الفلسطينيون بين هنا وهناك... من بغداد العروبة إلى خيمة المذهبية !

الاحد 12 حزيران (يونيو) 2005

بقلم ناصر محمود السهلي                                                                              

 

لا نشك ولا للحظة واحدة بأنه ثمة سياسة ممنهجة تصدر بين الفينة والاخرى من بعض الاطراف العربية لتزيد حالة اللاجئين الفلسطينيين بؤسا عما هي عليه في الأصل... ففي المثل العراقي تجتمع حالة السياسي الطائفي والمذهبي مع عقلية ميليشاوية تغرف من ذات النبع السياسي المذهبي المحرض على اللاجئ الفلسطيني باعتباره " السبب" لمعضلة العراق مترافقا مع حملة من التحريض السابق للاحتلال والغزو الامريكي للعراق... لقد حملت أدبيات الكثير من الأحزاب المذهبية العراقية الكثير من التحريضات الفارغة بحق مجموعة صغيرة نسبيا من اللاجئين الفلسطينيين في العراق وكانت في أحيان كثيرة تصل حد تكرار سخيف لموقف تلك الاطراف على لسان بعض العراقيين في المهاجر الاوربية والعربية عن "قمع الفلسطيني للانتفاضة الشعبانية"، وهي إدعاءات ببغاوية لا يمكن للعقل قبولها إذا ما أدخلنا حجم التواجد الفلسطيني في العراق وقدراته في الأصل على قمع "18 محافظة" حسب إدعاءات هؤلاء..!

لسنا ننكر بأي حال من الأحوال بأنه ثمة فصائل فلسطينية معدودة على نصف أصابع اليد الواحدة كانت تتحالف سياسيا مع فكر حزب البعث العراقي من الناحية القومية, لكن في الوقت عينه لا يمكن إنكار أن مجموعة كبيرة من فصائل اليسار وغير اليسار الفلسطينية وجدت نفسها في كثير من الايام متحالفة مع تيارات سياسية عراقية وهو أمر لم يكن يستسيغه حزب البعث, وإتضح فيما بعد أن تلك العلاقة لم تكن علاقة تحالفية من قبل مجموعة إنتهازية مثلها "شيوعيو الاحتلال" وبعض أصحاب العمائم في السيدة زينب بضواحي العاصمة السورية!

وإذا كنا لا ننكر هذا الامر التاريخي، الذي لا نعتقد بأنه يُعيب الفصائل الفلسطينية، فدعونا نسأل عن علاقة هؤلاء بدوائر المخابرات الغربية والايرانية طيلة فترة معارضتها للنظام في بغداد! أليس هؤلاء الذين يشيعون اليوم جوا من الحقد وانحطاط العمل السياسي النقدي هم أول من يجب أن يتوقفوا عن كيل الاتهامات الكاذبة بفعل افتضاح أمرهم أمام القاصي والداني؟

وللمرة الألف نعيد طرح السؤال، الذي طرحناه عشرات المرات للتذكير، على هؤلاء الذين سكتوا سكوت المساهم في خلق هذه الاجواء الكريهة فأين هم من الذي يجري للشعب الفلسطيني الذي احتضنهم في بيروت والبقاع واليرموك؟ أين أصواتهم وأدبياتهم التي كانت تبيعنا الكثير من الكلام والجوز الفارغ عن علاقة الكفاح والمشوار؟ لماذا يصمتون صمت القبور ويساهمون في استفراد تلك الثلة الحاقدة والكارهة لأي انتماء عربي لهذا العراق العظيم الذي بات يتحول عندهم الى مجرد دكاكين طائفية ومذهبية.. حتى عند من يدعون الشيوعية والاممية!

في ظل الاستقواء بـ" الشيطان الأكبر" و السكوت الكلي عن اختراق " الشيطان الاصغر" للارض العراقية يصر هؤلاء على المزيد من استهداف الفلسطيني في العراق الذي وقف طيلة التاريخ العراقي إلى جانب العراق كبلد وشعب في تشابك قومي واضح قبل وصول البعث وصدام حسين إلى السلطة، وهو إصرار مفضوح رغم كل النفي الذي حاول السياسي العراقي رفع مسؤوليته عنه وسكوته عن حالة هوجاء لعقلية العصابات التي تحاول الاستقواء بالمحتل للنيل من التواجد الفلسطيني والتضييق عليه عبر ممارسات دنيئة تبدأ بالوشاية والتحريض عليه عند الامريكي ولا تنتهي ببث روح عنصرية واضحة في التعامل اليومي مع هذا التواجد والخطف والاعدام الميداني ومحاصرات حي البلديات الذي يعاني أصلا من حرمان مزدوج مثل بقية الاحياء العراقية...

هذا الاستهداف الترهيبي وبث الرعب في صفوف اللاجيئين الفلسطينيين في العراق بحجة مساهمة هؤلاء في "المقاومة" لا يعني إلا شيئا واحدا، يتكرر في كل مرة يعجز فيها السياسي العربي عن تحقيق أحلامه المريضة فيبحث عن كبش فداء وهو هذه المرة فلسطيني، كما كان في الكويت، وذلك لإنهاء الوجود الفلسطيني وهيمنة روح الطائفية والمذهبية في مستقبل البلد من خلال النافذة الفلسطينية...

دعونا نسأل وبدون تردد: هل هذه هي أخلاقيات أصحاب العمائم المذهبية الذين من جهة يبيعوننا شعارات دينية ووطنية ومن جهة ثانية يُطلقون كلابهم الضالة لاطلاق النار واقتحام العمارات والسب واللعن والشتم العلني بحق كل الفلسطينيين واصدار شبه فتاوى بعدم التعامل مع الفلسطيني وكأنه وباء بينما يُسكت عن الصهاينة الذين يتجولون بحماية الاحتلال؟

نسأل سؤالنا هذا و الأمر بات يتكرر يوميا في التجمعات الفلسطينية في بغداد دون واعز أخلاقي أو انساني أو حتى ديني وتحت سمع وبصر مرجعيات أساءت إستخدام تحالفاتها مع " الشياطين" فصارت تمارس ممارسات الشياطيين.. ولذلك لم يعد من الممكن السكوت على هؤلاء الذين ينضح إنائهم بمزيد من العنصرية والمذهبية المقيتة...

لسنا بأي حال من الأحوال نطلق إتهامات في الهواء بدون أسانيد، فممارسات عصابات بدر لا يمكن تجاهلها في الوقت الذي ينبري فيه السياسي والديني الطائفي في تقديم مبررات وأعذار لتلك الممارسات المشينة.

ناصر محمود السهلي
كاتب فلسطيني مقيم في الدانمارك

 

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع