ناقوس الخطر يقرع مدويا ومحذرا حركة فتح

حسن الحسن – ألمانيا

 عندما يقرأ الإنسان خبرا ما يتعلق بمصالح الناس الأساسية ، والتي تتعلق بالواقع الذي يعيشه ويلمسه على مدار الساعة، تبدأ بعدها إجراءات إنسانية ضرورية وأساسية للبحث عن الحقيقة وتحليل الخبر.

الخطوة الأولى تكون التساؤل عن المغزى والقصد من إشاعة  ذلك الخبر، والخطوة الثانية  يتم فيها ربط إشاعة الخبر ونقله، بالجهة التي نقلت الخبر، والجهة التي أصدرت الأوامر لإصدار الخبر، ومن هي الجهة المقصودة من الاستفادة من توزيع الخبر؟

وهنا يبدأ التساؤل عن مدى حجم الاحترام  التي تحظى به تلك الجهة من الشعب، وما هو موقعها في صناعة القرارات وتنفيذ التوجيهات والقرارات وإدارتها ، والخطوة الثالثة تكون عن تحليل الأهداف من نشر وإشاعة الخبر، أما الخطوة الرابعة ستكون تجميع  الاستنتاجات والمقاصد والأهداف والنوايا من وراء إصدار ذلك الخبر، وعند التوصل للنتيجة من اكتشاف  الحقيقة يجب  على الناس توضيح  هذا الأمر لبعضهم البعض بأمانة، لأن قول الحق ونشره واجب وطني وانساني وخلقي  وديني !

دعونا نستعرض معا هذا الخبر :

 ورد بتاريخ  03.03.2005 على صفحات عدد من الصحف الإلكترونية الفلسطينية ما يلي

 ــ" وشدد دحلان على أن السلطة الوطنية لن تسمح بأي حال من الأحوال لأية جهة كانت أو طرف أو فرد بالاعتداء على الأملاك العامة أو مصادرتها، مؤكداً انه سيتم التصدي بحزم للفوضى  والاستيلاء غير القانوني "

هذا هو كلام معالي الوزير التكنوقراط المتخصص بجدارة بالشؤون المدنية، واللقاءات مع المسؤولين الإسرائيليين، من أجل التفاوض على حل مشكلة الشعب الفلسطيني .

إن ما ورد في الخبر من الكلام معسول، هو صحيح ومليح وطيب ، وهو أيضا  مطلب شعبي جماهيري،  تمثله كل القوى والفصائل والأحزاب الفلسطينية ، ولكن التساؤل المحق والمطروح من كل الناس خاصة في فلسطين، بخصوص مصادر وحجم أملاك معالي الوزير التكنوقراط دحلان المنقولة والغير منقولة , فهل سأل نفسه معالي الوزير من أين له كل هذه الأملاك والأموال ؟

 هل سأل نفسه وحاسبها عن مصادرته لأملاك عامة على مدار العشر سنوات التي مضت ؟

هل أعلن عن حجم أملاكه وكيف حصل عليها ومن أين تم تمويلها ،على  صفحة الإنترنت الخاصة به، وهل سمى السبل والمصادر لتراكم الأموال لديه ؟ هل  يصرح يوما ما من أين له كل هذا ؟

 أين هو مبلغ الثلاثين مليون يورو الذي حولها الاتحاد الأوروبي للسلطة، عندما كان معالي الوزير التكنوقراط مسؤولا عن الشؤون الأمنية في أول وزارة تشكلت بضغوط خارجية  على الأخ الراحل أبو عمار الذي نترحم عليه وعلى أيامه ؟

عندما تم قتل أمريكان في غزة قاد التحقيقات آنذاك العقيد دحلان للبحث عن الفاعلين , لماذا لا يبدأ بالتحقيق بعد عام عن الذين اغتالوا صاحب الضمير الفلسطيني، الشهيد خليل الزبن لكشف القتلة وتقديمهم وأسيادهم للعدالة ؟!

لا نريد أن نخوض بكل التفاصيل المعروفة والواضحة لكل فلسطيني، عن حجم الفساد والتجاوزات التي تحصل  وانما نتسائل : هل هو هذا الإصلاح الذي تريده حركة فتح والسلطة فقط على يد الوزير التكنوقراط ؟

وهل عملت السلطة والوزير طوال الوقت على محاربة الفساد والفاسدين ولم يتبق سوى هذا الأمر أي تهديد أبناء الشعب البسيطين المساكين ببيوتهم وأرزاقهم، بحجة الاعتداء على الأملاك العامة ومصادرتها ؟

لا نستطيع أن  نحارب الفساد ولا نحقق الإصلاح الحقيقي المطلوب، وهو اكبر واهم من هذا الكلام بتهديد الشعب  وحماية النفس ومصالحها وشؤونها ، يعني  تقال بكل صراحة باللغة الدارجة

" حاميها حراميها " !!

ألا ينطبق هذا القول على معالي الوزير المحترم والنظيف جدا جدا  التكنوقراط ؟

كان الشك يراودنا حين تم تغيب القائد الخالد، بأن ما يحدث ليس نقلا سلسا للسلطة كما يقال , وانما هو تكملة لمؤامرة ضد الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية .

فلقد شاهد الكل كيف بدأت الجرافات تبحش قبرا للرئيس الحي في المقاطعة، وذلك قبل سفر الوفد الثلاثي إلى باريس! وإلا فماذا يمكننا أن نفهم من قول السيدة سهى الطويل في باريس   " أنهم يريدون دفنه وورثه وهو حي يرزق " ولكننا  نجد الفاسدون ألان وتحت شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد يركبون الموجة، ليحققوا مصالحهم وأغراض وأهداف تخصهم وحدهم، وهي خارجة عن الإرادة الفلسطينية .

فهل من المعقول أن يبقى سيد مؤسسة صامد وصاحب شركة .. بيع الأسمنت لبناء المستوطنات ، في موقع رئاسة مجلس الوزراء ؟

 لو كانت هناك نية جادة وحقيقية تريد الشفافية والديمقراطية والإصلاح ومحاربة الفساد،  لما تم تكليف دولة الرئيس الحالي بتشكيل وزارة العهد الجديد  " طبيب يعالج وهو عليل".

وأخيرا وليس آخر ..  نتساءل لماذا تم تعيين معالي   الوزير  ال "Super Minister" نبيل شعث، الذي أدانته قرارات المحاكم الفلسطينية بالفساد الإداري والمالي بوزارته السابقة ، ورغم ذلك تم تعينه نائبا لرئيس الوزراء  ووزيرا  للأعلام،  وهذا الوزير هو نفسه الذي زور وثائق وتصدى  لمكانة م.ت.ف وتمثيل الدائرة السياسية في جامعة الدول العربية.

فكيف نثق بهذا الوزير  بعد ذلك،  ونكافئه على فساده بمنصب مهم جدا في الوزارة الجديدة   للعهد الجديد، ونرفع مكانته  ليصبح نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للأعلام؟

هل هو هذا الإصلاح  المطلوب وهل هذا  دمقرطة للمجتمع المدني الفلسطيني يا سيادة الرئيس؟

هل  يبدأ الإصلاح بتفنيش وإقالة المستشارين وطردهم؟ أو بتفنيش وطرد القوات التي بقيت لاخر لحظة وهي ساهرة وتدافع عن الوطن وعن  أمن القائد الخالد أبو عمار ؟

هل الشفافية والديمقراطية هي اتخاذ  قرارات ، إقالة  مسؤولي الأجهزة الأمنية , كما فعل اللواء نصر يوسف في جنين ؟ هل يريد بذلك تحريض الأجهزة الأمنية لمقاتلة كتائب شهداء الأقصى ؟ وماذا حدث لو تصدت قوات الأمن لقوات شهداء الأقصى ؟ حرب أهلية , أم مذبحة فلسطينية في جنين !!

هل كانت خسارة الانتخابات المحلية في الضفة المحتلة والقطاع الأسير، أمرا عابرا دون اخذ  الدروس والعبر من تلك اللحظات التاريخية المهمة لابناء حركة فتح ؟

أم أنه ناقوس الخطر الذي يقرع مدويا ومحذرا حركة فتح  وأبناءها  من  الاستمرار في  اتباع الأسلوب والنهج  الفوقي ، الذي  يصادر حرية التعبير والرأي  ويصدر قرارات هامة  تتعلق بمصير حركة فتح ، دون الإصغاء للقاعدة التنظيمية واشراكها في اتخاذ القرار .

هل تكون لقاءات واستقالات  رام الله من الكوادر والقيادات الفتحاوية الشابة المعروفة، التي تمت مؤخرا ،هي الرد الديمقراطي الصحيح لحالة الفوضى التي تعيشها حركة فتح ؟

أحد أعضاء اللجنة المركزية قال قبل أيام قليلة:

 حماس ربحت الانتخابات المحلية ليس لأنها  قوية، وانما بسبب خلل في فتح ، وتتحمل القيادة لحركة فتح المتمثلة في اللجنة المركزية المسؤولية الكاملة لوجود هذا الخلل " 

ولتسائل معا أين هذا الخلل ,  وما هو هذا الخلل ، ولماذا حصل الخلل، ولماذا لم يفعل أحد شيئا حتى الآن لمعالجة الخلل، والى متى سنبقى نسمع عن الخلل وننظر متفرجين ؟

إن العمل على استئصال الخلل ، أصبح أساسيا وضروريا، لبقاء واستمرارية ودمقرطة وصيانة حركة فتح .

الحياة الديمقراطية التي نعيشها في أوروبا ، علمتنا بان تكون العبرة من الفشل، والاعتراف بالخطأ وتحمل مسئوليته ، يكون تلقائيا بتقديم الاستقالة من كل المناصب القيادية وغيرها في الحياة السياسية والحزبية  !

هل تتخذ القيادة العبر من الذي وصلنا إليه وتفسح المجال  بتسليم دفة القيادة لقادة جدد ؟!

 وإلا ما معنى تحمل المسؤولية بالفشل في الانتخابات المحلية ؟!

هل سننتقل إلى تنفيذ العملية الديمقراطية , أم نبقيها على التصريحات لامتصاص النقمة ؟!

هل يكون الحل لوضعنا  القائم في حركة فتح،  بتشكيل جديد للحركة بأكملها ؟

وهل تكون هناك  قيادة تعتني فقط بأمور الداخل وتتحمل مسؤولياتها بتصريف الأمور ، وأخرى للخارج تحت رعاية ومتابعة  مكتب سياسي موحد  لقيادة الحركة ؟!

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع