مازن لولا لطف الله ووعي الاغلبية الصامتة غير المؤطرة.


واشار الى ان خسارة فتح كانت احد اشكال رد فعل جمهور الناخبين على ما شهدته الساحة الفتحاوية في السنوات الاخيرة, من خلافات, والنقسامات, وتناحرات داخلية, فضلا عن الاداري الضعيف للسلطة ومؤسساتها واجهزتها.


وابدى أبو سمية تخوفه من تجاهل حركة فتح لدراسة النتائج, واستخلاص العبر للمرحلة الثانية من هذه الانتخابات في شهر نيسان ابريل القادم, والتشريعية في يوليو تموز.


الذكاء السياسي لحماس
و امتدح حسن البطل القيادي في فتح والكاتب الفلسطيني بصحيفة الايام الفلسطينية ما اسماه (الذكاء السياسي لحركة حماس), حيث قال: لا يستقيم مديح الوعي السياسي للجمهور الفلسطيني, دون امتداح الذكاء السياسي لحركة حماس (..) لا اعرف تنافسا في انتخابات محلية في بلد ما جذب الى غماره نسبة اقبال على صناديق الاقتراع وصلت الى 95% و94% كما في بلدتي الشوكة والنصر", مرجعا الفضل لحركة حماس في جعل الانتخابات البلدية تنافسية, وفي رفع نسبة الاقبال على الانتخابات.


ويرى البطل ان مكمن الذكاء السياسي لحركة حماس كان في منهجية الانخراط في العملية الانتخابية بشكل ذكي, حيث اختارات ان تلقى بثقلها في الحلقة الانتخابية الانسب لها, وهي الانتخابات المحلية، و كأنها تقوم بعملية "احماء" قبل خوض تجربة الانتخابات التشريعية.


وأعرب عن أمله في ان تقوم حركة فتح بـ (تزييت) ماكينتها الانتخابية بدءا بالصحو من زهوة انتصار مرشحها في انتخابات الرئاسة, خاصة ان "الماكينة الانتخابية الطازجة لحركة حماس تبدو فعالة اكثر من ماكينة حركة فتح".


وأكد على ضرورة ان تقوم فتح بدءا من الان وحتى عقد مؤتمرها السادس المزمع عقده في شهر آب أغسطس القادمة, بعملية (تشبيب) الكادر الفتحاوي, وخاصة المتوسط منه والقيادي.


واشار الى قدرة حماس على دفع كوادر شابة, وخاصة في الجانب الاعلامي كمؤشر على (جيل جديد), سيكون الجيل القائد للحركة, والتي رأى انها بعيدة الى حد كبير عن الاسلام الاصولي العنيف.


تكون أو لا تكون
أما الكاتب يوسف القزاز فطالب بضرورة ان تكون نتائج الانتخابات عبرة لحركة فتح, معبترا اياها درسا قاسيا للحركة تضعها في معادلة "تكون اولا تكون".
وقال القزاز في مقال نشره عبر صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية اليوم السبت : النتائج تطرح مباشرة السؤال التالي: ماذا تفعل حركة فتح في المحافظات المذكورة؟, هل هذه النتائج هي مؤشر آخر على نتائج مبكرة لانتخابات المجلس التشريعي في الصيف القادم؟.


واضاف: وحدها قيادات فتح العليا والوسطى و الميدانية والمكتبية والتنظيمية تتحمل مسؤولية النتائج المدونة, والمعنى هو الفشل الصريح القائم على فشل أقدم منه في كافة المجالات لبنى الحياة الاجتماعية والاعلامية والاقتصادية والسياسية وغيرها.


ورأى القزاز ان "رئيس السلطة محمود عباس لو كان اعتمد على اصوات فتح وحدها في غزة, لكانت نتائج انتخابات رئاسة السلطة لغير صالح حركة فتح ومرشحها عباس"، وأضاف أنه "اذا بقيت فتح على هذا الحال فان الانتخابات المحلية في الهيئات الاخرى في نيسان/ابريل القادم ستظل على هذا المنوال ليس فقط في محافظات غزة, بل في الضفة".


*العربية نت

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع