|
قادة فتح إشترطوا تخلي أبو مازن عن دحلان
15/11/2004
أسامة العيسة
يواجه محمود عباس أبو مازن، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
الفلسطينية، تحديا قويا لزعامته من داخل حركة فتح التي من المتوقع أن
ترشحه رسميا لرئاسة السلطة الفلسطينية.
وفي الوقت نفسه اشترط أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح تأييد ترشيح
محمود عباس أبو مازن، للرئاسة الفلسطينية كمرشح وحيد ورسمي باسم حركة
فتح، إذا تخلى عن محمد دحلان، وزير الداخلية السابق.
وقالت مصادر فلسطينية، إن هؤلاء ابلغوا أبا مازن رغبتهم في تخليه عن
دحلان الذي كلفه بوزارة الداخلية في حكومته التي أسقطها الرئيس الراحل
عرفات.
ومن الذين يتزعمون الحملة ضد دحلان في اللجنة المركزية هاني الحسن
وعباس زكي، اللذان اصطدما خلال الأشهر الماضية مع دحلان الذي يعتقد انه
يقف خلف حملات شنها مقربون له ضد الحسن، وأيضا سير تظاهرات ضد عباس في
بعض مدن قطاع غزة.
وتحالف أبو مازن مع دحلان لحاجته لذراع ضارب لفصائل المقاومة، وكان
دحلان أعلن نيته شن حملة ضد هذه الفصائل عندما كان وزيرا للداخلية،
ولكنه تراجع بعد إقدام سلطات الاحتلال على تنفيذ عمليات اغتيال طالت
عددا من قادة حركة حماس.
ومع انتهاء أيام العزاء بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات اليوم،
فانه من المتوقع أن يرفع المزعجون لأبي مازن، من نبرة أصواتهم، الذي
بدأ همسا أمس، عندما أعلن عدد منهم، ان أبا مازن لم ترشحه حركة فتح
رسميا لرئاسة السلطة، كما أعلن متحدث باسم اللجنة المركزية لحركة فتح
من قبل، وظهر صاخبا رافقته دماء كما حدث في خيمة العزاء في قطاع غزة
ليلة أمس.
ويتوزع المزعجون على فئات عدة، من بينها اللجنة المركزية لحركة فتح
التي تضم ما يسمى بـ "الحرس القديم" ومعظمهم من مؤسسي حركة فتح ولكن
هذا لم يمنع من وجود تناقضات بينهم، ترقى إلى درجة الخلاف، الذي كثيرا
ما خرج إلى العلن وأدى في فترات معينة إلى انشقاقات حادة.
وكان عرفات محل خلاف دائم بين هؤلاء الأعضاء ولكنه استطاع ترويضهم
بأساليب كثيرة.
ولم يتورع عضو لجنة مركزية سابق ,عمل عرفات على إخراجه منها ,عن القول
ردا على سؤال لـ"إيلاف" عن سبب قوة عرفات التي جعلته يكون الأول في كل
شيء طوال أربعين عاما إن "عرفات يجيد استخدام لعبة الورقات الثلاث".
والذين جمعهم عرفات بأسلوبه وسياسته، فرقتهم الخلافات الشخصية
والسياسية، فمثلا يتخذ فاروق القدومي (أبو اللطف) رئيس حركة فتح موقفا
مغايرا عن موقف السلطة الفلسطينية السياسي، التي يفترض أن التي تقودها
هي حركة فتح التي يترأسها القدومي نفسه.
وكذلك محمد جهاد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي رفض العودة مع
عرفات بشروط اتفاق أوسلو قائلا ان هذا الاتفاق عرض على اللجنة المركزية
للحركة ولكنها لم توافق عليه، ولكن عرفات نفذ الاتفاق ولحق به أعضاء
اللجنة المركزية الذين عارضوه مثل صخر حبش (أبو نزار) وعباس زكي (أبو
مشعل).
وتعامل أبو عمار مع أعضاء اللجنة المركزية في مرات كثيرة بشكل يبتعد
كثيرا عن أي أسس أو أشكال تنظيمية مثل علاقته مع هاني الحسن وهو عضو
قديم في اللجنة المركزية، فمرة يغضب عليه ويحدد حركته ثم يقربه منه
وهكذا.
وحسب مصادر من داخل اللجنة المركزية فإن هاني الحسن سيكون أحد المزعجين
لخلافة أبو مازن، بسبب طموحات دفينة لديه.
وفي حياة عرفات كان الحسن يدرك أن مهمة رئيسه في قيادة الشعب الفلسطيني
ليست سهلة، وقال في لقاء مع كوادر لحركته في إحدى المرات إن الشعب
الفلسطيني، ليس سهل الانقياد، وإن هذا الشعب، صعب المراس، بالكاد يرضى
بزعامة عرفات وهو من هو من حيث الكاريزما والتاريخ.
وقبل أن يتوفى أبو عمار، استطاع أن يظهر الحسن بشكل افقد الأخير كثيرا
من رصيده، عندما أوكل إليه التفاوض مع مجموعات شهداء الأقصى التابعة
للحركة، لإلقاء سلاحها، وهاجم قادة شهداء الأقصى الحسن بعبارات قاسية
جدا.
ولم يتورع الحسن عن إرسال رسائل إعلامية للإسرائيليين بإعلانه اكثر من
مرة ملاحقة السلطة لمنفذي العمليات التفجيرية وإلقاء القبض عليهم،
وإعطائه أرقاما عن عدد من قبض عليهم. ومن غير المتوقع أن يسلم الحسن
بقيادة أبو مازن، من دون ضمانات لدور مقبل له.
ومثل الحسن هناك عباس زكي، الذي بنى شهرته خلال سنوات كمعارض للفساد
وسياسات عرفات، إلى درجة أن عرفات قطع عنه المخصصات عندما كان ممثلا
لفتح ولمنظمة التحرير في الأردن، وأبدى معارضة كبيرة لاتفاق أوسلو،
ولكنه عاد وفق شروط هذا الاتفاق، ولم يكف عن إطلاق التصريحات التي تلقى
قبولا عند الجماهير خلال أي لقاء معها.
وخلال الانتخابات للمجلس التشريعي كان من الذين حصلوا على أعلى الأصوات
مثل الدكتور حيدر عبد الشافي، ولكن عرفات قربه إليه، وابتعد زكي عن
دائرته الانتخابية في الخليل، ويقيم معظم الوقت في رام الله.
ومن الذين عارضوا أبو عمار ثم كسبهم إلى صفه صخر حبش (أبو نزا)، الذي
له اهتمامات أدبية وفكرية وهواية في تأليف الكتب، فاقر له عرفات مخصصات
لنشاط مركز أبحاث يديره، واوكل اليه مهمة التنسيق مع القوى والفصائل
الأخرى، التي تتلقى معظمها تمويلا من عرفات.
وسيحاول هؤلاء قبل إعطاء التفويض لأبي مازن أن يضمنوا وضعهم في المرحلة
الجديدة بما يليق بما يعتبرونه مكانتهم وتاريخهم.
وهناك آخرون من الحرس القديم الذين ليسوا أعضاء في اللجنة المركزية
لحركة فتح أو كانوا أعضاء فيها، وتم استبعادهم منها لمعارضتهم عرفات
مثل رفيق النتشة الذي طالما تفاخر بأنه من معارضي عرفات، الذي اسند
اليه حقائب وزارية ثم رئاسة المجلس التشريعي قبل أن يطاح به بانقلاب
ابيض في آذار (مارس) الماضي. ويطمح النتشة الى لعب دور في المرحة
المقبلة خصوصا وانه من الجيل المؤسس لحركة فتح.
ومن المعارضين المحتملين لأبي مازن فاروق القدومي (أبو اللطف)، الذي تم
إرضاؤه بتعيينه رئيسا لحركة فتح.
وان كان أبو اللطف قبل بذلك وبالاسم الكبير للمنصب، فانه عمليا سيكون،
إلى حد كبير، رئيسا من دون صلاحيات، لان ثقل الحركة انتقل منذ سنوات مع
عرفات إلى الأراضي الفلسطينية، وربما يملك الشرطي الفلسطيني الذي تحظر
عليه إسرائيل حمل مسدس ، صلاحيات تنفيذية اكثر من القدومي.
وحاول القدومي أن يختبر سلطته التنفيذية قبل وبعد توليه منصب (رئيس
فتح) واخفق في الحالتين، فأثناء مرض عرفات في باريس ظهر فجأة هناك
واصدر بيانا مقتضبا يحظر فيه على أي شخص الإدلاء بأي تصريحات حول صحة
عرفات باستثناء أطبائه، ولكن تصريحات المسؤولين المرافقين لعرفات
استمرت وكأنهم لم يسمعوا بالفرمان الذي أصدره أبو اللطف.
وبعد تعيينه رئيسا لفتح، اصدر بيانا مطولا تضمن نقاطا عدة تشبه
القرارات:
1- حان الوقت للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تجتمع خارج
الأرض المحتلة للحفاظ على سرية عملها وقراراتها، ولإتاحة الفرصة لكل
أعضائها أن يتخلصوا من الضغوط النفسية التي تفرزها الأوضاع التي تحيط
بهم في الأراضي المحتلة.
2- حان الوقت لنجتمع كلنا في أجواء مريحة ونقية مطمئنين الى كل ما يتخذ
من قرارات.
3- ولا بد من مشاركة جميع فصائل المقاومة في اتخاذ القرارات السياسية
حتى تعزز وحدتنا الوطنية في إطار قيادي موحد.
ولكن ردة الفعل من قبل كوادر من حركة فتح على هذا البيان كانت قوية
وحملت تعريضا بالقدومي، حتى إن أحدهم سرب خبرا بأنه تنازل عن وضعه
القيادي، فرد ناطق باسم القدومي غاضبا " أعلنت إحدى الفضائيات العربية
أن الأخ أبو اللطف قد تنازل عن حقوقه القيادية كأمين سر للجنة المركزية
العليا لحركة فتح، كما تنازل عن مهامه في اللجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير الفلسطينية مع انه اقدم عضو فيها ... إن هذه الأنباء عارية من
الصحة فهل يعقل أن يتنازل هذا اليوم عن مهماته النضالية التي نذر نفسه
لها، علما انه من مؤسسي ثورة قادها حفنة قليلة من الرجال المخلصين من
أبناء شعبنا الفلسطيني منذ اكثر من أربعين عاما ونيف ومن أربعة قياديين
قادوا معركة الكرامة عام 1968".
وكان هذا الكلام أشبه بالبيان الانتخابي لمعركة مقبلة على تقاسم تركة
عرفات، الذي يعلم الفرقاء بأنها لم تبدأ بعد، وحسمها لن يكون سهلا.
http://www.elaph.com/Politics/2004/11/21905.htm
|