السلطة مضطربة، الكيان الصهيوني يتاهب، والخيارات مفتوحة
هل سينشأ الفراغ والفوضى بسبب غياب المؤسسة
الرسالة –وسام عفيفة 04/11/2004
يفتح غياب الرئيس عرفات بسبب المرض أو الوفاة الباب على مصراعيه لعشرات
الأسئلة حول مستقبل القضية الفلسطينية والسلطة وفتح والعلاقات الوطنية
و المواجهة مع دولة الاحتلال .فعلى مدى عشرات السنين أدى عرفات دورا
مركزيا كممثل للكفاح المسلح الفلسطيني ضد ( إسرائيل) ، والاعتراف
العربي والدولي في التمثيل الذاتي الفلسطيني وحق عودة لاجئي 1948. و
طالما بقي عرفات على قيد الحياة سيظل يقيد كل الورثة من حوله حتى وهو
يصارع المرض, لان أحدا في القيادة الفلسطينية لن يجرؤ على ان يطرح نفسه
كبديل او يتخذ خطوات لتغيير جوهري، خصوصا في اتجاه استئناف المفاوضات
مع (إسرائيل).أما الطرف الذي يقف على اهبة الاستعداد ويراقب حالة عرفات
بكل تفاصيلها فهم الإسرائيليون حيث بدأت وسائل الاعلام الإسرائيلية
تتحدث عما تسميه "النهاية القريبة" وحرب على الوراثة، في وقت اعلن فيه
الجيش الإسرائيلي حالة التأهب تحسبا لوفاة الرئيس الفلسطيني ووقوع
"اضطرابات" في المناطق المحتلة، على حد تعبير الكيان، خاصة وان حالة
عرفات تدهورت وهو يخضع لحصار إسرائيلي متواصل منذ اكثر من عامين.
وقال مصدر إسرائيلي، ، ان الجيش الإسرائيلي بدأ، منذ الإعلان عن تدهور
الوضع الصحي للرئيس عرفات، ، التأهب لاحتمال وفاته . وحسب صحيفة
"هآرتس" ، قام الجيش الإسرائيلي، بنفض الغبار عن خطة أعدتها قيادة
المنطقة الوسطى، في العام الماضي، استعدادا لليوم التالي لغياب عرفات
عن الحلبة الفلسطينية.وحسب الصحيفة فان الخطة التي تحمل عنوان "صفحة
جديدة" تركز على "منع تدهور الاوضاع في المناطق الفلسطينية بعد رحيل
الرئيس عرفات". وقالت الصحيفة ان "إسرائيل تخشى تحميلها مسؤولية وفاة
عرفات، بسبب الحصار الذي تفرضه عليه، من جهة، وبسبب التقارير الكثيرة
التي تحدثت عن نية إسرائيل اغتيال عرفات".
وأضافت الصحيفة ان الأوامر التي صدرت الى قادة الجيش، ، تقضي "ببذل كل
ما يستطيعونه من اجل منع تدهور الاوضاع، وتقليص الاحتكاك بين المواطنين
الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي الى اقصى حد، وفي الوقت ذاته منع
التظاهرات الفلسطينية المتوقع اندلاعها، من الوصول الى الحواجز
العسكرية والمستوطنات".واعلن الجيش الإسرائيلي، حالة تأهب قصوى في
منطقة رام الله تحسبا لاندلاع تظاهرات و"اضطرابات" اثر انتشار انباء
تحدثت عن تدهور خطير في صحة عرفات.
وحسب "هآرتس" تناولت المداولات المسبقة التي أجراها الجيش الإسرائيلي،
مكان دفن الرئيس عرفات في حالة وفاته، خاصة وان عرفات كان أعرب عن
رغبته بدفنه في منطقة الحرم القدسي، وهو ما ترفضه إسرائيل. وقالت
الصحيفة ان احدى البدائل التي طرحت كانت دفن عرفات في ابو ديس، في مكان
يشرف على الحرم القدسي. وبرأي الصحيفة تم اخذ هذه المسألة في الاعتبار
عندما تم التخطيط للجدار الفاصل بين القدس وابو ديس، حيث تم تغيير
المسار لابقاء المنطقة التي تتوقع (إسرائيل) دفت عرفات فيها، في الجانب
الفلسطيني من الجدار.
اما
البديل الآخر الذي ناقشه الجيش فهو دفن الرئيس الفلسطيني في غزة.
كما
بدأت أطراف في (إسرائيل) تتحدث، ، عن احتمال تأثير تدهور الحالة الصحية
لعرفات، على خطة الفصل التي صادقت الكنيست عليها، الأسبوع الماضي .
وحسب ما قالته مصادر سياسية للإذاعة الإسرائيلية فانه اذا ادى تدهور
صحة عرفات الى غيابه عن الساحة، فقد تجمد (إسرائيل) تطبيق خطة فك
الارتباط مع غزة وشمال الضفة، والبحث عن بديل سياسي تفاوضه (إسرائيل)
على خارطة الطريق. وتعتمد هذه المصادر في ادعائها هذا على زعم شارون
بأنه بادر الى خطة الفصل من جانب واحد "بسبب عدم وجود شريك فلسطيني
للمفاوضات". وتقول هذه المصادر، انه إذا رحل عرفات، لن يكون أمام شارون
اي مبرر اخر لمواصلة تطبيق الخطة من جانب واحد!
ولم
يستبعد وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم تجميد خطة شارون واجراء
مفاوضات مع قيادة فلسطينية جديدة، بعد عرفات، شريطة التزامها بما اسماه
"متطلبات خارطة الطريق".
***
غياب عرفات ...غموض المستقبل
سيطرة ياسر عرفات على م.ت.ف والسلطة الفلسطينية كادت تكون مطلقة دون اي
شك، رغم انه في السنوات الأخيرة واجه حركات تمرد سياسية وشخصية من قبل
بعض رفاقه مثل محمود عباس ومحمد دحلان ومشاكسة من جيل الشباب وتيار
الإصلاحيين .
ومن
المؤكد أن غياب عرفات سيخلق فراغا سلطويا لا يمكن التكهن بمدى تأثيره
على الوضع الفلسطيني برمته . وحتى لو افترضنا انه سيتم انتخاب قيادة
سياسية، فانه من المشكوك فيه أن تكون لها سيطرة حقيقية على الأرض, بسبب
التركه الصعبة والمعقدة التي خلفها وراءه بعد أن قاد فتح والمنظمة من
خلال ما يمكن تسميته الديكتاتورية الثورية التي تتجمع فيها كل الخيوط
في يد زعيم واحد وبغيابه ينهار هذا النظام , وعليه من الصعب ان يبرز
قيادي في فتح والسلطة يمكن يرث هذه الصفات والصلاحيات الشخصية ,
والمسؤوليات والرمزية.
****
خيارات الخلافة
هناك كثير من الأسماء القيادية التي دارت في فلك عرفات لكنه نجح دائما
في حصرها في هامش قيادي لا تخرج عن نطاقه وإلا حرق ورقتها ...في الحرس
القديم لفتح و منظمة التحرير الفلسطينية الذي وصل من تونس بعد التوقيع
على اتفاق أوسلو، لا توجد شخصيات على مستوى قيادي او قدرة للسيطرة على
الأرض. في المقابل لا يوجد بديل اقوى من الحرس القديم في الساحة
الفلسطينية، في محاولة لنقل الصولجان إلى قيادة الداخل كونه ليس لديها
شخصيات تتمتع بإجماع على مستوى وطني.
الاسرائيليون وحسب –معاريف- يرون رئيس الوزراء السابق ابو مازن صاحب
الاحتمالات الأعلى لوراثة عرفات، ولكن هناك من يعتقد بأنه لن يصمد لزمن
طويل. فهو غير مقبول من الشارع الفلسطيني، والمنظمات الفلسطينية بما
فيها فتح بسبب مواقفه السابقة من الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة ضد
الكيان الصهيوني والتي لطالما دعا لوقفها معتبرا أنها خطأ .في القائمة
ايضا حسب الصحيفة رئيس الوزراء احمد قريع (ابو علاء) أيضا، ومثل ابو
مازن يتمتع بتأييد (إسرائيل)، مصر والولايات المتحدة. ولكنهما لا
يملكان رصيدا من الكفاح العسكري.وخلافا لهم، فان محمد دحلان يحوز على
قاعدة واسعة في حركة فتح بقطاع غزة وهو مدعوم من مصر، الولايات المتحدة
و(إسرائيل)، وكان دحلان على مدى ثماني سنوات مستشار شؤون الأمن لعرفات،
وراكم علاقات واسعة مع كبار أجهزة الأمن الإسرائيلية. وهو "الرجل
القوي" في غزة، ولكن قوته محدودة في الضفة الغربية.
مثيله في الضفة هو جبريل الرجوب. للرجوب مؤيدون كثيرون في الشارع
الفلسطيني في الضفة الغربية ويمتلك قاعدة في حركة فتح من أولئك الذي
عملوا في جاهز الأمن الوقائي تحت امرته, لكن لا يوجد له أي نفوذ في غزة
.اما الشخصية الحاضرة الغائبة فهو مروان البرغوثي أمين سر فتح في الضفة
سابقا لكنه يقضي محكومية المؤبد في سجون الاحتلال . ومع ذلك، فهو يتمتع
بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني.
ولكن طالما بقي عرفات على قيد الحياة سيظل يقيد كل الورثة من حوله حتى
وهو يصارع المرض, لان أحدا في القيادة الفلسطينية لن يجرؤ على ان يطرح
نفسه كبديل او يتخذ خطوات لتغيير جوهري، خصوصا في اتجاه استئناف
المفاوضات مع (إسرائيل). ولكن الورثة سيبدأون من الان في التهيؤ لليوم
التالي لوفاة عرفات وهم سيقيمون التحالفات ويطرحوا أفكارهم لكن وراء
ستار غرفة مرض ابو عمار.
وهو
ما قد يطرح سيناريو الانزلاق نحو التصارع اذا لم يتم التوافق بين
الورثة خصوصا اذا ما رفضت فتح ما تطرحه الفصائل الفلسطينية بتشكيل
قيادة وحدة وطنية, خصوصا وان الأجهزة الأمنية والأجنحة العسكرية لحركة
فتح أصبحت لاعبا رئيسا على الساحة الفلسطينية وهي تتحول شيئا فشيئا الى
ميلشيات تتبع قيادات متناحرة , وهو ما يعني أن أرضية الصراع متوفرة
خصوصا بين جهازي الاستخبارات العسكرية موسى عرفات وجهاز الامن الوقائي
الذي وقف على رأسه محمد دحلان ثم تيار جبريل الرجوب و أجنحة كتائب
شهداء الأقصى في الضفة الغربية. ولكن أي صراع سيبقى في نطاق محدود كونه
سيقى داخل إطار السلطة وحركة فتح وليس اقتتاال في الشارع الفلسطيني
برمته. والى ان يتحدد مصير عرفات ستظل القيادة الفلسطينية جماعية.
ويحتمل أن تكون في المدى الأبعد قائمة على أساس التوافق بين ابو علاء،
وابو مازن، سلام فياض ومحمد دحلان. بشكل غير رسمي.
****
على مفترقات سياسية
غياب عرفات يأتي في ظرف دقيق جدا وهو يقف على مفترقات سياسية مهمة وقد
تكون فارقة , فهو يتزامن مع الصراع الداخلي في الكيان الصهيوني بعد ان
صادقت الكنيست والحكومة الإسرائيلية بأغلبية الأصوات على خطة فك
الارتباط لشارون؛ وما ينتج عنها إذا ما تم تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي
من قطاع غزة و أربع مستوطنات في الضفة الغربية وهو يأتي أيضا عشية
الانتخابات الأمريكية التي يمكن أن يأتي فيها الى البيت الابيض رئيس
جديد، او ان يقرر الرئيس القائم خطا مغايرا تجاه الفلسطينيين مع انصراف
عرفات وهذه المفترقات الجديدة قد تتأثر بغياب عرفات من جانب وتؤثر على
القيادة القادمة في خلافته.وتجدر هنا الإشارة إلى ما قالته مصادر
إسرائيلية مطلعة، هو أن غياب الرئيس عرفات قد يعني تغييرا في الرأس
القيادي الفلسطيني، وبالتالي قد تنشأ ظروف تقتضي اعادة النظر بسياسة
الفصل الاحادي الجانب، وقد يكون من الممكن اعادة المفاوضات مع قيادات
فلسطينية تأتي لسد الفراغ الناشئ.
***
اراء المحللين
تركزت معظم اراء المحللين السياسيين الفلسطينيين على ضرورة تدارك الوضع
الحالي نتيجة غياب الرئيس عرفات والفراغ الذي يتركه وطرح التساؤلات حول
مستقبل القضية الفلسطينية في حال غيابه الابدي وفي هذا السياق كتب
المحلل السياسي هاني المصري: "بغض النظر عن الشفاء العاجل او المتأخر
او الغياب الابدي لياسر عرفات فان القضية الفلسطينية دخلت مرحلة جديدة.
مرحلة قد تنهض فيها او تواجه تكثيف المحاولات للقضاء على البقية
الباقية منها. غياب ياسر عرفات سيترك فراغاً كبيراً، لا يمكن لشخص واحد
او حتى عدة اشخاص ان يملأوه. واذا عرفنا ان ياسر عرفات بخيمته الكبيرة
كان قادراً على الامساك بكافة الخيوط واوراق القوى الفلسطينية، وان
النظام السياسي الفلسطيني لم ينتج المؤسسة الفاعلة التي يتحقق فيها
تقسيم العمل وتوزيعه والمشاركة باتخاذ القرار وجماعية القيادة... كل ما
سبق يطرح على كافة القيادات والنخب والمؤسسات والمستويات في السلطة
والمنظمة وداخل المجتمع ضرورة الارتقاء الى مستوى التحديات والمخاطر
التي اصبحت الآن تواجه بحدة اكبر القضية الفلسطينية عن طريق تغليب
المصلحة الوطنية العليا والقواسم المشتركة والنضال ضد الاحتلال على
كافة الحسابات والمصالح الفردية والفئوية والجهوية والفصائلية، خصوصاً
تلك التي تغلب الصراع على المغانم والمصالح والمناصب، وعلى السلطة وعلى
كل شيء . لا يوجد ما يستحق الصراع عليه. فحتى السلطة تحت الاحتلال.
من
جانبه طرح المحلل والاكادمي الفلسطيني د. رياض المالكي اسئلة كثيرة
بحاجة الى اجابات وأهمها ما هي النتائج الـمباشرة لعملية غياب الرئيس
عن الساحة السياسية؟ وهل سندخل في حالة عدم استقرار سياسي وأمني؟ ومدى
طول تلك الحالة والثمن الـمطلوب دفعه خلالها؟ وهل القيادة الفلسطينية
على مستوى من الـمسؤولية لتحمل عبء عملية الانتقال بشكل سليم وسلس
وهادئ، أم أن عملية الانتقال ستواكبها عمليات اغتيال سياسي وتصفيات
شخصية وخطف وتَشكُل لظاهرة الـملوك والقبائل التي ستعتمد على
الـميليشيات الـمسلحة، كما هي الحال مع جمهوريات الصومال الـمتناحرة،
ما سيدفع إلى انهيار كامل للسلطة وفشل التجربة الوطنية الفلسطينية
وثبوت عدم أهلية الفلسطينيين لحكم أنفسهم؟ الأيام القادمة ستبيّن لنا
ماهية التوجه الذي سيختاره أمراء الحرب أو أمراء السلام منّا. قائمة
الأسئلة تطول لتشمل الآثار والأضرار التي ستطول الشارع الفلسطيني
وبالتالي قضيته جرّاء غياب الرئيس، وتغير القيادة الحالية، ومن هم
الـمستفيدون أو الـمتضررون من هذا التغيير على الـمستوى الفلسطيني و
الإسرائيلي والعربي والدولي؟ وكيف يمكن قياس ذلك؟ وانعكاساته على واقع
الحال الفلسطينية وعلى جوانبه الـمختلفة والتوقعات الـمجتمعية له؟
هناك من يعتقد أن من سيخلف الرئيس عرفات، أيأ كان، لن يملك القدرة
القيادية والكاريزما الشخصية الـمطلوبة لقيادة هذا الشعب الصعب
والـمحنك، وعليه سينعكس هذا الضعف على شكل الأداء والذي ستستغله العديد
من مجموعات الاهتمام الخاص بشقه الأمني والاقتصادي والسياسي والفئوي،
ما سيحد من قدرة تلك القيادة إن توفرت لها الصلاحيات في أخذ زمام
الأمور وتحريك دفة الحركة السياسية نحو الأمام، لتقع في وحل عمليات
الابتزاز الهادفة إلى إفشال أية محاولة لإيصال الـمركب الفلسطيني إلى
بر الأمان. وضمن نفس الوصف سينتج عنه تهاوي تجربة السلطة مخلّفة وراءها
كماً كبيراً من التبعات أهمها سقوط التجربة الوطنية وبروز خيارات
الوصاية بأشكالها الـمتعددة وفي أفضل الحالات تكرار تجربة "لحد" في
الجنوب اللبناني.
ويضيف المالكي هناك من يعتقد أن تمرير عملية الانتقال بكل سهولة سيثبت
قدرة هذا الشعب ومعه قيادته على النجاح في الامتحانات الصعبة وبالتالي
فوزها بفترة جديدة من الاختبار السلطوي، وإعادة توفير فرصة أخرى لها
على كل الصعد السياسية والتفاوضية والاقتصادية من شأنها إعادة عجلة
الإنتاج من جديد، وبث روح جديدة في نفس الـمواطن الغارق في آلامه وفي
همومه اليومية والوطنية. هذا يتطلب تكاتف الجميع والتزامهم بوجود سلطة
واحدة وسلاح واحد وقانون واحد لا يحتمل التعددية.
الكاتب والمحلل السياسي عدلي صادق تطرق الى الشكل القيادي الذي يمكن ان
يقود المركب الفلسطيني في حال غياب عرفات مشيرا بداية الى ان النظام
الأساسي لمنظمة التحرير، يُعرّف اللجنة التنفيذية، بأنها "أعلى سلطة
تنفيذية للمنظمة، وأنها دائمة الانعقاد، وأعضاؤها متفرغون للعمل،
وتتولى تنفيذ السياسة والبرامج والمخططات، التي يقررها المجلس الوطني،
وتكون مسؤولة أمامه مسؤولية تضامنية وفردية". غير أن شيئاً من هذا
التعريف، لا ينطبق على اللجنة التنفيذية، لا بمعيار واقع المنظمة
الراهن، ولا بمعيار الممارسة اليومية لأعضاء اللجنة،
وقال : من هنا، كانت دعوتنا القديمة لتشكيل قيادة وطنية فلسطينية
موحدة. ومن هنا نرحب بدعوة "حماس" الى مثل هذه القيادة، و أضاف صادق
:المخرج الطبيعي لإشكالية اللجنة التنفيذية، ومن ثم إشكالات المنظمة
والسلطة، ومؤسساتهما، هي أن نتحول بقيادة الرئيس عرفات في حضوره،
وبمباركته في غيابه، الى صيغة قابلة للتطور التدريجي، للقيادة الوطنية
الموحدة، لأن هذا أجدى وأفعل، بالنظر الى المهام المقبلة للكيانية
الفلسطينية، وبالنظر للتعقيدات وللمصاعب, الحالية
من
جانبه تطرق المحلل السياسي هاني حبيب الى ردة الفعل الإسرائيلية مشيرا
الى خطة شارون تقوم على العمود الفقري الذي يقول "ان لا شريك
فلسطينياً" لكن غياب عرفات للعلاج، من شأنه ان يضرب بالعمق هذه المقولة
الشكلية التي اعتمدها شارون للافلات من استحقاقات العملية التفاوضية،
وفرض خطته، بالطريقة التي يراها، على مجمل عملية الصراع الفلسطيني-
الاسرائيلي.
وقال حبيب: غياب عرفات، يشكل مرحلة جديدة، ولكن للاسرائيليين ايضا، اذ
بسقوط مقولة لا شريك فلسطينياً، انما هو سقوط لخطة شارون، ولهذا السبب،
فإن وجود قيادة فلسطينية قوية قادرة على التعاطي مع متطلبات المرحلة
بكل قوة، هو تدمير لشارون وافكاره وخططه.
***
محطات في تاريخ عرفات
لا
يعرف على وجه اليقين مكان ولادة محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني الذي
اشتهر فيما بعد باسم ياسر عرفات أو أبو عمار، والأغلب وفقا لبعض
المصادر أنه ولد في القاهرة في 24 أغسطس 1929، وهو الابن السادس لأب
كان يعمل في التجارة، وهاجر من فلسطين إلى القاهرة عام 1927 وعاش في حي
السكاكيني. وعندما توفيت والدته وهو في الرابعة من عمره أرسله والده
إلى القدس، وهناك بدأ وعيه يتفتح على أحداث ثورة 1936. في عام 1937 عاد
مرة أخرى إلى القاهرة ليعيش مع عائلته، ثم التحق بكلية الهندسة في
جامعة الملك فؤاد (القاهرة حاليا) حيث تخصص في دراسة الهندسة المدنية،
وتخرج فيها عام 1951، وعمل بعدها في إحدى الشركات المصرية.
وأثناء فترة دراسته كون رابطة الخريجين الفلسطينيين التي كانت محط
اهتمام كبير من جانب وسائل الإعلام المصرية آنذاك، واشترك إلى جانب
الجيش المصري في صد العدوان الثلاثي عام 1956. ثم تزوج في سن متأخرة من
السيدة سهى الطويل، وأنجب منها بنتا واحدة. سافر أبو عمار إلى الكويت
عام 1958 للعمل مهندساً، وهناك كون هو وصديقه خليل الوزير (أبو جهاد)
خلية ثورية أطلق عليها اسم "فتح" وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وأصدر
مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم "فلسطيننا". وحاول
أبو عمار منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات
العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك؛ فأسس أول مكتب
للحركة في الجزائر عام 1965 مارس عبره نشاطا دبلوماسيا.
ويمكن تلخيص ابرز المحطات في سيرة ياسر عرفات على النحو التالي :
*
برز
اسم عرفات بقوة عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد إسرائيل
عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضي الأردنية. وفي العام التالي اعترف
به الرئيس المصري جمال عبد الناصر ممثلا للشعب الفلسطيني. ومن يوم
*
رئيس لمنظمة التحرير: انضمت حركة فتح إلى منظمة التحرير الفلسطينية
التي أنشئت عام 1964 وأصبح أعضاء فتح هم الأغلبية في هذه المنظمة. وفي
عام 1969 أصبح عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
خلفاً ليحيى حمودة، وبدأ مرحلة جديدة في حياته منذ ذلك الحين.
*
أيلول الأسود ثم لبنان : وقعت اشتباكات بين قوات المقاومة الفلسطينية
والجيش الأردني عام 1970 أسفرت عن سقوط ضحايا كثر من كلا الجانبين فيما
عرف بأحداث "أيلول الأسود". وبعد وساطات عربية قررت المقاومة
الفلسطينية في العام التالي برئاسة ياسر عرفات الخروج من الأردن لتحط
الرحال مؤقتا في الأراضي اللبنانية.
*
الخروج من بيروت: ثم كان الاجتياح الاسرئيلي الكبير للبنان في عام
1982، وفرض حصار لمدة عشرة أسابيع على المقاومة الفلسطينية، واضطر
عرفات للموافقة على الخروج من لبنان تحت الحماية الدولية.
*
كانت المحطة الثالثة لأبو عمار والمقاومة الفلسطينية بعد عمان وبيروت
في تونس بعيدا عن خطوط التماس،
*
وافق المجلس المركزي الفلسطيني على تكليفه رئاسة الدولة الفلسطينية
المستقلة في أبريل 1989، ولدفع عملية السلام أعلن عرفات أوائل عام 1990
أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص.
*
اتفاق أوسلو: وقع عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين عام 1993
اتفاق أوسلو، وخلّف نتائج هامة على مسيرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
*عودته
إلى غزة : وبعد 27 عاما قضاها عرفات في المنفى متنقلاً بين الدول
العربية عاد إلى غزة رئيسا للسلطة الفلسطينية في يوليو 1994.
*انتخب
في 20 يناير 1996 رئيساً للسلطة في أول انتخابات عامة في فلسطين حيث
حصل على نسبة 83%.
*
حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقره الرئاسي في أواخر شهر مارس
2002 عقب الاجتياح الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية، ثم سمحت له لاحقاً
بالتحرك في نطاق ضيق داخل الضفة الغربية، ثم عادت مؤخراً وفرضت عليه
الحصار مجدداً
|