28 حزيران 2004

الفساد الفلسطيني وصل الى القضاء

بقلم: حمدي فراج*

ليس مفاجئا على الاطلاق ان يكون الفساد الفلسطيني قد وصل الى القضاء، لتعلن نقابة المحامين الفلسطلينيين اضرابا لمحاميها عن الظهور امام المحاكم، كل المحاكم، في فلسطين بمحافظاتها الشمالية والجنوبية ليوم واحد، تتبعه خطوات تصعيدية اخرى.

المفاجئ لربما هو ان لا يكون الفساد قد وصل الى هناك، على اعتبار ان هذا الحقل الذي خصه رب العالمين بـ(واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) مرشح أكثر من غيره لانتشار دودة الفساد فيه ونمائها وتطورها، ولهذا عمدت الدول التي ارادت ان يكون لها مكانا تحت الشمس ان تطلق يديه بحرية وعلى شكل احدى السلطات الثلاث المستقلة.

نحن في فلسطين ومنذ وصول نخبة القيادة الثورية، عمدت الى تفسيخه وتوسيخه عبر اشكال تفسيدية متعددة، ابرزها تعيين محكمة أمن الدولة، رغم انه في حينه لم يكن لدينا دولة – ولغاية اليوم طبعا- ان وجود مثل هذا النوع من المحاكم قد قوض اي امل بقضاء عادل ومستقل، ولكم عقدت محاكمات امن دولة معظمها سرا وليلا، ولكن الذي نجحنا في مشاهدته لأن القيادة ارادت ذلك لأسباب في نفس يعقوب، كانت اقرب الى المسرحيات المضحكة المبكية منها الى جلسة قضاء.

الخطوة الثانية كانت ان يعقوب ذهب لتعيين مجلس نقابة المحامين لمدة قاربت من عشر سنوات، الأمر الذى انهى اي حلم بامكانية تصليح القضاء الفاسد، بل لقد عمق القرار فكرة ان يفسد المحامون ايضا، الى ان تمكنوا من اجراء انتخابات في العام الماضي، لترسخ نقابة غير مهنية بالمعنى الحرفي، لأن عشر سنوات سلطوية كانت يجب ان تفعل فعلها في جسم المحامين المتضخم.

اما الخطوة الثالثة فهي قرارات ما يسمى بمحكمة العدل العليا، التي لم اعرف قرارا اتخذته هذه المحكمة وتم تنفيذه، بل لربما ان هناك سياسة تقضي بتقصد عدم التنفيذ، وفي احسن الأحوال الالتفاف عليه، ومثال على ذلك قرار الافراج عن احمد سعدات، القرار المتعلق بسلطة النقد، قرار الجمعيات الخيرية الاسلامية بمصادرة ارصدتها.

ليس بالامكان ولا بأي شكل من الاشكال الوصول الى قضاء مستقل بدون ان يكون هناك تشريع مستقل، وليس بالامكان الوصول الى تشريع مستقل بدون انتخابات دورية بمعدل مرة واحدة على الأقل كل اربع سنوات مرة، لا ان تكون مثل ما حصل في انتخابات المجلس التشريعي التي اجريت للمرة الاولى قبل ما يزيد عن ثماني سنوات، كانت كما هو واضح الانتخابات الاولى والأخيرة، لنأتي بعدها ونطالب بتشريع مستقل، فنتمادى لنطالب ايضا بقضاء مستقل.

لقد وقف احد ألمحامين يوما ليتساءل: ما هي الحكمة من ان هذه السلطة ترفض تطبيق القوانين التي هي اصلا قامت بسنها ووضعها، كيف يمكن اقناع الآخرين بصلاحيتها، في الوقت الذي نرى فيه ان من وضعها غير مقتنع بتطبيقها ... النائب صلاح التعمري قال: نحن ليس لدينا قضاء، بل قضاء وقدر .. نقيب المحامين حاتم عباس قال ان القضاء في فلسطين يتعرض لمذبحة ... احمد مطرقال تحت عنوان يحيا العدل:

حبسوه... / قبل ان يتهموه / عذبوه.../ قبل ان يستجوبوه / أطفأوا سيجارة في مقلتيه/ عرضوا بعض التصاوير عليه/ قل.. لمن هذي الوجوه/ قال: لا أبصر / قصوا شفتيه/ طلبوا منه اعترافا حول من قد جندوه / لم يقل شيئا / ولما عجزوا ان ينطقوه / شنقوه/ .../ بعد شهر برأوه/ ادركوا انه ليس هو المطلوب اصلا، بل أخوه ...

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع